" قلب الإسباني" الصادرة عن دار الوطن اليوم ستكون حاضرة في صالون الجزائر الدولي للكتاب في نهاية شهر أكتوبر 2018
أراد بقرار الهجرة إلى اسبانيا الهروب من نحسه، ولم يكن يعلم بأنّ نحسا آخر بانتظاره هنالك.
صحيح أنّه كان محظوظا بتعرّفه على صوفيا التي أعجبت به وأحاطته برعايتها من أوّل يوم التقى فيه بها صدفة في أحد مطاعم مدريد، عرّفها عليه صديق مشترك هو طبيب مغربي مقيم في إسبانيا يعرفه الإسبان بشهرته الدكتور الغرباوي. قدّمه على أنّه من العباقرة الذين يمكن الاعتماد عليهم في مجال الصيدلة ، وكان بدأ يصنع له اسما في المخبر الذي اشتغل فيه.حديثه اللبق والاهتمام الذي أبداه بالطبيبة الإسبانية جعل شيئا ينشأ بينهما لم يحددا له اسما، هي أسمته بعد ذلك صداقة على أساسها زارته في مخبره ، ثمّ
زارها في عيادتها، وأصبح يلتقيان مع أصدقاء مشتركين في المطاعم ، كلاهما كان يسرف في شرب النبيذ للتخلص من شيء ظلّ عالقا بذاكرته.في أحيان كثيرة كان أصدقاؤهما يغادرون و يبقيان هما الاثنين يلوكان الوقت بأحاديث تتفرّع حينا، وتتقطّع في أحيان كثيرة ليسود الصمت وتبدأ لغة العيون تفعل فعلتها. وليلة كانت فيها ثملة في أحد المطاعم ولم تستطع المغادرة، أسندها إلى كتفه، تحمّل قيأها، أفرغت معدتها لدرجة أن انتابه إحساس بأنّها ستتقيّأ أمعاءها أيضا لعلّها تتخلص من ذكرى رجل أشبه ما يكون بتنين حارق.
مسح فمها بمنديله، ثمّ رافقها إلى شقتها . هنالك وجدت فيه جزيرة سلام كانت تفتقدها، فارتمت في حضنه ومن ليلتها صار جزءا من حياتها.
قد يكون عبد النور "الخطّارة" التي سحبت الماء من أعماق بئر الحياة وأغدقت به على تربة قلب صوفيا لتبعث فيها الحياة من جديد فتزهر روحها حبا وفرحا.
سألها ذات مساء كيف لها أن أحبّت شخصا أعرجا مثله قهقهت حتى كادت قنينة المشروب أن تسقط من يدها، ثمّ عاد إليها توازنها وهي تسقط نظراتها المتعبة على شفتيه يظلّلهما شارب كثّ له بريق جميل، كان يمطّ شفتيه مطّا من فرط الارتباك فيتوهج العسل الذائب في عينيه. أفرغت ما تبقى من المشروب في كأسه، وضعت القنّينة على الطاولة قرب صحن البايلا طبقها الاسباني المفضل، ثمّ شدّت يدها إلى عنقها وكأنّها تحاول عتقه من حبل لامرئي لُفّ حوله. تحسّست الودعة التي أهداها عبد النور في قطعة جلد رقيقة على شكل عقد يحمل أسرار تعويذة تحميها من الحسد. هي هدية جدّته "امّا ستي" له بعد حصوله على البكالوريا.. تمتمت وهي تلاعب الودعة بين أصابعها الطويلة بسؤال آخر: و أنت ما الذي جاء بك إليّ، لماذا وجدتك في طريقي؟
حاول أن يبتلع غصّة السؤال، لكنّها اقتربت منه وأطبقت فمه بأصابعها المفرغة من خاتم كانت تحمله أوّل مرّة التقاها فيها هنالك في ذلك المطعم بمدريد.
تأكّد له بأنْ لا إجابات لأسئلته ولا لأسئلتها، كلاهما كان مسكونا بنحس ما، بلعنة برْكة ما لا تختلف عن بركة حمو قيو في الوادي بمدينته الجنوبية ، ولا علاقة لها ببركة إيمليو بايتيروس في روايته الشهيرة وأوجاع بطلها.
*جميلة طلباوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرواية صدرت عن دار الوطن اليوم، موسومة بـ”قلب الإسباني”، ستكون حاضرة في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة من 29 أكتوبر إلى 09 نوفمبر. تدور أحداث الرواية بين مدينة في الجنوب الجزائري والعاصمة الإسبانية مدريد، تحكي حنين العربي للأندلس، فردوسه المفقود، كما تحكي صراع الإنسان مع الإنسان في هذا العصر الذي يمتد فيه الخراب على جميع المستويات ويربك العلاقة بين الشرق والغرب، من خلال صياغة جديدة لقصّة قابيل وهابيل من وجهة نظر أمّ جنوبية بسيطة، لكنّها موغلة في الحكمة والعمق. وجهة نظر تُسْقطها الرواية على صراع العربي مع الغربي ليكون الانتصار في النهاية للإنسان، بغضّ النظر عن دينه أو عرقه، فعبد النور الجزائري عاش بقلب متبرّع إسباني فقد الحياة، ليمنح لعبد النور فرصة الحياة من جديد، وليفضح الإرهاب العالمي الأعمى ويكرّس قيمة التعايش بين الأديان والأجناس البشرية، انطلاقا من فتوحات علمية كسرت كلّ الفوارق بين البشر، ألا وهي زراعة الأعضاء البشرية النّاجحة بشكل مدهش. الرواية تحكي انتصار الإنسان على الجانب الشرّير فيه. وسبق لجميلة طلباوي ان أصدرت العديد من الكتب والروايات، منها “وردة الرمال”، عام 2003، “شاء القدر”، “أوجاع الذاكرة” 2008، “أوجاع الذاكرة وقصص أخرى” (منشورات اتحاد الكتّاب العرب بدمشق-2008)، “كمنجات المنعطف البارد”، (قصص، 2012)، “الخابية” 2014، و”وادي الحنّاء” 2017. كما نشرت العديد من الأشعار والقصص القصيرة في الصحافة الوطنية والعربية.
أراد بقرار الهجرة إلى اسبانيا الهروب من نحسه، ولم يكن يعلم بأنّ نحسا آخر بانتظاره هنالك.
صحيح أنّه كان محظوظا بتعرّفه على صوفيا التي أعجبت به وأحاطته برعايتها من أوّل يوم التقى فيه بها صدفة في أحد مطاعم مدريد، عرّفها عليه صديق مشترك هو طبيب مغربي مقيم في إسبانيا يعرفه الإسبان بشهرته الدكتور الغرباوي. قدّمه على أنّه من العباقرة الذين يمكن الاعتماد عليهم في مجال الصيدلة ، وكان بدأ يصنع له اسما في المخبر الذي اشتغل فيه.حديثه اللبق والاهتمام الذي أبداه بالطبيبة الإسبانية جعل شيئا ينشأ بينهما لم يحددا له اسما، هي أسمته بعد ذلك صداقة على أساسها زارته في مخبره ، ثمّ
زارها في عيادتها، وأصبح يلتقيان مع أصدقاء مشتركين في المطاعم ، كلاهما كان يسرف في شرب النبيذ للتخلص من شيء ظلّ عالقا بذاكرته.في أحيان كثيرة كان أصدقاؤهما يغادرون و يبقيان هما الاثنين يلوكان الوقت بأحاديث تتفرّع حينا، وتتقطّع في أحيان كثيرة ليسود الصمت وتبدأ لغة العيون تفعل فعلتها. وليلة كانت فيها ثملة في أحد المطاعم ولم تستطع المغادرة، أسندها إلى كتفه، تحمّل قيأها، أفرغت معدتها لدرجة أن انتابه إحساس بأنّها ستتقيّأ أمعاءها أيضا لعلّها تتخلص من ذكرى رجل أشبه ما يكون بتنين حارق.
مسح فمها بمنديله، ثمّ رافقها إلى شقتها . هنالك وجدت فيه جزيرة سلام كانت تفتقدها، فارتمت في حضنه ومن ليلتها صار جزءا من حياتها.
قد يكون عبد النور "الخطّارة" التي سحبت الماء من أعماق بئر الحياة وأغدقت به على تربة قلب صوفيا لتبعث فيها الحياة من جديد فتزهر روحها حبا وفرحا.
سألها ذات مساء كيف لها أن أحبّت شخصا أعرجا مثله قهقهت حتى كادت قنينة المشروب أن تسقط من يدها، ثمّ عاد إليها توازنها وهي تسقط نظراتها المتعبة على شفتيه يظلّلهما شارب كثّ له بريق جميل، كان يمطّ شفتيه مطّا من فرط الارتباك فيتوهج العسل الذائب في عينيه. أفرغت ما تبقى من المشروب في كأسه، وضعت القنّينة على الطاولة قرب صحن البايلا طبقها الاسباني المفضل، ثمّ شدّت يدها إلى عنقها وكأنّها تحاول عتقه من حبل لامرئي لُفّ حوله. تحسّست الودعة التي أهداها عبد النور في قطعة جلد رقيقة على شكل عقد يحمل أسرار تعويذة تحميها من الحسد. هي هدية جدّته "امّا ستي" له بعد حصوله على البكالوريا.. تمتمت وهي تلاعب الودعة بين أصابعها الطويلة بسؤال آخر: و أنت ما الذي جاء بك إليّ، لماذا وجدتك في طريقي؟
حاول أن يبتلع غصّة السؤال، لكنّها اقتربت منه وأطبقت فمه بأصابعها المفرغة من خاتم كانت تحمله أوّل مرّة التقاها فيها هنالك في ذلك المطعم بمدريد.
تأكّد له بأنْ لا إجابات لأسئلته ولا لأسئلتها، كلاهما كان مسكونا بنحس ما، بلعنة برْكة ما لا تختلف عن بركة حمو قيو في الوادي بمدينته الجنوبية ، ولا علاقة لها ببركة إيمليو بايتيروس في روايته الشهيرة وأوجاع بطلها.
*جميلة طلباوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرواية صدرت عن دار الوطن اليوم، موسومة بـ”قلب الإسباني”، ستكون حاضرة في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة من 29 أكتوبر إلى 09 نوفمبر. تدور أحداث الرواية بين مدينة في الجنوب الجزائري والعاصمة الإسبانية مدريد، تحكي حنين العربي للأندلس، فردوسه المفقود، كما تحكي صراع الإنسان مع الإنسان في هذا العصر الذي يمتد فيه الخراب على جميع المستويات ويربك العلاقة بين الشرق والغرب، من خلال صياغة جديدة لقصّة قابيل وهابيل من وجهة نظر أمّ جنوبية بسيطة، لكنّها موغلة في الحكمة والعمق. وجهة نظر تُسْقطها الرواية على صراع العربي مع الغربي ليكون الانتصار في النهاية للإنسان، بغضّ النظر عن دينه أو عرقه، فعبد النور الجزائري عاش بقلب متبرّع إسباني فقد الحياة، ليمنح لعبد النور فرصة الحياة من جديد، وليفضح الإرهاب العالمي الأعمى ويكرّس قيمة التعايش بين الأديان والأجناس البشرية، انطلاقا من فتوحات علمية كسرت كلّ الفوارق بين البشر، ألا وهي زراعة الأعضاء البشرية النّاجحة بشكل مدهش. الرواية تحكي انتصار الإنسان على الجانب الشرّير فيه. وسبق لجميلة طلباوي ان أصدرت العديد من الكتب والروايات، منها “وردة الرمال”، عام 2003، “شاء القدر”، “أوجاع الذاكرة” 2008، “أوجاع الذاكرة وقصص أخرى” (منشورات اتحاد الكتّاب العرب بدمشق-2008)، “كمنجات المنعطف البارد”، (قصص، 2012)، “الخابية” 2014، و”وادي الحنّاء” 2017. كما نشرت العديد من الأشعار والقصص القصيرة في الصحافة الوطنية والعربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق