اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

نهاية الانتظار | د.عبير خالد يحيي

-" مابك سارة ؟ لماذا تبدين كصفار ليمونة ؟ وما هذه الهالات السوداء المحيطة بعينيك ؟ مؤكد أنك لم تنَامي بشكل جيد، هل تعب عمّي مجدداً ؟"

تنظر سارة جانباً إلى لمى، ثم تشيح بوجهها إلى الأمام بضجر واضح، ترفع يدها ثم تسقطها بقلة حيلة وعصبية، تشدّ (البالطو) الأبيض الذي تحمله بيدها الثانية، ترد وكأنها تتحدث من أغوار بعيدة:

-" ليس أبي، إنها أمي، وقد راودها الكابوس نفسه مجدداً، لكنها هذه المرة تؤكد أنه مات !".
تفتح لمى فمها وقد امتقع وجهها، تقف فجأة، و بحركة من يدها توقف سارة، يتحشرج صوتها وهي تسأل :

-" سارة هل هناك أخبار جديدة عن حسن؟ أخبريني أرجوك هل وردكم أي شيء عنه؟".


تنظر سارة إلى لمى بإشفاق، لمى صديقتها وهي أيضاً حبيبة أخيها حسن وبحكم الخطيبة، أحسّت سارة أنها تسرّعت بالتفوّه بكلماتها، ناسيةً شدة تعلّق لمى بأخيها حسن، فهي مُذ اختفى من حوالي سنتين، لا يكاد يمضي يوم دون أن تكون معهم في بيتهم، تواسي أمّ حسن، وتعتني بأبيه، وكأنها فرد من البيت، لا تغادر إلا للمبيت عند أهلها، وتترافق منذ الصباح مع سارة إلى الجامعة وتعود معها، تذكر سارة أنهما من فرط التصاقهما حصلتا على مجموع علامات متقارب بالثانوية العامة، وأنها دخلت كلية الطب إكراماً لرغبة لمى، حتى تبقيان معاً، على الرغم من أنها تكره دراسة الطب بالمجمل، ويصيبها الدوار عند رؤية الدّم والجروح والأورام، سارعت سارة لتهدئة روع لمى قائلة بكلمات متلاحقة :

-" لا لا ، لا شيء جديد، إلى الآن لا ندري أين حسن، تدرين لمى كلّما مررت على حاجز من الحواجز التي قطّعت أوصال المدينة، أقول ربّما اختفى حسن من هنا أو من هناك، يا إلهي كيف يختفي كيان كامل ؟ إذا كان هذا حالي أنا أخته، وبحال من الأحوال تلهيني الدنيا بمشاغلها، بين دراسة وعناية بالبيت، فكيف الحال في دواخل أمي التي أفرغت كل تفكيرها وقلبها عنده ؟ أما أبي فأخذها من الآخر .. غيّبه الألزهايمر المبكر عن كل العوالم، إلا عالم حسن ! مازال ينادي عليه كل صباح ! تخيّلي..!".

عندها نطقت عيون لمى، وخرس لسانها:

" أما أنا فأنادي حسن في كل لحظة، وأعيش معه في عالمه الضبابي الذي لا أرى فيه شيئاً، لكني فقط أسمع أنفاسه المتلاحقة، وأرشف عبراته الساخنة، أهدهده حتى ينام وأنام معه".

تستأنفان السير معاً، والوجوم يحتل وجهيهما المليحين، ثم لا تلبث سارة أن تنتفض فجأة قائلة :

-"محاضرة التشريح اليوم، هي ما أرّقتني، لمى كيف لي أن أتحمّل رؤية الجثث الآدمية المبطوحة على طاولات التشريح في القاعة التي أكره المرور بقربها، وأتقيأ من رائحة ( الفورمول ) المنبعثة منها ؟ أنت شجاعة لمى أما أنا فلا أتحمّل ذلك ، يوم مات عمي لم أجرؤ على الدخول لوداعه، قمة الجرم ألّا يوارى الميت الثرى، حتى ولو كان غريباً، إكرام الميت دفنه، وقمة الغباء والقسوة أن يكون الإنسان بعد موته وسيلة إيضاح دراسية، هل عجزت كليات الطب عن ابتكار نماذج صلبة تحاكي جسد الإنسان ؟ أم أنهم فقدوا إنسانيتهم إلى حد التمثيل بالجثث حتى ولو كانت الغاية نبيلة ."

تمسك لمى بيد سارة محاولة التخفيف من انفعالها، فهي تدرك جيداً الرهاب الذي يعتري سارة عند مشاهدة جرح ينزف، فكيف وهم اليوم سيدخلون قاعة التشريح لأول مرة، ليكونا وجهاً لوجه مع موتى؟ وسيُطلب منهم أيضاً العبث بهم تحت مسمّى التشريح المباشر؟، الفكرة مرعبة لا شك، حتى هي نفسها- بالرغم من شجاعتها- تتهيّب الموقف..!

-"لا عليك، نكون معاً سارة ، أسندك ، إلا إذا كانت طاولتي غير طاولتك، لكن بكل الأحوال أكون قريبة منك، لا تخافي".

رائحة الفورمول النفّاذة لم تحل بينها وبين أنوف الطلبة الكمامات السميكة البيضاء التي غطت الجزء التنفسي من وجوههم، المعظم دخل القاعة مغمّض العينين، إلّا من تباهى بشجاعته، وأطلق نكاتاً يهزأ بها من الخائفين، هؤلاء الشجعان تولَّوا قيادة الخائفين -مُغَمّضي الأعين- إلى طاولاتهم، وكان حدس لمى في مكانه، التباعد الأبجدي بين اسمها واسم سارة، جعل كل واحدة منهما على طاولة مغايرة للأخرى، الصمت والسكون الذي ساد القاعة بعد الانتهاء من توزيع الطلاب، قطعته صرخة مارقة، أعقبها صوت ارتطام حاد بالأرض..!
تداعى الجميع باتجاه الصوت، اجتازت لمى حشودهم، ووصلت لتجد سارة على الأرض مغشياً عليها..!

-" لقد فعلتها سارة ، غلبها خوفها ".
هكذا حدّثت لمى نفسها..
لكن نظرة أخرى إلى ما فوق الطاولة، جعلت لمى أيضاً تصرخ صرخة أعلى ..قبل أن تسقط فوق سارة ...!
كان من تنتظره دائماً قد احتلّ طاولة التشريح..!

د.عبير خالد يحيي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...