
كتبت:ــ أسماء الصياد
التقيت بصديقة بطريق منذ عدة سنوات..
وقتها كنا بيوم من عشر ذي الحجة ..
فإذ بهذه الصديقة تتذكر أمنية غالية على قلبها و تقول لي:
ــ نِفسي و الله أروح أحج بس الظروف دلوقتي ماتسمحش..
تقصد " الظروف المادية "..
فواسيتها بقولي:
ــ لما ربنا يريد هانروح .. كل سنة تكاليف الحج بتزيد و أدينا بنتمنى ..
فإذ بشيخ " رجل كبير في السن ", أسمر البشرة..
عندما تراه تعرف في الحال أنه من أهل الصعيد الأقصى "من الأقصر أو أسوان " أو من أهل النوبة .. يناديني..
ــ انتي يا بنتي.. تعالي.. قرَّبِي ..
فاقتربت بضع خطوات من حيث يجلس محني الظهر فوق مقعد خشبي..
فقال و هو يدعوني لمزيد من الاقتراب منه:
ــ قرَّبي.. ماتخافيش.. أنا بس سامعكوا و عاوز اقولِك حاجة مهمة..
فاقتربت.. و اطمأننت للغاية لسماحة وجهه,
في وجهه نور رغم اسمرار بشرته.. و له وضاءة لاتخطئها عين .. سبحان الله ..
فقال مبتسمًا:
ــ إحنا كلنا كنا في أصلاب آبائنا قبل ما نيجي الدنيا..
أومأتُ موافقة على مايقول .. بدون أن أتكلم حتى لا أقاطعه..
فواصل الحديث:
ــ و لما سيدنا إبراهيم ربنا أمره أن يؤذن في الناس بالحج؛
سيدنا إبراهيم لبَّى؛
" لبيكَ اللَّهُم لبيك "..
احنا البشر لما كنا لسه عدَم في أصلاب آبائنا, فيه مننا اللي رد تلبية سيدنا إبراهيم, و قال " لبيك اللهم لبيك "..
و فيه مننا اللي سِمع تلبية سيدنا إبراهيم عليه السلام بس ما ردش.. " ما لَبَّاش يعني "..
ثم ابتسم أكثر و هو يقول:
ــ اللي لبُّوا بس.. هما اللي هايروحوا يحجوا و لو كانوا أفقر أهل الأرض ..
و اللي ما نطَقُوش.. مش هايحجوا حتى لو كانوا أغني أغنياء العالم ..
يعني يا بنتي انتي و هي.. الحج للموعودين بس.. مش للي معاه فلوس يحج ..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كم غيَّرَ هذا الحديث العفوي قناعتي القديمة !!!
فشكرت هذا الرجل و دعوت له بالبركة في العمر ..
و منذ ذلك اليوم, و كلما تذكرت حديثه الجميل؛ أتساءل:
ــ ياترى يارب أنا لبيتْ بعد تلبية سيدنا إبراهيم عليه السلام مع اللي لبُّوا .. ولا سكتْ مع
الساكتين ؟!
ــــــــــــــــــــــ
أسماء الصياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق