إِنهُ خَلُوْقٌ طَيِّب السَرِيْرَةْ شَفِيْقٌ رَفِيْقاً بِأَهْلِ بَيْتِه كانت آخِرُ الكَلِمَات التي طَالَتْ مَسْمعَهَا قَبْلَ أن تُغَادِرَهُمْ بِذِهْنِهَا مُبْحِرَة عَبْرَ بَوَابة الذكريات العَتِيْقَة
يَنْتَابُها حَنِيْنٌ مُزج بأحْزَانٍ غَامِضَة غَريبة لتفيض مِنْ على مُحَيَاهَا صَبَابَةٌ فَاضِحَة , مُذْ رَحَل لَيْسَ بِذِهْنِهَا غَيْرَ صُورَتِه التي لم تُشْبِع نَظَرَهَا مِنْه
كَانَ يَوْماً مَشْؤُوماً رَسَتْ فِيْهِ قَوَارِبُ حَيَاتِهَا عَلَى شَاطِئِ الأحْزَانْ , لم تَعُدْ تَمِيْزُ الحُلْوَ مِنَ المُرِّ مُنْكَّبَةً عَلى ثِيَابِ فَقِيْدِ العُمْرِ تَرْتَشِفُ مِنْهَا عَبَقاً تَمَلَّصَ مِنْ بَيْنِ أنَامِلِهَاْ
إقْتَحَمَ خَلْوَتَهَا تِلْك صَوْتُ أُمِهَا يُرَاوِدُهَا عَنْ نَفْسِهَا مُتَودِدَةً في غَمَامَةٍ مِنْ مَوَاعِظْ العُرْفِ المَقِيْتَةْ "ليس لَكِ غَيْر بَيْتُ زَوْجِكْ وَإن كَان عَنْ سِنِّه فَلَيْسَتْ مُشْكلَةً فَهُوَ أَرْمَلٌ مِثْلَكِ يَرِيدُ فَتْحَ صَفْحَةٍ
جَدِيْدَة , شَعَرَتْ أنَّهَا لَا تَسْتَجِيْبُ لهَا فَإْنْصَرَفَتْ وَهِي تَأْخُذُ بَابَ الغُرْفَة بِيَدِهَا "خَاطَبَتْهَا بِنَبْرَةٍ حَادَّةٍ لَقَدْ مَلَلْنَا أَلْسِنَةَ النَاسِ وَهِيَ تَنْهَشُ عِفّتِكِ , غَداً سَيَزُوْرُنَا مَعَ أُخْتِهِ لِرُؤْيَتِكِ كَأَنّهَا تُلمِّح لأمرٍ واقع" ,أطْلَقَتْ زَفْرَةً شَاتِمَةْ تَلْعَنْ حَضَّهَا العاثر وَقَدْ إرْتَسمت عَلى العيُون المُسَهَّدَة القرِيحَة عَبرات كاللآلئ.
كان اللَيل يَسَّلَخُ ضِياء النهار بعُسرٍ كآهآتها التي لم يُضَمِّدها النِسْيان بعد; ليلة دَهْمَاء تُشبٍه تَلِكَ التي فَقَدَتْ فِيْهَا بَعْلَهَا , نَضُبَ تَفْكِيْرُهَا وشُلَتْ حَوَاسُهَا تُريد بِشِدَّة العَودَة لِبَيْتهَا عَسَاهَا تجد طَيْفَهُ فَتَرْمِي عَلَيه كَيَانَهَا المُثقَل وَتَبْكيه جرحاً غَائِراًَ وتجدد وفائها له بمثواه الأخير
تثَاقَلَتْ اللحظات والفجر في تمردٍ يأبى البُزُوْغَ إلى أن حَلَّ الضحى بإشراقة تَبْعَثُ الكآبة بناظريها .بيتُهُمْ على غَير العَادة الكُل مُنْهَمِكٌ فيما وُكِل بِهِ والأبُ يَتَرَبَّع باحة الصالون ينتظر عَرِيسَ السَعْد , فهي الممانع الوحيد بتلك الغمرة .
دَقْدَقَةٌ عَلى الباب زَادَتْ مِن دَقَّاتِ قَلْبِهَا "قام الأب مُرَحِّباًَ بهم في حَفَاوَةٍ تُضَاهِي إسْتقْبَال الفَاتِحِيْنَ أهْلًا بِكُمْ نَوَّرْتُمْ بَيْتَنَا تَفَضّلُوا بِالجلوس "
كانت ترمقهم من تحت كَحِيْلٌ مُترهل من فرط السهاد , وإذا به كهل بالعقد الخامس وقد خضّب الشيبُ شعره ونفث رَمَادِية على لحيته يمتشق إبتسَامة مُراهق ساذجة , تجاذبا أطراف الحديث كانت كل عِبارات الحِوَار تصب في بوتقة العِفَّة والسُترة والتحصين كل منهما يستدرج الآخر لإقتحام صلب الموضوع الذي يجمعهما إلى أن بادره صاحب البيت مرحبا مرة أخرى كأنه يتملصها من بين شفاهه ففاتحه بالأمر ولوقي بالإجابة ومن عمق الدار علت زغاريد الأفراح في شماتة صارخة .
عصام أحمد بن مجغاية
يَنْتَابُها حَنِيْنٌ مُزج بأحْزَانٍ غَامِضَة غَريبة لتفيض مِنْ على مُحَيَاهَا صَبَابَةٌ فَاضِحَة , مُذْ رَحَل لَيْسَ بِذِهْنِهَا غَيْرَ صُورَتِه التي لم تُشْبِع نَظَرَهَا مِنْه
كَانَ يَوْماً مَشْؤُوماً رَسَتْ فِيْهِ قَوَارِبُ حَيَاتِهَا عَلَى شَاطِئِ الأحْزَانْ , لم تَعُدْ تَمِيْزُ الحُلْوَ مِنَ المُرِّ مُنْكَّبَةً عَلى ثِيَابِ فَقِيْدِ العُمْرِ تَرْتَشِفُ مِنْهَا عَبَقاً تَمَلَّصَ مِنْ بَيْنِ أنَامِلِهَاْ
إقْتَحَمَ خَلْوَتَهَا تِلْك صَوْتُ أُمِهَا يُرَاوِدُهَا عَنْ نَفْسِهَا مُتَودِدَةً في غَمَامَةٍ مِنْ مَوَاعِظْ العُرْفِ المَقِيْتَةْ "ليس لَكِ غَيْر بَيْتُ زَوْجِكْ وَإن كَان عَنْ سِنِّه فَلَيْسَتْ مُشْكلَةً فَهُوَ أَرْمَلٌ مِثْلَكِ يَرِيدُ فَتْحَ صَفْحَةٍ
جَدِيْدَة , شَعَرَتْ أنَّهَا لَا تَسْتَجِيْبُ لهَا فَإْنْصَرَفَتْ وَهِي تَأْخُذُ بَابَ الغُرْفَة بِيَدِهَا "خَاطَبَتْهَا بِنَبْرَةٍ حَادَّةٍ لَقَدْ مَلَلْنَا أَلْسِنَةَ النَاسِ وَهِيَ تَنْهَشُ عِفّتِكِ , غَداً سَيَزُوْرُنَا مَعَ أُخْتِهِ لِرُؤْيَتِكِ كَأَنّهَا تُلمِّح لأمرٍ واقع" ,أطْلَقَتْ زَفْرَةً شَاتِمَةْ تَلْعَنْ حَضَّهَا العاثر وَقَدْ إرْتَسمت عَلى العيُون المُسَهَّدَة القرِيحَة عَبرات كاللآلئ.
كان اللَيل يَسَّلَخُ ضِياء النهار بعُسرٍ كآهآتها التي لم يُضَمِّدها النِسْيان بعد; ليلة دَهْمَاء تُشبٍه تَلِكَ التي فَقَدَتْ فِيْهَا بَعْلَهَا , نَضُبَ تَفْكِيْرُهَا وشُلَتْ حَوَاسُهَا تُريد بِشِدَّة العَودَة لِبَيْتهَا عَسَاهَا تجد طَيْفَهُ فَتَرْمِي عَلَيه كَيَانَهَا المُثقَل وَتَبْكيه جرحاً غَائِراًَ وتجدد وفائها له بمثواه الأخير
تثَاقَلَتْ اللحظات والفجر في تمردٍ يأبى البُزُوْغَ إلى أن حَلَّ الضحى بإشراقة تَبْعَثُ الكآبة بناظريها .بيتُهُمْ على غَير العَادة الكُل مُنْهَمِكٌ فيما وُكِل بِهِ والأبُ يَتَرَبَّع باحة الصالون ينتظر عَرِيسَ السَعْد , فهي الممانع الوحيد بتلك الغمرة .
دَقْدَقَةٌ عَلى الباب زَادَتْ مِن دَقَّاتِ قَلْبِهَا "قام الأب مُرَحِّباًَ بهم في حَفَاوَةٍ تُضَاهِي إسْتقْبَال الفَاتِحِيْنَ أهْلًا بِكُمْ نَوَّرْتُمْ بَيْتَنَا تَفَضّلُوا بِالجلوس "
كانت ترمقهم من تحت كَحِيْلٌ مُترهل من فرط السهاد , وإذا به كهل بالعقد الخامس وقد خضّب الشيبُ شعره ونفث رَمَادِية على لحيته يمتشق إبتسَامة مُراهق ساذجة , تجاذبا أطراف الحديث كانت كل عِبارات الحِوَار تصب في بوتقة العِفَّة والسُترة والتحصين كل منهما يستدرج الآخر لإقتحام صلب الموضوع الذي يجمعهما إلى أن بادره صاحب البيت مرحبا مرة أخرى كأنه يتملصها من بين شفاهه ففاتحه بالأمر ولوقي بالإجابة ومن عمق الدار علت زغاريد الأفراح في شماتة صارخة .
عصام أحمد بن مجغاية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق