اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

شباك آدم ــ قصة فصير ة || ابتهال الخياط

عند الفجر ينهض البعض بصعوبة بالغة متأوها من تعب النوم وكأنه عمل اضافي مجهد لكن لابد منه ،هكذا أنا أنهض ومعي الأوجاع تساعدني على الوقوف للتأمل في ما يحمل يومي من خلف الشباك الضيق العالق بحائط غرفتي القديمة ، كشباك آدم الذي وقف لينظر منه إلى الأرض بحزن حين كرهَتهُ وأقسمت ْعلى رفض شرب دماء بنيهِ المقتولين متهمة إياه بتخريبها.
إنه الآن شباكي ورثته عن سلالته ومعه الغرفة التي تخلت فيها الأجساد عن أرواحها .
هذا الصباح زارني أموات كثيرون ليخبروني أن الموت لا يُخيف , قالوها بموسيقية : ( أطمئني واقبلي به بأي طريقة يكون , كوني معنا) . هكذا بدأتُ صباحي بدوامة بشرى الأشباح لي بموتي القريب وطيب اللقاء.
عجباً.. تعودت حب الموت بحبي لهم لكن أنا أسيرة النظر من الشباك أيضا فـ معه الوقائع المتتابعة بنسقٍ واحدٍ مستمرٍ منذ تكوّن وجود الإنسان على الأرض .. إني أنتظر النهاية لكن ليس بموتي بل بنهاية الدمار ,
فـ معي تستمر الحياة ومسألة موتي فقدان لإرثي.. شباكي ولا وريثة بعدي .. إنه هاجسي المتفرد , وليس ككل هواجس الأحياء حين يبحثون عن قشة يتشبثون بها.
قطعة صغيرة فقط من السماء هي ما تصل إليها عيوني حين أنظر منها .. لكنها الشيء الوحيد الذي يجعلني أشعر أنني بنت أدم المملوءة بالقوة و الحزن , لم يعد أحد يذكر آدم , بل فقط إبناءه القاتل والمقتول. عالمي ضبابي أو يملؤه الغبار و الأرواح تسير بقربي وأسمعها تتحدث بنشوة الخلاص .. سأتوقف عن جنوني لبرهة لأروي قصة حزني حين ارتدى أحد أولادي رداءًا مسموما فتك به وبمن حوله حينها ارتكبتُ جريمتي وضاع مني الجميع.
كان الوقت قبيل الغروب حين كنت أستعد لأعد طعام العشاء , زوجي الذي شاخ مبكرا بالزهايمر يجلس في زاويته المختارة من قبلي ليمارس صمته, وعند الأريكة يتمدد ولدي هابيل على الأرض يراقب التلفاز , الجو ساخن جدا وصوت السيارات ورائحة الوقود تصلنا بكامل قوتها لتعيث بأعصابنا وصحتنا أكثر من قيظ تموز .
أنظر كل حين من خلف باب الدار أنتظر قدوم ولدي الآخر الذي يتهمني أخوه بسوء تربيته ودلاله المبالغ فيه , لكنَّ الحقيقة أنني لم أتمكن من كبح جماح رغباته التي تنتشر في كل الاتجاهات بشكل يرعبني , يأتي أحيانا مترنحا بسكره لتشب معشباك آدم .
قصةكة مع أخيه و أكون الفاصل بينهما , إنه ابن العشرين عاما هكذا يقول (أمي أنني بلا مصير ). كنت أُخفي عن الجميع اصراره على سلبي المال وليس أخذه.. لينفقه على ما يجعله غائبا عن عالمه. اليوم تأخر كثيرا , حلَّ الليل قاتما والشوارع أسمع سكونها المريب مما يحصل من قتل وتخريب , تنهدتُ بحسرة فربما لن أراه ثانية , اقفلت الباب وسكنت إلى جانب بعيد عن نظر الجميع لأبكي . ساعة مرت كأنها سنة و جاءت طَرقات كثيرة على بابنا فزع منها الكل , ركض هابيل ليفتحه فدفعتُهُ لأكون أنا في المقدمة , كان قابيل يقف أمامي وقد تغير لونه بشكل غريب , عاد هابيل إلى مكانه دون أن يتكلم , دفعني قابيل عن طريقه فضربني الحائط.. وليس ولدي.. بقسوة صرخت بألم وسقطت على الأرض , عاد هابيل مسرعا ليساعدني على النهوض , وأمسك بأخيه يضربه ليردها إليه قابيل أقوى وكأنَّه رجل من حديد فسقط هابيل مضرجا بدمائه , لقد ذبحه , كان قابيل يحمل شفرة حادة ! و اتجه نحوي فركضتُ هاربةً منه , كان قابيل لا يملك وعيه ربما نصيب اليوم من عبثه كان بعض المخدرات التي جعلته وحشا , تناولتُ بسرعة سلاحًا صار مباحا في كل البيوت لأُطلق النار عليه وهو يحاول الهجوم عليّ فسقط بجانب أخيه ميتاً .. صرتُ وسط بركة من دماء ولديَّ , دمًا متشابهًا لا ينقصه سوى دمي لتكتمل ملحمة جديدة من قصة آدم وولديه , أنا حواء الأم..فأين الغراب ؟ متى يصل رسول الدفن الأسود ؟ ها أنا أنتظره في سجني حيث غرفتي العتيقة وشباكي وبصري نحو السماء, أنتظره بلهفة ليعلمني كيف أدفنهما ,هل أغني لهم أغنية النوم الطويل ؟
أنا الضائعة في عالم الدم الذي يحوي جثتيهما .
ستقولون عني غريبة الأطوار لكنها الحقيقة لقد علمت مما رأيت عبر شباكي أنَّ من عادة البشر أن ينتظرون الخيبة فهي قادمة اليهم عاجلا أم آجلا , أما أنا فقد سبقت الزمن حين عرفت أنَّ عوالم أخرى تتحكم فينا وأنَّ خيباتنا تنفعها , فالخيبة قرار جائر بحق ذات الإنسان وعقله فالخيار يكون بالتحدي واصلاح كل ما جعل العطب في الحياة عنوانا للموت والخلاص. هكذا كنت أفكر عبر رحلتي إلى العوالم الفاقدة للزمن , إنها تفتح أعيننا على مصراعيها لنرى قباحتنا ، أو غباءنا إن صح التعبير بالتفريط في عظيم ما نملكه في أرضنا وهو الزمن , عوالم ترغب منا أن نتشرذم و بأن نقتنع أن لا جدوى من العيش معا , فما نحن إلا مجتمعات متزمتة تحكمها الأعراف البالية المريضة ولا يمكن أن تكون منتمية للأرض بل هي حشود مشتتة . ولابد لنا من أن نتوزع بإرادتنا على العوالم الأخرى الغريبة , لقد فهمت ذلك ووافقت بأن أزور احداها فطلبوا مني أن البس رداءًا خاصا للانتقال والتقصي كي أجد هناك ما يناسبني وبما يوافق فكري , وبما أنني الأولى في التجربة فلي الحق أن أسنَّ قانونا من نقاط أضعها حسب ما عشته , ومن شروطي لتجربة زيارتي المرتقبة للعوالم الأخرى فكرت بثبات أن يختار كل إنسان عالمه وبأن لابوصلات الكترونية تشير إليهم وأن تكون الحياة مطلقة و الأوطان مختارة من حيث الحجم ونوع السكان والثقافة , ذلك لأننا في عالمنا خبرنا ثقافات عدة كما أؤكد بأن لا مجالس للحكام بكل عناوينها ملوك وسلاطين وأمراء ورؤساء وخلفاء للمؤمنين وخلفاء لغير المؤمنين و الخ كي لا تتحكم بهم وتتفنن بفعل ما يحلو لها بهم وقت ما تريد.
فكرت بكل ما يحتاجه إنسان الأرض ليعيش بكرامة وبأن يخرج من لعبة الطواغيت بدعواهم جهل الشعوب.
أصغيت للصوت القادم من الفضاء لأدخل اللعبة الجديدة دون علم أحد من اللاعبين أصحاب القدور التي تفور على الدوام . سأحاول الفوز لكن أين الغراب لقد تأخر ؟
قلت بصوت عال : أين الغراب ؟ أحتاجه للدفن كي أتحرر من دم عائلتي فهي تقيدني بالمكان .
جاءني الرد من ومضة ظهرت لي من تلك البقعة الملازمة لشباكي في السماء :
الحرية تنبع من داخلك فقط , كما لا غراب يا ابنة آدم لقد تغيرت الأزمان والقوانين , إنما هو رداء الغراب سيعينك فارتديه .
هو ذاته الذي ارتداه ولدك قابيل , فقد كان يُعلِّم الناس الدفن فمات الآن على يديك , فالمسألة والفعل ليست بالرداء بل بقلب وفكر وحرية من يرتديه , أنتِ حواء و كل الأسرار تفتح على يديك.
وافقت في سري فعرفوا ! ووجدت الردّاء أمامي يفك أزراره ويجهز نفسه لأرتديه , لن اكذب عليكم لقد خفت كثيرا لكنه واجب التكليف السماوي أن أكون أنا المختارة رغم علمي أنني ولدت كغيري وعشت حياة عادية جدا باستثناء جريمتي .. نعم هو هذا ! قدرتي على قتل ولدي إنه سبب اختياري , لكنه أمر فعله كثيرون غيري في هذا الزمن ! اذن ربما بسبب ادعائي المستمر بأنني بنت آدم وحواء مباشرة دون تسلسل الشجرة, أو ربما لأنني فقط مَن فهم مغزى الشبابيك العتيقة المنفردة التي كانوا يدعونها قديما بشباك آدم ! المهم أنا مَن سيتم التوازن بها لاستمرار عالمي وهذا كافٍ لأصمت وأرتدي الرداء . يالقوتي حين علمت أن الفكر لا يمكن أن يكون بريئا بالمطلق بل هو إحدى طرق الشيطان للتحرر..نحتاج طرق الشيطان أحيانا لأنه إله الطغاة لندمرهم به.
بدأت يومي مبكرة ومع أول خيوط الفجر لأباغت الشمس بلباسي الجديد الأسود الذي يحبه الفلاسفة المهجورون منذ زمن طويل في عالمنا , لم يعد يهتم بهم أحد لأنهم ينطقون بلسان الأرواح العالية هههههه الفانية مع أجسادها , لكنني الآن ذات الغراب الذي عرّف قابيل الدفن والفرار , قوية أنا برداءه عكس ولدي الذي تمنطق بالهراء وحرية العربدة والهمجية والخراب فقتلته ..لن يغلبني السواد لأنني أعرف ذاتي وبلا نزوات والأهم من ذلك أنني لن أستسلم.
حين أكملت ارتدائي لزي الغراب فقدت قدرتي على الكلام فكان يخرج بدلا عنها القاق ! لكنني حين كنت أتكلم بلسانه كانوا يفهمون ما أرمي اليه, كما صرت أراهم من حولي أشباحا غريبة لا تملك إلا هيئة دخانية لإنسان , قال أحدهم إننا نحميك بهذا الصوت وبلغة الغراب لأن للإنسان أعداء كثر وليست كل العوالم مباحة لكم .. نحن ننطلق الآن بسفينتنا الفضائية وتحت رقابة كل العوالم فنحن متطورون جدا و لن نتفوق على بعضنا بل فقط عليكم .
قلت بالقاق طبعا: وماسبب حبكم لنا ومساعدتكم هذه؟
أجابني آخر : ليس حبا ولا مساعدة و إنما هو حاجة لنا بأرضكم , نقصد تبادل منفعة , انتم لا تجيدون الحياة عليها وأفسدتموها ورغم كل الحروب والموت المصنَّع و الإلهي مازلتم في تزايد ولن تكفيكم للعيش عليها , فقرر مجلسنا نحن قادة العوالم بأن تتوزعون على بعض العوالم الخالية من السكان و تبدأون الحياة من جديد بنسق يحترم انسانيتكم ونجهزكم بما تحتاجون .. هكذا لمنفعة جميع المخلوقات , حتى الحيوانات التي تختارونها سننقلها معكم حسب الرغبة.
تملكني الخرس لفترة طويلة فما يقوله منطقي جدا, لكن هل أنا صاحبة القرار العالمي ؟ ومن أكون لأجعل الجميع في هذا المشروع الغريب رغم أنه أعجبني جدا كقرار شخصي.
قلت: انظروا ..عن نفسي أنا موافقة لكن كيف يكون قرار شعبي وكيف سيكون لكل شعوب الأرض؟ ليس الكل مثلنا , هناك الكثير من الشعوب التي تعيش بهناء ورخاء و لا تفكر بالمغادرة.
أجاب ببرود: لا عليك يا ابنة آدم ما يهمنا هو بلدكم فقط فحين نستوطنه بقواتنا وعدتنا ستسقط الرؤوس الكبرى بسرعة ونكون كما المغناطيس يتتابع انهيار الرؤوس حتى تصبح كل شعوب الأرض تحت امرتنا ونقرر ما نريد , أما اختيارنا لك دون غيرك فذاك لأنك واعية بقوة لعقل وفكر الإنسان وتتخذين القرار الصائب في وقته المناسب, آدم لم يقتل ابنه قابيل عند الجريمة الأولى , لكنك فعلت الآن دون تردد فأنت بحق تستحقين أن تكون رئيسة العوالم الانسانية التي ستحويكم.
هل اقتنعت؟
لقد وصلنا الآن إلى مجمع العوالم التي جهزناها لكم , تأمليها ولك القرار أيتها الامبراطورة.
قلت : مهلا لا داعي لهذا اللقب لأن من شروطي هو عدم وجود هكذا شخوص أو دلالات بل طريقة بناء مجتمع مبني على الفكر والعدالة .
اجاب : لا يمكن ! لابد من وجود قوة حاكمة وقوات محيطة بها.
قلت: إذن نهايتها الهدم أيضا لأنه ببساطة لن تقوم دولة فاضلة إلا بوجود إنسان فاضل يعيش فيها وهذا أمر غير مضمون .
أجاب : الخراب سمة الإنسان فقط أما نحن فلا ، وكما ترين نسبقكم بتطورنا لآلاف السنين , لكنك قوية وستقدرين .
قلت: على كل حال لم أوافق بعد كشعب كي أناقش هذا الشرط , ربما إن حصل سأحتاج قوة وسلطة سامية منكم كما كنت أقرأ في تاريخ الاستعمار الحديث .. هل هذا ماترمون اليه ؟
(لم يرد يعقب إذن ما انا فيه هو مشروع استعمار حديث جدا ومن الفضاء ).
نزلنا على منصة عظيمة لسفن الفضاء العملاقة , كنت مبهورة لما أراه أمامي , كان تجمعا لكويكبات كثيرة جدا ذات ألوان مختلفة تم السيطرة عليها لتكون مجتمعة تسبح كل منها في مجرة خاصة بها يحيطها الجمال والنور و الألوان وتبدو كل منها وكأنها الجنة , ملكني الصمت فقاطعه رفيقي متساءلا: هل تسمحين باختيار إحداها لننقلك وتشاهدين بمعرفة اكثر؟
ثم ننقلك إلى أي عدد منها تشائين لتعطينا القرار ونبدأ التنفيذ.
قلت: وكيف تنفذون ؟
اجاب : دراساتنا كافية لنفهم كيف ننفذ التوزيع , نحن على علم برغبة كل فرد وعائلته أو حتى إن كان لا يريدها بل يكون لوحده من جديد , لاعليكِ أنتِ.. ونعلم أنهم يرضون بأي واقع حتى وإن كان مزريا , ولا أجمل من العيش هنا دون خوف ..ههههه سيظنون أنهم ماتوا بالجملة وصاروا في الجنة
قلت : لأنزل على ذاك الكوكب الأخضر فقد كنت دائما أحب اللون .
تم نقلي إلى الكوكب فكان الجمال كله و اندهاشي مما أعيشه إن كان حقيقة أو خيال , لكن عبر العصور يبدو كل شيء أساطير لأننا عندما نقرأ أو نبحث في آثار السابقين كنا نتهكم لنصف إرثهم بالأساطير , هكذا نحن سنكون أصحاب الأساطير الكبرى لأناس قادمون من بعدنا بقرون وبمجرد خلو الأرض منا ...لكن أن نعيش هنا سيكون الصفر تحت أقدامنا فلا شيء تحت الأرض أو فوقها , لاوجود لآدم وحواء ومعاناة العصور و آثارهم .. إنهم يريدون منا أجمل مافينا , أصل الإنسان الحيّ. ياله من قرار صعب يا أم قابيل وهابيل يازوجة آدم..!
(كان صوت نقاشي مع نفسي عاليا)
تكلم رفيقي و بانت الخشونة في صوته: يالهذا الجدال في رأسكِ؟ هل تطلبين الحياة والمستقبل أم العودة إلى غياهب تاريخكم المهدم؟
قلت: فهمتكم .. وصلتم إلى كل ما أنتم عليه لانكم تعيشون دون شعور العائلة , لم تفهموا أبدا مغزى بناء الإنسان .. إنه العائلة و فقط بصلاحها يصلح كل شيء , لكن بخرابها لن يخرب كل شيء فدائما هناك نقطة تصلح للإصلاح من جديد , أنتم بدون عائلة فصارت انجازاتكم الآت فقط , تطوركم ساقكم لتحتلوا الكون لكن ما سيكون بعده وما النهاية ؟ تنظرون الينا نعيش ونموت ونفرح ونحزن فقررتم ما قررتم , تظنون أن السبب في شعورنا هو أرضنا التي تحوينا لكن لا , مفهومكم خاطئ السبب الوحيد هو تكوين الإنسان وعقله قراره , لن أقرر بتدمير عصورا بناها أحفاد آدم رغم ما يحصل الآن من خراب لكن ستكون نقطة قادمة بلاشك للإصلاح عظيمة بحجم الكون يارفيق رحلتي.. إنه قراري .
أجابني : لو اخترنا غيرك ما كان تكلم مثلك بل ربما سيقبل بسرعة دون أدنى تفكير! لكن لم يرانا غيرك وكان هذا شرط التحاور معكم.
قلت:هل يتمكن أحدكم من الكتابة ؟ أن يدّون مثلا مذكراته؟
أجاب: نحن لا نحتاجها ..ثم ماذا ستكون مذكراتي والزمن عندنا سريع جدا , أنا أعرف أننا تمكنا من ضبط وقتنا معك كي يتباطئ ويكون مع زمنكم ووقتكم كي نتفاهم ونحقق هدفنا . الزمن مسرع بشكل لا يسمح لنا بمعرفة أي مما تحدثت عنه , العائلة والموروث وغيرها .
قلت: نحن نعرف الله الخالق ونواميس دينية وجدت على الأرض بطلها الإنسان , أنتم هل عرفتموه في عوالمكم ؟
أجاب: لانعرفهم .كما قلت لك زمننا سريع جدا ولا نعرف إنا كنا قبلكم أو بعدكم , كيف ومتى !! لم نفكر في كل هذا لأنه صعب وخارج حدود بحثنا و لا نحتاجه أبدا ربما لأننا كما قلت لسنا عائلة.
قلت: إنَّ المشافهة تعطي حرية التفكير في كل شيء و لا تتقيد بالمكتوب في حالتنا الآن ههههه , سبب مانحن فيه هو الانهيار المتتابع من المكتوب والذي ينتقل بالمشافهة إلى الجميع دون تفكير ذاك الذي جعل الغراب يتمثل في عقل ابني بالموت والخراب في حين أعطاني الحكمة والهدوء في التفكير الآن ..هل فهمتني؟ لقد فهمت سبب إختياركم لي دون غيري ..تريدون مني اختيار منفى ,لأن اللاوعي هو الوطن بما فيه , أما الوعي فهو منفاي الذاتي ومنه سأختار منفاي الجسدي أيضا.. أيها الغريب جدا ما أجمل حديثي معك وكأنك عقلي.
أجاب مبتهجا : القرار يحتاج كل الوجوه ونحن قوم نقيس كما الالات . مازلتِ بحاجة للمفتاح الأعظم مفتاح كل الشبابيك الضيقة .. إن لم توافقي فلا شيء عندنا نهبك إياه .
قلت: حسنا . لاشبابيك عندكم ؟ لاحزن , لافرح ولكن ماذا عن الموت؟
اجاب: لا أعلم ..هل نموت ؟ حديثي معك جعلني أفكر كثيرا خارج سياق تكويني وهو شيء جميل جدا . إن حياتكم رغم ما فيها هي أجمل مما نعيشه , أظن اننا الآت فقط وربما صنعنا إنسان , سرعة الزمن ربما هي من أفقدتنا كل شيء.
قلت: نعم تريدوننا أن نعيش بزمنكم فتلغى حياتنا , غير ممكن .لكن هل ممكن أن نبقى أصحابا ؟
قال: أصحاب؟ وهل قررت العودة بهذه السرعة دون اتفاق ؟ لو قبلت لكنت أنا معك في الحكم قائدا.
قلت: ومانفع الحياة وجدواها دون أن نعلم بالآخرين ونعشق ونتألم ونموت ونولد, لا يا صديقي فحتى هذه الرحلة مع زمنك ما كنت عرفتني.. ولكن عرفتني خارجه. أرجو منك أن تعيدني , لاحاجة بي للغراب ولا رداءه , لقد وجدت مفتاح آدم.. لقد فهمت سرَّ الشباك ونسبه لآدم !
همس بحزن: أنتِ.. أنتِ المفتاح .أردنا اخراجك من الأرض لان مع حواء تبدأ دائما الحياة.
........
عدت من رحلتي خالعة رداء الغراب
موجودة بكلي في بيتي دون غياب ,
كان كل الجيران من حولي أحباب
دفنت ولديَّ وغنيت عند رأسيهما أغنية العتاب
متى ينتهي عهد الدمِّ يا آدم ؟ فقد طال العذاب.
.....
ابتهال الخياط.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...