يــا لــه من موقف ، و يا له من مشهـــد . لم يستطع تشبيهـــه إلاّ باليـــوم الذي عملت فيه معـــاول الحـــق على تحطيم أصنــــام قريــــش .
ليلـــة ماثلـــة أمامـــه بكــل تفاصيلهـــا ، بـــأدق تفاصيلها . و كــأنها الآن ، و كأنــها اللحظة .
السمــاء تمطــر بغزارة ، الرّعــد يصـم الآذان . كلــما دمدم البرق يخطف الأبصار.
كلــما أضــــاء تـــراء له وجه قائــده الأسيــــر ، قــابعا غير بعيد يفترش الوحـــل .
زادتـــه قطـــرات المـــاء المتسربـــة من بين عيـــدان قصب الخيزران بلـــة .
محولــــة الكوخ مكـــانـــا لا يطــــاق .
حشـــرة لعيــنة ، عـــاثت في ظهــره لسعــا ، تتحــرك مزهوة ، تسكن متى أرادت
و تتفنـــن في اللّســع كيف ما أرادت .أيقنــت أنه مقيــد اليديـــن ، و إنها حـــــرة .!
تفعــل ما تريـــــد ، متـــى تريــــد .
أضــــــــاء البــــرق ، النقيــب فرونسوا ، متكــــوم في مكــــــانه لـــم يتحــــــرك ...
دمـــدم الرّعــــد ، غـــرق الكوخ في الظــــلام من جديـــــد . سكنــت الحشرة اللّعينة
إعتقــــد انهـــــا ملّــــت رائحـــــة إبطــــــه غادرتـــــه . غفــى غفـــوة ، مـــالت على إثــــرها رأســـــه المتعبــــــة .
عــــادت خالتـــه فطيمة منهكة ، لقـــد كـــان يومهـــا الأول ، كشغــــالة في بيـــت
السيدة فرونسواز ... طويلا متعبا . حكت لهم أنهـــم مثلنــا ، و أنهم يعملونها مثلنــا .
و لهم مكانــا مخصصــا لهــذا ، مثلنــــا تمــــاما . ..و أنهـــــم .............
إبتســم في غفـــوته ، و مـــا الذي كنت تعتقدينـــــه خالتــــي .؟!!
أضـــــاء البــــرق ، دمــدم الـــرّ عــــد . غيرت حبــــات المطـــر إيقاعهـــا ، و هي تحــــاور أعواد الخيزران . قطرات مـــاء متتاليــــة تستفــز الرأس المتعــبة .
تعلـن الحشرة اللّعينة أنهــــا مازالت هنـا. كـومة اللّحـم المكورة في الرُّكـن المظلـم ، تــــرســل شهيـقـــــا مسموعا.
ابـــدا أبــــدا !!!... و يبكــــون أيضــا ، خلقــــو لإعطــــاء الأوامر و فقــــــط ..
إصطحب خالتــــه فطيمة الى بيت السيـــدة فرونســـواز يومــــا .....
بيـــت السيـــدة مقلــــوبا رأســـا على عقب . إستعداد لحفـــل صاخب مســــاءا .
خلقـــــو ليحتفلـــون ، ليقـهـــون بصوت عال . لقضم التفاح ، لإحتساء النبيــــذ .
لتبــــادل القبـــل علنــــا .
أضـــاء البـــرق ، دمـــدم الرّعـــد ، بعيـــدا هــــذه المــــرة . السّحــب البنية تسرع الخطى مغــادرة . تطــل نجمة وحيـــدة برأســـها ، قطــرة ماء أبت إلاّ أن تستقر برأسه أســـوة بأخواتهـــا . ما زالت كومـــة اللّحـــم الأبيض ، المكورة في الرّكــن المظلـــم تــــرسـل الشهيـــق المسموع جليــا هـــذه المــــرة .
هـــــوت صورة الغــــول أمـــامـــه . غـــادر الوهــــم رأســــه . الأسطــــورة الكــذبــــة للأبد
أفـــاق على صوت الجنــــدي الـقـصير القــامة ، بملامحه الأسيـــاوية التي لا تخفــى
عــلى أحــد .يأمرهمـــــا بإشـــارة منـــه ، الوقوف لمواصلة السيــــر . الى وجهـــة لا يعلمها الاّ هو و رفــاقـــه الأربعـــة .
ترجــــاه أن يبعد الحشـــرة اللّعيـــنة عنـــه .... مـــد الجنـــدي يــــده ، تسلّقـــت العنيـــدة ذراعــه . وضعــــها برفــــق علــــى الأرض .
- إنهـــــا إبنـــــت البلــــــــد ، و هــــــــذا موطنــــــها ....
قــــال للأسيــــريـــن هـــذا .بلغــــة يفهمــــانهــا همــا الإثنـــان..
*صلاح أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق