اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة نقدية في القصة القصيرة " المبتور " للأستاذ : علي خالد ...**بقلم حنان بدران

المبتور
كنت كالتائه في المدى ، كالكفيف أو كالمحموم ، حين ارتطم جسدي تلك الليلة بالجدار .
لم أكن قد أخلدت للنوم بعد ، استلقيت هناك ، على السرير ، أحاول أن أجد لي مهربا من ضجيج أقلق راحتي في بعض أسطر من كتاب قديم لا أذكر تحديدا متى اقتنيته، كتاب قديم جدا لعله يعود إلى سنوات مضت كان الناس فيها مولعين بالكتب ولعهم اليوم بمواقع الإجتماع .كنت قد أهملته دهرا وانشغلت عنه بالدنيا وانخرطت في الزحام مع المنخرطين أطوي المسافة ويلفني الدهر.

لم يكن رواية كسائر الروايات تنتهي بأنتصار وانكسار وتتصارع فيها القوى بين رغبة ورهبة .ولا هو بالقصة تتأزم أحداثها ثم تنفرج لتخلص في النهاية إلى مٱل وعبرة . كان أشبه بالرسائل واليوميات. صفحات مشوشة في غير ترتيب يخاطبك فيها الراوي ، كمن يكلم نفسه. يستفزك وهو يحدثك عن لوحات ومشاهد كثيرة .ويسافر بك بين اللوحة واللوحة بعيدا في كيانك ، في أعمق أعماقك .

يقول الراوي إنه لا يعلم عن كاتبه الحقيقي شيئا. كل ما يعلمه أنه عثر عليه في حقيبة جندي مجهول في صندوق قديم من مخلفات الحرب العالمية الثانية . لا أحد يعلم جنسيته الحقيقية . لكنه كتب بعربية سامقة مثقلة بالاستعارة والكناية والمجاز . بدت صفحاته لي وكأن صاحبها من أولئك المجندين قسرا من شباب المستعمرات في الحرب العالمية ."حرب لا ناقة لي فيها ولا جمل" كما يقول في إحدى يومياته " أحارب جنبا إلى جنب مع عدوي...وأقاتل جيوشا ليس بيني وبينها عداوة في حقيقة الأمر..كنا كمن يصنع أمجاد غيره ". ويحدثك عن الحقول والبساتين والزياتين الفيحاء فكأنما هو بعض طفولتك بين السهول و السباسب ومروج القمح .ثم يعرج بك على الصحاري والواحات فكأنما هو منها يسعى كالماء بين الجداول والنخيل . ويبهرك شوقه إلى غابات الصفصاف والفلين فكأنما ربى فيها ويعيد عليك أغاني الرعاة و تهليم الإبل فكأنما له بأهل الجنوب نسب وصهر .وهو إلى ذلك يسكرك بحنين جارف ولوعة المغترب المشتاق إلى الأهل والديار كالفطيم فيترنم بنتف من أشعار أبي تمام وأبي فراس ومالك بن ربيب وابن الرومي وغيرهم كثير ...ثم فجأة ، يسافر به الحنين إلى "فاطمة" ، فتاته التي هام بها وانتزعته الحرب منها . فإذا هي حلم لذيذ يراوده بالعودة إليها واحتضانها . ويجزم دائما أنها على العهد في انتظاره هناك ، على شفير الوادي حيث تعود أن يلقاها .
أسماء غريبة تطالعك بين الصفحة والأخرى، أسماء جنود من دول مختلفة و شذرات من حياة لهم هناك في أوطانهم تنتظرهم . قصص لم تنته . مسارات بين العدم والوجود ،ٱمال وآلام وكوابيس وأحلام .
يشدك إليه وهو يصف بؤس الفلاحين الذين مر بهم في القرى و يصور لك لهفة الأطفال والنساء والشيوخ للحصول على علب السردين وقطع الجبن المجفف وأكياس الأرز والدقيق التي تمدهم بها منظمات الإغاثة الدولية أو تجود بها عليهم فيالق الجنود مقابل استعمالهم دروعا بشرية لاتقاء غارة مفاجئة من العدو .وكم كان المشهد مفزعا وهو يصور مشهدا لغارة مفاجئة ؛أشلاء ودماء ، رؤوس تطير في الفضاء وجثث بشرية متفحمة ودموع النساء و فزع الأطفال و حرقة السؤال يتردد في الأرجاء ، خراب و دمار ودوار .
ويعود بك إلى "فاطمة" وعيونها العسلية وأمه وحضنها الدافئ وأبيه و إخوته وهم يتوزعون تحت أشجار الزيتون يجمعون الحبات وقد تشققت أناملهم وأرجلهم من صقيع ديسمبر، وحين استوت الحبات زيتا في الجرار ، تأتي محلة الباي وجند فرنسا ومن والأهم فيغنمون نصفها أو يزيد أمام أعين دامعة ونفوس منكسرة وأرجل حافية وأكف دامية .
يقول الراوي إن تلك السرية التي انتمى اليها ذلك الجندي المجهول قد أبيدت ذات ليلة على بكرة أبيها اثر غارة جوية مباغتة . لم ينج منها الا أفراد قلائل كلهم من دول المستعمرات. جمعوا، ولما تضع الحرب أوزارها ، في مركز لرعاية كبار المحاربين في مصحة على هضبة في ضواحي باريس . ثم قضى بعضهم نحبه . ولا زالت تنتاب البعض الٱخر حالات من الهستيريا والكوابيس . ويذكر أن جميعهم لازال يهذي في فزع من ويلات الحرب و فضاعة ما شهدت عيناه ، إلا واحدا فقط . كان صامتا طوال اليوم فاذا هبت ريح جنوبية انبرى يردد اغنيته الوحيدة " جبل فاطمة " بصوت جبلي فيه شجن عظيم تنفطر له القلوب :
"ما ابعد جبل فاطمة عل جبلنا ****رانا ذبلنا
قولوا لجبل فاطمة***يقابل جبلنا ".
ثم إذا ما امتلأ منها تلقمه الممرضة جرعة المخدر فيصعد إلى السماء .
كان نصف مجنون حين وضعت الحرب أوزارها . هكذا قال الراوي . اقترحوا عليه أن يعود إلى وطنه لكنه رفض.
رفض أن يعود إلى أرضه و قريته البائسة بقدمين مبتورتين عوضوهما له في المستشفى بأخريين من البلاستيك لا دماء فيهما وذراع اصطناعية بديلة جامدة . وتمسك بالرفض أكثر، حين علم من رفيق سلاح لم تنل منه الحرب أن فاطمة قد زفت لغيره . فطلب منه أن يشيع في القرية أن قد مات في المصحة بعد الحرب .
في الضفة الأخرى من المتوسط ، ظل والده يستقبل كل شهر جراية من صندوق قدماء المحاربين هي ربع ما خصصته له وزارة الدفاع الفرنسية . أما نصفها الآخر فظل يدفع للمصحة لقاء العناية بمستلزماته، وأما ربعها الأخير فظل يتقاضاه زوج فاطمة مناصفة مع ساعي البريد دون أن تعلم ، وقد اتفق معه على تدليس امضائها. كذلك كان أمر الجراية إلى ذلك أن انقطع صوته عن ترديد اسمها في تلك المصحة الباريسية البعيدة .
زياره
أتيت على الكتاب في ليلة واحدة .التهمته التهاما . كم كانت معبرة تلك الصورة التي رسمها الجندي نصف المجنون في ٱخر صفحة من الكتاب ؛ جسد بشري مقطوع الرأس ترفعه إلى السماء العشرات من بالونات الهواء وتشده إلى صخرة في طين الأرض حبال شداد . معلق هو بين السماء والأرض. لاهو بالميت ولا هو بالحي . فلا هو في الأرض ولا هو في السماء .
كان ارتطامي بالجدار مدويا وأنا أبحث عن الباب حين انقطع التيار . ورأيت ، أو هكذا خيل إلي ، الجندي نصف المجنون يجلس على الطرف الٱخر من السرير، شاهرا ذراعه اليسرى الاصطناعية في سخرية واستهزاء ومقدما براحة يده اليمنى رأسه مقطوعة وقد نبتت من جانبيه جناحان كبيران .
حين أفقت من ذهولي كانت خيوط الشمس تتسرب باحتشام من النافذة ويدي لا زالت تمسك بدفتي الكتاب . تصفحته مجددا فإذا نصفه الثاني أوراق بيضاء . وإذا في أعلى الصفحة البيضاء الأولى ثلاث جمل فقط كتبت بخط عربي جميل :
" لا تكن أبدا كالريشة في مهب الريح ...
إذا ضاعت قبلتك، فابحث لنفسك عن طريق أخرى غير التي عرفت ...
ومتى عرفت عدوك عرفت طريقك ...."
علي خالد

و الأقصوصة :
_______
هي نوع أدبي عبارة عن سرد حكائي نثري أقصر من الرواية، وتهدف إلى تقديم حدث وحيد غالبا ضمن مدة زمنية قصيرة ومكان محدود غالبا لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة، لا بد لسرد الحدث في القصة القصيرة ان يكون متحدا ومنسجما دون تشتيت.
العنوان
_______
والمبتور :مقطوع منه محذوف منه،ما يجعله ناقصا،وبتر الشيء هو قطعه مستأصلا.
ومن ثورة مبتور على واقع مرير معاش قرر أن ينتفض في عالمه البطولي الثائر كانت مذكراته اليومية لنا وغير السرية ومعا إلى درب كلمات الرواية .
ومن المبتور لغة الى المبتور مجازا ...
حيث بتر من أهله وعائلته ووطنه،وحبيبته.
توطئة
_______
النص بالكامل صاغه لنا الكاتب على طريقة فلاش باك، وكأنه يلتقط لنا لقطات ومشاهد ليعود بنا إلى لقطة أخرى بأبعد مكان وبقعة مختلفة تماما .
ومن واقع ملموس إلى واقع غير ملموس، إلى أن بدأ الكاتب يتحدث عن رواية من جانب الكاتب تحكي مشاهد برع فيها الكاتب في السرد لينقل لك الأحاسيس والمشاعر التي كانت تعتري الجندي،وكما وبرع في الأنتقال من مشهدية إلى أخرى .
لنكتشف بالنهاية أن الرواية لم تكن رواية وإنما كانت رسائل يومية لشاب مجهول الهوية وهو جنديا في الحرب العالمية الثانية .
ليروي لنا بمذكراته عن الحرب التي خاضها دون إرادة منه.
كما اعتمد الكاتب تقنية تعدد الاصوات في القصة القصيرة وهو ما يعرف ب
البوليفونية:هي سمة من سمات السرد القصصي ونوع أدبي للرواية الحديثة الذي يفسر الواقع من عدة وجهات نظر متراكبة في آن واحد، ولا تعتمد فحسب على وجهة نظر وحيدة. ويصبح الواقع بداخلها أمرًا معقدًا للغاية، ولا يحاول فقط إعادة إنتاجها ولكنه يهدف إلى استبدالها داخل محيطها الأدبي، حيث تطيل السرد أكثر مما هو معتاد وتصبح القصة كأنها عملًا كونيًا. وهو نوعًا أدبيًا يقال إنه سيحدث تأثيرًا كبيرًا في وقت لاحق على الأعمال الروائية الأوروبية، من خلال تناول ما تم تسميته بالكتابة غير المشروطة والتي تمكن الفنان من إظهار كل ما هو تراجيدي غنائي خرافي كوميدي نثري أو شعري حتى وإن وكان فلسفي أسطوري بحت . في قصتنا متعددة الأصوات و تتداخل الأحداث المختلفة حتى تصل إلى مستوى من التعقيد وتندمج مع الحقيقة ذاتها، متجاوزة بما في ذلك أنماط الواقع المعاش في ذلك الزمن .
القصة القصيرة تحمل فنتازيا الواقع المعاش حين يهذي الإنسان بداخلنا ويصارع واقعه....
والفنتازيا ما هي إلا تناول الواقع الحياتي من رؤية غير مألوفة، مما يعني أن هنالك شكاً في عالم القصة إن كان ينتمي إلى الواقع أم يرفضه، وفي نفس الوقت هو معالجة إبداعية خارجة عن المألوف للواقع المعاش، حيث تُعد الفانتازيا نوعا أدبباً يعتمد على السحر وغيره من الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الدرامية والفكرة الرئيسية.
وأخيرا البعد النفسي
إن أهم ما يميز. هذا النص هو التنويه إلى البعد النفسي الذي يعاني منه الجنود مابعد الحرب وما هي أهم نقطة في نفسية شاهدت الويلات والقتل والاشلاء المتناثرة تتطاير على مرآى منها ولربما كانت أحد هذه الأشلاء يده أو قدمه ...أو أي قطعة من جسده وهذا ما يسمي بالبعد النفسي لحالة الجندي ما بعد الحربى ب...

اضطراب الكرب التالي للصدمة أو اضطراب ما بعد الصدمة يسمى أحيانا اضطراب الكرب التالي للرضح (يرمز له اختصاراً PTSD من Posttraumaticstress disorder) هو نوع من أنواع المرض النفسي حسب النظام العالمي للتصنيف الطبي للأمراض والمشاكل المتعلقة بها. يسبق اضطراب ما بعد الصدمة استنادا إلى تعريف الاضطراب، حادثا واحدا أو عدة حوادث كارثية أو تهديدات إستثنائية. ليس من الضروري أن يكون التهديد هذا موجها إلى الشخص ذاته، بل يمكن أن يكون موجها إلى أشخاص آخرين (مثلا إذا كان الشخص شاهدا لحادث خطير أو عمل من أعمال العنف). تظهر الأعراض النفسية والجسدية لاضطراب ما بعد الصدمة عادة في غضون نصف عام بعد الحدث الصادم. يؤدي الحادث الصادم إلى اهتزاز فهم الشخص لذاته والعالم من حوله وإلى تشكل أحاسيس العجز لديه.

قراءة انطباعية بعمق النص
_____________________
أولا أبدا بتفصيل القصة
** فهي تحكي عن مشاهد فبدايتها يتكلم الكاتب هو الراوي الأول أو الصوت الأول الذي يحدثنا أنه كان في حالة أرق أفقدته النوم بعد أن قرأ عدة أسطر من كتاب قديم فالأسطر لم تكن لرواية بل كانت أشبه باليوميات لجندي خط مذكراته في زمن الحرب وكان الراوي الثاني أو الصوت الثاني فيها هو بطل القصة .

**المشهد الثاني
وفيها يظهر الجندي وهو بطل القصة وهو الراوي الأساسي للقصة.
وهو يبدأ بالحديث لنا عن دخوله الحرب العالمية حيث لا علاقة له فيها لا من قريب ولا من بعيد ويحارب جيوش لا عداوة حقيقية بينهما .
فمن حواره،أظهر لنا أن أرضه اغتصبت من عدوه وأصبح فيها ذليل فهو لم يكتفي أنه يخدم المغتصب لا بل عليه أن يحميها وويذود بروحه للدفاع عنه.

فكأن الكاتب أخذنا عالق النص بالكامل بين الدال والمدلول فيه لنعلق بين الصوت والحقيقة من المعنى لقرب الصوت من الحقيقة والصوت من الوجود والصوت من المعنى .
ليأخذنا بقراءة تفكيكية للنص ليتيح لنا تجديد القول أي لتقرأ مالم يقرأه المؤلف .

** أردت أن أقول لو سألني أستاذ خالد عن النص لقلت أول ما يجعلني بحيرة هو أن أجعل الأسم (المبتور ) أرتطام
لأني ارتطمت بنص باذخ بالفكرة أولا
ارتطمت بالواقع والروح والقلب وبالأرض
ولأني ارتطمت وأنا أحلق في سماء النص بالكامل بذلك الجدار ليشعل داخلي (الحنين الحزين ،البكاء الطويل ،يكمم أفواهنا ونحن نقرأ غربة الروح ،الجسد ، الفكر ،الواقع،الأوطان) وأقفل القوس ...
من قال انه ليس أرتطام ؟؟؟
حين يحلق رأسي كطائر الحزن أمامي غريبا ومغتربا عني....
من قال أنه ليس أرتطام وأنا أجد مغتصبي يشاركني تعبي وجهدي ويقتسم معي لقمة عيشي ،ويدعي أنه يطبب جراحي ....
من قال أنه ليس أرتطام وأنا أقرأ واقعي الأن. رغم أشعار ابو تمام ووووو
من قال إن هروبنا من واقعنا بدل أن يكون للأمام يكون دائما إلى الخلف لنبدأ بالرجوع بالأستسلام بالخنوع
من قال أننا لا نرتطم بجدار الجهل. التخلف ،الخنوع، على أطراف الحكاية الوطن الغارق بالحرب وسط الأشلاء والدمار والذي يدفع الثمن الوحيد هنا هو الإنسان .
أليس الأستقرار الخانع الجبان هو ضياع إنساني مروع فينا ؟
والتشرد ما هو إلا تشرد عن الذات ...بقدر ما هو رحلة البحث عنها ؟
ويكون الغد يحكمنا أكثر مما نحكمه ويملكنا أكثر مما نملكه والمفاجآت تحكم كل توقعاتنا ...
أنه كالسجين الذي يحسن قرع الجدران ربما كل كلماته كانت بوحا لقيده بأسرار الحياة والموت التي تمتلكنا والتي لا يزال يعرفها لأنه هو الكائن الممدود كالجسر بين الحياة والموت ،القابع في وسط عالم مجهول وهو يبحث عن كنهه في داخله،فأصبح كالسجين يحاكي أسره ،وهو يكتب ويحمل قلمه وهو يدرك أنه مهزوم وأن الصمت لا يجدي ولكنه صامت ،فالمساحة بين الثرثرة والصمت لا تجدي نفعا وخلقت فجوة الأستغلال والطمع حتى من أقرب الناس إليك حين أن. السؤال فيما الصمت وفيما الكلام سيولد عندك أحساس كوني قلق ومضطرب،وهو يدرك أنه في ضياع نفسي وعاجز عن اتمامها ، إنه العجز الذي يواجهنا فنرتطم بحقيقة أن الموت او العجز أدركنا وبترنا وهو يلوح لنا بيده الصناعية وتشعر بالرعب دون أن تطلق صرخة أحتجاج واحدة،وتحار لماذا علي الرجوع وهل الرجوع كلام أم فعل إرادة وما فائدة الرجوع ونحن نترك أنفسنا كأفراد وكأمه تتمدد. بصمت في قبورنا ونترك الشواهد صامته بلا أسماء أو كلمات أو حتى نسطر عليها الآلاف الكلمات قبل أن نسقط.
مثل لقاء عابر سبيل فوق ظل لآخر برهة لا يلتقيان بعدها أبدا لم ننسى ونحن نركض في هذا العالم المترامي كمشرحة كبيرة ،نركض طويلا لنصدم أن لا مكان يتسعك فتختار التحليق ...
أنها سطوة القوي على الضعيف أنه الفجر الحزين الذي يصرعك كل صباح ويسقط كفأس على عنقك، وأنت تبحث عن الأحباء فلا تجدهم ، ثم تتذكر أنك لم يكن لك عنوانا بالحرب التي تشارك فيها وأنت
كالفرس البرية لا يد هنا تحنو سوى الرصاصة ككبسولة تحتويك،وضع اللجام والسرج وبقية القيود وأنت تختم برقم كالمواشي على جلدك لتمضي قدما إلى الأمام أنها المساحة الوحيده التي تمضي فيها إلى الأمام والتي مسموح فيها أن تمضي إلى الأمام فقط لأنها تمارس التفكير فيها. مكيف بالذل ومحاط بمخاطر العار إذا لم تنجح بمهمتك لتخدم مصالحهم الخاصة أليس هذا استعمار ؟؟؟
ماذا تفعل بوطن يملك الأرض ولا يملك حق زراعة القمح ليصنع رغيفه ؟؟؟؟
ما نفع البيت والسقف وأنت محكوم بعدم الأستقرار؟
ما نفع الحقائب الضائعه وأن وجدت مكانا
ما نفع أوراقك الطائرة وإن صار لها منضدة ؟
ما نفع رأسي المستعبد وإن صار لي وسادة ؟
ما نفع قدمي وأنا اسير بأرضي وأنا أتعاطى العيش والحركة ولأننا نتحرك كثيرا سوف نخطىء كثيرا وأي خطأ غير مسموح.
السحب حين نصرعها تولي هاربة ولا نعرف هل بتنا
غرباء عن بعضنا البعض أنها الغربة المقبله والغربة التي تصدم فيها بسقف وجدار ونوافذ وأنت داخلها وهي تطبق عليك كأنك بغواصة أو كبسولات الفضاء تشعر بالخوف وأنت داخلها كأنك ماضي إلى كوكب لن تصل إليه أبدا .
وأثر الحرب التي تعيشها وأنت تنظر إلى أشلاءك أمامك وأشلاء أصدقائك وأشلاء أخرى تعرفها ولا تعرفها ، إن التشاؤم والتفكير... أنها السخرية واكذوبة الصراع وكل ما حولك يتهاوى بالموت وهو يفرد أجنحته الحنونه ليقتنصك بأي ثانية قبل أن تستطيع أن تلتقط أنفاسك فيه !.
فكيف سيكون حالك وأنت بالسلم ؟؟؟

**المضحك المبكي بالنص كفكرة أشمل عند انتقالنا من الحرب إلى السلم تكون كمن انتقل من الحرب إلى الحرب أرفع عنك كل الجلود التي تتراكم فوق عظامك لترى الجرح عاريا هناك ساكن فيك وهو كاللغم .
نحن ننتقل من الحرب إلى الحرب في حين يخيل إليك أن حرب المتقاتلين أنتهت فأن حرب النفسية والكلمة الحقيقية بدأت ..
تصارع مناخ فاحت منه رائحة البارود عاثت فيه العوالق حتى ابتدأت حربنا ضد الوهم والتوهم لتبدأ
(حربنا نتأمل ثيابنا الممزقة بالبارود والمطر يتسرب من الشقوق التي خلفتها الحرب ونحن نحلم برغيف لا بالموعظة .
*وتبدأ حربنا لربما ضد وجوه حولت زيتوننا واخشاب سرير عرسنا إلى توابيت لنا .
أنها الحرب المستمرة مع وقف التنفيذ التي تأخذنا بين الصمت والثرثرة نعلن فيها الأحتضار بالولادة الذي يجب علينا أن نواجهه ؟

**أدوار رسمت بعناية لنؤديها على مسرح الحياة،نمثل على مدرج هذا الوطن المسكين ،هذا المجتمع الملوث بألف فتيل من المتفجرات ..
عندما يهرب الأنسان من نفسه يكون بمثابة إعلان عن سقوط ما بداخله، وما كان القرار فيه عبثيا،بل كان نذر نفس تداعت فانهارت نفسيا والرجل بطبعه منجم عطاء ويصلح لكل الأدوار حين يشعر أنه بات عاجزا ينصاع لفكرة الموت أو العزلة أو الأقصاء .
فكان البتر قمعنا للحب بدل أن يكون جامعا له،وفي حالة العجز يزداد يقينه أن المرأة التي أحبها قد تزوجت ورحلت لغيره إذا نحن عدنا إلى ذلك الشاب الشرقي،ذلك العملاق الممزق من الداخل،الذي أصبح يعيش فترة تناقض مع ذاته؟

*وأمام مواجهة مع الذات شعر أنها أخلاقية الذات بمواجهة الذات والهرب من المسؤولية التي فرضت عليه بعد أن أصبح مستلسما للبتر وبعد أن أصبحت الحياة مليئة بالأوجاع وبات مستسلما لعفوية أعماقه أستسلام طاحونة الهواء للريح.
وكان النفي بالقرار من وجوده وإعلان وفاته. فهو مبتور من جسده المبتور من حبه والمبتور من وطنه الذي عاش فيه حلما ولم يستطع أن يعيش فيه لحظة مبتور الأرادة ولن يعود إنسانا سويا فكانت تحديات التكيف مع وضعه هي المفارقة.

** فاتخذ موقف الدفاع عن النفس بالهروب هو الكبت نتيجة الحالة فأدى إلى الجبن وهو الرجل قبل أن يكون مدافعا عن شرف الأرض وشرف الأهل وشرف العطاء اللامحدود عنده وكأنه اكتشف أمام وضعه العاجز المبتور كان ارتطامه بالحقيقه المبتورة تبصم أن العطاء بلا كبرياء ليس كرما،لهذا كان القرار.
وبينما كان القرار وكان الأعلان بموته ،وكأنه سقط العملاق وهو واقفا شامخا.
في عطاءه وكأنه يقول لنا أن أهم ما في العطاء هو أن نعرف كيف نعطي
واختفاء القامة يكسب الهدية مدلولوها وأسلوب تقديمها .
وهاهي الرواية أنتهت ولكن ليست بأنتصار وليست بانكسار، وغاب البطل ولم يغيب هاهو يحلق بعيدا كحلم كان أثيريا عاد لا هو بالميت ولا هو بالحي يحمل بقايا ثقل جسده المبتور وفي جسده نعشه يحلق فيه في السماء مدويا بكل صمت .
ونقف....
فلاش باك
_________
ويعود بنا الكاتب بلقطة مدهشة فيها من الفنتازيا التي اختلطت بأرض الواقع بانقطاع التيار أنه
تنتهي الرواية ويستيقظ الكاتب متلبسا بثوب تلبسه بين الحلم ع ليرى الجندي يجلس قبالته على السرير،يحمل له بيده اليمنى رأسه المقطوعة وقد نبت له جناحان كبيران أنه التحليق بصمت ويشهر جناحيه ويحمل رأسه ليقول لنا الكاتب أنه بتر من وطنه ومن حبيبbته ومن أهله أطرافه
فأصبح بلا وطن ثابت له .
وهذا هو العملاق يسقط ظله واقفا شامخا وهو يحلق بالسماء.
وفلاش باك
__________
ومع ذهول خيوط الشمس تتسرب باحتشام لتقرع نافذة الراوي (الكاتب)...
ليعود وهو ما زال يمسك بيده الكتاب ينظر بدفتي الكتاب وفي صباح حزين أكتشف أن أوراق الكتاب كانت بيضاء ...؟
وبأشارة ماهرة وحاذقة من الكاتب إلى أن الجندي لم يسعفه القدر بأكمال روايته.
وفي رأس الصفحة كان مكتوبا (لا تكن أبداً كالريشة بمهب الريح ...إذا ضاعت قبلتك فإبحث. لنفسك عن طريق أخرى غير التي عرفت ...ومتى عرفت عدوك عرفت طريقك).
وهاهو الكاتب يعيد التوازن إلى الرواية وكانت رصاصةأمل لما تبتل بعرق الأنهزامية البارد وهي دعوة للتحدي والتصبر وعدم فقد الأمل والأستسلام
حتى لا نكون كالريشه بمهب الريح .
ونستسلم لحكم الأرتطام بالمبتور .
____________________
تحياتي اقدمها إلى قلم فذ الكاتب ا.علي خالد نص جميل جدا جذبني لأقراه لكم للمرة الثانية ويكفيني شرفا أني من الاوائل الذين أشاروا إلى هذا النص القصصي المميز .
كل الأمنيات بالتوفيق لك.

*بقلم حنان بدران

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...