➤صدر حديثاً ديوان " أنثى الجنون " للأديبة فادية محمد هندومة عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع جمهورية مصر العربية .
مقدمة الديوان وقراءة تحليلية
⏪ بقلم الكاتبة مريم حوامدة
بداية لا بد لنا بوقفة تعريفية عن مصطلح النثر والقصيدة النثرية
والنثر لغة مأخوذ من المادة اللغوية نثر ، أي رمى الشيء وألقاه على نحو فتفرق وتبعثر ونثر الكلام : أي أرسله بلا قافية أو وزن . أما النثر اصطلاحاً كما عرفه الكاتب حنا الفاخوري في كتابه " الجامع في تاريخ الأدب العربي " فهو الكلام المرسل على نحو تلقائي وعفوي دون تقيده بوزن وقافية إلا فيما يسقى " الشجع " الذي يتميز بوجود القافية ، كما أن كلام الشعر يختلف عن النثر في احتوائه على الوزن والقافية ضمن إطار واحد ويجب الإشارة إلى أن النثر بالإضافة إلى أنه كلام فهو أحد أشكال الكتابة التي تعتمد على الرد الطبيعي ، مثل المحادثات الحاصلة بين الناس ، والمقالات المنشورة في الصحف ، والكتب المدرسية وغيرها من مظاهر الكتابة التي لا تعتمد على وزن وتعقيد ،
قصيدة النثر ولد مصطلح قصيدة النثر في الأدب العربي عام 1960 م : وتعرف بأنها عبارة عن جنس فني جيء به لاستكشاف القيم الشعرية الموجودة في لغة النثر ، ولغايات إيجاد مناخ مناسب للتعبير عن التجارب والمعاناة التي واجهها الشاعر بتضمينه صورة شعرية عريضة تتسم بالكثافة والشفافية معا ، وتكمن أهميتها في حرصها على تعويض الانعدام الوزني في القصائد التقليدية . يمكننا القول أن قصيدة النثر هي ذلك الشكل الفني الذي يسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض في الشعر العربي ، والتحرر من الالتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليدية بالإضافة إلى ما تقدم فقد عرقها بعض الأدباء بأنها عبارة عن نص تهجيني يمتاز بانفتاحه وموضوعيته وشفافيته
موضوع والشفافية معا ، وتكمن أهميتها في حرصها على تعويض الانعدام الوزني في القصائد التقليدية . يمكننا القول أن قصيدة النثر هي ذلك الشكل الفني الذي يسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض في الشعر العربي ، والتحرر من الإلتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليدية بالإضافة إلى ما تقدم فقد عرفها بعض الأدباء بأنها عبارة عن نص تهجيني يمتاز بانفتاحه على الشعر والسرد والنثر الفني ؛ ويتسم بافتقاره اللبنية الصوتية الكمية ذات التنظيم ، إلا أن له إيقاعة داخلية منفردة بعدم انتظامه ويبرز ذلك بتوزيع علامات الترقيم والبنية الدلالية وفقا البنية التضاد .
حركة قصيدة النثر ظهر في عام 1954 م ما يسمي بحركة قصيدة النثر ، وتزامن ذلك مع صدور المجموعة الشعرية للشاعر الفلسطيني توفيق صايغ تحت مسمی " ثلاثون قصيدة " ، وكان رؤاد هذه الحركة هم أربعة عشر شاعرة ومن أبرزهم محمد الماغوط وأنسي الحاج ، وأدونيس ، وتوفيق الصايغ وغيرهم . وخصائص قصيدة النثر • خلوها من الوزن والقافية . عدم احتوائها على المحسنات البديعية وتحررها من الأنماط التفكيرية وما يرتبط بها من قوانين وأحكام ، أي أنها تكتب وفقا للفكر الخاص بالشاعر . • سكون نهايات الجمل والسطور والمقاطع.
---
➤قراءة إنطباعية تحليلية لديوان" أنثى الجنون "للأديبة فادية محمد هندومة
- بالعودة لهذه القصائد النثرية بشكل خاص نلاحظ إختلاط المشاعر المبهة وغير المبهمة التي نثرتها الشاعرة بحيث خلقت من أحاسيسها امرأة من داخل امرأة بكلماتها في مواضيع عديدة ولكنها تصب في منحنى واحد آلا وهو العشق الروحاني الأبوي والوطني والوجداني ، فقامت بالتخصيص في سرد العلاقة بينها وبين والدها لخصتها بأحاسيس موجودة لها لوحدها وتفردت بها معلنة أنها هي الوحيدة في هذا الكون ووالدها هو الوالد الوحيد ،
كتبت الفقد والمرارة ولوعة الفراق لذلك لم تترك مجالاً واحداً للوصف في كل ثواني حياتها ودقائق يومياتها ،
- هي شاعرة لم تستحدث الحزن ،الحزن موجود في عروقها قبل وجودها لذلك هي تستعيده كلما تأججت أشواقها للحنين وذكرياتها ليكون الفقد والرحيل العنوان الأول والدائم في بث خلجاتها ،
حيث قالت ،
- في رحيلك والدي لم تأتِ النسمات إلى حيث كنت اختنق الكون ،
نعم إن الكون يختنق بفقدان السند آلا وهو الأب ،
حاولت الشاعرة إعادة حساباتها للعيش دون والدها وباءت محاولاتها بالفشل ،
( يااه لهذا الدمار الداخلي والفراغ القاتل )
الشاعرة هنا كتبت وجدانها المشتعل أنثى ككل أنثى أو أنها الأنثى الوحيدة في عالم العشق خاصتها نجدها تحمل رغبتها بين يديها لتضم الحبيب في جنون قبلة واحدة ولربما أخرى ، إنها تثمل وتصحو وتعتصر النبيذ المعتق ولا شيء يطفىء نار اللهيب والوله ، وتلمم جسدها الهزيل وأفكارها المشوهة وشتاتها لتبدأ حياة جديدة في رحلة سلام ونقاء كما كل امرأة لكنها الوحيدة التي تتساءل دوماً تفتش عن مستقرها وهدوء نبضها في حضرة الحبيب ، فهي تستجدي القمر والنجوم وتسافر معها في رحلة للبحث عن جواهر فقدتها في بحور وسماوات الغياب ، تلامس الأرض ،تعبث في الرمال وتداعب موج البحر في الحاضر والغيب لتصل ويلامس همسها أوصال الحبيب ،
( يا لهذا العشق الملون ظاهره سرمدياً باطنه )
- وتعود الشاعرة لأصلها لتاريخ طفولتها التي لا تغادرها رغم التأجج والنضوج وثورتها ،
- شاعرة كتبت الوطن وأي وطن !
عن وطن تحدث عنه وبه وله جميع الكائنات ، وطن خشعت في سماءه العرب والعجم وكل الديانات
وطنها المقدس الذي لم تطأه قدماها ، لكنها تعرفه جيداً لأنه عاش ونما وترعرع في خلاياها منذ تكوينها في رحم قديسة ،
- كتبت فلسطين - بلاد جدها ( قنان ) كنعان وقصره الجوسق في بيسان ، هذا المجد التاريخي منذ بدأ التكوين ،
- هي شاعرة مجبولة من طين بلادها سامقة شامخة كمدينتها القدس ورهبة أسوارها العتيقة طاهرة صافية كمساجدها ،
في عينيها مأذنة وفي قلبها خشوع لسيرة نبي الأمة ،
هي كزيتونة عامرة ولادة سباقة شاهدة على أقدام النبي في المعراج ،
في عينيها صورة لا تفارق خيالها ورائحة تجاور فناءها وأمامها عرس وزفة لشهيد سقط إلى الأعلى ،
شاعرة مؤمنة بكل حواسها وممتلكاتها متيقنة من روحها ،
صقلت مشاعرها هنا في لوحة لأمرة من جنون وحب وحزن .
