حكى لنا يوسف أنتكات ونحن في سكة المشيكين جاثمين خلف إحدى الدكاكين في شارع الشياكة حيث الحلاقات السكسوكة والقصات المحبوكة والموضات المفكوكة والخياطات المبتوكة والتفاصيل المحشوكة في لبس أولئك الشباب والشابات الذين يعيشون في تلك المدينة الموسومة بالوسامة وفيها شاب ذو وسامة يحب شابة أنيقة من شابات البريقة كانت له صديقة في المرحلة الجامعية وكانا معاً على إمعية الجلوس بعد محاضرات الدروس يبثان حوارات العشاق ويتبادلان رسائل الأوراق الغرامية بعد الخروج من القاعات العلمية كان للقائهما أهمية حيث أنهما زملاء
كتاب إلا أن كثر الاقتراب أدخلهما إلى غياهب الحب وكان شأنهما كطلاب في قاعات المحاضرات ومنذ أولى البدايات تغيرت النظرات عن معانيها والنيات عقدت أمانيها فتحولا من طالبين إلى محبوبين وكان تخصصهما أدب في كلية الآداب حتى دأب ودب مفعول الحب إلى قلبيهما وتمخض العشق في عينيهما ونشأ الغرام بينهما حتى تحولت لغة العيون أفصح من لغة المتون وقادتهما الشجون إلى سبيل الأهواء فكانا يجلسان على السواء في مقصف الكلية يتناولان الشبس والعصائر والكيك ويتحدثان معا أجمل الأحاديث ويتبادلان أطراف الضحكات ويعملان أجمل الحركات ويتكلمان بلغة القلوب قبل لغة اللسان حتى تحولت الجوارح غير الجوارح وراحت كل روح وراء نفسيهما الأمارة بالسوء وفي كل صباح وهما يلتقيان ويتناظران ويترامقان ويتقابلان بعد كل محاضرة ويتنافثان أقاويل المجابرة إلى أن زلهما الشيطان في ذات يوم جلس هذان الطالبان في بستان الكلية فلم تطاوعهما شهوتهما فطفقا يتعانقان من حلاوة الهوى وكأن لا أحداً يراهما حينئذٍ كان العميد وقتها ينظر من خلف نافذة مكتبه المطلة على البستان ويرى من بعيد هذين الطالبين فكان ينظر إليهما ويقول في نفسه يا ترى من هذان الطالبان اللذان يحتضنان ويتعانقان هكذا كأنهما متزوجان فهمست نفسه دعهما لعلهما ينصرفان لكن طال بهم الأوان تلو الأوان حتى جن جنون هذا العميد حين انبطح الطالبان واختفيا بين أشجار البستان فظن ظن السوء وفتح نافذته ونادى يا طالبي السوء أنتما مفصولان وتأخذان قرار فصلكما وهما في المستوى الرابع إنه وداع المودع إلى دار الشهوات وعقاب من لا يأمن مكر الخلوات أيكون هكذا جزاء من اتبع هوى الأهواء إنه داء وبلاء يسير بمتبعه إلى الأسوى فما بال العشاق وقت إذ لعبت بهم الأهواء؟ .. ما عليهم إلا الرفق بالمشاعر الإنسانية وتهذيب النفس بالتعاليم الدينية لأن النفس أمارة بالسوء وآفة العقل الهوى وزاد القلب الهدى وعلاج الروح الإيمان وقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها... هذا كان موجزاً للقصة وإليكم التفاصيل كاملة في هذه الحكاية التي يرويها لنا يوسف أنتكات عن عاشق الفتيات المسمى المجلس بن رمسيس يقول:
حكى لنا عاشق الفتيات وممعن اللفتات وملفت الحرفات ومكثر الحرففات وقارئ الشفرات بلغة النظرات وآسر قلوب الطالبات الخاطرات لو لوهلة من أول المرات وهو طالب في كلية الآداب يهمل دروس المقرارت ويشرد في شرح المحاضرات ويفشل في الاختبارات لكنه يكثر المحاورات مع كل الفتيات ويجلس مع كل الزميلات في القاعات وحتى خارج الممرات واسمه المجلس بن رمسيس من مدينة الوسامة معقل الطائشين بلدة القرينات ودائماً يجالس البنات ويرقم كل الطالبات ويترقب نظرات الشابات ويهمل ما عليه من الواجبات ويتقن فن الحركات ويلبس أجمل الشياكات وتعرفه كل الطالبات في مساقات المقرارات أخبرنا الحاكي بهذه الحكاية وهو يوسف أنتكات ناقلاً لنا حكاية هذا الطالب المفصول بعد أن أخبره يقول :كانت دراستي في كلية الآداب وكنت في عنفوان الشباب وفي نشوة الإعجاب بنفسي فكل الطالبات تهواني لجمالي الفاتن فقد جئت إلى مدينة عدن ولم أكن مفتتناً بحب البنات إلى أن دخلت كلية الآداب حيث تغيرت كل الآداب واغتررت بجمال الفتيات فطفقت أنظر إليهن في اللفتات لعلي أحظى بحب واحدة من هؤلاء البنات حتى أستطعت بعد كثرة المحاولات والحوار معهن فوق الطاولات إلى أن حظيت بحب إحدى الطالبات فجذبتها وكانت بي من المعجبات وهي جميلة فاتنة ومن أجمل بنات عدن تسكن في البريقة لها قامة أنيقة وعيون حوراء متلألئة كنجمة الجوزاء ولا ترتدي لثام البرقع على وجهها بل لها جمال فاقع وما أجمل خديها المصقولان ووجنتيها المعسولتان وما أروع مشيتها المشلولة بأقدامها الفحلولة ومنذ السنة الأولى كنا زميلين ليس إلا حتى دخل الحب بنا سواء في المستوى الثاني فكنت أستمتع بالنظر إليها ما بين الحينة والأخرى مع التأني والتمعن بكثر النظرات وهي ترمقني في كل المحاضرات بنظارات آسرات يملأن عيناها المدورتان الصافيتان بسواد بؤبؤهما وصفاء كوكبهما الناصع البياض وكم كنت أشتاظ حين ترميني بسهام الغرام وأكتفي بالنظر إليها دون الكلام لكن مع مرور الأيام جننتني جنان فكنت لا أنام الليالي من سموم النظرات وكلما دخلت قاعة المحاضرات ذهبت الهموم والبلوي كلها وأكتفيت بالنظر إليها وكلما انصرفت عنها يكثر ولعي ويزداد وجعي فكان دوائي بالكلام معها فقلت لابد أن أكلمها بأني أهواها ولا أريد سواها فقد قتلتني نظرتها وأسهرتني سطوتها ونظرها الزائد عن حد الإعجاب بل هو من قبيل الحب وذات يوم أخذت منها كتاباً فتهللت فرحاً من غير سبب وأعطتني إياه وقالت خذ مني ما أردت فاندهشت من جراءتها فأحببت مصارحتها وقلت لها: كم أحبك أيتها الفتاة فأنا تائه من جمالك ومسحور بعيونك فاستبشرت ضاحكة وقالت: وأنا بك كذلك حينها غدوت من الكلية وأنا مرتاح البال مطمئن الحال وبعد أن صرت متمرساً في حديثي معها ومحادثاتها أما بالرسائل أو حين نتقابل حتى أقنعتها بأني سأتزوجها حلال بعد حفل التخرج بالحال فكانت هي مستبشرة بكل ما أقول لها وتؤمئ إلي مؤشرة لي في كل محاضرة حين تحتاج حاجة من الكلية وكنا نجلس ونطيل المجابرة ونرتضع معاً أفاويق المصابرة ونرق من عذاب القلوب حتى كان مصيرنا الرسوب في بعض المواد بسسب السهر والسهاد وتراكم المواد والحب الذي لا يطاق إلا لتعذيب العشاق وحالنا طالبان عاشقان لا يمضي بنا يوم إلا ونجلس فيه نترمسس ونعيش الأحساسيس وننظر بكل الحواس حتى بلغ بنا الحب إلى حد ما من الهيام وأكثر من الهوس وإن تفارقنا فمراسلات الوتس تجمعنا بحروف الحب وكنا نخرج مع الطلاب في نهاية المحاضرات ننتظر وصول المواصلات وذات يوم تأخرت الباصات فانحرفت بنا شوكة البوصلات وأحببنا تعميق الصلات وفضلنا الجلوس نحن الأثنين في عرصة البستان المحيط بالكلية من كل الجهات فذهبنا مشياً نتشبخ فيه المشيات ونتبادل الهمسات ونستشعر اللمسات إلى أن جلسنا بين تلك الشجيرات عند أجمل الزهيرات وقعدنا على الفور نقطف الزهور ونتبادلها بحب وسرور ونشتمها برائحة العشاق وشعرنا براحة القلوب التي لطالما لم نجدها من قبل ونحن نرمق لوجهينا معا بقرب المقل والهواء الطلق يعزف بيننا نسيم الحب فأسرتنا خضرة الحقل وأذهبتنا نظرات المقل وأدهشتنا صقولة السقل فطفقنا نتقلقل ونقترب من بعضنا فهرعت يدي تلمس الضجن وأتحسس نعومة تلك الخدود فعدت كالطفل المولود خلت نفسي من هموم الحياة وتذوقت تلك الحلاوة العذبة النابعة من قلوب المحبة فقتلتني نعومة خديها وسحرتني رقة يديها فطفقت أبوس القبل على وجنتيها الحسناء ووهزني الشوق وجاش بي لذوق تلك الشفاه السمراء المدببة المحبوكة بطرفيها الناعمة فارتشفت شفتيها العذراء وهي تضحك مقتنعة فلم أجد نعومة كنعومة خديها ولم أشم رائحة كرائحة وجنتيها ولم أحس برطوبة كرطوبة يديها ولم ينته العناق بل ارتفعت نشوة الشوق إلى أن حططت رأسي بصدرها فأحسست بحنان نحرها فقلت لها إطمئني لا أحد يرانا ولم نتوار من مكر الشيطان بل ولم ننته من حضن الأحضان حتى هاج بنا هيجان الغرام وأصبح كل شيء حرام مباحاً في شرع العشاق وكدت أموت وأشهق من حلوة اللمسات فطفقت بالعسعسات لثدييها الجميلين ورميت بيدي إلى هناك فصاحت مالك أكتفي عن ذلك وصاحت لا لا تفعل هذا فقلت لها ما يخيفك وأنا حبيبك فقالت يكفي هذا لقد قمنا بأشياء لم نقم بها من ذي قبل ألم تقل لي أنك تكتفي بالقبل ولِمَ تفعل هذا؟ لا تتهابل فامتنعت عن ذلك واكتفيت بالقبل وبخدها المذبل كبيضاء السحاب ولم تكن إلا مداعبة أحباب ليس إلا ولم نقترف ما يشين به الدين بل كانت شذوذ يدين كانتا حبيسة القفصين كعصفورين حلقا في سماء الحرية نرفل في حلل الحب بانسجام ونستمتع بحلوة الوجام وحولينا شجيرات النبات تحفنا من كل مكان وتلفنا زهور البستان وخلفنا جدران الكلية ونوافذها مغلقة ولم يبق في الكلية أحد بل كانت مقفلة وقد انتهى الدوام وقد غادر كل الطلاب ولم يبقَ إلا نحن كما كنا نظن فاستلقينا على ظهورنا فوق الأعشاب ونحن في صمت الأحباب وكلانا في انتصاب منبطحين على التمام فإذا بها ترمي برأسها إلى حضن صدري فأدرت يدي وأمسكت بجمجمتها وحضنتها حضنة ولهان وأطلقت نظري إلى عنان السماء حينها سمعت صوت نافذة تفتح وسحبة شباك تتدحرج فداهمني الارتباك ونوبة من الحرج ولم أبعد رأسها من صدري حنانا بها من لدني فدبت القشعريرة على بدني وتوسعت صوان أذني فإذا بصوت ينادي من بعيد ويقول أنتما أيها الطالبان جئتما تدرسان أم تتقاحبان أنتما مفصولان فاستفقنا بسرعة من هول الفجعة ننظر من أي بقعة هذا الصوت فإذا هو عميد الكلية يرمقنا من بعيد من على نافذة مكتبه في الدور الرابع فنظرنا إليه بعد الفزع وهو يقول أنتما مفصولان من المستوى الرابع فطفقت الفتاة تمسك برأسها وتصيح وتبكي وتقول لقد كشفونا كشفونا والآن سيفصلونا فقال العميد أغربا عن وجهي أنتما بلا أدب وفصلكم أدب من كلية الأدب...أنتهت...
*د.عبدالمجيد محمد باعباد
كتاب إلا أن كثر الاقتراب أدخلهما إلى غياهب الحب وكان شأنهما كطلاب في قاعات المحاضرات ومنذ أولى البدايات تغيرت النظرات عن معانيها والنيات عقدت أمانيها فتحولا من طالبين إلى محبوبين وكان تخصصهما أدب في كلية الآداب حتى دأب ودب مفعول الحب إلى قلبيهما وتمخض العشق في عينيهما ونشأ الغرام بينهما حتى تحولت لغة العيون أفصح من لغة المتون وقادتهما الشجون إلى سبيل الأهواء فكانا يجلسان على السواء في مقصف الكلية يتناولان الشبس والعصائر والكيك ويتحدثان معا أجمل الأحاديث ويتبادلان أطراف الضحكات ويعملان أجمل الحركات ويتكلمان بلغة القلوب قبل لغة اللسان حتى تحولت الجوارح غير الجوارح وراحت كل روح وراء نفسيهما الأمارة بالسوء وفي كل صباح وهما يلتقيان ويتناظران ويترامقان ويتقابلان بعد كل محاضرة ويتنافثان أقاويل المجابرة إلى أن زلهما الشيطان في ذات يوم جلس هذان الطالبان في بستان الكلية فلم تطاوعهما شهوتهما فطفقا يتعانقان من حلاوة الهوى وكأن لا أحداً يراهما حينئذٍ كان العميد وقتها ينظر من خلف نافذة مكتبه المطلة على البستان ويرى من بعيد هذين الطالبين فكان ينظر إليهما ويقول في نفسه يا ترى من هذان الطالبان اللذان يحتضنان ويتعانقان هكذا كأنهما متزوجان فهمست نفسه دعهما لعلهما ينصرفان لكن طال بهم الأوان تلو الأوان حتى جن جنون هذا العميد حين انبطح الطالبان واختفيا بين أشجار البستان فظن ظن السوء وفتح نافذته ونادى يا طالبي السوء أنتما مفصولان وتأخذان قرار فصلكما وهما في المستوى الرابع إنه وداع المودع إلى دار الشهوات وعقاب من لا يأمن مكر الخلوات أيكون هكذا جزاء من اتبع هوى الأهواء إنه داء وبلاء يسير بمتبعه إلى الأسوى فما بال العشاق وقت إذ لعبت بهم الأهواء؟ .. ما عليهم إلا الرفق بالمشاعر الإنسانية وتهذيب النفس بالتعاليم الدينية لأن النفس أمارة بالسوء وآفة العقل الهوى وزاد القلب الهدى وعلاج الروح الإيمان وقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها... هذا كان موجزاً للقصة وإليكم التفاصيل كاملة في هذه الحكاية التي يرويها لنا يوسف أنتكات عن عاشق الفتيات المسمى المجلس بن رمسيس يقول:
حكى لنا عاشق الفتيات وممعن اللفتات وملفت الحرفات ومكثر الحرففات وقارئ الشفرات بلغة النظرات وآسر قلوب الطالبات الخاطرات لو لوهلة من أول المرات وهو طالب في كلية الآداب يهمل دروس المقرارت ويشرد في شرح المحاضرات ويفشل في الاختبارات لكنه يكثر المحاورات مع كل الفتيات ويجلس مع كل الزميلات في القاعات وحتى خارج الممرات واسمه المجلس بن رمسيس من مدينة الوسامة معقل الطائشين بلدة القرينات ودائماً يجالس البنات ويرقم كل الطالبات ويترقب نظرات الشابات ويهمل ما عليه من الواجبات ويتقن فن الحركات ويلبس أجمل الشياكات وتعرفه كل الطالبات في مساقات المقرارات أخبرنا الحاكي بهذه الحكاية وهو يوسف أنتكات ناقلاً لنا حكاية هذا الطالب المفصول بعد أن أخبره يقول :كانت دراستي في كلية الآداب وكنت في عنفوان الشباب وفي نشوة الإعجاب بنفسي فكل الطالبات تهواني لجمالي الفاتن فقد جئت إلى مدينة عدن ولم أكن مفتتناً بحب البنات إلى أن دخلت كلية الآداب حيث تغيرت كل الآداب واغتررت بجمال الفتيات فطفقت أنظر إليهن في اللفتات لعلي أحظى بحب واحدة من هؤلاء البنات حتى أستطعت بعد كثرة المحاولات والحوار معهن فوق الطاولات إلى أن حظيت بحب إحدى الطالبات فجذبتها وكانت بي من المعجبات وهي جميلة فاتنة ومن أجمل بنات عدن تسكن في البريقة لها قامة أنيقة وعيون حوراء متلألئة كنجمة الجوزاء ولا ترتدي لثام البرقع على وجهها بل لها جمال فاقع وما أجمل خديها المصقولان ووجنتيها المعسولتان وما أروع مشيتها المشلولة بأقدامها الفحلولة ومنذ السنة الأولى كنا زميلين ليس إلا حتى دخل الحب بنا سواء في المستوى الثاني فكنت أستمتع بالنظر إليها ما بين الحينة والأخرى مع التأني والتمعن بكثر النظرات وهي ترمقني في كل المحاضرات بنظارات آسرات يملأن عيناها المدورتان الصافيتان بسواد بؤبؤهما وصفاء كوكبهما الناصع البياض وكم كنت أشتاظ حين ترميني بسهام الغرام وأكتفي بالنظر إليها دون الكلام لكن مع مرور الأيام جننتني جنان فكنت لا أنام الليالي من سموم النظرات وكلما دخلت قاعة المحاضرات ذهبت الهموم والبلوي كلها وأكتفيت بالنظر إليها وكلما انصرفت عنها يكثر ولعي ويزداد وجعي فكان دوائي بالكلام معها فقلت لابد أن أكلمها بأني أهواها ولا أريد سواها فقد قتلتني نظرتها وأسهرتني سطوتها ونظرها الزائد عن حد الإعجاب بل هو من قبيل الحب وذات يوم أخذت منها كتاباً فتهللت فرحاً من غير سبب وأعطتني إياه وقالت خذ مني ما أردت فاندهشت من جراءتها فأحببت مصارحتها وقلت لها: كم أحبك أيتها الفتاة فأنا تائه من جمالك ومسحور بعيونك فاستبشرت ضاحكة وقالت: وأنا بك كذلك حينها غدوت من الكلية وأنا مرتاح البال مطمئن الحال وبعد أن صرت متمرساً في حديثي معها ومحادثاتها أما بالرسائل أو حين نتقابل حتى أقنعتها بأني سأتزوجها حلال بعد حفل التخرج بالحال فكانت هي مستبشرة بكل ما أقول لها وتؤمئ إلي مؤشرة لي في كل محاضرة حين تحتاج حاجة من الكلية وكنا نجلس ونطيل المجابرة ونرتضع معاً أفاويق المصابرة ونرق من عذاب القلوب حتى كان مصيرنا الرسوب في بعض المواد بسسب السهر والسهاد وتراكم المواد والحب الذي لا يطاق إلا لتعذيب العشاق وحالنا طالبان عاشقان لا يمضي بنا يوم إلا ونجلس فيه نترمسس ونعيش الأحساسيس وننظر بكل الحواس حتى بلغ بنا الحب إلى حد ما من الهيام وأكثر من الهوس وإن تفارقنا فمراسلات الوتس تجمعنا بحروف الحب وكنا نخرج مع الطلاب في نهاية المحاضرات ننتظر وصول المواصلات وذات يوم تأخرت الباصات فانحرفت بنا شوكة البوصلات وأحببنا تعميق الصلات وفضلنا الجلوس نحن الأثنين في عرصة البستان المحيط بالكلية من كل الجهات فذهبنا مشياً نتشبخ فيه المشيات ونتبادل الهمسات ونستشعر اللمسات إلى أن جلسنا بين تلك الشجيرات عند أجمل الزهيرات وقعدنا على الفور نقطف الزهور ونتبادلها بحب وسرور ونشتمها برائحة العشاق وشعرنا براحة القلوب التي لطالما لم نجدها من قبل ونحن نرمق لوجهينا معا بقرب المقل والهواء الطلق يعزف بيننا نسيم الحب فأسرتنا خضرة الحقل وأذهبتنا نظرات المقل وأدهشتنا صقولة السقل فطفقنا نتقلقل ونقترب من بعضنا فهرعت يدي تلمس الضجن وأتحسس نعومة تلك الخدود فعدت كالطفل المولود خلت نفسي من هموم الحياة وتذوقت تلك الحلاوة العذبة النابعة من قلوب المحبة فقتلتني نعومة خديها وسحرتني رقة يديها فطفقت أبوس القبل على وجنتيها الحسناء ووهزني الشوق وجاش بي لذوق تلك الشفاه السمراء المدببة المحبوكة بطرفيها الناعمة فارتشفت شفتيها العذراء وهي تضحك مقتنعة فلم أجد نعومة كنعومة خديها ولم أشم رائحة كرائحة وجنتيها ولم أحس برطوبة كرطوبة يديها ولم ينته العناق بل ارتفعت نشوة الشوق إلى أن حططت رأسي بصدرها فأحسست بحنان نحرها فقلت لها إطمئني لا أحد يرانا ولم نتوار من مكر الشيطان بل ولم ننته من حضن الأحضان حتى هاج بنا هيجان الغرام وأصبح كل شيء حرام مباحاً في شرع العشاق وكدت أموت وأشهق من حلوة اللمسات فطفقت بالعسعسات لثدييها الجميلين ورميت بيدي إلى هناك فصاحت مالك أكتفي عن ذلك وصاحت لا لا تفعل هذا فقلت لها ما يخيفك وأنا حبيبك فقالت يكفي هذا لقد قمنا بأشياء لم نقم بها من ذي قبل ألم تقل لي أنك تكتفي بالقبل ولِمَ تفعل هذا؟ لا تتهابل فامتنعت عن ذلك واكتفيت بالقبل وبخدها المذبل كبيضاء السحاب ولم تكن إلا مداعبة أحباب ليس إلا ولم نقترف ما يشين به الدين بل كانت شذوذ يدين كانتا حبيسة القفصين كعصفورين حلقا في سماء الحرية نرفل في حلل الحب بانسجام ونستمتع بحلوة الوجام وحولينا شجيرات النبات تحفنا من كل مكان وتلفنا زهور البستان وخلفنا جدران الكلية ونوافذها مغلقة ولم يبق في الكلية أحد بل كانت مقفلة وقد انتهى الدوام وقد غادر كل الطلاب ولم يبقَ إلا نحن كما كنا نظن فاستلقينا على ظهورنا فوق الأعشاب ونحن في صمت الأحباب وكلانا في انتصاب منبطحين على التمام فإذا بها ترمي برأسها إلى حضن صدري فأدرت يدي وأمسكت بجمجمتها وحضنتها حضنة ولهان وأطلقت نظري إلى عنان السماء حينها سمعت صوت نافذة تفتح وسحبة شباك تتدحرج فداهمني الارتباك ونوبة من الحرج ولم أبعد رأسها من صدري حنانا بها من لدني فدبت القشعريرة على بدني وتوسعت صوان أذني فإذا بصوت ينادي من بعيد ويقول أنتما أيها الطالبان جئتما تدرسان أم تتقاحبان أنتما مفصولان فاستفقنا بسرعة من هول الفجعة ننظر من أي بقعة هذا الصوت فإذا هو عميد الكلية يرمقنا من بعيد من على نافذة مكتبه في الدور الرابع فنظرنا إليه بعد الفزع وهو يقول أنتما مفصولان من المستوى الرابع فطفقت الفتاة تمسك برأسها وتصيح وتبكي وتقول لقد كشفونا كشفونا والآن سيفصلونا فقال العميد أغربا عن وجهي أنتما بلا أدب وفصلكم أدب من كلية الأدب...أنتهت...
*د.عبدالمجيد محمد باعباد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق