يا ليل رفقًا بالفؤاد! يا ليل ما لك تقطف زهور القلب وتهديها لأطياف المحبين ، أما آن لك أن تشيح بوجهك عنا إلى حافة النهر الذي غرقت فيه أحزاننا يوما ما . كم أخذت منّا في الوقت الذي لم يتبق لنا شيء نزين فيه أرواحنا من بعد أن حفرت بئرك بخفاء وخبأت ماءه ؟ يومها كنت تمشي على رسلك لتوثق حروف عاشقة باتت تطرز قضبان سجنها بيدها لتثبتها على جدران قلبها! توقف ، فالطريق الجديد لم يُعَبَّد بعد ، والإبل تلوي أعناقها على راكبيها ، وأنت ما زلت تجذب النجوم إليك وتحرمنا منها ، كم نحتاج من أذرع لنقهرك ؟ سنغمض العينين لكيلا نأسف على الهزيمة ، لكن لا تنس أن القمر سيظل بشحوبه شاهدًا على حقيقتك . حياتنا كانت قبل ميلادنا عتمة ، وداعنا للحياة سيؤول بنا إلى عتمة ! وحده قلبنا الذي يحيا وإن حوصر بقفص وعتمة ، هل لقلبنا أن يواري جسدك أيها الليل إلى أبعد مثوى ولو للحظات ؟! كم مررت بنا مخاتلًا ،
وفي مرورك كانت أنهار عبراتنا الحمراء تتدفق على جنبات الفؤاد دون أن تشاهدها، وكيف تكون شاهدًا على جريمتك ؟! لطالما حدثت نفسي اللوامة عن كل لحظة نهار سلبتها منًا لتهديها لغرورك ، ونحن ننظر إليك بأكبر ما أوتينا من قوة بصر وبصيرة دون أن نقبض عليك.....متى سنراك وأنت تسلم سلاحك للفجر الذي غاب منذ أن طوي البقاء؟! سؤال يستحث نفسي الأمارة بالحزن لتخرج من مارد الفؤاد المكلوم ملبية لليل أمنياته ، وقاهرة ما تلاه البشر ليل نهار من آيات الآمال المنسوخات ، فالقلب ما عاد بوزن حبة خردل كانت قد تكسرت في خريف الأيام من بعد أن سلم لليل نبضاته !