كان الدَّرَكِيُّ الذي أوقفني ، في أول المساء ، ليتأكد من أوراق سيارتي ، قد أتاح لي الفرصة لِأَتَيَقَّن مِنْ أن الذي رأيته لم يكن وَهْماً صوَّرَتْهُ لي نفسي المُتعبة .
وفيما هو يتفحص على ضوء مصباح يدويٍّ أوراق العربة ، كنت أنا أتحسَّس المقاعد الخلفية للسيارة ،أُرَبِّتُ عليها لأتأكد من أن أشخاصاً لم يكونوا لِصْقَهَا . لقد كانت دافئة رغم الجو البارد خارج العربة ، وداخلها
،حيث تنعدم وسائل التدفئة ، مما يؤكد أن أحدا كان هناك قبل ان يوقفني الدركي . فأنا على يقين اني سمعت، وأنا أسوق السيارة في الطريق ، صوت صَرِيرِأحد الأبواب الخلفية ثم بعدها رأيت أطيافاً تنعكس فجأة على المرآة الإرتدادية الداخلية للعربة ثم تختفي ، لكن ! لمَّا رَكَّزْتُ نظري على صفحة المرآة كان كل شيء على المقاعد الخلفية عادياً ، ولا شيء يَنِمُّ عن وجود حياة هناك ،كما كانت أحزمة السلامة في المقاعد الأخيرة مفككة كما عهدت أن أتركها ، الحبل على الغارب ( غير مشدودة) .
كانت شراشف السواد قد بدأت تنتشر في كل الإتجاهات لما سَلَّمَنِي الدَّرَكِيُّ أوراق السيارة ثم ودَّعني ، بينما صديقه داخل سيارة الخدمة كان مُكِباً على هاتفه النقال وهو يقهقه . سرت بأقصى سرعة حتى أُعَوِّض الوقت الذي فَاتَنِي . وأنا أبتعد عن حاجز الدرك قدْرَ مِيلٍ تقريباً ، عاد صَرِيرُ صوت الباب الخلفي ليتناهى إلى أذني ، وبعدها ، الأطياف ذَاتُهَا التي تهيأ لي أني رأيتها سابقاً ، تَنْسَلُّ إلى داخل السيارة ، مما دفعني أن ألقي نظرة على المقاعد الخلفية للعربة من خلال المرآة الداخلية ، لحظتها ، تَمَلَّكَنِي خوف مشوب بالدهشة لَمَّا بَدَتْ لِي أحزمة السلامة الخلفية معقودة ، ولا أحد هناك! على المقاعد الخلفية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احماد بوتالوحت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق