قصة جورجيت هي قصة حقيقية ﻭﻗﻌﺖ ﺍﺣﺪﺍﺛﻬﺎ ﺑﺒﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ منطقة تقع بشرق السودان، حيث ﺗﺠﺴﺪ هذه القصة الرومانسية ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ و الصدق في المشاعر و يرى البعض أنها ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻴﻠﻤﺎ سينمائيا ، ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﺷﺨﺼﻴﻪ ﺣﻘﻴﻘﻴﻪ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﺵ ﻓﻰ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ أو ﺯارها ﻓﻰ ﺍﻟﺜﻤﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ،
هي إبنة أسرة شامية مسيحية عريقة نزحت إلى بورتسودان منذ زمان بعيد ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻰ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ ﻫﻰ ﻭﺍﺧﺘﻬﺎ ﻭﺍﺧﻮﻫﺎ و ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﻮﻓﺖ ﻭﺍﻟﺪﺗﻬﻤﺎ ﻓﻰ ﺣﻰ ﺍﻻﻏﺎﺭﻳﻖ ﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻨﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﺎﻟﻴﺎﺕ، ﺑﺪﺍﺕ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺗﺨﺮﺟﺖ ﻣﻦ مدرسة الكمبوني ﻭﻋﻤﻠﺖ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺲ، يقال أنها كانت جميلة
نحيلة رقيقة رشيقة كأنها فراشة، بيضاء اللون شعرها الغزير الناعم غلب البياض على سواده، وجهها جميلا جمالا أخاذا يسحر القلوب ويأخذ بمجامع الألباب، ﻛﺎﻧﺖ جورجيت رائعة ﺗﻔﻴﺾ ﺣﻴﻮﻳﻪ كالفراشة ﺗﺤﻠﻖ ﻓﻰ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻰ ﻭﻫﻰ ﺗﻘﻮﺩ ﺩﺭﺍﺟﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺷﻮﺍﺭﻋﻪ ﻭ كانت تلك الفتاة تنال ﺍﻋﺠﺎﺏ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﻟﻬﺎ ﻟﺤﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻗﻰ ،
ﺑﺪﺍﺕ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻇﻒ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺍﺳﺘﺎﺟﺮ ﻣﻊ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﻏﺮﻓﻪ ﺑﻤﻨﺰﻝ ﺍﻏﺎﺭﻳﻖ ﻣﻮﺍﺟﻪ ﻟﻤﻨﺰﻟﻬﺎ و ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻭﺟﻴﻪ ﻭﺳﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻓﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻪ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻭ ﺍﻏﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﻪ ﺻﺎﺩﺭﻩ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻪ ﻟﻪ ﻭ تحديداً ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻭ ﺭﺍﺋﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﺻﺎﺭ مدمنا لسماع ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻳﺼﺤﻮﺍ في الصباح الباكر ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﻭﺑﺪﺍﺀﺕ علاقتهما ﺑﺘﺤﻴﻪ ﺛﻢ ﺑﺘﻠﻮﻳﺢ ﻟﺒﻌﻀﻬﻤﺎ ﺛﻢ ﻗﺒﻮﻝ ﻭ ﺍﺳﺘﻠﻄﺎﻑ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻻﻣﺮ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻮﺗﺮ ﻭﺧﺎﺋﻒ فحست ﻫﻰ ﺑﺨﻮﻓﻪ ﻭﺗﺮﺩﺩﻩ ﻓﺎﺧﺘﻔﺖ ﻣﻨﻪ ﻟﻤﺪﺓ ﺍﺳﺒﻮﻉ ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺘﺢ أغاني ﻓﻴﺮﻭﺯ كما كانت تفعل كعادتها ﻓﺎﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﺛﻢ ﻋﺎﺩﻭﺗﻪ ﻣﺮﻩ ﺍﺧﺮﻯ ﻓﻬﻠﻊ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻭﻭﺟﺪﻫﺎ ﻭﺍﻗﻔﻪ ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ﺗﻮﺩ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻓﺠﺮﻯ ﺍﻟﻴﻬﺎ و عندها ﺩﺳﺖ جورجيت ﻟﻪ ﻭﺭﻗﻪ في ﻳﺪﻩ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ : ﺍﻧﺖ ﺍﺳﻴﺮ ﻣﺨﺎﻭﻑ ﻻ ﻣﺒﺮﺭ ﻟﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮﺭﺕ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻚ ﻭﺣﺮﻣﺎﻧﻚ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻭ ﺭﺅﻳﺘﻰ ﻻﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﺸﺎﻋﺮﻯ ﻭﻫﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺧﺎﺻﻪ ﺍﺣﻤﻠﻬﺎ ﻟﻚ ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺟﺒﻨﺖ ﻭﺍﻧﺎ ﻻ ﺍﺣﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻥ ﺍﺣﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻘﺪﺍﻡ ﺟﺮﻳﺌﺎ ﺑﻌﻔﻪ ﻃﻤﻮﺣﺎ ﻓﻰ ﺍﺩﺏ ﻭﺍﺫﺍ ﻇﻠﻠﺖ ﻓﻰ ﺟﺒﻨﻚ ﻭﺗﺮﺩﺩﻙ ﺍﺭﺟﻮ ﺍﻥ ﺗﻨﺴﺎﻧﻰ ﻭﺗﺮﺣﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻰ ﻭﺍﻻ ﻛﻦ ﻓﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﺐ فرضخ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻻﻣﺮ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺳﺎﺭ ﻓﻰ ﺩﺭﺑﻪ ﻭﺗﻌﺮﻑ ﺑﻜﻞ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ ﻭﺍﺻﺒﺢ ﻣﺤﺒﻮﺏ لدى عائلتها ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺗﺘﻄﻮﺭ ﺍﻻﻣﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﻋﻠﻦ ﺧﻄﻮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺷﺎﻉ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﻻسرته المسلمة المحافظة ﻣﻤﺎ ﺍﺛﺎﺭ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﻭﻏﻀﺐ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻛﺜﻴﺮا فقرر أن ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻰ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ فركب ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻟﻮﺭﻯ ﻭﺣﻀﺮ ﺍﻟﻰ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺟﺎﺀﻩ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﺍﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﺎﺑﻪ ﻣﻌﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ بهذه المنطقة ﻭﻗﻠﻌﻪ ﻗﻠﻊ ﻭﺭﻓﺾ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺣﺘﻰ ﺫﻫﺎﺑﻪ ﻻﺧﺬ ملابسه ﻭ ﺍﺭﺟﻌﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ليلاً ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺮﺉ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ، و عندما تأزم الوضع عليه و وقفت الأقدار ضده و ظل والده مصمم على موقفه قرر الشاب أن يكتب لمحبوبته جورجيت ﻭﺭﻗﻪ ﻳﺨﺒﺮﻫﺎ فيها ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﺍﻋﻄﺎﻫﺎ ﻟﺰﻣﻴﻠﻪ ﻟﻴﻮﺻﻠﻬﺎ ﻟﻬﺎ و بالفعل ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﻭﻭﺿﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﺭﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻘﻒ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺷﺎﺭ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻟﺘﺎﺧﺬﻫﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻗﻮﻯ جداً ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺤﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﻻﺧﺬﻫﺎ ﻃﺎﺭﺕ ﺍﻟﻮﺭﻗﻪ ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﺗﺠﺮﻯ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻗﻮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻥ ﺗﺼﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺒﺖ ﻭﻭﻗﻔﺖ ﻭﺳﺎﺀﺕ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﻭﺗﺪﻫﻮﺭﺕ ﺻﺤﺘﻬﺎ
ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻌﻰ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻭﻭﻫﻦ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻭ أصبحت ﺗﺠﻮﺏ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻋﺎﻣﻪ ﻭﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﺤﻰ ﺍﻻﻏﺎﺭﻳﻘﻰ ﺧﺎﺻﻪ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻰ ﺗﺒﺤﺚ ﻭﺳﻂ ﺍﻻﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻋﺴﻰ ﺍﻥ ﺗﺠﺪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﺍﻭ عسى و لعل ﻳﻜﻮﻥ قد أرسل ﺭﺳﺎﻟﻪ ﺍﺧﺮﻯ ﻭﺿﻠﺖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺍﻳﻀﺎ و هكذا ﺍﺻﺒﺤﺖ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﻪ ﺳﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ فصار كل من يراها يرق قلبه عليها إشفاقا و حزناً ، و يذوب رحمة و حنانا و ربما تعجبا و دهشة..تلك المخلوقة الرفيعة الهينة الهشة التي تتنقل بين شوارع و أزقة الحي بفستانها النظيف ذي النقوش الباهتة وهي تنحني لتجمع الأوراق المتناثرة على الأرض.. وما أكثرها، ثم تذهب إلى برميل النفايات حيث تضعها هناك باهتمام شديد.. وتكر راجعة تعاود الإنحناء والالتقاط تارة أخرى.. حتى إذا حميت الشمس مسحت حبيبات العرق عن جبينها الأبيض المعروق بكم فستانها.. ورفعت رأسها تحدق في البعيد المجهول.. ثم ما تلبث أن تبتسم في غموض وتهز رأسها الصغير و تنصرف.
و هكذا أكد سكان الحي على أنها ﻓﻘﺪﺕ عقلها ﻭﺟﻨﺖ أما ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻭﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ العلاقة العاطفية ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﻪ ﻭ الحاله التي يمكن أن يصل إليها هؤلاء العشاق ﻣﻤﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺼﺪﻕ ﻭﻳﻌﺎﺷﺮﻭﻥ بإخلاص ﻭﺗﺤﻤﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺀ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻳﻒ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ ﻓﻬﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ هذا النوع الصادق النادر أحبت ﻟﺤﺪﻯ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﻭﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﺎﻻﻣﻞ ﻭﻟﻮ ﻋﺒﺮ ﺭﺳﺎﻟﻪ ﻣﺠﻬﻮﻟﻪ ﻓﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ .
أما حبيبها الذي أخذه ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭﺳﺎﻓﺮ ﺑﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻛﻠﻪ ﺍﻣﻞ ﻓﻰ ﻭﺻﻮﻝ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻰ أخبرها فيها ﺑﻜﻞ ﺷﺊ ﻭ ﻭﻋﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﻩ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ حتى شعر ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﻣﻞ ﺍﻟﺬﻯ لا زال يلامس قلب إبنه و ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ما هو سر هذا الأمل و الثقة المطلقة فالوالد لم ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻑ أن إبنه أرسل لها رسالة و عندما علم بالأمر ما ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺍﻻ أن أقسم و حلف يمين و طلاق تلاتة أنه طالما زال حيا فهو لن يسمح بهذا و لا يريد حتى أن يسمع سيرتها على فمه و وفقاً للعادات و التقاليد السودانية و نمط التربية يصعب على الأبناء مخالفة رأي الآباء حتى وإن كانوا على خطأ و هكذا أصبح الابن ﻣﻘﻴﺪ بحليفة والده، ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺐ كثيراً و هو يحاول أن ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﺊ ﻭﻟﻜﻦ احتراماً ﻟﺤﻠﻴﻔﺖ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ تراجع عن السؤال عنها، ﻭﻟﻒ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭ دار ﻭﺗﻮﻓﻰ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ إلا أن شد رحاله إلي بورتسودان ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭ بعد تقصي و بحث علم ﺍﻧﻬﺎ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﺎﺋﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻓﻘﺪﺕ ﺍﺳﺮﺗﻬﺎ لم يتبقى ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻧﺪﺭﻳﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﻠﻮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺮﺗﻬﺎ، و بعد ﺑﺤﺚ دائم طويلاً ﻭﺟﺪﻫﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻣﺮﺍﺀﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﺷﻤﻄﺎﺀ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻗﺪ ﺭﺍﺡ ﺑﺮﻳﻖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻛﺎﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﻭﺍﻗﻒ ﻭﺫﻫﺒﺖ ﻟﺤﺎﻝ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻭﺑﺤﺜﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻰ ﻓﻰ ﺍﻻﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ فتحسر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭ ذهب ﻭ تركها فيما ﻫﻰ ﻋﻠﻴﻪ فعاشت ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﻌﻠﻢ من ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﺗﺤﺪﺛﻮﺍ ﻋﻨﻬﺎ كثيراً ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﺎﻟﻴﻒ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭ ﺗﻨﺎﻗﻠﺖ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻭ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇﻠﺖ ﻓﻰ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻪ ﻣﺜﺎﻻ ﺣﻴﺎ ﻟﻠﺤﺐ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮﺏ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻘﺐ ﺍﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﺷﻤﺲ ﻭ ﺍﺳﻠﻤﺖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭ ﺍﻧﺴﺤﺒﺖ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،و هكذا ﺍنتهت جورجيت ﻭﺍﻧﺘﻬﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺐ الصادق .
قصة جورجيت قصة إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون أسطورة رومانسية و عاطفية و هدفي من طرح هذه القصة على القراء الأعزاء هو أن نعمل على بناء الإرادة القوية و الشجاعة التي تحررنا من المخاوف التي تلازمنا و تعكر علينا حياتنا و أن نعمل على كسر حاجز الديانة و العرق و اللغة و فارق العمر و المستوى الإجتماعي و أن لا نجعل مثل هذه الحواجز تهدم علاقتنا العاطفية و الإنسانية و الإجتماعية و لنجعل من الحرية و الحب و التسامح و السلام شعار لحياتنا لنعيش و ننعم بالأمان والاستقرار النفسي و العاطفي و الإجتماعي للحياة أفضل و عالم أجمل.
هي إبنة أسرة شامية مسيحية عريقة نزحت إلى بورتسودان منذ زمان بعيد ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻰ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ ﻫﻰ ﻭﺍﺧﺘﻬﺎ ﻭﺍﺧﻮﻫﺎ و ﻭﺍﻟﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﻮﻓﺖ ﻭﺍﻟﺪﺗﻬﻤﺎ ﻓﻰ ﺣﻰ ﺍﻻﻏﺎﺭﻳﻖ ﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻨﻪ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﺎﻟﻴﺎﺕ، ﺑﺪﺍﺕ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻓﻘﺪ ﺗﺨﺮﺟﺖ ﻣﻦ مدرسة الكمبوني ﻭﻋﻤﻠﺖ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺲ، يقال أنها كانت جميلة
نحيلة رقيقة رشيقة كأنها فراشة، بيضاء اللون شعرها الغزير الناعم غلب البياض على سواده، وجهها جميلا جمالا أخاذا يسحر القلوب ويأخذ بمجامع الألباب، ﻛﺎﻧﺖ جورجيت رائعة ﺗﻔﻴﺾ ﺣﻴﻮﻳﻪ كالفراشة ﺗﺤﻠﻖ ﻓﻰ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻰ ﻭﻫﻰ ﺗﻘﻮﺩ ﺩﺭﺍﺟﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺷﻮﺍﺭﻋﻪ ﻭ كانت تلك الفتاة تنال ﺍﻋﺠﺎﺏ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﻟﻬﺎ ﻟﺤﺴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻗﻰ ،
ﺑﺪﺍﺕ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻇﻒ ﻣﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻭﺍﺳﺘﺎﺟﺮ ﻣﻊ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﻏﺮﻓﻪ ﺑﻤﻨﺰﻝ ﺍﻏﺎﺭﻳﻖ ﻣﻮﺍﺟﻪ ﻟﻤﻨﺰﻟﻬﺎ و ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻭﺟﻴﻪ ﻭﺳﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻓﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﺎﺀ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻪ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻭ ﺍﻏﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﻪ ﺻﺎﺩﺭﻩ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻪ ﻟﻪ ﻭ تحديداً ﻣﻦ ﻏﺮﻓﺘﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻭ ﺭﺍﺋﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﺻﺎﺭ مدمنا لسماع ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻳﺼﺤﻮﺍ في الصباح الباكر ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﻭﺑﺪﺍﺀﺕ علاقتهما ﺑﺘﺤﻴﻪ ﺛﻢ ﺑﺘﻠﻮﻳﺢ ﻟﺒﻌﻀﻬﻤﺎ ﺛﻢ ﻗﺒﻮﻝ ﻭ ﺍﺳﺘﻠﻄﺎﻑ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻻﻣﺮ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﺎ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻮﺗﺮ ﻭﺧﺎﺋﻒ فحست ﻫﻰ ﺑﺨﻮﻓﻪ ﻭﺗﺮﺩﺩﻩ ﻓﺎﺧﺘﻔﺖ ﻣﻨﻪ ﻟﻤﺪﺓ ﺍﺳﺒﻮﻉ ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺘﺢ أغاني ﻓﻴﺮﻭﺯ كما كانت تفعل كعادتها ﻓﺎﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﺛﻢ ﻋﺎﺩﻭﺗﻪ ﻣﺮﻩ ﺍﺧﺮﻯ ﻓﻬﻠﻊ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻭﻭﺟﺪﻫﺎ ﻭﺍﻗﻔﻪ ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ﺗﻮﺩ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﻓﺠﺮﻯ ﺍﻟﻴﻬﺎ و عندها ﺩﺳﺖ جورجيت ﻟﻪ ﻭﺭﻗﻪ في ﻳﺪﻩ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ : ﺍﻧﺖ ﺍﺳﻴﺮ ﻣﺨﺎﻭﻑ ﻻ ﻣﺒﺮﺭ ﻟﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮﺭﺕ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻚ ﻭﺣﺮﻣﺎﻧﻚ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﻭ ﺭﺅﻳﺘﻰ ﻻﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻣﺸﺎﻋﺮﻯ ﻭﻫﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺧﺎﺻﻪ ﺍﺣﻤﻠﻬﺎ ﻟﻚ ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺟﺒﻨﺖ ﻭﺍﻧﺎ ﻻ ﺍﺣﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻥ ﺍﺣﺐ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻣﻘﺪﺍﻡ ﺟﺮﻳﺌﺎ ﺑﻌﻔﻪ ﻃﻤﻮﺣﺎ ﻓﻰ ﺍﺩﺏ ﻭﺍﺫﺍ ﻇﻠﻠﺖ ﻓﻰ ﺟﺒﻨﻚ ﻭﺗﺮﺩﺩﻙ ﺍﺭﺟﻮ ﺍﻥ ﺗﻨﺴﺎﻧﻰ ﻭﺗﺮﺣﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﻰ ﻭﺍﻻ ﻛﻦ ﻓﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﺐ فرضخ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻻﻣﺮ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺳﺎﺭ ﻓﻰ ﺩﺭﺑﻪ ﻭﺗﻌﺮﻑ ﺑﻜﻞ ﻋﺎﺋﻠﺘﻬﺎ ﻭﺍﺻﺒﺢ ﻣﺤﺒﻮﺏ لدى عائلتها ﻭﺻﺎﺭ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺗﺘﻄﻮﺭ ﺍﻻﻣﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﻋﻠﻦ ﺧﻄﻮﺑﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺷﺎﻉ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﻻسرته المسلمة المحافظة ﻣﻤﺎ ﺍﺛﺎﺭ ﻏﻀﺒﻬﻢ ﻭﻏﻀﺐ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻛﺜﻴﺮا فقرر أن ﻳﺤﻀﺮ ﺍﻟﻰ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ فركب ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻟﻮﺭﻯ ﻭﺣﻀﺮ ﺍﻟﻰ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺟﺎﺀﻩ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﺍﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﺎﺑﻪ ﻣﻌﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻴﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ بهذه المنطقة ﻭﻗﻠﻌﻪ ﻗﻠﻊ ﻭﺭﻓﺾ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺣﺘﻰ ﺫﻫﺎﺑﻪ ﻻﺧﺬ ملابسه ﻭ ﺍﺭﺟﻌﻪ ﻣﻌﻪ ﻓﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ليلاً ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﺮﺉ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ، و عندما تأزم الوضع عليه و وقفت الأقدار ضده و ظل والده مصمم على موقفه قرر الشاب أن يكتب لمحبوبته جورجيت ﻭﺭﻗﻪ ﻳﺨﺒﺮﻫﺎ فيها ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﺍﻋﻄﺎﻫﺎ ﻟﺰﻣﻴﻠﻪ ﻟﻴﻮﺻﻠﻬﺎ ﻟﻬﺎ و بالفعل ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﻭﻭﺿﻊ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﺭﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻘﻒ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺷﺎﺭ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻟﺘﺎﺧﺬﻫﺎ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻗﻮﻯ جداً ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺤﺎﻭﻟﺘﻬﺎ ﻻﺧﺬﻫﺎ ﻃﺎﺭﺕ ﺍﻟﻮﺭﻗﻪ ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﺗﺠﺮﻯ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻗﻮﻯ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻥ ﺗﺼﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺒﺖ ﻭﻭﻗﻔﺖ ﻭﺳﺎﺀﺕ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﻭﺗﺪﻫﻮﺭﺕ ﺻﺤﺘﻬﺎ
ﻭﺍﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﻌﻰ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﻭﻭﻫﻦ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻭ أصبحت ﺗﺠﻮﺏ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﻋﺎﻣﻪ ﻭﺷﻮﺍﺭﻉ ﺍﻟﺤﻰ ﺍﻻﻏﺎﺭﻳﻘﻰ ﺧﺎﺻﻪ ﻭﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻰ ﺗﺒﺤﺚ ﻭﺳﻂ ﺍﻻﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻋﺴﻰ ﺍﻥ ﺗﺠﺪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺣﺒﻴﺒﻬﺎ ﺍﻭ عسى و لعل ﻳﻜﻮﻥ قد أرسل ﺭﺳﺎﻟﻪ ﺍﺧﺮﻯ ﻭﺿﻠﺖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﺍﻳﻀﺎ و هكذا ﺍﺻﺒﺤﺖ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﻪ ﺳﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ فصار كل من يراها يرق قلبه عليها إشفاقا و حزناً ، و يذوب رحمة و حنانا و ربما تعجبا و دهشة..تلك المخلوقة الرفيعة الهينة الهشة التي تتنقل بين شوارع و أزقة الحي بفستانها النظيف ذي النقوش الباهتة وهي تنحني لتجمع الأوراق المتناثرة على الأرض.. وما أكثرها، ثم تذهب إلى برميل النفايات حيث تضعها هناك باهتمام شديد.. وتكر راجعة تعاود الإنحناء والالتقاط تارة أخرى.. حتى إذا حميت الشمس مسحت حبيبات العرق عن جبينها الأبيض المعروق بكم فستانها.. ورفعت رأسها تحدق في البعيد المجهول.. ثم ما تلبث أن تبتسم في غموض وتهز رأسها الصغير و تنصرف.
و هكذا أكد سكان الحي على أنها ﻓﻘﺪﺕ عقلها ﻭﺟﻨﺖ أما ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻭﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺳﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﺔ العلاقة العاطفية ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﻪ ﻭ الحاله التي يمكن أن يصل إليها هؤلاء العشاق ﻣﻤﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺼﺪﻕ ﻭﻳﻌﺎﺷﺮﻭﻥ بإخلاص ﻭﺗﺤﻤﻞ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺀ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻳﻒ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ ﻓﻬﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ هذا النوع الصادق النادر أحبت ﻟﺤﺪﻯ ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﻭﺗﻤﺴﻜﺖ ﺑﺎﻻﻣﻞ ﻭﻟﻮ ﻋﺒﺮ ﺭﺳﺎﻟﻪ ﻣﺠﻬﻮﻟﻪ ﻓﻰ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ .
أما حبيبها الذي أخذه ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻭﺳﺎﻓﺮ ﺑﻪ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻫﻮ ﻛﻠﻪ ﺍﻣﻞ ﻓﻰ ﻭﺻﻮﻝ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻰ أخبرها فيها ﺑﻜﻞ ﺷﺊ ﻭ ﻭﻋﺪﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﻩ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ حتى شعر ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻻﻣﻞ ﺍﻟﺬﻯ لا زال يلامس قلب إبنه و ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ما هو سر هذا الأمل و الثقة المطلقة فالوالد لم ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻑ أن إبنه أرسل لها رسالة و عندما علم بالأمر ما ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ ﺍﻻ أن أقسم و حلف يمين و طلاق تلاتة أنه طالما زال حيا فهو لن يسمح بهذا و لا يريد حتى أن يسمع سيرتها على فمه و وفقاً للعادات و التقاليد السودانية و نمط التربية يصعب على الأبناء مخالفة رأي الآباء حتى وإن كانوا على خطأ و هكذا أصبح الابن ﻣﻘﻴﺪ بحليفة والده، ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺐ كثيراً و هو يحاول أن ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻨﻬﺎ ﺷﺊ ﻭﻟﻜﻦ احتراماً ﻟﺤﻠﻴﻔﺖ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ تراجع عن السؤال عنها، ﻭﻟﻒ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭ دار ﻭﺗﻮﻓﻰ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻪ إلا أن شد رحاله إلي بورتسودان ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭ بعد تقصي و بحث علم ﺍﻧﻬﺎ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻋﺎﺋﻞ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻓﻘﺪﺕ ﺍﺳﺮﺗﻬﺎ لم يتبقى ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻧﺪﺭﻳﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﻠﻮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﺮﺗﻬﺎ، و بعد ﺑﺤﺚ دائم طويلاً ﻭﺟﺪﻫﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺍﻣﺮﺍﺀﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﺷﻤﻄﺎﺀ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻗﺪ ﺭﺍﺡ ﺑﺮﻳﻖ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﻟﻴﻪ ﻛﺎﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﻭﺍﻗﻒ ﻭﺫﻫﺒﺖ ﻟﺤﺎﻝ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻭﺑﺤﺜﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻰ ﻓﻰ ﺍﻻﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ فتحسر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭ ذهب ﻭ تركها فيما ﻫﻰ ﻋﻠﻴﻪ فعاشت ﺟﻮﺭﺟﻴﺖ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﻌﻠﻢ من ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ ﺗﺤﺪﺛﻮﺍ ﻋﻨﻬﺎ كثيراً ﻭﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺘﺎﻟﻴﻒ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭ ﺗﻨﺎﻗﻠﺖ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺲ ﻭ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻇﻠﺖ ﻓﻰ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻪ ﻣﺜﺎﻻ ﺣﻴﺎ ﻟﻠﺤﺐ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮﺏ ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻓﺎﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻘﺐ ﺍﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﺷﻤﺲ ﻭ ﺍﺳﻠﻤﺖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭ ﺍﻧﺴﺤﺒﺖ ﺑﻬﺪﻭﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،و هكذا ﺍنتهت جورجيت ﻭﺍﻧﺘﻬﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﺐ الصادق .
قصة جورجيت قصة إنسانية في المقام الأول قبل أن تكون أسطورة رومانسية و عاطفية و هدفي من طرح هذه القصة على القراء الأعزاء هو أن نعمل على بناء الإرادة القوية و الشجاعة التي تحررنا من المخاوف التي تلازمنا و تعكر علينا حياتنا و أن نعمل على كسر حاجز الديانة و العرق و اللغة و فارق العمر و المستوى الإجتماعي و أن لا نجعل مثل هذه الحواجز تهدم علاقتنا العاطفية و الإنسانية و الإجتماعية و لنجعل من الحرية و الحب و التسامح و السلام شعار لحياتنا لنعيش و ننعم بالأمان والاستقرار النفسي و العاطفي و الإجتماعي للحياة أفضل و عالم أجمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق