اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

صهيل الروح ...**هيثم أبو الغزلان

نهض “محمد” صبيحة يوم جمعة على صوت والدته التي لطالما أحبّ سماعه إلا عندما توقظه وتحدث جَلَبَةً عالية كأنَّ زلزالًا يمكن أن يُحدث ويدمّر المكان. حالة من الكسل الشديد تسيطر على جسد “محمد” المنهك، لكن صوت والدته الأجش يُشعره بقشعريرة تسري في جسده المتثاقل لتجبره على النهوض من الفراش.
لا تتأخّر يمّا قالتها الأم العجوز “أم علي”، لأصغر أبنائها “محمد”، الذي يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، والذي استجاب بعد عناء طويل لوالدته فنهض من فراشه. نظر
“محمد” إلى والدته فأدرك أنها ستقول موّال كل يوم:
والله ما أنا عارفه أنتم شباب أو ختايرة يمّا؟!!
حفظ “محمد” عن ظهر قلب ما كانت تردده والدته كل يوم، لكنه انتفض اليوم على غير عادته لكأنّ مناديًا يناديه: إلى “البروة”، إلى “يافا”، ليحضن تراب أرضك هناك، حيث صارت كل أغنيات الوطن نشيدًا للزاحفين، وصار “شُهَدَا فلسطين”، مثل زهر الحنّون، وبحر عكا.. فوَرد الدار هناك لا يزال ينتظر عودة الغُيّاب، كما الصبّار الذي يعاند في وجوده الاحتلال، وحنّون الوادي الذي لم ييأس وينتظر العائدين بلهفة المشتاق كما الحبيب ينتظر حبيبه.. فهل يا تُرى يستطيع “محمد” الوصول إلى هناك؟!.
..جهّزت “أم علي” كما تفعل كل صباح فطورًا حوى: اللبنة، والجبنة، والزعتر، والشاي بالمريمية التي يحبها “محمد” الذي دلف إلى الغرفة.. وما أن رأى والدته حتى بادرها بالقول مع ابتسامة خجولة:
– صباح الخير
– صباح النور
تمعّن “محمد” إلى وجه والدته، كأنّه يراها للمرة الأولى وقد حفرت السنون السبعون على الوجه الذي يحبّه وديانًا وسهولًا، فبدى عليه تعب السنين، وأوجاع تنتشر في الجسم، وانحناءة ظهر قصمته الغُربة، والعيش في مخيمٍ للاجئين، وقد ابيّض شعرها مثل شلّال دافق بالحياة، ووجه كالقمر لفتاة طلبت يدها خالتها “أم أحمد”، التي كانت تتنافس مع عمتها “حليمة” في العام 1948، أيّهما تستطيع الفوز بها لتزويجها لابنها.. لكن والدها أصرّ على تزويجها “أبو علي”، زوجها الحالي.. ورغم زواجها لم تترك “أم علي” العمل في قطاف الزيتون وغلال القمح والشعير والذرة والفاكهة، وحمل حجارة الخفّان على رأسها مع فتيات أخريات لمسافات طويلة تتشارك فيها صعوبة الحياة معهن. وبعضهن عندما كنّ يصلن إلى المفرق يذهب بعضهن باتجاه عكا والأخريات باتجاه حيفا، لكن الطريق بعد احتلال “البروة” التي تقع على تلّة صخرية وعلى طرف سهل تتدرّج في اتجاه سهل عكا أصبح طويلًا وشاقًا جدًا تمامًا مثل الحياة الصعبة التي عاشتها “أم علي” طوال سِنِي ما بعد النكبة.
كلّما كان يدلف “محمد” إلى الغرفة الصغيرة لمنزلهم من باب خشبيّ “مخلّع” يمتاز بألوانه المتقادمة بين الزيتي والبني، كان يلفته ترتيب والدته للفرشات والبطانيات بشكل هندسي جميل، والتي تضع عليها شرشفًا أبيض في وسطه وردة حمراء جميلة طرّزتها جارتها “أم إبراهيم”. وعلى الحائط المواجه للباب الخشبي تُعلِّق “أم علي” صورة ولدها الشهيد “علي” الذي قتله جندي إسرائيلي كان يتمركز فوق دبابته ويطلق الرصاص على شبان يحملون الحجارة. ولكن أكثر ما كان يحزن “محمد” مشاهدته لوالدته وهي تنظر إلى صورة شقيقه المُعلَّقة على حائط الغرفة، وهي لا تكاد تصدّق أن ابنها الذي كان يملأ عليها حياتها قد فقدته، وأنها لن تستطيع رؤيته ثانية في هذه الدنيا، أو أن تُمسك بيده، أو أن تمسّد شعره الأسود الأملس.. فهذه الأشياء أكثر قسوة وأشد ألمًا لا تفارقها وتجعل الدمعة مصاحبة لها، ويتشارك معها الحزن الذي أحنى ظهرها، وجعل عينيها تبيضّان على فراق ولدها..
أنست حرارة حزن الوالدة “محمد” البرد الذي سكن أنفاسه وأثقل على صدره، فاجتاحته رغبة عارمة لاحتضانها وتقبيلها. فمشى خطوات قليلة باتجاه والدته، فضمّها إلى صدره وهي مستسلمة، فأدرك أن شهيقها عبارة عن دموع تغلي حزنًا مع تقاطرها على صدره، وهي تقول بصوتٍ متهدّج:
لو يعود “علي” حيًا من جديد لقلت له كم أعاني على فراقه!!
مسح “محمد” بيده على رأس والدته ونظر إلى وجهها الشاحب فرأى فيه وجهه الذي ترصفه الأيام حزنًا وغضبًا ونارًا لا تنطفئ..
وبينما كان “محمد” يحاول التخفيف من آلام والدته وتهدئتها، وإذ تصدر بالقرب من المنزل أصوات عالية وجلبة قوية، تشابكت نظرات “محمد” مع والدته: ما الذي يحدث؟!
..لم يمهل القادمون “محمدا” وأمه المزيد من الوقت لكي يعرفا ما يحصل في الخارج، فقد كُسر الباب الخارجي واقتحم غرباء المكان كأنهم يخوضون معركة مع عدو لا يدركون أنه موجود قبل وجودهم. انتفضت “أم علي” التي كانت قبل قليل، ضعيفة مستسلمة بين يدي ولدها، فتقدّمت خطوتين محاوِلَة إخفاء ولدها عن جنود العدو. وقفت تنافح عن ولدها وتقرع جرس النهار ليوم سيخرج منه هؤلاء الغرباء الذين اقتلعوا ولدها من بين يديها، لكنهم لم يستطيعوا اقتلاع الأمل.. خارت قواها بعدما نافحت عن ولدها لكنها كانت مدركة أن الجنود الذين يضربون ولدها وهم يجُرّونه ستتكسّر أمواجهم وهي تناطح صخر شعب لا يلين.
..وبعد أن غيّب الجنود فلذة كبدها عن عينيها، صدمها مشهد رؤية القفص الذي كان معلقًا على الحائط منذ سنوات، وفيه عصفور ذو ريش جميل يزقزق كل صباح فَرحًا، ينام الآن عند طرف قفصٍ لم يعبأ الجنود له فداسته أقدامهم!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*إهداء إلى أبطال مسيرات العودة في فلسطين

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...