⏪⏬لقد شكلت الصفات الجمالية للتحليل الجمالي البؤرة الجوهرية لاكتشاف الفن التعبيري وعلاقته بالجمالية بحيث لا يمكن تصور عمل فني جمالي دون ربطه بالتجربة الجمالية القائمة على أساس التأويل والتقويم الجمالي، وهذا ماتم افتراضه وتأويله من طرف العديد من
الجماليين في النصف الثاني من القرن العشرين.
لكن في خضم ذلك طرحت بعض الإشكالات المتناقضة لبعض الفلاسفة التحليليين في العقد الخامس من القرن العشرين كهول زيف وموريس فايتز ، وويليم كينيك الذي تحدا هذه النظرة و ذلك في مقاله دور النظرية في علم الجمال التي تركت تأثيرا مستمرا على نمط التفكير الجمالي في الولايات المتحدة بحيث أقر بكون النظرية الجمالية مبدئيا غير ممكنة ولاوجود لتصور الفن كما يبين ذلك منطق تصور الفن.
فمن الصعب صياغة نظرية في الفن بل شبه مستحيلة منطقيا،لأن النظرية الجمالية التقليدية نجدها تفرض أن تصور الفن هو مغلق ،إلا أن هذا الافتراض جادله وايتز بكونه خاطئ لأن الفن هو تصور مفتوح فلا يوجد جوهر أو أي صفة مشتركة بين جميع الأعمال الفنية التي تشكل حقل الفن فهو مغامرة إبداعية تتسم بالإبداع واستمرارية التوسع .
وبهذا الرأي حاول بعض الفلاسفة التصدي بحماس لتحدي وايتز وسارت محاولاتهم بثلاثة اتجاهات مختلفة لكن بصورة مترابطة .
- المحاولة الأولى : إن النظريات الجمالية التقليدية مرنة وأنه بإمكانها استيعاب الإنجازات الإبداعية للفن؛ أي بإمكانها أن تلقي ضوء الفهم على الواقع الفني القديم والمعاصر.
- المحاولة الثانية: تفسير النظرية الجمالية وتفسيرها.
- المحاولة الثالثة: تفسير الإنجازات الفنية التقليدية والمعاصرة والاعتماد على نظام منهجي وفكري جديد.
لتكون من نتيجة هذه المحاولات الأمور التالية:
1- انبثاق فلسفة تحليلية تعطي الحيوية للفلسفة الجمالية الأمريكية .
2- إحياء الاهتمام بأعمال بعض فلاسفة الجمال الذين تصدروا التطور التاريخي لنظرية الجمال خلال القرون الثلاثة الماضية كهيوم وكانط وهيجل ونيتشه وكروتشه وديوي.
إن من بين الاعتراضات التي وجهت لنظرية التعبير عند ديوي أن جميع أنواع هذه النظرية تتبنى تعريفا جوهريا للفن ويدعي البعض فيها أن تصور التعبير استعمل لتفسير الطبيعة الجوهرية للعمل الفني ولعملية صنعه.
الأمر الذي جعل نقاد هذه النظرية ينكرون ذلك وهذا ما نجد في النسخة الثانية من كتاب فلسفة الجمال لمونر بيردزلي الذي يقول فيه مثلا " لا يمكن لنظرية التعبير بأي شكل من الأشكال أن تعطي وصفا صحيحا لطريقة خلق العمل الفني عموما وأنه يمكن تفسير قيمة العمل الفني وصفته الخاصة من دون اللجوء إلى افتراض يتعلق بمصدر أو طريقة إنتاجه.
بالإضافة إلى ذلك نجد أيضا الناقد آلن تورمي الذي قدم صياغة واضحة دفاعا عن هذين الاعتراضين في كتابه المعروف تصور التعبير الذي يميز فيه بين عملية الخلق الفني التي اعتبرها عملية تعبر عن شيء ما يجسد ويتموضع في العمل وبين الصفة التي تضفي على العمل صفته الفنية وتمنحه هويته الفنية.
هذا الرأي جعل تورمي يذهب إلى أبعد من ذلك ويرفض نموذج ديوي بنقل (Q) إلى (O) باعتبار (F) حالة شعورية و (Q) الصفة النفسية المرادفة لـ (F).و يعتقد أيضا أن هذا التسلسل المنطقي هو في حد ذاته خاطئ لعدة أسباب منها:
لو كانت العلاقة ضرورية تربط بين صفات العمل الفني ومشاعر الفن أثناء عملية الخلق الفني فإننا نكون مضطرون لأن نعتبر أن جميع الأعمال الفنية ضرب من ضروب السيرة الذاتية.
لا توجد أي طريقة لتصديقه أو تكذيبه فأي قضية عن الفعل الفني هي قضية تتعلق بالفعل الفني فقط ولا تتضمن أي ادعاء على مصدرها لكون الفنان يعبر عن نفسه أثناء خلق العمل الفني وأن العمل الفني كفن لا يستلزم فعل تعبير مسبق ،فالشيء الذي يضفي على العمل صفته الفنية ليس التعبير عن صفات جمالية للفعل التعبيري بكونه افتراض خادع .
كما يتهم نظرية التعبير عند ديوي بكونها مغالطة للتحصيل الحاصل ،لأنها تفسر الصفة التعبيرية للفعل التعبيري بلغة العمل الفني والصفة التعبيرية للعمل الفني بلغة الفعل التعبيري.
علاوة على ذلك يجادل تورمي ديوي بأن العلاقة بين فعل الفنان الإبداعي والعمل الفني محتملة وعلى عكس ما يدعي ديوي.
وبالتالي فإن إدراك الصفة في العمل يجب أن تتضمن فعل تعبير مسبق، ويمكن صياغتها وفق العلاقة التالية:
إذا كان الموضوع الفني (O) يمتلك صفة تعبيرية (Q) ،إذن: كان يوجد فعل مسبق (C) عند الفنان (A) فالقيام بفعل (C) فإن (A) يعبر عن (F) لـ (X).
ليعيد نفي ما قاله عن الصفات الجمالية بكونها صفات تعبر عن العمل الفني لأن استجابة الفنان إلى موضوعه تعتبر انفعالية جوهرية لهذا يجوز القول بأن الانفعال هو المصدر الأولي للعملية الخلاقة ،لأن المادة هي التي منها يكتسب العمل صفة الفن فالاستجابة التي يستمدها الفنان من الموضوع هي التي تجمع عناصر الفعل الخلاقة المختلفة وهي أيضا التي تحدد المنطق الباطني لذلك الفعل.
وبالتالي نجد أن الآراء تعددت ووجهات النظر كانت لها قيمة علمية ذات طابع فلسفي عميق في جعل نظرية التعبير تكون أكثر شمولية للدراسة لأنها تمتاز بوجهات الاختلاف من أجل الوصول إلى الهدف المنشود ليصل في النهاية إلى كون أن الموضوع الجمالي الذي نستوعبه أثناء إدراكنا الجمالي هو يبنى على عالم إنساني لكن عندما ننتقل به إلى الفعل الخلاق لا يمكننا الاستنتاج بأن الفعل غير مفيد في تفهمنا للعمل .إذ في الوجود نكتشف الجوهر الجمالي والدينامية التي تحرك الفعل الخلاق .
وهذا هو الذي ركز عليه ديوي بشدة في تقييمه لدور الفنان في حياة الإنسان.
*حليمة داحة
المغرب
الجماليين في النصف الثاني من القرن العشرين.
لكن في خضم ذلك طرحت بعض الإشكالات المتناقضة لبعض الفلاسفة التحليليين في العقد الخامس من القرن العشرين كهول زيف وموريس فايتز ، وويليم كينيك الذي تحدا هذه النظرة و ذلك في مقاله دور النظرية في علم الجمال التي تركت تأثيرا مستمرا على نمط التفكير الجمالي في الولايات المتحدة بحيث أقر بكون النظرية الجمالية مبدئيا غير ممكنة ولاوجود لتصور الفن كما يبين ذلك منطق تصور الفن.
فمن الصعب صياغة نظرية في الفن بل شبه مستحيلة منطقيا،لأن النظرية الجمالية التقليدية نجدها تفرض أن تصور الفن هو مغلق ،إلا أن هذا الافتراض جادله وايتز بكونه خاطئ لأن الفن هو تصور مفتوح فلا يوجد جوهر أو أي صفة مشتركة بين جميع الأعمال الفنية التي تشكل حقل الفن فهو مغامرة إبداعية تتسم بالإبداع واستمرارية التوسع .
وبهذا الرأي حاول بعض الفلاسفة التصدي بحماس لتحدي وايتز وسارت محاولاتهم بثلاثة اتجاهات مختلفة لكن بصورة مترابطة .
- المحاولة الأولى : إن النظريات الجمالية التقليدية مرنة وأنه بإمكانها استيعاب الإنجازات الإبداعية للفن؛ أي بإمكانها أن تلقي ضوء الفهم على الواقع الفني القديم والمعاصر.
- المحاولة الثانية: تفسير النظرية الجمالية وتفسيرها.
- المحاولة الثالثة: تفسير الإنجازات الفنية التقليدية والمعاصرة والاعتماد على نظام منهجي وفكري جديد.
لتكون من نتيجة هذه المحاولات الأمور التالية:
1- انبثاق فلسفة تحليلية تعطي الحيوية للفلسفة الجمالية الأمريكية .
2- إحياء الاهتمام بأعمال بعض فلاسفة الجمال الذين تصدروا التطور التاريخي لنظرية الجمال خلال القرون الثلاثة الماضية كهيوم وكانط وهيجل ونيتشه وكروتشه وديوي.
إن من بين الاعتراضات التي وجهت لنظرية التعبير عند ديوي أن جميع أنواع هذه النظرية تتبنى تعريفا جوهريا للفن ويدعي البعض فيها أن تصور التعبير استعمل لتفسير الطبيعة الجوهرية للعمل الفني ولعملية صنعه.
الأمر الذي جعل نقاد هذه النظرية ينكرون ذلك وهذا ما نجد في النسخة الثانية من كتاب فلسفة الجمال لمونر بيردزلي الذي يقول فيه مثلا " لا يمكن لنظرية التعبير بأي شكل من الأشكال أن تعطي وصفا صحيحا لطريقة خلق العمل الفني عموما وأنه يمكن تفسير قيمة العمل الفني وصفته الخاصة من دون اللجوء إلى افتراض يتعلق بمصدر أو طريقة إنتاجه.
بالإضافة إلى ذلك نجد أيضا الناقد آلن تورمي الذي قدم صياغة واضحة دفاعا عن هذين الاعتراضين في كتابه المعروف تصور التعبير الذي يميز فيه بين عملية الخلق الفني التي اعتبرها عملية تعبر عن شيء ما يجسد ويتموضع في العمل وبين الصفة التي تضفي على العمل صفته الفنية وتمنحه هويته الفنية.
هذا الرأي جعل تورمي يذهب إلى أبعد من ذلك ويرفض نموذج ديوي بنقل (Q) إلى (O) باعتبار (F) حالة شعورية و (Q) الصفة النفسية المرادفة لـ (F).و يعتقد أيضا أن هذا التسلسل المنطقي هو في حد ذاته خاطئ لعدة أسباب منها:
لو كانت العلاقة ضرورية تربط بين صفات العمل الفني ومشاعر الفن أثناء عملية الخلق الفني فإننا نكون مضطرون لأن نعتبر أن جميع الأعمال الفنية ضرب من ضروب السيرة الذاتية.
لا توجد أي طريقة لتصديقه أو تكذيبه فأي قضية عن الفعل الفني هي قضية تتعلق بالفعل الفني فقط ولا تتضمن أي ادعاء على مصدرها لكون الفنان يعبر عن نفسه أثناء خلق العمل الفني وأن العمل الفني كفن لا يستلزم فعل تعبير مسبق ،فالشيء الذي يضفي على العمل صفته الفنية ليس التعبير عن صفات جمالية للفعل التعبيري بكونه افتراض خادع .
كما يتهم نظرية التعبير عند ديوي بكونها مغالطة للتحصيل الحاصل ،لأنها تفسر الصفة التعبيرية للفعل التعبيري بلغة العمل الفني والصفة التعبيرية للعمل الفني بلغة الفعل التعبيري.
علاوة على ذلك يجادل تورمي ديوي بأن العلاقة بين فعل الفنان الإبداعي والعمل الفني محتملة وعلى عكس ما يدعي ديوي.
وبالتالي فإن إدراك الصفة في العمل يجب أن تتضمن فعل تعبير مسبق، ويمكن صياغتها وفق العلاقة التالية:
إذا كان الموضوع الفني (O) يمتلك صفة تعبيرية (Q) ،إذن: كان يوجد فعل مسبق (C) عند الفنان (A) فالقيام بفعل (C) فإن (A) يعبر عن (F) لـ (X).
ليعيد نفي ما قاله عن الصفات الجمالية بكونها صفات تعبر عن العمل الفني لأن استجابة الفنان إلى موضوعه تعتبر انفعالية جوهرية لهذا يجوز القول بأن الانفعال هو المصدر الأولي للعملية الخلاقة ،لأن المادة هي التي منها يكتسب العمل صفة الفن فالاستجابة التي يستمدها الفنان من الموضوع هي التي تجمع عناصر الفعل الخلاقة المختلفة وهي أيضا التي تحدد المنطق الباطني لذلك الفعل.
وبالتالي نجد أن الآراء تعددت ووجهات النظر كانت لها قيمة علمية ذات طابع فلسفي عميق في جعل نظرية التعبير تكون أكثر شمولية للدراسة لأنها تمتاز بوجهات الاختلاف من أجل الوصول إلى الهدف المنشود ليصل في النهاية إلى كون أن الموضوع الجمالي الذي نستوعبه أثناء إدراكنا الجمالي هو يبنى على عالم إنساني لكن عندما ننتقل به إلى الفعل الخلاق لا يمكننا الاستنتاج بأن الفعل غير مفيد في تفهمنا للعمل .إذ في الوجود نكتشف الجوهر الجمالي والدينامية التي تحرك الفعل الخلاق .
وهذا هو الذي ركز عليه ديوي بشدة في تقييمه لدور الفنان في حياة الإنسان.
*حليمة داحة
المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق