غرور اللحظات بات أقرب من ظُفْر تكسر على صمت غيث اللقاء ، كانت الفراغات بين أصابعها التي امتدت للمصافحة أبعد من قطرات المطر ، وشرايين فؤادها تتقطع لتسجن يديها المشلولتين وتدينها باستباحة الدماء ، آه يا قلب ما أظلمك ! كلما اتسعت بنبضك لغيرنا ضقت بنا. نفتش عن أعذار علقت على جرس الكنيسة لنسمع رنينها المتكرر ، فيرهقنا صخبها ولا نتكلم ، نركض بسرعة خاطفة لمئذنة المسجد فنتعثر وتتبعثر أشلاؤنا ، ويُصلى علينا شهداء ونحن لم نكبر ! نموت ويحيى القلب الذي علق بهواه على حائط البراق ولم تنتزعه عبرات من اتخذوه مبكى لهم ..... بعبرة مهراقة وحق مدعى ، كان العالم قد فرش سجادته الكبيرة فوق الحقائق ، فضاع الوجود ، وعوى ذئب أن سيروا ليالي آمنين . فبكى طفل وقال لأمه : أخاف من الليل لا أريد استكمال المسير ، فضحكت الأم وأكملت سير الطريق ، فصاح الطفل وتلاشى صوته بسحابة
سوداء ارتطمت بصوان قلب تركه الوجود صلدًا ، فتصاعدت الشرارات ، محرقة كل فراشة حاولت أن تلوذ بالفرار . في الكون ونواميسه لا فسحة للصُدَف ، مهما التقطت مِن على شاطىء وجودك الكثير من الصَدَف وخبأته ، فستظل حياتك أشبه بدهان لجدار قديم ، مملوء بالفراغات التي كلما حاولت سدها وتلوينها ، تعود كما شاءت الأقدار لها أن تكون . فلتبنِ ظلك بعيدًا عن عيون رقباء الشمس ، ولتراه بعينك كما أحببت أن يكون... فلا شيء يبدو مستحيلًا أمام إرادة تطفئ حرارة زيف الوجود لتكون. كم دارت عقارب الساعة على ظهر عجوز أهدى عكازته لحق عودته ، فوقع على الرمال وسَفَّها جوعًا وعطشًا إلى أن مات ، ثم داست على جثته قوافل المسافرين كلها دون أن تراه ... انحنت الإبل بحثًا عمن سرق حنينها ، فلم تجده وتوقفت ، فسلط عليها ركابها أسواط العذاب كلها لتكمل سيرها ، فماتت دون أن تستجيب ...بكى الراحلون خوفًا على حياتهم ، وبحثوا عن بديل ، ارتد رجع الحنين ، وطواهم معًا إلى أبد الآبدين ، قبل أن يعودوا إلى ديارهم آمنين.