اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

العشماوي | عادل ناصر

ما بين الموت و الحياة شدة حبل..نامت و هو يمسك كتابا في يده، و صحت و هو مازال يمسك نفس الكتاب، او ربما نفس الصفحة. لا يلتفت ناحيتها ، ترجلت عن السرير و هي تدرك تماما ان الكتاب لا يعدو حجة كي لا تكلمه. و ترجل هو عن كتابه و دخل الحمام. الكل ينتظر مقطع ام كلثوم الذي يردده كل صباح بصوته العندليبي الدافئ. لكنه لم يغن هذا اليوم. غادر الحمام مسرعا وجلس على مائدة الافطار مرتديا صمته. لا أحد يدرك سر هذا
الصمت الذي يجتاحه من حين لآخر سوى جدته العجوز التي فقدت النطق منذ مدة طويلة جدا..ربما لا يفهم الصمت سوى الصمت. لا تستطيع اي كلمة موجهة اليه ان تكسر جدار الشرود الذي يسطو على أفكاره هذا الصباح مهما كانت عذوبتها. يطيل النظر الى لقمته التي في يده لمدة ؛ افطار عادي جدا، كأس شاي و خبز ، و زيت زيتون، و بعض قطع الزيتون الاسود. هل تستحق هذه اللقمة ان أقتلع الارواح من أجلها؟! يلتفت التفاتة روبوتية الى طفلتيه الصغيرتين؛ هل يجب ان تأخذ طفلتي حياتهما من حياة آخرين. يضع لقمته على حافة المائدة، و يغادر البيت بخطوات سريعة أبطأها بمجرد وصوله الى الشارع. ترى ما شكلها؟ ما جرمها؟ كل ما أعرف عنها أنها أنثى. لماذا أقتل شخصا لا أعرف عنه الا جنسه؟! لكن القاضي اطمأن الى حكمه الذي اصدره! هو قرأ، تفحص الادلة ، استمع الى الشهود ، ثم اطمأن الى حكمه. اما انا لا شيء امامي سوى حكم بالاعدام، و جثة حية علي أن اعلقها هذا الصباح على حبل سميك! هل يبرر حكمه جرمي؟ هل يمنحني السكينة كي أنام الليلة دون كوابيس؟ هل ينام هو دون كوابيس؟ ماذا لو كان حكمه خاطئا؟ كيف اعيد الى الجثة حياتها؟! لست المسؤول، القاضي هو من حكم ! وأنا من نفذ ,اذن هو من قتل..

دخل المبنى مشغولا بأفكاره عن القاء التحية و تبادل السباب كعادته مع حارس الباب. و صل الى الغرفة قبل الجميع جهز الحبل و المعدات ، و جلس في ركنه تقتات من دمائه الافكار. ايقظته جلجلة الاقفال من شروده، فانتفض إلى جوار الباب منتصبا..اكتسب وجهه شحوبا من وجه المسحوبة من ذراعيها نصف ميتة. حتى ان ملاك الموت لن يتعرف بين وجهيهما من هو مقبل على قبض روحه. قرأ ظابط منطوق الحكم. ترى هل سينام الليلة دون كوابيس؟ صعد بها عسكريان درجات مسرح الاعدام. ترى هل ينامان بلا كوابيس؟ وقف على رأسها شيخ معمم الرأس يلقنها الشهادة. ترى هل ينام بلا كوابيس؟ ربما تحميه آياته. أمسك كيسا أسودا ليضعه على رأسها. انها أكثر ادواته حبا الى قلبه. هو الذي يرحمه من نظرات ضحاياه. كلما هم بهذه العملية تذكر حوارا اسرع من لمح الموت دار بينه و بين اشجع ضحاياه..
- هل تعرفني يا سيدي؟ هل سبق ان آذيتك؟
-كلا
- اذن لماذا تقتلني بهذا البرود؟
ابتسم في وجهه قائلا : هو قدرك كما انه قدري.
أي قدر هذا الذي كنت اتحدث عنه؟
كان يتحاشى دائما النظر الى أعين ضحاياه ، فكان يتعجل وضع الكيس الاسود. لكن هذه المرة ارتعدت يداه، فوقعت عيناه في كبد عينيها الشفافتين. ابتسمت في وجهه، كيف للقتيل ان يبتسم في وجه قاتله؟!. هل كان بياض اسنانها من أجلي. أم ان للموت وجه مريح فابتسمت له ؟ يستحيل ان ترتكب هذه الروح الساكنة خلف تلك العينين جريمة تستحق هذا الحكم. نفذ أيها المجند و اترك الشرود لما بعد الخروج. التقف الكيس و جر القبضة فتدلت القدمان ترفسان هواء الدنيا العفن. لم يعد يشعر بأي ألم، هل تغادر روحه رفقة روحها؟
غادر المكان اكثر شحوبا مما دخل، ترك قدميه تسيران على هواهما و تابع شروده مخافة ان يستيقظ. الي أين تقودينني ايتها القدمان؟ الى متى سأبقى مطيعا أنفذ الأوامر قبل ان أسأل؟ ملعونة تلك اللقمة..يهم بالجلوس، ثم يقف قبل ان يجلس، يشتهي ان يصرخ بأعلى صوت ثم يمنعها. حتى صرختي أعدمتها. وتمر تفاصيل وجهها امام عينيه صافية، هادئة ,تعبث بما تبقى في بحاره من هدوء.
رفع وجهه بعد مسيرة تقاذفته فيها أفكار لم تكن رحيمة بقلبه كما لم لم يكن رحيما بتلك العينين؟ - ترى أكان بوسعه أن يرحم؟! - فوجد نفسه يهم بدخول حي طفولته. كلما أظلمت أعماقه وجد في ذكرياتها سراجا يعيد إليه بعض النور. توجه كعادته بعد كل إعدام ينفذه الى دكان عمه، الاسكافي الذي لا تنضب حكاياته. فوجئ بباب الحارة يسده صوان كبير.. ترى فرح من هذا الذي أغلقوا من أجله باب النسيان في وجهي؟ غير طريقه باحثا عن منفذ يقوده الى ترياق عمه،علها تنسيه شفافية عينيها عباراته. آه وقت إضافي لهذا الشرود الطماع..آه مازلت لا أسمع قهقهة الزبائن. كم انت بعيد ايها الترياق! كن رحيما بهذا القاتل ايها الاله..فمن رحمتك يدعوك الراهب و الفاجر، يدعوك الظالم و المظلوم، يدعوك القاتل و المقتول.
وقف أمام دكان عمه و قد اثار استغرابه صمت المكان. عمي لا يسكته حتى الموت. ربما قد يحكي قبره المزيد من القصص لزائريه. سلم باقتضاب على الجالسين سكوتا..آه صمت جديد وقت إضافي لافكار انهكت اعضائي. بادر بالكلام كما لم يعتد فارا من طعنات ضحيته ، التي ما زالت ابتسامتها تعاتبه: - عرس من هذا يا عم؟
باقتضاب غير معهود من عمه:- تلك جنازة مريم ..
اتذكرها؟ توأمك في مقعد الدراسة، تلك التي كنتما تدرسان في كتب مدرسية واحدة، تلك التي..
- يكف يا عم، أجل أذكرها، لكن منذ ان انتقلنا لم أرها الى الان..
-كان إعدامها اليوم..
ترى هل كانت تلك الابتسامة لانها عرفتني؟
آه، هل كانت تلك البسمة لي؟!..كفاك رحمة أيها القدر......


عادل ناصر

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...