-
*مريم حوامدة
فلسطين
مقدمة الديوان وقراءة تحليلية
⏪ بقلم الكاتبة مريم حوامدة
بداية لا بد لنا بوقفة تعريفية عن مصطلح النثر والقصيدة النثرية
والنثر لغة مأخوذ من المادة اللغوية نثر ، أي رمى الشيء وألقاه على نحو فتفرق وتبعثر ونثر الكلام : أي أرسله بلا قافية أو وزن . أما النثر اصطلاحاً كما عرفه الكاتب حنا الفاخوري في كتابه " الجامع في تاريخ الأدب العربي " فهو الكلام المرسل على نحو تلقائي وعفوي دون تقيده بوزن وقافية إلا فيما يسقى " الشجع " الذي يتميز بوجود القافية ، كما أن كلام الشعر يختلف عن النثر في احتوائه على الوزن والقافية ضمن إطار واحد ويجب الإشارة إلى أن النثر بالإضافة إلى أنه كلام فهو أحد أشكال الكتابة التي تعتمد على الرد الطبيعي ، مثل المحادثات الحاصلة بين الناس ، والمقالات المنشورة في الصحف ، والكتب المدرسية وغيرها من مظاهر الكتابة التي لا تعتمد على وزن وتعقيد ،
قصيدة النثر ولد مصطلح قصيدة النثر في الأدب العربي عام 1960 م : وتعرف بأنها عبارة عن جنس فني جيء به لاستكشاف القيم الشعرية الموجودة في لغة النثر ، ولغايات إيجاد مناخ مناسب للتعبير عن التجارب والمعاناة التي واجهها الشاعر بتضمينه صورة شعرية عريضة تتسم بالكثافة والشفافية معا ، وتكمن أهميتها في حرصها على تعويض الانعدام الوزني في القصائد التقليدية . يمكننا القول أن قصيدة النثر هي ذلك الشكل الفني الذي يسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض في الشعر العربي ، والتحرر من الالتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليدية بالإضافة إلى ما تقدم فقد عرقها بعض الأدباء بأنها عبارة عن نص تهجيني يمتاز بانفتاحه وموضوعيته وشفافيته
موضوع والشفافية معا ، وتكمن أهميتها في حرصها على تعويض الانعدام الوزني في القصائد التقليدية . يمكننا القول أن قصيدة النثر هي ذلك الشكل الفني الذي يسعى إلى التخلص من قيود نظام العروض في الشعر العربي ، والتحرر من الإلتزام بالقواعد الموروثة من القصائد التقليدية بالإضافة إلى ما تقدم فقد عرفها بعض الأدباء بأنها عبارة عن نص تهجيني يمتاز بانفتاحه على الشعر والسرد والنثر الفني ؛ ويتسم بافتقاره اللبنية الصوتية الكمية ذات التنظيم ، إلا أن له إيقاعة داخلية منفردة بعدم انتظامه ويبرز ذلك بتوزيع علامات الترقيم والبنية الدلالية وفقا البنية التضاد .
حركة قصيدة النثر ظهر في عام 1954 م ما يسمي بحركة قصيدة النثر ، وتزامن ذلك مع صدور المجموعة الشعرية للشاعر الفلسطيني توفيق صايغ تحت مسمی " ثلاثون قصيدة " ، وكان رؤاد هذه الحركة هم أربعة عشر شاعرة ومن أبرزهم محمد الماغوط وأنسي الحاج ، وأدونيس ، وتوفيق الصايغ وغيرهم . وخصائص قصيدة النثر • خلوها من الوزن والقافية . عدم احتوائها على المحسنات البديعية وتحررها من الأنماط التفكيرية وما يرتبط بها من قوانين وأحكام ، أي أنها تكتب وفقا للفكر الخاص بالشاعر . • سكون نهايات الجمل والسطور والمقاطع.
---
➤قراءة إنطباعية تحليلية لديوان" أنثى الجنون "للأديبة فادية محمد هندومة
- بالعودة لهذه القصائد النثرية بشكل خاص نلاحظ إختلاط المشاعر المبهة وغير المبهمة التي نثرتها الشاعرة بحيث خلقت من أحاسيسها امرأة من داخل امرأة بكلماتها في مواضيع عديدة ولكنها تصب في منحنى واحد آلا وهو العشق الروحاني الأبوي والوطني والوجداني ، فقامت بالتخصيص في سرد العلاقة بينها وبين والدها لخصتها بأحاسيس موجودة لها لوحدها وتفردت بها معلنة أنها هي الوحيدة في هذا الكون ووالدها هو الوالد الوحيد ،
كتبت الفقد والمرارة ولوعة الفراق لذلك لم تترك مجالاً واحداً للوصف في كل ثواني حياتها ودقائق يومياتها ،
- هي شاعرة لم تستحدث الحزن ،الحزن موجود في عروقها قبل وجودها لذلك هي تستعيده كلما تأججت أشواقها للحنين وذكرياتها ليكون الفقد والرحيل العنوان الأول والدائم في بث خلجاتها ،
حيث قالت ،
- في رحيلك والدي لم تأتِ النسمات إلى حيث كنت اختنق الكون ،
نعم إن الكون يختنق بفقدان السند آلا وهو الأب ،
حاولت الشاعرة إعادة حساباتها للعيش دون والدها وباءت محاولاتها بالفشل ،
( يااه لهذا الدمار الداخلي والفراغ القاتل )
الشاعرة هنا كتبت وجدانها المشتعل أنثى ككل أنثى أو أنها الأنثى الوحيدة في عالم العشق خاصتها نجدها تحمل رغبتها بين يديها لتضم الحبيب في جنون قبلة واحدة ولربما أخرى ، إنها تثمل وتصحو وتعتصر النبيذ المعتق ولا شيء يطفىء نار اللهيب والوله ، وتلمم جسدها الهزيل وأفكارها المشوهة وشتاتها لتبدأ حياة جديدة في رحلة سلام ونقاء كما كل امرأة لكنها الوحيدة التي تتساءل دوماً تفتش عن مستقرها وهدوء نبضها في حضرة الحبيب ، فهي تستجدي القمر والنجوم وتسافر معها في رحلة للبحث عن جواهر فقدتها في بحور وسماوات الغياب ، تلامس الأرض ،تعبث في الرمال وتداعب موج البحر في الحاضر والغيب لتصل ويلامس همسها أوصال الحبيب ،
( يا لهذا العشق الملون ظاهره سرمدياً باطنه )
- وتعود الشاعرة لأصلها لتاريخ طفولتها التي لا تغادرها رغم التأجج والنضوج وثورتها ،
- شاعرة كتبت الوطن وأي وطن !
عن وطن تحدث عنه وبه وله جميع الكائنات ، وطن خشعت في سماءه العرب والعجم وكل الديانات
وطنها المقدس الذي لم تطأه قدماها ، لكنها تعرفه جيداً لأنه عاش ونما وترعرع في خلاياها منذ تكوينها في رحم قديسة ،
- كتبت فلسطين - بلاد جدها ( قنان ) كنعان وقصره الجوسق في بيسان ، هذا المجد التاريخي منذ بدأ التكوين ،
- هي شاعرة مجبولة من طين بلادها سامقة شامخة كمدينتها القدس ورهبة أسوارها العتيقة طاهرة صافية كمساجدها ،
في عينيها مأذنة وفي قلبها خشوع لسيرة نبي الأمة ،
هي كزيتونة عامرة ولادة سباقة شاهدة على أقدام النبي في المعراج ،
في عينيها صورة لا تفارق خيالها ورائحة تجاور فناءها وأمامها عرس وزفة لشهيد سقط إلى الأعلى ،
شاعرة مؤمنة بكل حواسها وممتلكاتها متيقنة من روحها ،
صقلت مشاعرها هنا في لوحة لأمرة من جنون وحب وحزن .
-
*مريم حوامدة
فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق