صدرت عن دار فلستينا / الشجرة للنشر والتوزيع حديثاً مجموعة قصصية للأطفال بعنوان : أطفال في زمن الحرب
تضم ثمان عشرة قصة في غلاف أنيق تزينه صورة لطفلتين تلوحان بحالتي الحرب والسلم .
يظهر العنوان وكأنه موجه إلى ضمير العالم , كإدانة بالغة الوخز . فما يمكن أن يكون وراء عنوان كهذا ؟ إن مجرد اقتران كلمة أطفال بكلمة الحرب يفتح دلالة مؤلمة ومشينة بذات الوقت , إذ لابد من كسر حاجز البلادة الذي يحجب مدى خطورة أن يعيش أطفالنا هذه المرحلة العصيبة المملوءة بالتشنجات , والمتخمة بالرعب والقلق . إن كل
تشنج يصيب العقول يشكل إعاقة للتفكير السليم وبالتالي ينعكس على الإنتاج الإبداعي , فكيف إذا كان هذا الأمر في عالم الطفل الذي هو المعول عليه في صنع مستقبل سليم معافى ؟ غير أن هذا العنوان هو أقرب إلى تحقيق صحفي ميداني منه إلى قصص موجهة للأطفال .
تتسم المجموعة بلغتها المبسطة السهلة القريبة من مستوى الطفولة , لتتناسب ونفسية الطفل في انجذابها إلى المشوق والمثير , إذ أخذت شكل السرد الحكائي العفوي , ففي قصة : التسامح تسرد الكاتبة بأسلوب إخباري مباشر قصة طفلين مختلفين في تركيبتهما النفسية وسلوكهما اليومي في المدرسة حيث يميل أحدهما إلى المشاكسة والأذى والأساليب الملتوية , بينما الآخر يتسم بالانضباط والتهذيب والتسامح , إلى أن ينتهي بهما الأمر إلى المسامحة والمصالحة وانصياع المشاكس إلى الطريق السويّ .
وفي قصة : القطة سوسو , تتخذ الكاتبة أسلوباً إيحائياً اًقرب إلى ذهنية الطفل وروحه عندما تشخص القطة فتسبغ عليها بعض ملامح إنسانية , فتظهرها وكأنها واحدة من مجموعة متجانسة بعد أن كانت مرفوضة وعرضة للاضطهاد وذلك حين تقضي على الأفعى وتبعد بالتالي خطرها عن مجموعة الأطفال , أرادت الكاتبة هنا أن تشجب التمييز والطائفية والعرقية , لتؤكد أن قيمة الكائن بما يقدمه من معونة ونفع للآخرين .
في قصة : حسان والحاسوب تعطي الكاتبة أهمية للعلاقة بين الأخوين صبا و حسون حيث يتبادلان المعلومات والأفكار التي تسهم في تنمية مواهبها من خلال استعمال الحاسوب والاستفادة من ميزاته . ونجد هنا انتفاء التنافس والأنانية , وسيادة المحبة والتعاطف , ولا يخفى ما لهذا من دور في تعزيز التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة لينعكس بدوره على المجتمع .
في قصة : هكذا الصداقة , تحكي الكاتبة قصة الفقر والحرمان في ظل الحرب التي شردت وأضعفت وأفقرت الكثيرين من أبناء الوطن . تعزز فيها الكاتبة مضمون التعاون والمساعدة للفقير والمحتاج .
وفي قصتها : حسان وحلم الطفولة , تعزف الكاتبة على وتر مفعول الحرب في نفوس الأطفال , فرغم إعاقة بطلها الصغير الذي انعكست على نفسيته فظائع هذه الحرب الرهيبة ورأى كيف يموت أقرب أصدقائه إليه على مرأى ومسمع منه , يرفض أن يذهب إلى بلد أجنبي للعلاج , ويفضل أن يبقى بين أخوته ورفاق مدرسته .
في قصة ربيع بلا أزهار , يشي هذا العنوان بغض النظر عن مضمون القصة , بأن الربيع أحيانا تنتفي عنه صفته حين لا أزهار فيه , فهو إذاً شتاء مكفهر كئيب ورهيب .
تحكي هذه القصة كيف تصر الأم الحامل على الاحتفاظ بجنين محكوم بالموت , لرغبتها الشديدة بحدث سحري يقلب الحال ويخرج وليدها سليما معافى , لكن الواقع أقسى مما تصورته , فأجهض حلمها .
في قصة : أيموت الضمير ؟ سؤال صاعق لعفونة ضمائر جمدتها لامبالاة قاتلة , واستخفاف بالإنسان , في عبثية المال والسلاح , حيث يموت الكثير من الأطفال المشردين بفعل الحرب من الجوع والبرد والخوف .
وفي قصة الأخوة الأربعة تعكس الكاتبة صورة واقعية مؤلمة تمزق نياط القلوب الطاهرة لمشهد يومي لأخوة أربعة
ينامون أسفل جدار لمول فخم , لا يشعر بهم من ملك العون والمساعدة , لتتساءل ذات ليلة عن اختفائهم الغريب .
قصة : مرح , تحكي هذه القصة مشهداً آخر من مشاهد الحرب التي أضرت بالأطفال ضرراً بالغاً جعلتهم يكبرون قبل الآوان , في معاناة قاسية على مرحلتهم الغضة التي من أبسط حقوقها الشعور بالأمان .
قصة : على طريق المعهد , تكرس الكاتبة نتائج الحرب المرعبة على الإنسان وخاصة الأطفال , لترينا مخلفاتها من إعاقات جسدية وعقلية , غير أن كل هذه التحديات لم تمنع من ممارسة الحياة ومتابعة الدراسة واحتضان الأمل والعمل وسيلة لبلوغ حالة السلم القادمة .
وفي قصة : الرفاق والمجسم , تنتقل بنا الكاتبة إلى إحدى المدارس , لترصد لنا حالة أخرى من حالات نتائج الحرب , في استشهاد أحد الطلبة , وفجيعة رفاقه فيه , ومبادرة والده الفنان في صنع نصب تذكاري له من شظايا القذيفة التي أودت بحياته .
قصة : الطائر الغريب . تنقلنا فيها الكاتبة إلى تلك السهرات والأمسيات السالفة من زمن السلم حيث تجتمع الأسرة على سطح المنزل في ليلة صيفية لتشاهد طائراً ضخما يحلق في السماء , مازجة بين الحلم والحقيقة , في عفوية الترابط والتعاطف الأسري .
قصة : بقايا لوحة , تحكي كيف عادت الطفلة إلى بيتها الذي أصبح أشبه بالأنقاض بعد أن تحررت منطقة سكنها من أيدي الإرهاب لتسحب لوحتها الفنية من تحت الأنقاض , وحلمها بأن تصبح فنانة في الرسم , رغم كل هذا التراكم الظلامي من الخراب .
في قصة : حبل الكذب قصير , تبين لنا الكاتبة كيف يجنح بعض الناشئة في ظل مفرزات الحرب إلى الخداع والاستغلال لعواطف الآخرين في الحصول على بعض المكاسب , غير أن استيعاب الآخرين من ذوي الضمائر اليقظة ومواجهتهم بحقيقة أفعالهم المشينة كفيل بردهم إلى جادة الصواب .
قصة : حلم صغير , هي حكاية الفتاة الصغيرة الحالمة بحديقة مشابهة لحديقة منزلها الذي هجّرت منه, , فتلجأ إلى طريقة تجعل من شرفة البيت الذي تقطنه حديقة صغيرة ملأى بالأزهار .
قصة : لن تكون إلا هكذا , تحكي قصة البنت التي تساعد امرأة مسنة , في البناء المجاور , دون علم أهلها , مما يستدعي الأم إلى مراقبتها ووقوفها على الحالة , وهنا يطرح السؤال ذاته : لماذا تخفي هذه الصغيرة الأمر عن أهلها ؟ مادام عملها إنسانيأ ونبيلاً ؟
قصة : صديقي الفنان , تحكي فيها الكاتبة قصة المساعدة والدعم الذي يقدمه الأصدقاء لأصدقائهم , وتأثير الصديق على صديقه سلوكاً و قيمة .
أما قصة : فرحة العيد , فهي تكرار لقصة : هكذا الصداقة , من حيث مساعدة الغني للفقير ., في ظل ما أحدثته الحرب من كوارث .
لقد حاولت الكاتبة ولوج عالم الطفولة من باب الأدب , واتخذت فنّ القصّ وسيلة تربوية للتأثير غير المباشر , كهدف وغاية , رصدت من خلالها أجواء الحرب ومنعكساتها وتأثيراتها على عالم الطفل : لتخلص إلى القول أن الحرب دمار والسلم عمار .
لا تخلو القصص في معظمها من السردية المباشرة , بالإضافة إلى كثرة الأغلاط اللغوية .التي بإمكان الكاتبة تلافيها في طبعة ثانية , ولايخفى ما لأهمية هذا الأمر , لأن المجموعة موجهة للأطفال .
نتمنى للكاتبة أعمالاً قادمة أكثر نضجاً وتميزاً .
طاهر مهدي الهاشمي
تضم ثمان عشرة قصة في غلاف أنيق تزينه صورة لطفلتين تلوحان بحالتي الحرب والسلم .
يظهر العنوان وكأنه موجه إلى ضمير العالم , كإدانة بالغة الوخز . فما يمكن أن يكون وراء عنوان كهذا ؟ إن مجرد اقتران كلمة أطفال بكلمة الحرب يفتح دلالة مؤلمة ومشينة بذات الوقت , إذ لابد من كسر حاجز البلادة الذي يحجب مدى خطورة أن يعيش أطفالنا هذه المرحلة العصيبة المملوءة بالتشنجات , والمتخمة بالرعب والقلق . إن كل
تشنج يصيب العقول يشكل إعاقة للتفكير السليم وبالتالي ينعكس على الإنتاج الإبداعي , فكيف إذا كان هذا الأمر في عالم الطفل الذي هو المعول عليه في صنع مستقبل سليم معافى ؟ غير أن هذا العنوان هو أقرب إلى تحقيق صحفي ميداني منه إلى قصص موجهة للأطفال .
تتسم المجموعة بلغتها المبسطة السهلة القريبة من مستوى الطفولة , لتتناسب ونفسية الطفل في انجذابها إلى المشوق والمثير , إذ أخذت شكل السرد الحكائي العفوي , ففي قصة : التسامح تسرد الكاتبة بأسلوب إخباري مباشر قصة طفلين مختلفين في تركيبتهما النفسية وسلوكهما اليومي في المدرسة حيث يميل أحدهما إلى المشاكسة والأذى والأساليب الملتوية , بينما الآخر يتسم بالانضباط والتهذيب والتسامح , إلى أن ينتهي بهما الأمر إلى المسامحة والمصالحة وانصياع المشاكس إلى الطريق السويّ .
وفي قصة : القطة سوسو , تتخذ الكاتبة أسلوباً إيحائياً اًقرب إلى ذهنية الطفل وروحه عندما تشخص القطة فتسبغ عليها بعض ملامح إنسانية , فتظهرها وكأنها واحدة من مجموعة متجانسة بعد أن كانت مرفوضة وعرضة للاضطهاد وذلك حين تقضي على الأفعى وتبعد بالتالي خطرها عن مجموعة الأطفال , أرادت الكاتبة هنا أن تشجب التمييز والطائفية والعرقية , لتؤكد أن قيمة الكائن بما يقدمه من معونة ونفع للآخرين .
في قصة : حسان والحاسوب تعطي الكاتبة أهمية للعلاقة بين الأخوين صبا و حسون حيث يتبادلان المعلومات والأفكار التي تسهم في تنمية مواهبها من خلال استعمال الحاسوب والاستفادة من ميزاته . ونجد هنا انتفاء التنافس والأنانية , وسيادة المحبة والتعاطف , ولا يخفى ما لهذا من دور في تعزيز التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة لينعكس بدوره على المجتمع .
في قصة : هكذا الصداقة , تحكي الكاتبة قصة الفقر والحرمان في ظل الحرب التي شردت وأضعفت وأفقرت الكثيرين من أبناء الوطن . تعزز فيها الكاتبة مضمون التعاون والمساعدة للفقير والمحتاج .
وفي قصتها : حسان وحلم الطفولة , تعزف الكاتبة على وتر مفعول الحرب في نفوس الأطفال , فرغم إعاقة بطلها الصغير الذي انعكست على نفسيته فظائع هذه الحرب الرهيبة ورأى كيف يموت أقرب أصدقائه إليه على مرأى ومسمع منه , يرفض أن يذهب إلى بلد أجنبي للعلاج , ويفضل أن يبقى بين أخوته ورفاق مدرسته .
في قصة ربيع بلا أزهار , يشي هذا العنوان بغض النظر عن مضمون القصة , بأن الربيع أحيانا تنتفي عنه صفته حين لا أزهار فيه , فهو إذاً شتاء مكفهر كئيب ورهيب .
تحكي هذه القصة كيف تصر الأم الحامل على الاحتفاظ بجنين محكوم بالموت , لرغبتها الشديدة بحدث سحري يقلب الحال ويخرج وليدها سليما معافى , لكن الواقع أقسى مما تصورته , فأجهض حلمها .
في قصة : أيموت الضمير ؟ سؤال صاعق لعفونة ضمائر جمدتها لامبالاة قاتلة , واستخفاف بالإنسان , في عبثية المال والسلاح , حيث يموت الكثير من الأطفال المشردين بفعل الحرب من الجوع والبرد والخوف .
وفي قصة الأخوة الأربعة تعكس الكاتبة صورة واقعية مؤلمة تمزق نياط القلوب الطاهرة لمشهد يومي لأخوة أربعة
ينامون أسفل جدار لمول فخم , لا يشعر بهم من ملك العون والمساعدة , لتتساءل ذات ليلة عن اختفائهم الغريب .
قصة : مرح , تحكي هذه القصة مشهداً آخر من مشاهد الحرب التي أضرت بالأطفال ضرراً بالغاً جعلتهم يكبرون قبل الآوان , في معاناة قاسية على مرحلتهم الغضة التي من أبسط حقوقها الشعور بالأمان .
قصة : على طريق المعهد , تكرس الكاتبة نتائج الحرب المرعبة على الإنسان وخاصة الأطفال , لترينا مخلفاتها من إعاقات جسدية وعقلية , غير أن كل هذه التحديات لم تمنع من ممارسة الحياة ومتابعة الدراسة واحتضان الأمل والعمل وسيلة لبلوغ حالة السلم القادمة .
وفي قصة : الرفاق والمجسم , تنتقل بنا الكاتبة إلى إحدى المدارس , لترصد لنا حالة أخرى من حالات نتائج الحرب , في استشهاد أحد الطلبة , وفجيعة رفاقه فيه , ومبادرة والده الفنان في صنع نصب تذكاري له من شظايا القذيفة التي أودت بحياته .
قصة : الطائر الغريب . تنقلنا فيها الكاتبة إلى تلك السهرات والأمسيات السالفة من زمن السلم حيث تجتمع الأسرة على سطح المنزل في ليلة صيفية لتشاهد طائراً ضخما يحلق في السماء , مازجة بين الحلم والحقيقة , في عفوية الترابط والتعاطف الأسري .
قصة : بقايا لوحة , تحكي كيف عادت الطفلة إلى بيتها الذي أصبح أشبه بالأنقاض بعد أن تحررت منطقة سكنها من أيدي الإرهاب لتسحب لوحتها الفنية من تحت الأنقاض , وحلمها بأن تصبح فنانة في الرسم , رغم كل هذا التراكم الظلامي من الخراب .
في قصة : حبل الكذب قصير , تبين لنا الكاتبة كيف يجنح بعض الناشئة في ظل مفرزات الحرب إلى الخداع والاستغلال لعواطف الآخرين في الحصول على بعض المكاسب , غير أن استيعاب الآخرين من ذوي الضمائر اليقظة ومواجهتهم بحقيقة أفعالهم المشينة كفيل بردهم إلى جادة الصواب .
قصة : حلم صغير , هي حكاية الفتاة الصغيرة الحالمة بحديقة مشابهة لحديقة منزلها الذي هجّرت منه, , فتلجأ إلى طريقة تجعل من شرفة البيت الذي تقطنه حديقة صغيرة ملأى بالأزهار .
قصة : لن تكون إلا هكذا , تحكي قصة البنت التي تساعد امرأة مسنة , في البناء المجاور , دون علم أهلها , مما يستدعي الأم إلى مراقبتها ووقوفها على الحالة , وهنا يطرح السؤال ذاته : لماذا تخفي هذه الصغيرة الأمر عن أهلها ؟ مادام عملها إنسانيأ ونبيلاً ؟
قصة : صديقي الفنان , تحكي فيها الكاتبة قصة المساعدة والدعم الذي يقدمه الأصدقاء لأصدقائهم , وتأثير الصديق على صديقه سلوكاً و قيمة .
أما قصة : فرحة العيد , فهي تكرار لقصة : هكذا الصداقة , من حيث مساعدة الغني للفقير ., في ظل ما أحدثته الحرب من كوارث .
لقد حاولت الكاتبة ولوج عالم الطفولة من باب الأدب , واتخذت فنّ القصّ وسيلة تربوية للتأثير غير المباشر , كهدف وغاية , رصدت من خلالها أجواء الحرب ومنعكساتها وتأثيراتها على عالم الطفل : لتخلص إلى القول أن الحرب دمار والسلم عمار .
لا تخلو القصص في معظمها من السردية المباشرة , بالإضافة إلى كثرة الأغلاط اللغوية .التي بإمكان الكاتبة تلافيها في طبعة ثانية , ولايخفى ما لأهمية هذا الأمر , لأن المجموعة موجهة للأطفال .
نتمنى للكاتبة أعمالاً قادمة أكثر نضجاً وتميزاً .
طاهر مهدي الهاشمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق