اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

رواية "يحدث أن نختار" من تداعيات الذّاكرة إلى تداعيات المجتمع

⏪⏬
لا ينفصل الفردي عن الجماعي في الرواية، فهذا الفردي الذي تجسده أنماط مختلفة من السرد الروائي الذي يحفل بالأنا (السيرذاتي /تيار الوعي) يشتبك عادة مع الجماعي ويختلط بالتاريخي والثقافي، ويجعل أسئلة الذات تمتزج بأسئلة المجموعة. فالكتابة الرّوائيّة تميل إلى تنويع قضاياها ومطالبها ومشاغلها. ولعل هذه الرواية الصادرة مؤخّرا تشكّل نموذجا لهذا الأمر.. فاستخدام الكاتبة لتقنيات تيار الوعي لم يمنع نصّها من أن يكون مرآة للواقع المحلّي.

تداعيات الذاكرة:

تضعنا سعدية بن سالم في روايتها الجديدة «يحدث أن نختار» في مناخات رواية تيّار الوعي، التي تتّسم بتداعي الذاكرة، بدون ترتيب وتحمل أسئلة حول وجود الإنسان ومعركته مع الحياة، وهي روايات بوح واسترجاع للحظات المصيريّة، وكتابة لأزمة الإنسان النّفسيّة. ولعل هذا ما يمكن تسجيله في هذه الرواية.
يبدو العنوان محيلا على السؤال الوجودي.. سؤال الإنسان ومصيره، الذي يمكن التفكير فيه عقب تتبع مسار الرواية، فالشخصية الرئيسية تعيش حياة لم تخترها، تتقاذفها الصدف والمفاجآت والتحولات. تحكمها أسئلة كثيرة سؤال الهوية الذي يرافقها بين أب روحي، وآخر منسي في القرية، وسؤال الاستقرار بعد مراحل عديدة. هذه النزعة يكرّسها أسلوب السرد، فنحن أمام كتابة تقوم على التذكر وفتح أبواب الذاكرة، وتفحص سيرة الأنا. فالشخصيّات تسرد حكاياتها بضمير الأنا في أغلب ردهات الرواية، وهي تمارس تداعيات مختلفة تتأمل مصائرها، وتنبش ذكرياتها وتطرح أسئلتها، وهي تعيش أسئلة الوجود المختلفة. تعيش الضياع والاغتراب ومفاجآت رحلة الحياة. ولعلّ شخصيّة الدكتورة عائدة بن يحيى التي عاشت حياة مضطربة، وشهدت حياتها تطورات مفاجئة تشكّل محورا تدور حوله هذه الأسئلة. فهي تنطلق من ريفها الجميل نحو العاصمة لتواصل دراستها الجامعية فتنقلب حياتها، وتدخل في صراعات مختلفة تبدأ منذ تعرضها للاعتقال اثر تحركات طلابية. شكّل هذا الحدث بداية جديدة لها، فأهلها أنكروها احتجاجا، وأعلنوا موتها وأقاموا جنازتها «كابوس مرعب وصوت قوي يصلني متوعّدا، صوت قوي حاقد أعرفه جيّدا، صوت ينهال عليّ قواطع «هذا علاش بعثتك تقري، لاك بنتنا ولا نعرفوك بعد اليوم… إنسي اللي ليك عايلة». تاهت عيناي تبحثان عن مصدر الصوت فاعترضتني عينا والدي تقطع مسار البحث».
تبدأ هذه الشخصيّة بهذه الحادثة رحلة ضياع واغتراب: حياة مع غرباء وزواج صوري وأبوة مزيفة وهوية جديدة من معيوفة وفاطمة، إلى عائدة بن يحيى، فاسم معيوفة هو اسمها الأصلي، وفاطمة هو الاسم الثاني، وأما عائدة فهو الاسم الذي منح لها بعد تخلي عائلتها عنها، واعتبارها يحيى أبا لها، وإعلان موتها الوهمي. وهو الاسم الذي انتقلت به من الفشل إلى النجاح، تصبح دكتورة متميزة.. ولعل هذا الجانب من الرواية يثير الكثير من أسئلة الوجود الإنساني، ويجعل الرواية كتابة لصراع الذات مع الحياة، وأسئلة الهوية والوجود المختلفة. لكنّ الكاتبة خرجت بنصها عن التهويمات الذاتية الحائرة وتداعيات الذاكرة، وجعلته نصّا منفتحا على الذاكرة الجماعيّة وواقع المجتمع وثقافته.

تقاطع الروائي والاجتماعي

سرعان ما نرتطم بالبنية السوسيونصية للرواية، فنرصد الكثير من تقاطعات السوسيولوجي مع الروائي. ولعلّها فرصة للقول بأنّ الرواية ليست خطابا وحكاية فحسب، مثلما حدّد ذلك تودوروف، ومعظم الشكلانيين، ولكنها أيضا تقاطع بنية روائية مع بنية سوسيولوجية، وفق ما يقرّه التّوجّه السوسيولوجي، الذي يمثله باختين وزيما وغولدمان وغيرهم، وهو توجّه أعاد الاعتبار للخطاب الاجتماعي في مقاربة الرواية. فالدراسات السوسيونصية تعتبر أن «العلاقة بين النص والمجتمع ليست علاقة انفصال، أو تأثير، بل هي علاقة كمون بصفة أساسية» (بيير زيما «النقد الاجتماعي نحو علم اجتماع النص الأدبي» تعريب عائدة لطفي، تقديم سيد بحراوي ـ القاهرة دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع 1991). فالنص الأدبي يمتصّ اللغات الاجتماعيّة على حد تعبير زيما، ولا يخلو من بنية اجتماعية تجاور بنيته النصية، وتتداخل معها وهي تتشكل من خلال المكونات السردية التي يقحمها الروائي في النص. فحضور البنية الاجتماعية في النص «يتشكّل من خلال المادة الحكائية، التي يتعامل الكاتب معها في إطار اجتماعي واقتصادي وتاريخي خاص (سعيد يقطين «انفتاح النص الروائي» الدار البيضاء/بيروت المركز الثقافي العربي ط2 سنة2001). هذا التقاطع يتجسد في رواية سعدية بن سالم فهي تنهل من الواقع الاجتماعي بتناقضاته وأوجاعه وثقافته وذاكرته، وتفتح عليه أكثر من برزخ. فتدفعنا نحو التاريخ السياسي، وما فيه من تصادمات مع السلطة، فتحيلنا إلى ذاكرة الجامعة التونسيّة، التي شكلت على امتداد سنوات، مسرحا لاحتجاجات طلابية، يقابلها القمع البوليسي. فإذا بها تلقي بنا في تلك الذكريات التي عاشتها أغلب الأجيال، التي مرّت بالجامعة، فعائدة تتعرض للاعتقال مع عدد من زملائها
ورفاقها، إثر تحرك احتجاجي وتنال نصيبها من القمع والتعذيب. «وجدتني فجأة أفقد الوعي تحت وابل ضربات عون الأمن. لم أكن أفهم يوما ما يقول يتحدث عن مناشير وأسماء لا أعرفها، ولأني لا أملك جوابا كان يضربني على وجهي… وتحت وابل ضرباته الانتقامية فقدت الوعي، لا أدري كم من الوقت مرّ حين استفقت وجدتني مقيدة اليدين إلى حلقة مثبتة في جدار.. الدوار يمنع عني الثبات والدماء التي تغطي وجهي أشعر بملوحتها بين شفتي…». ولعل الرواية تحاكم في هذا المجال سنوات التعذيب في ظل الجمهورية التونسية الأولى.
تستعيد الرواية أيضا التحركات النقابية، ومن أهمها الإضراب العام زمن الزعيم حبيب عاشور: «أعي الوضع وأنقده، وأرفض ما آلت إليه الأوضاع من محاصرة للحريات، وتشبث بالربط الآلي بين اللجنة المركزية للحزب والدولة، خاصة ذلك الإصرار على الرئاسة مدى الحياة، وحين استقال الحبيب عاشور من الحزب الحاكم وجدت نفسي أميل إلى الاتحاد». ويرتبط تقاطع الروائي بالسوسيولوجي أيضا بطرح الرواية لنمط التفكير الاجتماعي، ولعل الحديث عن فترة الريف يحمل الكثير من الفكر الاجتماعي المحلي، وما فيه من مواقف من المرأة والتعليم والأرض وغير ذلك من القضايا التي أثرت الرواية. ولعل فترة الزواج الصّوري بشخصيّة ثريّة وبورجوازية يكشف أيضا نمط التفكير البورجوازي المتعالي، الذي جسّده والده. ولعلنا نشير أيضا إلى ما في الرواية من حضور متميز للأنثروبولوجي، من خلال ما تشير إليه من عادات وتقاليد مثل، عادات العولة وغيرها. ومن الأكيد أن هذه المظاهر كفيلة بالإلقاء بنا في خضمّ الخطاب السوسيولوجي لهذه الرواية، وهو خطاب يحتاج إلى الكثير من القول. ولعلّنا نخلص في هذا المستوى إلى أن سعدية بن سالم قدّمت إلى قرائها رواية ثريّة بالأحداث والقضايا. تحتضن أسئلة الإنسان حول وجوده، وتحتضن أيضا واقعا سوسيولوجيّا ثقيلا يحتاج إلى التّمعّن. ولعل هذه الرواية تعد لبنة مهمة في مشروع كاتبتها الروائي فهي تعمق صلة سردها بالراهن وغوصها في الذاكرة الفردية والاجتماعية وحفرها في أسئلة الواقع المحلي.

 *رياض خليف

٭ كاتب تونسي
  القدس العربي 

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...