⏬ ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها راضي بن الأمين بن صالح صدقة الصباحي (رتسون بن بنيميم بن شلح تسدكه هصفري،١٩٢٢-١٩٩٠. أبرز حكيم في الطائفة السامرية في القرن العشرين، محيي الثقافة والأدب السامري الحديث، متقن لتلاوة
التوراة، متمكّن من العبرية الحديثة، العربية، العبرية القديمة والآرامية السامرية، جامع لتقاليد قديمة، مرتّل، شيخ صلاة (זקן תפלה/סלותה)، شمّاس، قاصّ بارع، أديب أصدر قرابة الثلاثين كتابًا، وهي بمثابة مصدر لكتّاب ونسّاخ معاصرين، شاعر نظم حوالي ٨٠٠ قصيدة وأُنشودة (שירים ושירות)، وباحثون كثيرون تعلّموا منه عن التقليد الإسرائيلي السامري. كان السامري الوحيد الذي سمّاه سيّد الباحثين في الدراسات السامرية المعاصرة، زئيڤ بن حاييم باسم (١٩٠٧-٢٠١٣): معلّمي ومرشدي (מורי ורבי) بالع
وصل الكاهن الأكبر توفيق بيتَ المتوفَّى بعد أن أنهى صلاة المساء في منزله. من كان يفكّر ألّا يصلّي كل صباح ومساء؟ وبعد دخوله البيتَ جاء الكهنة ووقف كل الحضور إلى أن جلس الكاهن الأكبر في مكانه. فتح الجميع التوراوات التي بأيديهم للشروع بالقراءة، إلّا أنّ الكاهن الأكبر فكّر بشيء آخرَ. رفع كفّ يده اليمنى وللتوّ خيّم الهدوء على جميع أركان الغرفة الرحبة.
رمقَنا جميعًا بنظرة صارمة فأحنينا رؤوسنا بخجل شديد وخِزي، لم ينبس أحد ببنت شفة. عندها أشار الكاهن توفيق بإصبع نحو الكهنة قائلا: أنت يا أبا الحسن تقرأ سفر التكوين، وأنت يا إبراهيم تقرأ سفر الخروج وأنا أقرأ سفر اللاويين وأنت يا ناجي تقرأ سفر العدد والكاهن صدقة بن إسحق يقرأ سفر تثنية الاشتراع، لقد فقدنا اليوم رجلًا جليلًا، والكلّ مطالب بالإصغاء للقراءة جيّدا.
لا أحدَ فكّر في غير ذلك. نعم يا حبيبي، جلسنا طوال الليلة في مرمى عيني الكاهن الأكبر توفيق الثاقبتين. لكن صدّقني لم نشعر بالضجر والملل ولو للحظة واحدة. قرأ الكهنة التوراة الواحد تلو الآخر. وعندما انتهى الكاهن أبو الحسن من قراءة سفر التكوين، بدأ الكاهن إبراهيم بتلاوة سفر الخروج. لو لم يكن الميّت مسجىً أمام أعيننا لكان من الممكن قطعًا القول إن الاستماع لتلاوة الكهنة كان من ألذّ وأعظم المتع في حياتي.
صوت رخيم متسلسل
استهلّ الكاهن أبو الحسن بصوته الرخيم والعذب جدّا، سُمعت كلّ كلمة. وعند وصوله لقصص يوسف أجهشنا بالبكاء. ثم تلاه الكاهن إبراهيم فتلا سفر الخروج ويا لها من تلاوة، إنّها تنغيم بصوته الثريّ لحدّ بعيد، الجهوري والقويّ، فلامس شغاف قلوبنا جميعًا. بعده قرأ الكاهن الأكبر سفر اللاويين الذي لا أحدَ منّا يرغب في تلاوته. ولكن عندما يقرأه الكاهن توفيق يصبح هذا السفر المملّ أكثر الأسفار إمتاعًا. ثم قرأ شقيقه الكاهن ناجي بتمهّل سفر العدد وختم القراءة بسفر التثنية الكاهن الشاب صدقة بصوت آمر صارم كلّه سيطرة، ومنذ ذلك الحين قد عُرف بذلك.
انتهت القراءة قُبيل الصباح ونحن لم نشعر كيف مرّت الساعات الواحدة تلو أختها. ربّما ساهم في ذلك أكثر من الآخرين الكاهن إبراهيم بن خضر بقراءته الرائعة جدّا التي بها بدّد قسمًا كبيرًا من الحزن والأسى على موت عبد الله الدنفي، لدرجة أنّ الجميع سار في موكب الجنازة بشعور أخفّ من الأسى والحزن. هذا مثال على ما بوسع قراءة الكاهن إبراهيم للتوراة أن تفعل. هكذا حصل في أوقات الحزن والحِداد حول رأس المتوفى، أباستطاعتك أن تتخيّل إنشاد وتنغيم الكاهن إبراهيم في مناسبات الفرح؟ في أيام العيد؟ رحمه الله وظلل على روحه الطاهرة“.
جامعة هلسنكي
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها راضي بن الأمين بن صالح صدقة الصباحي (رتسون بن بنيميم بن شلح تسدكه هصفري،١٩٢٢-١٩٩٠. أبرز حكيم في الطائفة السامرية في القرن العشرين، محيي الثقافة والأدب السامري الحديث، متقن لتلاوة
التوراة، متمكّن من العبرية الحديثة، العربية، العبرية القديمة والآرامية السامرية، جامع لتقاليد قديمة، مرتّل، شيخ صلاة (זקן תפלה/סלותה)، شمّاس، قاصّ بارع، أديب أصدر قرابة الثلاثين كتابًا، وهي بمثابة مصدر لكتّاب ونسّاخ معاصرين، شاعر نظم حوالي ٨٠٠ قصيدة وأُنشودة (שירים ושירות)، وباحثون كثيرون تعلّموا منه عن التقليد الإسرائيلي السامري. كان السامري الوحيد الذي سمّاه سيّد الباحثين في الدراسات السامرية المعاصرة، زئيڤ بن حاييم باسم (١٩٠٧-٢٠١٣): معلّمي ومرشدي (מורי ורבי) بالع
وصل الكاهن الأكبر توفيق بيتَ المتوفَّى بعد أن أنهى صلاة المساء في منزله. من كان يفكّر ألّا يصلّي كل صباح ومساء؟ وبعد دخوله البيتَ جاء الكهنة ووقف كل الحضور إلى أن جلس الكاهن الأكبر في مكانه. فتح الجميع التوراوات التي بأيديهم للشروع بالقراءة، إلّا أنّ الكاهن الأكبر فكّر بشيء آخرَ. رفع كفّ يده اليمنى وللتوّ خيّم الهدوء على جميع أركان الغرفة الرحبة.
رمقَنا جميعًا بنظرة صارمة فأحنينا رؤوسنا بخجل شديد وخِزي، لم ينبس أحد ببنت شفة. عندها أشار الكاهن توفيق بإصبع نحو الكهنة قائلا: أنت يا أبا الحسن تقرأ سفر التكوين، وأنت يا إبراهيم تقرأ سفر الخروج وأنا أقرأ سفر اللاويين وأنت يا ناجي تقرأ سفر العدد والكاهن صدقة بن إسحق يقرأ سفر تثنية الاشتراع، لقد فقدنا اليوم رجلًا جليلًا، والكلّ مطالب بالإصغاء للقراءة جيّدا.
لا أحدَ فكّر في غير ذلك. نعم يا حبيبي، جلسنا طوال الليلة في مرمى عيني الكاهن الأكبر توفيق الثاقبتين. لكن صدّقني لم نشعر بالضجر والملل ولو للحظة واحدة. قرأ الكهنة التوراة الواحد تلو الآخر. وعندما انتهى الكاهن أبو الحسن من قراءة سفر التكوين، بدأ الكاهن إبراهيم بتلاوة سفر الخروج. لو لم يكن الميّت مسجىً أمام أعيننا لكان من الممكن قطعًا القول إن الاستماع لتلاوة الكهنة كان من ألذّ وأعظم المتع في حياتي.
صوت رخيم متسلسل
استهلّ الكاهن أبو الحسن بصوته الرخيم والعذب جدّا، سُمعت كلّ كلمة. وعند وصوله لقصص يوسف أجهشنا بالبكاء. ثم تلاه الكاهن إبراهيم فتلا سفر الخروج ويا لها من تلاوة، إنّها تنغيم بصوته الثريّ لحدّ بعيد، الجهوري والقويّ، فلامس شغاف قلوبنا جميعًا. بعده قرأ الكاهن الأكبر سفر اللاويين الذي لا أحدَ منّا يرغب في تلاوته. ولكن عندما يقرأه الكاهن توفيق يصبح هذا السفر المملّ أكثر الأسفار إمتاعًا. ثم قرأ شقيقه الكاهن ناجي بتمهّل سفر العدد وختم القراءة بسفر التثنية الكاهن الشاب صدقة بصوت آمر صارم كلّه سيطرة، ومنذ ذلك الحين قد عُرف بذلك.
انتهت القراءة قُبيل الصباح ونحن لم نشعر كيف مرّت الساعات الواحدة تلو أختها. ربّما ساهم في ذلك أكثر من الآخرين الكاهن إبراهيم بن خضر بقراءته الرائعة جدّا التي بها بدّد قسمًا كبيرًا من الحزن والأسى على موت عبد الله الدنفي، لدرجة أنّ الجميع سار في موكب الجنازة بشعور أخفّ من الأسى والحزن. هذا مثال على ما بوسع قراءة الكاهن إبراهيم للتوراة أن تفعل. هكذا حصل في أوقات الحزن والحِداد حول رأس المتوفى، أباستطاعتك أن تتخيّل إنشاد وتنغيم الكاهن إبراهيم في مناسبات الفرح؟ في أيام العيد؟ رحمه الله وظلل على روحه الطاهرة“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق