⏪⏬
نار جهنوم تحرقني في رأسي و جليد القطب الجنوبي ينقضّ على جسدي ثمّ أدور و أدور و أدور حول النار و الجليد ..تقرع عناصر الطبيعة طبول الحرب في جسدي ..ثمّ .... ثمّ أغرق في اللاشيء و بعد ذلك لا شيء غير اللاشيء
يحيط بي من كل حدب و صوب ..
دخل المطبخ بوجه أسود جمع كل خبث العالم و سوآته ..
- أين مرتبك ؟ أريد مالا ..أنا الرجل و يجب أن أتصرف في كل شيء..
قلت دون أن أنطق :
- في الحقيبة !
استدل بنظراتي ..
استولى على ما يريد ..
عادت الحرقة لمعاضدتي من جديد ..تسير عبر أجزاء جسدي ..تقيم حربا لا ينتصر فيها أحد ..
فقط طبول الحزن و اليأس تزداد شهوة و حرارة ..تتفتح فيها كل مسام اللذة.
يسيل ماء دافق شاهد على كبت عابر للزمن و ينتفض جسدي ..يرتعش ..يحترق ..
أمد يدي لأحرك الطعام ..الطعام متيبس و الملعقة طريّة ، لينة تتلوى بين أصابعي و تنثني .
اقتحم الخبث المكان مرة أخرى :
- أسرعي هيا !
لا تركني للراحة !
أنا جائع !
اللعنة ما الذي جعلني ارتبط بك ؟
يلتصق فمي و لا أعود أميز بين حلقي و لساني..
الجفاف و المرارة يعبثان بحواسي يطغياني على تفكيري ..يضغطان على روحي ..يحذفان كياني و يفتتان جسدي المتخدر الذي أكاد أفقد الإحساس به ...
حاولت تنفيذ ما طلبه مني . و قبل أن أتحرّك اندفع أمامي ليسكب الطعام بنفسه ..
أفرغ محتوى الصحن في جوفه دفعة واحدة .
انطلق محدثا حشرجة مخيفة و صوتا قويا لوقع أقدامه .
لم يلتفت نحوي و لم يأبه لرغبتي بمعرفة مكان توجهه ..
مرة أخرى يسيطر عليّ الجليد و النار ..
يبرد جسمي إلى حد التجمّد ثم يسخن و يبدأ بالاشتعال ..أشمّ رائحة الاحتراق ..لا تزعجني الرائحة و لا تسبب لي الغثيان بل لم يتبادر إلى ذهني أن أتقيّأ كعادتي.
تيبّس جسدي مرة أخرى .عدت أبحث عن الهواء . توجهت نحو النافذة لأفتحها ..
صوت بكاء في قاعة الجلوس ..
النحيب يتضاعف و يحتل مجالي السمعي ..
قادتني قدماي نحو المنتحب دون أن أوجه لها أمرا بذلك ..
إنها هي بشعرها الأبيض و وجهها المجعّد الذي بنيت لبناته من المكائد و الفتن ..
كانت تبكي بحرقة ..
رثيت لحالها ..أردت مواساتها ..مررت يدي على شعرها فلم أشاهد يدي و لم تنقطع هي عن البكاء ..
بل أضافت :
- لقد أضاع نفسه يا ربي !
لماذا فعل هذا ؟ ...
على الطاولة جريدة مفتوحة في صفحة الجرائم بللتها الدموع ..
تقول إحدى أخبار الصفحة بأن الخبث قتلني
و سلّم نفسه ..
كيف للصحيفة أن تنشر خبرا مثل هذا دون أن تتأكد من صحّته ؟
غريب ...!
أخذت الجريدة معي و خرجت لحديقة المنزل.
كانت مظلمة معتمة لا ضوء فيها ..
عجزت عن رؤية النباتات ..تطلعت نحو السماء ..غاب القمر هذه الليلة ..
جلست على التراب ..امتزج جسدي معه ..
انتظرت ضوء القمر ليوضح لي كل شيء..
انتظرت و انتظرت ...
انتظرت طويلا فمتّ دون أن أنتبه ........
*خيرة الساكت
تونس
نار جهنوم تحرقني في رأسي و جليد القطب الجنوبي ينقضّ على جسدي ثمّ أدور و أدور و أدور حول النار و الجليد ..تقرع عناصر الطبيعة طبول الحرب في جسدي ..ثمّ .... ثمّ أغرق في اللاشيء و بعد ذلك لا شيء غير اللاشيء
يحيط بي من كل حدب و صوب ..
دخل المطبخ بوجه أسود جمع كل خبث العالم و سوآته ..
- أين مرتبك ؟ أريد مالا ..أنا الرجل و يجب أن أتصرف في كل شيء..
قلت دون أن أنطق :
- في الحقيبة !
استدل بنظراتي ..
استولى على ما يريد ..
عادت الحرقة لمعاضدتي من جديد ..تسير عبر أجزاء جسدي ..تقيم حربا لا ينتصر فيها أحد ..
فقط طبول الحزن و اليأس تزداد شهوة و حرارة ..تتفتح فيها كل مسام اللذة.
يسيل ماء دافق شاهد على كبت عابر للزمن و ينتفض جسدي ..يرتعش ..يحترق ..
أمد يدي لأحرك الطعام ..الطعام متيبس و الملعقة طريّة ، لينة تتلوى بين أصابعي و تنثني .
اقتحم الخبث المكان مرة أخرى :
- أسرعي هيا !
لا تركني للراحة !
أنا جائع !
اللعنة ما الذي جعلني ارتبط بك ؟
يلتصق فمي و لا أعود أميز بين حلقي و لساني..
الجفاف و المرارة يعبثان بحواسي يطغياني على تفكيري ..يضغطان على روحي ..يحذفان كياني و يفتتان جسدي المتخدر الذي أكاد أفقد الإحساس به ...
حاولت تنفيذ ما طلبه مني . و قبل أن أتحرّك اندفع أمامي ليسكب الطعام بنفسه ..
أفرغ محتوى الصحن في جوفه دفعة واحدة .
انطلق محدثا حشرجة مخيفة و صوتا قويا لوقع أقدامه .
لم يلتفت نحوي و لم يأبه لرغبتي بمعرفة مكان توجهه ..
مرة أخرى يسيطر عليّ الجليد و النار ..
يبرد جسمي إلى حد التجمّد ثم يسخن و يبدأ بالاشتعال ..أشمّ رائحة الاحتراق ..لا تزعجني الرائحة و لا تسبب لي الغثيان بل لم يتبادر إلى ذهني أن أتقيّأ كعادتي.
تيبّس جسدي مرة أخرى .عدت أبحث عن الهواء . توجهت نحو النافذة لأفتحها ..
صوت بكاء في قاعة الجلوس ..
النحيب يتضاعف و يحتل مجالي السمعي ..
قادتني قدماي نحو المنتحب دون أن أوجه لها أمرا بذلك ..
إنها هي بشعرها الأبيض و وجهها المجعّد الذي بنيت لبناته من المكائد و الفتن ..
كانت تبكي بحرقة ..
رثيت لحالها ..أردت مواساتها ..مررت يدي على شعرها فلم أشاهد يدي و لم تنقطع هي عن البكاء ..
بل أضافت :
- لقد أضاع نفسه يا ربي !
لماذا فعل هذا ؟ ...
على الطاولة جريدة مفتوحة في صفحة الجرائم بللتها الدموع ..
تقول إحدى أخبار الصفحة بأن الخبث قتلني
و سلّم نفسه ..
كيف للصحيفة أن تنشر خبرا مثل هذا دون أن تتأكد من صحّته ؟
غريب ...!
أخذت الجريدة معي و خرجت لحديقة المنزل.
كانت مظلمة معتمة لا ضوء فيها ..
عجزت عن رؤية النباتات ..تطلعت نحو السماء ..غاب القمر هذه الليلة ..
جلست على التراب ..امتزج جسدي معه ..
انتظرت ضوء القمر ليوضح لي كل شيء..
انتظرت و انتظرت ...
انتظرت طويلا فمتّ دون أن أنتبه ........
*خيرة الساكت
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق