جاءت المجموعة القصصية "تاء وأخواتها" للكاتبة ريم أبوالفضل الصادرة عن دار "روافد" للطبع والنشر في 140 صفحة لتلقي بظلال المحن التي تتعرض لها المرأة المعاصرة في ظل هذا المشوار الصعب الذي كتب عليها الكر والفر فيه يوميا كما نرى في قصة "تحت الصفر" حيث تمكنت الكاتبة ببراعة في رسم صورة لتلك المرأة السلبية التي وضعت نفسها رهن هذا الاستبداد الذكوري متمثلا في الزوج والأولاد وعاشت في دوامة الأرق النفسي والاجتماعي تحت ضغوط الحياة.
ولا أدري هل أصرت الكاتبة على تصدير تلك المشاهد السلبية في العلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة لتصل بنا في هذا الوصف الذي أطلقة عليها بأنها سيدة "باردة " وانها لجأت الى شراء ثلاجة خاصة لتكتسب تلك الصفة لتصل البرودة عندها إلى ما دون الصفر مما دفع الزوج الى النظر الى أخرى ربما تكون أكثر حرارة منها في تلك العلاقة غير المتوازنة كما رسمتها الكاتبة في إصرار غير مبرر في إلقاء اللوم على الزوج بأنه هو من أوصلها الى تلك الحالة الباردة. وتناست أن الانثي هي من تصنع تلك الحياة الرتيبة، ومن هنا تظهر حالة العنصرية الأنثوية المستسلمة أمام الاستبداد الذكوري رغم تلك اللغة الجميلة التي استخدمتها الكاتبة وأسلوب السرد المنطوي علي تملك وسيطرة على الحرف المكتوب من جانبها.
وفي قصتها الثانية "كامل الأوصاف" زاد الإصرار أيضا من جانبها الى التركيز الأدبي والفني على شخصية الوافد الجديد الى الحارة التي كانت لها طقوس خاصة في التصرف تجاه أبناء الحارة من الصغار والكبار حتى اكتسب صفة الكمال، واستخدمت اسم "كامل" لتكتمل دائرة الصفات العلنية عنه في توهج درامي إلا ان هناك كثيرا من الأسرار كانت خافية عن عيون الناس.
كانت هي تنظر الى عيون الأولاد الصغار وهم خارجون من كهف ذلك الكهل، البعض يبكي، والبعض اصفرَّ وجهه، والبعض احمرَّ وجهه، والبعض يحاول لملمة أزرار البنطلون، في إسقاط بديع من جانب الكاتبة علي مرض تلك الشخصية بالشذوذ الجنسي مع الصغار مما أصابهم بالانقسام والانكسار النفسي والوجداني والهروب من الحارة التي تذكرهم بتلك اللحظات المريرة في كنف هذا الوافد في وقت بالغ فيه أهل الحارة في الاحتفاء به فأقاموا له مقاما يأتي اليه الرواد والدراويش من كل أنحاء البلاد.
ومازالت هي تطل من شرفتها بعد أن إصابتها لعنة هذا الرجل في حبيب القلب وكانت اللعنه هنا مقسمة على الشباب بالهروب الى عوالم مختلفة، والبنات الذين لم يجدوا من يتزوجهن كعادة أبناء الحارات المصرية، صاروا في طابور العوانس يترقبن ويسجلن سخريتهم، مما حدث من تلك الحلوى المغرية لـ "حسن" أو زملائه مقابل الصمت عما يحدث عند غلق ضلف أبواب الدكان على هذا الكامل.
لقد تمتعت الكاتبة في تلك القصة بقدرة فائقة على استخدام الألفاظ والتركيبات اللغوية في تفرد بديع لعمل إسقاط اجتماعي علي العناصر المحركة للأحداث داخل قصتها في بناء درامي جيد ما بين التصريح والتلميح الذي يخدم البناء البلاغي للنص القصصي.
في قصتها الثالثة "ذكر وأنثي" التي جاءت عبر الترميز الحديث في وسائل الاتصال وليس التصريح اللفظي لهما حتى في البناء الدرامي للقصة استخدمت الأداء الحركي بين الذكر والانثي في الحيوانات وأطلقت عليها أسماء متداولة في عنجهية الذكور ورمزت له باسم "دبور" وكان إسقاطا منها على ان دائما الانثى تلدغ من الذكر بينما الانثى عندها في تلك القصة رمزت لها بـ "وردة"، وهي رمز الأنوثة والرقة والجمال والجاذبية، وحاولت خلق عالم من صنعها بينهما الا انها لا تدري بأن تلك العلاقات لها طقوس خاصة ولغة خاصة لا تفرد من أحد وكان لفشل تجربتها في التآلف بين "دبور – وردة" ان أطلق على الفور لقب الخيانة، وهي صفه كانت حريصة علي إلصاقها بالذكر رغم اكشافها ان البائع أصلا قد أعطاها زوج أنثي وأعلن اعتذاره عن هذا الخطأ.
تحاول الكاتبة في قصتها الرابعة "مطلوب شراء بضع سنين" ان تضع كلا من الرجل والمرأة أمام مرآة الحياة الحقيقية ليغفر كل منهما للآخر تجرؤ الزمن عليه في محاولة لطمس الحقائق الحياتية من خلال قصة الحب العنيفة بين البطلة و"سيد" الذي كافح الى أن تحسنت حياته في ظل حب يكبر مع الزمن حتي إنجاب البنين والبنات.
ومع تقدم العمر يحن الرجل "الذكر" الى شباب زائف فيبحث عن حياة فارغة لن تجر عليه إلا المزيد من العجز في وقت وقفت فيه الانثى موقف المتفرج ولم تتحرك الا عندما ضل زوجها الطريق الى أخرى لن يستطيع التجاوب معها في عنفوان شبابها، كانت النهاية الانصراف الى العطار أملا في إعادة بهاء الشباب سواء لها أو له حيث كان اللقاء غير المتوقع فيما بينهما.
الكل يبحث عن بعض السنوات ولكن كل منهم في طريق وبعيدين كل البعد عن مشاعر الحب الذي كان يجمعهم في يوم ما.
ويؤخذ على الكاتبة هو هذا الإصرار على أن تكون الانثى ضحية لقواعد غير مدروسة واستبداد ذكوري غير مبرر إلا انها اختارت عتبة اللقاء في دكان العطار للانطلاق نحو السر اللا متناهي عن قصتهما.
وفي قصتها "ذاكرة سيئة السمعة" لم تنس الكاتبة أن تأخذنا الى عالم الاب المتسلط المستبد والأم المقهورة غير القادرة على حماية نفسها أو حتى بناتها من ذالك الأب الآمر الناهي، وعلى الجميع الاستجابة.
كانت تلك البيئة كافية لخلق عالم نفسي متوتر وإخراج شخصيات غير سوية في تفكيرها أو حتى ترتيب الأفكار، حاولت الهروب الى أحلام لن تتحقق كما ترى فقط وتحاول خلق عالم خاص بها بعيدا عن تلك البيئة التي تراها سيئة في مخيلتها، وهذا الإسقاط الاجتماعي والسيكولوجي يبرز لنا القدرة الإبداعية للكاتبة في البناء الدرامي في ترتيب الأحداث داخل القصة.
الكاتبة ريم أبوالفضل تمتلك المقدرة على تطويع حروف الكلمات في حكايات واقعية معاصرة لعرض تلك القضايا التي تؤمن بها خاصة قضايا المرأة التي ظهرت في صور عديدة في دور الضحية لهذا التسلط الذكوري. وتمكنت من الربط بين كثير من المجتمعات الاخرى والمجتمع الشرقي، كما في قصة "كرسي هزاز" الا أن الربط بين تلك المجتمعات الآن في الجانب الاجتماعي دون إدراك الجوانب الاخري المتمثلة في التقدم والرقي هو نوع من الإسقاط غير المتوازن لأن الإنسان هو ابن بيئته في كل الأحوال، الا إننا أمام كاتبة لها القدرة على رسم ملامح الشخصيات بعناية مع إعداد جيد لمسرح الحدث في أسلوب أدبي شيق غير ممل، ونجحت في تغليف قصصها بسياج واقٍ من التخلخل اللغوي والأدبي في إطار من الأسلوب الإبداعي الراقي، ولم تبتعد عن تكنولوجيا العصر في تلك المسميات الحديثة التي لم تخلُ منها قصصها، ولذالك ستظل تلك المجموعة القصصية علامة متميزة للكاتبة المصرية ريم أبوالفضل.
ولا أدري هل أصرت الكاتبة على تصدير تلك المشاهد السلبية في العلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة لتصل بنا في هذا الوصف الذي أطلقة عليها بأنها سيدة "باردة " وانها لجأت الى شراء ثلاجة خاصة لتكتسب تلك الصفة لتصل البرودة عندها إلى ما دون الصفر مما دفع الزوج الى النظر الى أخرى ربما تكون أكثر حرارة منها في تلك العلاقة غير المتوازنة كما رسمتها الكاتبة في إصرار غير مبرر في إلقاء اللوم على الزوج بأنه هو من أوصلها الى تلك الحالة الباردة. وتناست أن الانثي هي من تصنع تلك الحياة الرتيبة، ومن هنا تظهر حالة العنصرية الأنثوية المستسلمة أمام الاستبداد الذكوري رغم تلك اللغة الجميلة التي استخدمتها الكاتبة وأسلوب السرد المنطوي علي تملك وسيطرة على الحرف المكتوب من جانبها.
وفي قصتها الثانية "كامل الأوصاف" زاد الإصرار أيضا من جانبها الى التركيز الأدبي والفني على شخصية الوافد الجديد الى الحارة التي كانت لها طقوس خاصة في التصرف تجاه أبناء الحارة من الصغار والكبار حتى اكتسب صفة الكمال، واستخدمت اسم "كامل" لتكتمل دائرة الصفات العلنية عنه في توهج درامي إلا ان هناك كثيرا من الأسرار كانت خافية عن عيون الناس.
كانت هي تنظر الى عيون الأولاد الصغار وهم خارجون من كهف ذلك الكهل، البعض يبكي، والبعض اصفرَّ وجهه، والبعض احمرَّ وجهه، والبعض يحاول لملمة أزرار البنطلون، في إسقاط بديع من جانب الكاتبة علي مرض تلك الشخصية بالشذوذ الجنسي مع الصغار مما أصابهم بالانقسام والانكسار النفسي والوجداني والهروب من الحارة التي تذكرهم بتلك اللحظات المريرة في كنف هذا الوافد في وقت بالغ فيه أهل الحارة في الاحتفاء به فأقاموا له مقاما يأتي اليه الرواد والدراويش من كل أنحاء البلاد.
ومازالت هي تطل من شرفتها بعد أن إصابتها لعنة هذا الرجل في حبيب القلب وكانت اللعنه هنا مقسمة على الشباب بالهروب الى عوالم مختلفة، والبنات الذين لم يجدوا من يتزوجهن كعادة أبناء الحارات المصرية، صاروا في طابور العوانس يترقبن ويسجلن سخريتهم، مما حدث من تلك الحلوى المغرية لـ "حسن" أو زملائه مقابل الصمت عما يحدث عند غلق ضلف أبواب الدكان على هذا الكامل.
لقد تمتعت الكاتبة في تلك القصة بقدرة فائقة على استخدام الألفاظ والتركيبات اللغوية في تفرد بديع لعمل إسقاط اجتماعي علي العناصر المحركة للأحداث داخل قصتها في بناء درامي جيد ما بين التصريح والتلميح الذي يخدم البناء البلاغي للنص القصصي.
في قصتها الثالثة "ذكر وأنثي" التي جاءت عبر الترميز الحديث في وسائل الاتصال وليس التصريح اللفظي لهما حتى في البناء الدرامي للقصة استخدمت الأداء الحركي بين الذكر والانثي في الحيوانات وأطلقت عليها أسماء متداولة في عنجهية الذكور ورمزت له باسم "دبور" وكان إسقاطا منها على ان دائما الانثى تلدغ من الذكر بينما الانثى عندها في تلك القصة رمزت لها بـ "وردة"، وهي رمز الأنوثة والرقة والجمال والجاذبية، وحاولت خلق عالم من صنعها بينهما الا انها لا تدري بأن تلك العلاقات لها طقوس خاصة ولغة خاصة لا تفرد من أحد وكان لفشل تجربتها في التآلف بين "دبور – وردة" ان أطلق على الفور لقب الخيانة، وهي صفه كانت حريصة علي إلصاقها بالذكر رغم اكشافها ان البائع أصلا قد أعطاها زوج أنثي وأعلن اعتذاره عن هذا الخطأ.
تحاول الكاتبة في قصتها الرابعة "مطلوب شراء بضع سنين" ان تضع كلا من الرجل والمرأة أمام مرآة الحياة الحقيقية ليغفر كل منهما للآخر تجرؤ الزمن عليه في محاولة لطمس الحقائق الحياتية من خلال قصة الحب العنيفة بين البطلة و"سيد" الذي كافح الى أن تحسنت حياته في ظل حب يكبر مع الزمن حتي إنجاب البنين والبنات.
ومع تقدم العمر يحن الرجل "الذكر" الى شباب زائف فيبحث عن حياة فارغة لن تجر عليه إلا المزيد من العجز في وقت وقفت فيه الانثى موقف المتفرج ولم تتحرك الا عندما ضل زوجها الطريق الى أخرى لن يستطيع التجاوب معها في عنفوان شبابها، كانت النهاية الانصراف الى العطار أملا في إعادة بهاء الشباب سواء لها أو له حيث كان اللقاء غير المتوقع فيما بينهما.
الكل يبحث عن بعض السنوات ولكن كل منهم في طريق وبعيدين كل البعد عن مشاعر الحب الذي كان يجمعهم في يوم ما.
ويؤخذ على الكاتبة هو هذا الإصرار على أن تكون الانثى ضحية لقواعد غير مدروسة واستبداد ذكوري غير مبرر إلا انها اختارت عتبة اللقاء في دكان العطار للانطلاق نحو السر اللا متناهي عن قصتهما.
وفي قصتها "ذاكرة سيئة السمعة" لم تنس الكاتبة أن تأخذنا الى عالم الاب المتسلط المستبد والأم المقهورة غير القادرة على حماية نفسها أو حتى بناتها من ذالك الأب الآمر الناهي، وعلى الجميع الاستجابة.
كانت تلك البيئة كافية لخلق عالم نفسي متوتر وإخراج شخصيات غير سوية في تفكيرها أو حتى ترتيب الأفكار، حاولت الهروب الى أحلام لن تتحقق كما ترى فقط وتحاول خلق عالم خاص بها بعيدا عن تلك البيئة التي تراها سيئة في مخيلتها، وهذا الإسقاط الاجتماعي والسيكولوجي يبرز لنا القدرة الإبداعية للكاتبة في البناء الدرامي في ترتيب الأحداث داخل القصة.
الكاتبة ريم أبوالفضل تمتلك المقدرة على تطويع حروف الكلمات في حكايات واقعية معاصرة لعرض تلك القضايا التي تؤمن بها خاصة قضايا المرأة التي ظهرت في صور عديدة في دور الضحية لهذا التسلط الذكوري. وتمكنت من الربط بين كثير من المجتمعات الاخرى والمجتمع الشرقي، كما في قصة "كرسي هزاز" الا أن الربط بين تلك المجتمعات الآن في الجانب الاجتماعي دون إدراك الجوانب الاخري المتمثلة في التقدم والرقي هو نوع من الإسقاط غير المتوازن لأن الإنسان هو ابن بيئته في كل الأحوال، الا إننا أمام كاتبة لها القدرة على رسم ملامح الشخصيات بعناية مع إعداد جيد لمسرح الحدث في أسلوب أدبي شيق غير ممل، ونجحت في تغليف قصصها بسياج واقٍ من التخلخل اللغوي والأدبي في إطار من الأسلوب الإبداعي الراقي، ولم تبتعد عن تكنولوجيا العصر في تلك المسميات الحديثة التي لم تخلُ منها قصصها، ولذالك ستظل تلك المجموعة القصصية علامة متميزة للكاتبة المصرية ريم أبوالفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق