القصيدة أساسا شكل أدبي مادّة التعبير فيه وأداته هي اللغة ، وشعراء الحداثة لا يميلون إلى استخدام الألفاظ والتراكيب على النحو الذي درج عليه شعراء العصر السابق ؛ فالقدامى كانوا يؤثرون الغريب من اللفظ والجزل والمتين والفصيح الذي يكاد عامـة الناس ومثقفوهم لا يسمعون به، أما شعراء الحداثة فقد مالوا إلى استخدام الألفاظ المألوفة لدى القراء على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم التعليمية والثقافية، وتجنّبوا قدر المستطاع اللفظ الغريب المهجور.
على أنهم لم يكتفوا باستعمال اللفظ المأنوس، لكنهم- فضلا عن ذلك تحرروا من سلطة المعجم القديم ، وباتوا أكثر جرأة في استخدام المجاز، والإستعارة، وتركيب التعبير من كلمتين غير مؤتلفتين أصلا على نحو تجتمع فيه الأضداد فتبدو منسجمة لا تناقض فيها ولا اختلاف.
إذن فاللغة كالتربة مهما تبلغ بها الخصوبة عرضة للتشقق وخصوبتها مهددة دائما باستغلال يمتص حيويتها فهي تحتاج إلى إنعاش متواصل حتى لا تصبح مجدبة عقيمة.
الشعر هو النبع الرئيس لصيانة اللغة وتجديدها . إذ ما من جيل يمكن أن يحس بالطريقة نفسها التي كان يحس بها من سبقوه ولا بد لكل جيل أن يستعمل الألفاظ استعمالا مغايرا . وتاريخ الشعر في صورة من صوره إنما هو تاريخ متعاقب لأدوار من ولادة ألفاظ الشعر ونضجها وفنائها . وهي تولد في ثورة ثم تمر بفترات تطورها واتساعها قبل أن تصير إلى الجمود.
والعلاقات بين مفردات اللغة تستمد نسقها الشعري الرائع من واقع الحياة اليومية وكذا من عمق الفكرة وتلميح الصورة وصدق الإحساس وذلك وحده ما يعين الشاعر على تقديم تجربة حية نابضة.
من هنا فالشاعر مطالب بأن يعطي شعرا ملتصقا بالحياة، يخدم أغراضها كفن جميل نافع. يسهم بتصوير آلام الناس وأحزانهم ومشكلاتهم ليوقظ الغافل من ضمائرهم، ويخلق فيهم الشوق إلى حياة لا تكون غريبة معها، كلمات من نوع حرية مساواة وعدل.
إذن فرؤية النقد الحديث ؛ تطالب بتبعية اللغة الشعرية للواقع المسحوق الذي تبقى أهميته كامنة في نوعية العلاقات بين مفردات النسق أو النظام . هذا يعني أن الشاعر العربي لم يعد في حاجة إلى استخدام المفردات الضاربة في القدم ليعبر عن فكرته، أو حتى ليؤكد تضلعه في اللغة ، بل أصبحت عناية الشاعر توجه بالدرجة الأولى إلى الفكرة في القصيدة وإلى المضمون .
فالحقيقة التي ينبغي إدراكها في النقد المعاصر أن المعايير الجمالية في النقد والمعايير الإيديولوجية متداخلة. وينبغي أن تكون متوازية في كل عمل نقدي . فلا نفرق
بين الشكل والمضمون في العمل الشعري.
إن للغة الشعر طبيعة خاصة تتجاوز اللفظ والمعنى وأن الشعر نفسه حياة خاصة لا تخلو من أسرار ولا تقوم بغير وهم».
إن اللغة في أصل وضعها رمز إلى العاطفة والفكر فهي كائنة بعدهما، ومهما بلغت دقتها فإنها لا تتجسم الأفكار والعواطف كما تنبت في النفس وتنمو فيها؛ يقول نعيمة : « ولم تعرف الإنسانية بعد في كل تاريخها من تيسر له أن يكسب كل فكره، أو يجسم كل عاطفته في كلام أو خطوط، أو ألوان أو ألحان، لذلك فهي أبدا تقرأ بين السطور، وما تقرأه بين السطور هو أفصح وأبلغ وأوسع وأعمق مما تقرؤه في السطور. وذاك لأنها تدرك بالفطرة أنه يستحيل على بشري كائنا من كان - شاعرا أم كاتبا، رساما أم نحاتا، مهندسا أم ملحنا- تأدية فكر أو عاطفة بكل ما فيها من تجعد وتلون».
وما ينسب إلى اللغة من عجز عن التعبير عن الإحاطة بالعالم وأسراره، لا يكمن في اللغة بحد ذاتها ، وإنما يكمن في غياب الإتسان الذي يستطيع أن يفرغ اللغة من لبها العتيق ويردها إلى براءتها الأولى ..
إن اللغة هي اللغة، لكنها تتجدد وتتنوع طرائق صياغتها وتتضاعف قدرتها على التعبير والإفصاح إذا أتيح لها شاعر واسع المعرفة بها ، دقيق الحسن بدلالاتها.
إن التطوّر ليس معناه أن تستباح
فالحقيقة التي ينبغي إدراكها في النقد المعاصر أن المعايير الجمالية في النقد والمعايير الإيديولوجية متداخلة. وينبغي أن تكون متوازية في كل عمل نقدي . فلا نفرق
بين الشكل والمضمون في العمل الشعري.
إن للغة الشعر طبيعة خاصة تتجاوز اللفظ والمعنى وأن الشعر نفسه حياة خاصة لا تخلو من أسرار ولا تقوم بغير وهم».
إن اللغة في أصل وضعها رمز إلى العاطفة والفكر فهي كائنة بعدهما، ومهما بلغت دقتها فإنها لا تتجسم الأفكار والعواطف كما تنبت في النفس وتنمو فيها؛ يقول نعيمة : « ولم تعرف الإنسانية بعد في كل تاريخها من تيسر له أن يكسب كل فكره، أو يجسم كل عاطفته في كلام أو خطوط، أو ألوان أو ألحان، لذلك فهي أبدا تقرأ بين السطور، وما تقرأه بين السطور هو أفصح وأبلغ وأوسع وأعمق مما تقرؤه في السطور. وذاك لأنها تدرك بالفطرة أنه يستحيل على بشري كائنا من كان - شاعرا أم كاتبا، رساما أم نحاتا، مهندسا أم ملحنا- تأدية فكر أو عاطفة بكل ما فيها من تجعد وتلون».
وما ينسب إلى اللغة من عجز عن التعبير عن الإحاطة بالعالم وأسراره، لا يكمن في اللغة بحد ذاتها ، وإنما يكمن في غياب الإتسان الذي يستطيع أن يفرغ اللغة من لبها العتيق ويردها إلى براءتها الأولى ..
على أنهم لم يكتفوا باستعمال اللفظ المأنوس، لكنهم- فضلا عن ذلك تحرروا من سلطة المعجم القديم ، وباتوا أكثر جرأة في استخدام المجاز، والإستعارة، وتركيب التعبير من كلمتين غير مؤتلفتين أصلا على نحو تجتمع فيه الأضداد فتبدو منسجمة لا تناقض فيها ولا اختلاف.
إذن فاللغة كالتربة مهما تبلغ بها الخصوبة عرضة للتشقق وخصوبتها مهددة دائما باستغلال يمتص حيويتها فهي تحتاج إلى إنعاش متواصل حتى لا تصبح مجدبة عقيمة.
الشعر هو النبع الرئيس لصيانة اللغة وتجديدها . إذ ما من جيل يمكن أن يحس بالطريقة نفسها التي كان يحس بها من سبقوه ولا بد لكل جيل أن يستعمل الألفاظ استعمالا مغايرا . وتاريخ الشعر في صورة من صوره إنما هو تاريخ متعاقب لأدوار من ولادة ألفاظ الشعر ونضجها وفنائها . وهي تولد في ثورة ثم تمر بفترات تطورها واتساعها قبل أن تصير إلى الجمود.
والعلاقات بين مفردات اللغة تستمد نسقها الشعري الرائع من واقع الحياة اليومية وكذا من عمق الفكرة وتلميح الصورة وصدق الإحساس وذلك وحده ما يعين الشاعر على تقديم تجربة حية نابضة.
من هنا فالشاعر مطالب بأن يعطي شعرا ملتصقا بالحياة، يخدم أغراضها كفن جميل نافع. يسهم بتصوير آلام الناس وأحزانهم ومشكلاتهم ليوقظ الغافل من ضمائرهم، ويخلق فيهم الشوق إلى حياة لا تكون غريبة معها، كلمات من نوع حرية مساواة وعدل.
إذن فرؤية النقد الحديث ؛ تطالب بتبعية اللغة الشعرية للواقع المسحوق الذي تبقى أهميته كامنة في نوعية العلاقات بين مفردات النسق أو النظام . هذا يعني أن الشاعر العربي لم يعد في حاجة إلى استخدام المفردات الضاربة في القدم ليعبر عن فكرته، أو حتى ليؤكد تضلعه في اللغة ، بل أصبحت عناية الشاعر توجه بالدرجة الأولى إلى الفكرة في القصيدة وإلى المضمون .
فالحقيقة التي ينبغي إدراكها في النقد المعاصر أن المعايير الجمالية في النقد والمعايير الإيديولوجية متداخلة. وينبغي أن تكون متوازية في كل عمل نقدي . فلا نفرق
بين الشكل والمضمون في العمل الشعري.
إن للغة الشعر طبيعة خاصة تتجاوز اللفظ والمعنى وأن الشعر نفسه حياة خاصة لا تخلو من أسرار ولا تقوم بغير وهم».
إن اللغة في أصل وضعها رمز إلى العاطفة والفكر فهي كائنة بعدهما، ومهما بلغت دقتها فإنها لا تتجسم الأفكار والعواطف كما تنبت في النفس وتنمو فيها؛ يقول نعيمة : « ولم تعرف الإنسانية بعد في كل تاريخها من تيسر له أن يكسب كل فكره، أو يجسم كل عاطفته في كلام أو خطوط، أو ألوان أو ألحان، لذلك فهي أبدا تقرأ بين السطور، وما تقرأه بين السطور هو أفصح وأبلغ وأوسع وأعمق مما تقرؤه في السطور. وذاك لأنها تدرك بالفطرة أنه يستحيل على بشري كائنا من كان - شاعرا أم كاتبا، رساما أم نحاتا، مهندسا أم ملحنا- تأدية فكر أو عاطفة بكل ما فيها من تجعد وتلون».
وما ينسب إلى اللغة من عجز عن التعبير عن الإحاطة بالعالم وأسراره، لا يكمن في اللغة بحد ذاتها ، وإنما يكمن في غياب الإتسان الذي يستطيع أن يفرغ اللغة من لبها العتيق ويردها إلى براءتها الأولى ..
إن اللغة هي اللغة، لكنها تتجدد وتتنوع طرائق صياغتها وتتضاعف قدرتها على التعبير والإفصاح إذا أتيح لها شاعر واسع المعرفة بها ، دقيق الحسن بدلالاتها.
إن التطوّر ليس معناه أن تستباح
فالحقيقة التي ينبغي إدراكها في النقد المعاصر أن المعايير الجمالية في النقد والمعايير الإيديولوجية متداخلة. وينبغي أن تكون متوازية في كل عمل نقدي . فلا نفرق
بين الشكل والمضمون في العمل الشعري.
إن للغة الشعر طبيعة خاصة تتجاوز اللفظ والمعنى وأن الشعر نفسه حياة خاصة لا تخلو من أسرار ولا تقوم بغير وهم».
إن اللغة في أصل وضعها رمز إلى العاطفة والفكر فهي كائنة بعدهما، ومهما بلغت دقتها فإنها لا تتجسم الأفكار والعواطف كما تنبت في النفس وتنمو فيها؛ يقول نعيمة : « ولم تعرف الإنسانية بعد في كل تاريخها من تيسر له أن يكسب كل فكره، أو يجسم كل عاطفته في كلام أو خطوط، أو ألوان أو ألحان، لذلك فهي أبدا تقرأ بين السطور، وما تقرأه بين السطور هو أفصح وأبلغ وأوسع وأعمق مما تقرؤه في السطور. وذاك لأنها تدرك بالفطرة أنه يستحيل على بشري كائنا من كان - شاعرا أم كاتبا، رساما أم نحاتا، مهندسا أم ملحنا- تأدية فكر أو عاطفة بكل ما فيها من تجعد وتلون».
وما ينسب إلى اللغة من عجز عن التعبير عن الإحاطة بالعالم وأسراره، لا يكمن في اللغة بحد ذاتها ، وإنما يكمن في غياب الإتسان الذي يستطيع أن يفرغ اللغة من لبها العتيق ويردها إلى براءتها الأولى ..
إن اللغة هي اللغة، لكنها تتجدد وتتنوع طرائق صياغتها وتتضاعف قدرتها على التعبير والإفصاح إذا أتيح لها شاعر واسع المعرفة بها ، دقيق الحسن بدلالاتها.
إن التطوّر ليس معناه أن تستباح كل هذه الحرمات وأن تداس كل هذه القيم وأن نجتث أصالتنا من أعماقها فلا تبقى لنا إلا تلك المسوخ التي تفقدنا روعة الإحساس بما لنا من ذاتية وأصالة وتاريخ عريق .بل الوسيلة التي نستطيع عن طريقها تخليص أدبنا من أوضار الجمود والتقليد حتى يستطيع أن يمضي مع الحياة هي أن نعمق تصوّرنا لمفهوم الفن الأدبي، وأن ندرك أنّه التعبير الصادق عن تجارب الحياة وقضايا النّفس وأنّ هذا التعبير الصادق، لا يمكن أن يقوم إلاّ بلغة مستوحاة من روح الموقف وطبيعته. وحينئذٍ ستقوم بوظيفتها الدّلالية خير قيام، وتتوثق الصّلة بين الفن والحياة دونما عدوان على اللّغة أو هدم لبنيانها.
رغم أن هناك من يرى أن اللّغة العامّية تخدم المعنى في بعض الأحيان أكثر مما تخدمه مقابلتها في العربية من حيث الدقّة والإيحاء مستدلين بقبول أجدادنا العرب للدخيل في لغاتهم وأنّ اللّفظة الدّارجة من لهجة العامّة حين تنزل منزلها في سياق التّعبير الشعري، فإنها تحتفظ بهالتها المحببة وطابعها الخاص فنحن نرى في ذلك تزمّتا فكريًا يحصر الحسن في مكان، ولا يراه بعد ذلك في أيّ مكان ولا ندري كيف يقوم أدب عصري كامل بمثل هذه الأحكام المبتسرة.
سواء كان المقصود بلغة النّاس هنا كلمات النّاس التي تجري على ألسنتهم في الحياة اليومية أم المقصود هو روح اللّغة كما يتمثل في كلماتهم. فالمفروض في لغة الشعر أن تكون ذات طاقة تعبيرية مصفاة ومكثفة.
التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة ، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة ، والصورة الشعرية بمكوناتها جانب من اللغة ، والتجربة البشرية كموقف إنساني جانب من اللغة أيضا .
لقد حملت اللغة الشعرية عبئ التعبير عن التفكير الحداثي ، لأن هذا التفكير لم يتحقق إلا عبرها بتشكيلاتها ، فحين عجز الحداثيون عن تغيير الواقع ، لجأوا إلى اللغة فأعملوا فيها هدما وإعادة بناء على نحو أفقدها تماسك قواعدها وعلاقاتها التي تنتج دلالتها ، وقد وحدوا بين اللغة والعالم الذي تعبر عنه فأصبح أي تغيير نسفا للنظم اللغوية .
الشاعر من هنا يطور لغته من خلال خلق علاقات جديدة في التجربة دون خروج على قواعد اللغة . فهو يغنيها بتعامله الجديد معها على ضوء فهمه لقضايا العالم . ويغني أساليب الشعر الموروثة بتعامله المتفرد مع اكتشاف تقنيات جديدة يصل إليها في عالم الشعر . الشعر ليس تقليدا للغة الشعراء ، وإنما هو خلق للغة ذاتها من خلال خلق علاقة جديدة بالعالم .
في هذا يهتدي الشاعر الأصيل بملكة الشعور القوية . فهي التي تسدد خطاه خلال عملية الخلق في اختيار الألفاظ والصيغ التعبيرية الملائمة وهي التي تنبهه في حال تجاوزه حدود حريته في التطويع ، لئلا تنكسر الأداة فلا تصلح صلة بينه وبين الآخرين .
إن الألفاظ تستخدم في النثر كما تستخدم في الشعر ، وأن الفرق يكمن في طريقة الاستخدام . ومن ثم فليس هناك ألفاظ شعرية في ذاتها وأخرى نثرية بذاتها . بل تكتسب شعريتها أو نثريتها تبعا للسياق ذاته .
بالتالي فهي في النثر تحتفظ بالمعنى الأصلي لأنها تستعمل لما وضعت له اصطلاحا ، بينما تخرج في الشعر عن ذلك لتوحي بمعان جديدة لدخولها في علاقات جديدة . ومن ثم تكون الألفاظ في الشعر موحية ومكثفة وتبقى في النثر مباشرة .
فلم يعد الشاعر المعاصر وفي ظل تجربته ، يحس بالكلمة على أنها مجرد لفظ صوتي له دلالة ، إنما صارت الكلمات تجسيما حيا للوجود ، وقد أدى ذلك إلى استنفاذ جهد الشاعر المعاصر المتواصل في التعبير على تلافيف التجربة العنيفة التي يمر بها .
إلا أن إبداعية الشاعر أثبتت قدرتها على تطويع اللغة وصهر الكلمات وحذف كثير من الإضافات فاللغة العربية هي اللغة الحية القادرة على أن تهضم وتتبنى كل محاولة لإثرائها ، ومهما تكن هذه المحاولة جريئة فالشاعر المعاصر في تجربته يتجه لأن تحمل اللغة مهمة الانسجام مع عالم اليوم الغير منسجم .
وضمن مناخ الحداثة هذا ؛ لا تعود اللغة وسيلة بل تصبح هدفا للخلق ، وفي هذه اللغة تبلغ الكثافة حدودها القصية ، حيث ينهض صوت الكلمة بدور في تجسيد الدلالة ، وتغدو شكلا صوتيا للمعنى كما أن صورتها الحسية بما فيها من بعثرة تصبح صورة مرئية لما تريد التعبير عنه .
إن اللغة الشعرية عند أدونيس هي لغة خلق ؛ فليس الشاعر الشخص الذي لديه شيء يعبر عنه بل الشخص الذي يخلق أشياءه بطريقة جديدة ، وحلقة الشعر عنده هي الإشارات ، في حين أن اللغة العادية هي لغة الإيضاح ، واللغة عنده تقوم بما لم تتعلم أن تقوله.
يقول في هذا الشأن : « لا يمكن رفض الماضي ككل هذا عبث حين أقول إنني أرفض الماضي أعني وهذا ما أريد أن يكون واضحا ، إنني أرفض الجوانب التي تعجز عن الحضور وعن مواكبة المستقبل ». وتبقى الحداثة الأدبية عنده « رؤية إبداعية تعمل على زلزلة القيم والثوابت وتتجاوزها إلى التفكير في ما لم يفكر فيه وكتابة ما لم يكتب حتى الآن ».
إلى جانب اللغة الشعرية الإيحائية التي تحفل كثيرا بالكلمات الشعرية ذات الدلالات المتنوعة ، ليست لأنها كلمات خاصة تصلح أن تكون شعرية ، وإنما تكتسب هذه الصفة من خلال استخدام المبدع لها ، وتسعى إلى تشكيل خلق جديدة من علاقات جديدة ، تضيف إلى السياق contexte الذي يرد فيه رحابة وعمقا ، فتلبي اللغة عن طريق الرمز الفني ARTISTIC SYMBOL، رغبة الشاعر في إيجاد أسلوبه الخاص وتسد العجز الذي قد ينشأ عن غموض التجربة الشعورية ، فيضطر إلى اللجوء لتركيبات combinaisons لغوية متناقضة أو متضادة وحتى بعيدة عن المألوف تستطيع أن تنقل الإحساس الدقيق الذي يعانيه .
وفي لبنان كان هناك سعيد عقل 1912 م الذي بايعه الشعراء بإمامة الشعر وهو الذي خرج بعدها ليعلن أن اللغة language العربية لا تفي بالتعبير عن المشاعر ولابد من استبدالها باللهجات العامية، وأن هناك مشكلة في كتابتها فليس كل أحرفها منطوقة، لهذا كتب ديوانه " يارا " بلغة غربية في أحرف لاتينية .
عموما يمكن القول إن الشاعر الأصيل والمبدع معًا ؛ هو الذي يستثمر اللّغة أيًا كانت ألفاظها ومفرداتها، ومقياس الإجادة لا يتعلّق بالمفردات اللّغوية في حد ذاتها بقدر ما يتعلّق بالتوظيف الفنّي، فهل يعقل أن نجعل لكل لفظة عمرًا محددًا نحصرها فيه فنقول بأنّ هذه اللّفظة أو تلك ماتت وأصبحت جثّة محنّطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق