اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

الدرس الأول في الفلسفة ــ قصة فلسفية || بقلم: نبيل عودة

 الدكتور منصور، أو الفيلسوف منصور، كما تعرفه الأوساط الأكاديمية، محاضر جامعي رئيسي في موضوع الفلسفة، كعادته دائما يستقبل طلاب السنة الأولى بكلمة توضيحية تجعلهم محتارين إذا كانوا قد اختاروا الموضوع المناسب لهم، أو انهم تورطوا بدراسة موضوع لا يستطيعون الاستمرار فيه. من الجدير بالذكر انه بعد السنة الأولى والثانية لا يستمر في دراسة مادة الفلسفة إلا أقل من ربع الطلاب.
دخل قاعة المحاضرات، رتّب أوراقه على المنضدة، وجال بنظره يتفحّص وجوه طلاب السنة الأولى .. فارضاً صمتاً متوتراً.


بدأ حديثه مباشرة دون كلمات تعرفه كما تجري العادة لدى محاضرين آخرين وكأنه يواصل حديثاً انقطع:

- عندما اخترت دراسة الفلسفة توهّمت أن أحظى بفهم واع لمعنى الأشياء. كان من نصيبنا أستاذ شاب حصل على درجة بروفسور حين كان في السابعة والعشرين، شعره لا يعرف التمشيط، ملابسه غير متناسقة الألوان ولا تعطيه مظهر بروفسور كبير في مؤسسة أكاديمية .. وقف أمامنا لفترة شعرناها دهراً، حتى بدأنا نتهامس ونثرثر ونتساءل ان كان قد أصابه شيء طارئ. فجأة انطلق صوته فارضاً الصمت على الطلاب في القاعة. قال: "إذا أردتم ان تدرسوا الفلسفة ضعوا جانبا كل ما تحملوه بعقولكم من لحظة دخولكم الى هذه القاعة، ابدأوا من الآن في تكوين إدراككم الجديد، ومعارفكم الجديدة، ووعيكم الجديد والأهم، ابدأوا التفكير بطريقة مختلفة .. ابنوا ذاكرة جديدة .. ربما كلماتي عصية على فهمكم الآن ولكنها ستكون ممتعة إذا نجحتم في هذه المهمة الأخطر في السيطرة على تنمية تفكيركم الفلسفي وعقلكم الفلسفي بدءاً من هذه اللحظة".

قال أيضا: "السؤال في الفلسفة لا يقاس بالحجم، كبيرا او صغيرا، انما يقاس بالمضمون .. في الفلسفة لا يوجد سؤال مستقل ونهائي، في الفلسفة كل سؤال يثير مجموعة أسئلة أخرى، الأسئلة الأخرى تثير أسئلة أخرى عديدة، الأسئلة تمتد بلا توقف الى أدنى والى أدنى أكثر، الى أعلى والى أعلى أعلى .. بلا حدود، بلا حواجز، بلا عجز عن الولوج الى ما يعتبر مناطق محظورة، لا مناطق محظورة في الفلسفة، كل شيء يخضع للعقل .. للإدراك .. للتفكير .. للتساؤل اللانهائي.

إذا انتهت الأسئلة تنتهي الفلسفة. إذا انتهت الفلسفة تفقد الحياة معناها وقيمتها، لأننا نفتقد الوعي، والوعي هو ما يميز الإنسان عن عالم سائر المخلوقات، أما إذا اقتنع الشخص أنه وصل لحقيقة ما، يراها ثابتة غير قابلة للنقد او للنقض، أنصحه ان يصبح رجل دين... هناك الكثير من الحقائق التي تريح عقله وتوقف إدراكه.

جال بنظره متأملا انعكاس كلماته على وجوهنا وسألنا:

- "ماذا يعني كل هذا؟ وكيف تدركون الأشياء بمنظار فلسفي وليس بمنظار التلقين الذي كنتم ضحاياه؟ الآن علينا أولاً ان نخلصكم من آثار التلقين المدمرة، علاجكم لن يكون سهلاً، كما ان علاجنا ونحن في جيلكم لم يكن سهلا ولا يبدو ان مسئولي جهاز التعليم قد استوعبوا الدرس".

توقف الدكتور منصور، أجال نظره بالطلاب مرة أخرى وسأل:

- هل يريد أحدكم ان يقول شيئا؟

ساد صمت ثقيل .. وتجرأتْ بعد برهة غير قصيرة طالبةٌ رفعت إصبعها بتردد:

- تفضلي

- ما الفرق بين الإدراك والفلسفة؟

- سؤال جيد، باختصار، الإدراك هو تكوين صورة متكاملة لكل مواصفات الشيء، مثلا طاولة، لها مواصفاتها.. أي اختلاف في الشكل لا يلغي المواصفات .. هذا يعتبر إدراكاً لشيء، أي ان الإدراك يتّسم بالثبات والاستقرار النسبي وهو غير ممكن بدون وعي الإنسان .. أما الفلسفة فهي الوعي .. وتمثل الأساس النظري لرؤية ومكانة الإنسان في العالم. والفلسفة هي الإشارة الأولى لانفصال عالم العمل الذهني عن العمل الجسدي، بمعنى آخر... بالتفكير الفلسفي يمكننا من إدراك حقائق عن الكون والحياة عبر إدراك ماهية الأشياء، أي لا يمكن ان ندرك شيئا يفتقد للمنطق. لا يمكن ان نصدق ان الإنسان قادر على الطيران بدون آلة. لا يمكن ان نصدق ان البقرة تلد حماراً. لا يمكن ان نصدق ان هناك إنسان يعيش على ثاني أكسيد الكربون. بالطبع أريدكم ان تجتهدوا بطرح ملايين الأسئلة التي لا منطق فيها .. تصديق الخوارق هي الطريق لشلّ العقل. لا تخافوا من دخول المناطق المقدسة .. في الفلسفة لا شيء مقدس .. ومرة أخرى من لا يستطيع ان يخرج من سجن المقدس إلى فضاء التفكير والأسئلة والبحث عن المنطق، ليخرج الآن من دروسي.

هكذا افتتح الدكتور منصور السنة الدراسية مع طلاب سنة أولى فلسفة. كان يعرف ان الكثيرين سيصابون بالإحباط والخوف من كلماته، والتردد سيجعلهم يعيدون التفكير بخيارهم، او يتجاوزون حواجز فكرية عميقة في تربيتهم .. بدونها لن تفيدهم دراسة الفلسفة الا بتضييع سنوات من عمرهم الضائع. قال بعد برهة:

- لكل إنسان منا مبادئ.. رؤية للحياة. قد لا تعجب البعض .. الفيلسوف لا يقول أبداً لمن يرفض رأيه ومبادئه: "هذا ما لدي، اقتنع بما تشاء .." إنما يقول له: "إذا لم تعجبك مبادئي التي طرحتها، عندي مبادئ أخرى، في النهاية سأصل الى تسويق رؤيتي". لذلك أقول لكم ان الفلسفة لا تنهزم.

بدأ يلحظ ان البعض يتحرك بما يوحي بعدم راحة وهذا ليس شيئاً غريباً او جديداً .. هذا يتكرر كل سنة. واصل:

- مع ذلك طلابي الأعزاء، الفلسفة هي أقرب شيء للإنسان وكلما كان الإنسان أكثر وعياً، ومستقلاً بفكرة، كلما كانت فلسفته أرقى وأقوى وتتسع لإدراك العالم وتشكيل وعيه عن محيطه عن مجتمعه عن عالمه... في الفلسفة اليونانية القديمة طرح أحد الفلاسفة سؤالاً على زميل له: "ما الذي يجعل كرتنا الأرضية ثابتة في الفضاء؟" أجابه: "يحملها أحد الآلهة" سأله: "ومن يحمل الإله؟": أجابه: "إله آخر". سأله:" والإله الآخر من يحمله؟". أجابه: " أيضاً إله آخر إلى ما لا نهاية إله تحت إله تحت إله الى ما لا نهاية". اذن جوهر عالمنا انه لا شيء من لا شيء، كل شيء يعتمد على شيء آخر، سلسلة بلا نهاية.

اسمعوا هذه القصة: عاد جميل الى بيته ووجد زوجته وأفضل صديق له عراة في السرير. قبل ان يتمالك نفسه من الصدمة قفز صديقه من السرير وقال له: قبل ان تفتح فمك وتقول شيئاً، من تصدّق؟، هل تصدّق أفضل أصدقائك أم تصدّق عينيك؟"

من سيصدّق حسب رأيكم؟

أحسن صديق لديه، أم يصدق عينيه؟!

هذا سؤال فلسفي للتفكير .. وليس مجرد نكتة. السؤال الفلسفي هنا: أي مجموعة من المعطيات يجب ان يثق بها الإنسان، معطيات الرؤية المدركة الواعية؟ ام معطيات الكذب التي ستصدر عن صديقه؟

الجواب هنا سهل .. انقلوه لمواضيع مركبة أكثر .. وفكروا .. اليكم قصة أخرى: رجل عجوز في التسعين دخل عيادة طبيب نسائي: "زوجتي ايها الطبيب ابنة العشرين سنة حامل". نظر الطبيب اليه وقال له: انت الزوج؟ أجاب:" أجل". قال له: "سأروي لك حكاية، خرج صياد الى رحلة صيد وبدل ان يأخذ بندقيته معه أخذ بالخطأ شمسيته. أثناء الصيد هاجمه دبٌّ ضخم، فصوّب شمسيته وأطلق عليه النار وأرداه قتيلا". صمت الطبيب منتظراً رد فعل العجوز التسعيني الذي ينتظر طفلاً من زوجته العشرينية. قال العجوز بعد تفكير: "مستحيل ان يكون هو الذي أطلق النار وقتل الدب، لا بد من صياد آخر كان متواجداً أطلق النار من بندقيته وقتل الدب". قال الطبيب: "بالضبط هذا ما أحاول ان أشرحه لك .. صياد آخر مع بندقية تطلق النار، وليس شمسية... أين زوجتك الآن؟"

اذن ما هي الحقيقة .. هل الزوجة حامل من إطلاق النار من الشمسية؟ أم من شخص يحمل بندقية؟

هل فهمتم الآن أهمية الفلسفة في تشكيل الوعي ودور الوعي في الإدراك والوصول الى الحقيقة؟

أهلاً وسهلاً بكم في دروس الفلسفة...

نبيل عودة
nabiloudeh@gmail.com


ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...