اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

رد علينا و خذ الغلّة ...*جهاد الدين رمضان

⏫⏬
دخلت محل أخي الأصغر مني "صلاح" في محلة "الأشرفية" بحلب، سلمت عليه و جلست قربه لأتسامر معه و أسهر، و لأكون
صريحاً و دقيقاً أكثر ، سأقول ذهبت إليه لأفضفض له همومي، و أنفّس بعض القهر الذي عشعش في قلبي و تجبّر، تلقاني أخي بترحابه اللا محدود بوجهه البشوش و قلبه الودود، و على صغر محله الضيق كنت أحسّ بأني في عالم رحب بلا حدود، صلاح أخي و كل ما يتصل به و يصدر عنه يُشعرني بأني في عالم الإنسان المفقود، عالم افتقدناه في مدنٍ مزدحمة بالبشر و الوجوه، لكن تخلو من المحبة و الروح.
كان صلاح مثلي يحب قهوة الاسبريسو، و هو أول من أدخل مكنات تصنيعها إلى محلاتنا و مكاتبنا و البيوت من أفراد العائلة، و هو من أهداني أول مكنة منها في حياتي و علمني كيف اصنعها ، و كلما زرته لابدّ لي أن اتناول فنجاناً فخماً من بين يديه، و لو كان فنجان "سفري" على الماشي اشربه في سيارتي على الطريق ، كان صلاح و ما يزال نعم الأخ، و خير من يقال عنه الصديق وقت الضيق ، شاهدني متجهماً مطرق الرأس لا ألوي على شيء، و أحسن صنعاً بفنجان قهوة ☕ اسبريسو "دبل" يمهد فيه طريق روحي الوعرة على السريع، كان هو الآخر يعاني من عسف الأيام و سوء الزمان، هجر الوظيفة في" قصر" منيفِ إلى "دكان" تخفق الأرواح فيه، عاتبه كثير من الناس و الأصدقاء على ترك الوظيفة في قصر العدل ، لكنه فضل العمل الحر الشريف على قيود الوظيفة و مغرياتها غير الشريفة، و كما كسب قلوب و احترام الناس في الوظيفة، كسبها أيضاً في الحارة و كل مكان ، و للأسف كان بعض السفهاء يستغلون طيبة قلبه و نقاء روحه، فيتغالظون عليه و يضايقونه بطلباتهم و تصرفاتهم المزعجة ، و كان في ذلك اليوم – في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية – يهجس بأخينا الأصغر "عماد" و قلبه يفور عليه، فقد علم - دون بقية اخوتي - بتعرضه لحادث مرور في السعودية، و عماد مقيم فيها منذ زمن بعيد في مدينة "جدة"، لكنه يعمل في مدينة "مكة" كل يوم، كان صلاح يتصل بعماد و الأخير لا يرد، و كنت مثل الأطرش في الزفة لا اسمع الطبل و الزمر، و لا ضجيج حادث أخي عماد و لا "زمور" سيارة الإسعاف التي نقلته إلى المشفى، و مما زاد في هواجس أخي صلاح و زاد من وساوسه، سوء تغطية شبكة الاتصالات الخليوية الحديثة العهد في البلاد، و في ذلك الزمان لم تكن الشبكة العنكبوتية ضاربة الأطناب في كل زاوية و شبر من العالم الكبير، كانت تسعى حينها جاهدة في تحويله إلى قرية كونية متاحة للجميع، و يبدو أن أخي الآخر عماد لم تصله مكالمات صلاح أو لم يُتح له الرد عليها، و كانت خدمة الرسائل المصورة (إرسال الصور بصيغة رسالة) حديثة العهد في شبكة الاتصالات الخليوية السورية، قام صلاح بتجريب حيلة لم تخطر على بال أحد، و رأيت آثارها في ورقة كبيرة كُتب عليها : (احكي معنا خيو) لفتت انتباهي حالما وقعتْ عيني عليها، تناولت الورقة المركونة على الطاولة، و سألته :
خير؟ ماذا يجري معك و من الذي زبلك، أهو حبيب أم زبون عابر؟
ما في شي، خطر على بالي أجرب نوع جديد من أقلام "الشنيار" التي وصلتني اليوم، هذا كل ما في الأمر.. لا ينشغل بالك .
عندما قال لي (لا ينشغل بالك) انشغل بالي، و ألحفتُ عليه بالسؤال :
ما الأمر، ما هو الحال ؟!
حاول التملص من اجابتي بالحقيقة ، و بذات الوقت كان بحاجة لمن يفضي إليه بمخاوفه، فكان سؤالي شفاءاً له من نيران قلقه.
ناولني الورقة و طلب مني أن امسكها بكلتا يدي، و أضعها على صدري بحيث تظهر الكتابة من الأمام ، و طلب مني إعطائه موبايلي ليصورني بتلك الوضعية كما في الصورة أدناه ، امتثلتُ لطلبه بلا جدال، و كان له ما أراد طمعاً مني في الحصول على الجواب .
بعد ذلك و على التقسيط المريح، حكى لي خبر شقيقي عماد و خبر الورقة ، و أكد لي أن إصابته خفيفة و هي مجرد خدوش و رضوض و الحمد لله، و كان يجب أن يكون قد تخرج من المشفى منذ ساعات، و يُفترض أنه وصل إلى بيته بجدة، و من عجزه عن الوصول إليه بالمكالمات الهاتفية العادية الصوتية، و لأن صوته بُحَّ من كثرة ما غنى له - عبر رسائله "النصية" كتابةً - مع مطرب حلب صبري مدلل (ابعتلي جواب و طمني) و عماد لا يرد و يتدلل ، و لعدم اطمئنانه لهذا السكوت الطويل المريب، نفد صبره وكتب له تلك الرسالة المبتكرة بالخط العريض، و صورها بموبايله و أرسلها له قبل وصولي بقليل ، ثم قال لي : صورني أنا مثلما صورتك بموبايلك، و لنرسل لشقيقنا عماد بالصور، لعله يحنّ علينا و يتفضل بالجواب.
فعلت مثل ما قال، و قلت له : لقد ظننتك تستجدي رضا أحد الزبائن المدللين مثل بقية البائعين، ألا يقولون للزبون الغالي : ردّ علينا و خذ الغلّة* ؟
ضحك في غمرة قلقه الغائم ، و قال مبتسماً : و هل يوجد عندي أغلى من أخي عماد و من جميع أهلي ، و من غيركم يستحق كل هذا الدلال ؟!.
و الحمد لله لم يطُل دلال عماد علينا في تلك السهرة بعد وصول صورنا إليه، و نفعت حيلة صلاح في إصلاح حال ثلاثتنا ، فقد اتصل عماد بنا بعد لحظات، و طمننا على وصوله بالسلامة و بالشفاء التام إلى منزله في جدة، و ضحك معنا كثيراً و أزال كل مخاوفنا في الحال...
في ذلك اليوم أدركت المعنى الحقيقي لقول العامة - و الباعة على وجه الخصوص - في مدينة حلب : ( ردّ علينا و خود الغلّة خيّو)، فالأهل – و قلة من الناس - و الوطن يستحقون كل الغلّة و تحويشة العمر، و يُبذل الدم رخيصاً في سبيل رفاههم و سلامتهم ، و على النقيض منهم و للأسف الشديد، بعض الناس لا يستحق قشرة بصلة تتقاذفها الرياح.

*جهاد الدين رمضان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الغلّة : المال النقدي المتوفر في صندوق (خزنة) المحل، و خيّو : اخي في لهجة حلب و الجملة من الموروث الشعبي الشفوي ، و النص من وحي مذكراتي ، و الصورة المرفقة هي المقصودة في متن النص .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...