اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

اللّوحة المنسيّة | قصة قصيرة ...*إيمان الدرع - سوريا

⏪⏬
طوَّق خصرها، وغاصتْ يداه في حنايا شعرها، ضحكتْ له عيناها، أمسك بيدها الغضّة النديَّة بين يديه الجافتين، قبّلها بحنان كبير.
ولمّا زحفت إلى قلبه كلّ قطرات ندى الأشجار، واستفاقت في نفسه كلّ الخلجان النائمة، خاف على هذي الفراشة المتنقّلة بين لوحاته
أن تنكسر أجنحتها المرفرفة الحلوة، فعبر بين منعرجات الهروب الآنيّ عائداً إلى لحظات السكون والتأمل.
تسمّرت عيناها عند كلّ لوحة، يستفزّها ذلك البوح الصامت الذي تنطق فيه الألوان، باقة الورد والمشربية، صحن الفاكهة الذي يغريك بالتذوق على ضوء الشموع، الدموع المتحدّرة في شفاه امرأة مسحوقةٍ تبتسم، منعرجات النهر وأسراره، ووشوشاته التي يودعها في حنايا كل شجرة باسقةٍ كعذراء خجلة ، القلاع ، الجسور المتعانقة، وسكّة قطارٍ يعبر العمر بمحطّاته ، والحارات الشعبّية الدمشقيّة التي استوقفتها ،نفذت إلى أنفها رائحة التوابل ، وحبّات الحمّص السّاخنة من دكّان الحمّصاني ، تخرج من مسامات اللوحة ، وتلمّست بيدها الحصر الدمشقيّة ، ومخدّات المنجّد المعدّة لعريس الحارة ، والقباقيب المعلّقة على الحبال في واجهات المحالّ، وصانع الكنافة .
ورأت الحارس الليليّ، يلسعه البرد ،فيهرب إلى الفحمات المشتعلات يستنهضها كي لا تنطفئ ، يسامر المجلّخ قبل أوبته إلى داره .
تشوّقت أن تجول قدماها تيك الأماكن برفقة أستاذها الذي عتّقته
السنون برحيق الفن المنصهر بكلّ خلجاته ، والذي قصدته مرشداً ومعلّماً ومدرّباً وملاذاً.
حدّد لها موعداً بعد أيام …
نقراتٌ من الحصى النّاعمة على شبّاك مرسمه من الخارج ، أثارت استغرابه، مدّ رأسه عبر النافذة، وجدها تضحك بفرح بادٍ ، بثيابها البسيطة وشعرها المجدول كالأطفال .
قالت له : ها قد انتعلت حذائي الرياضي استعداداً للمسير في هذي الحارات التي حدّثتني عنها : ربّت على كتفها : رائعة أنت يا أجمل رسّامة .
سبقته بضع خطوات ، انتظرته حتى حاذاها ، حاول أن يسبقها ،
تعب من المسير أبطأ الخطو وهو يشير إلى الأزقّة الضيّقة يدرّبها على مسافات المنظور من كل الزوايا قال لها : عليك أن تستنطقي بخطوط ريشتك كلّ نسيج الحارات هذي ، حديث الشبابيك العتيقة المتعانقة ، والدرابزونات العاشقة ، افضحي أسرار الصبايا خلف الأبواب المغلقة ، أنطقي رغيف الخبز الساخن ، وأصوات أحجار طاولات النّرد في المقاهي ، ورائحة التنباك والنراجيل ، وأقداح الشاي والقهوة ، وأصوات الباعة المتداخلة ، مع حكايا صندوق الدنيا الذي يداعب مخيّلة وبراءة الأطفال الملتفّين حوله بدهشة ، و تلك الطّاقة الرّوحية الكبيرة التي تملأ المكان .
أصغتْ إليه بتمعّنٍ، نسختْ عنه كلّ حروفه و ألوانه ، خبّأتها بين طيّات أنسجتها.
تعبتْ من المسير ، استراحتْ بمرحٍ على طرف حوضٍ تعمشقتْ ياسمينته على جدران إحدى البيوتات الوادعة، المسالمة،الجميلة..

جذبها من يدها ضاحكاً و هو يقول : فضحتنا.
متّجهاً بها إلى إحداها، شرح لها و هما يرتشفان القهوة أقسام البيت الدمشقيّ ، بروحها عانقتْ العهود الغابرة، حاورتْ أشخاصاً لم تعرفهم و شاطرتهم التجوال في أماكن حميمة رفضوا مغادرتها بإصرار .
في عصر يوم آخر، درّبها على الرسم بالسكّين ، دُهشتْ من نفسها كيف استطاع أن يفجّر فيها ذلك الفن السّاحر!!الفن الموؤود الذي تحمله .
أنجزت لوحتها التجريبّية بإتقانٍ ، تلوّن بجرأةٍ، يوجّهها فتعيد مراراً حتى يرضى ،وإن تعثّرتْ، يقرّعها بضرباتٍ من الرّيشة على ظاهر كفّها ضاحكاً ومنبّهاً حتى يكتمل لها المشهد على أكمل وجهٍ ، فيربّتُ على كتفها بإعجاب المربّي بطالبه.
اطمأنّ على بزوغ نجم فنانةٍ واعدةٍ ، تخترق بنبضها لوحتها بكل ما فيها من إحساس دافئ ووميض روح، وتوقّد نظر.
أحبّها.. دخلتْ مسامات قلبه الذابل بين ضلوعه، عادتْ إليه الحياة تطرق بابه عند النوم، يستدعيها إلى وسادته بخياله، فتطيعه كملاكٍ منسدل الشعر، يسمع حفيف ثوبها الأبيض ،يعانق الزنبق فيها فتذوب بين يديه شغفاً، وحباً، واتّقاداً، تتغلغل بأنفاسها إلى جلده الذّابل كلحاء شجرٍ متعتّقٍ، فتُبرعم وريقات خضر ينتشي لها فينام على صورتها بعينيه الحزينتين.
وحيدٌ هو مع لوحاته، بعد رحيل رفيقة دربه، وابتعاد الأولاد عنه في مغاور الحياة السحيقة.
وجد للقهوة طعماً آخر، وللخبز طعماً آخر، وللهواء والتراب والألوان طعماً آخر، حوريّة جميلة اقتحمتْ شواطئه المهجورة وقلبه المغترب المهاجر بين ضلوعه، بلا استئذان، استدعتْ إلى سمعه كلّ النوارس وضجيج السفن .
لم يعد يقوى على فراقها، كلّ الثواني كانت تتأرجح بين نافذته ومرسمه ، ومشاويره الرّاجلة معها، بجنونها ، وحيويّتها ، وجمالها.
وفي لحظة متوهّجة جمعت روحيهما قطف نجوم السماء ورصّع شعرها الغجريّ بتاج النجاح.
فاجأها بشهادة تقدير تخوّلها لافتتاح معرضها الأول الخاصّ بها . قالت مشكّكة: أنـا..أنـا.. هل أستطيع؟ قل لي أن ذلك حقيقة وليس حلماً..
طوّقته بذراعيها، وصلتْ إلى شرايينه المتعَبة دقّاتُ قلبها المتسارع الذي يرتجف سعادة وخوفاً، سمح لنفسه هذه المرة أن يطيل العناق أراد أن يكتنز شحنات حبّ كبيرةٍ ألهبتْ صدره وعقله.
وهدأتْ هي بين ذراعيه بسكونٍ غريبٍ، استفاقتْ منه بعد حينٍ فانسحبتْ بهدوءٍ.
بينما وقف هو لاهثاً، تحيط به عاصفةٌ هوجاءُ اجتاحته، أوقدتْ النار المستعرة في حطبٍ هرمٍ.
كلّ الأيام التي مرّت بعد ذلك كانت مخصّصة لها في المعرض المرتقب، يشرف، يوجّه، ينتقي اللوحات الأجمل، يؤطّرها، يرتّبها بانسجامٍ، يدرس المسافات والألوان.
مضطربة الأوصال كانت، متوتّرة الأعصاب، ترتدي بنطالها الأزرق، وتنتعل الحذاء الرياضي، تارة تعلو على أدراج السلّم الخشبيّ، وتارة تهبط، وأخرى تنحني، وقد نال منها التعب كلّ طاقتها، فيعلو صوتها بنزقٍ يعرفه من يخوض التجربة الأولى .
يحاول أن يشحنها بالثّقة من جديدٍ، فتهدأ، يهدهدها بحنانه ونفحات عينيه الوادعتين.
وهاهو المعرض المرتقب تسطع أضواؤه، بعد أن أشرف بنفسه على توزيع الدّعوات، فتقاطر إليه جمع من الصحفيين، والنقابيين، والرّسامين القدامى والجدد، والكثير الكثير ممن حوله وعلى دروبه الواثقة، واعداً بظهور الموهبة الناشئة التي ستصير قريباً ذات شأن.
أكاليل الورد تتوضّع على الأدراج، وبين أرجاء الصالة، تتناثر بين اللوحات.
وتهادتْ بخطوها.. تفاجأ بها، ذُهل بجمالها أكثر، وقد خلعتْ عباءة الطفولة، بدتْ له: أنها اليوم عبقريّة الحسن، تسريحة شعرها، أناقتها، عطرها النفّاذ، خطوط عينيها، وحمرة خدّيها ،والحذاء العالي الذي زاد قامتها شموخاً وأنوثةً، الكلّ مأخوذ بها، معجب بها، بثقتها، بردودها المنتقاة التي تثير الاستحسان .
دوّى تصفيقٌ شديدٌ عندما قصَّتْ الشريط إيذاناً بالافتتاح، ودارتْ كاميرات التصوير، عبارات الدّهشة تردّدتْ في ردهات الصالة، امتلأتْ نفسها بالزهو، نبتت في أطرافها ريشات الطاووس، لم تلتفتْ إليه، لم تقدّمه على أنه صاحب الفضل، لم تحاولْ أن تنظر إليه لو خلسةً اعترافاً بالجميل ،لم تخصّه بابتسامة ولو عابرة ، تركته في الركن البعيد يتسامر بزيف مع بعضٍ من رفاقه القدامى الذين انسلّوا تباعاً نحوها، يتبادلون معها الضحكات و التعليقات الحلوة و التشجيع الذي لا حدود له .
و بطرف عينه لاح له طيف ذلك الشاب الوسيم الذي كان يلاصقها أينما حلّتْ ، و كانت أنامله الحارة تتشابك مع يديها البضّتين بين فينة وأخرى، يطوَّقها بعينيه بكثير من الحب المعلن المفضوح وتبادله النظرات وتهيم به حباً.
انسلخ عن هذا العالم، يبتلع أشواك غاباتٍ من الصبّار استوطنت حنجرته .
غادر الصالة لم يلتفتْ إليه أحد، لم تشعرْ به..
دفع بجسده الواهن على أدراج السلّم التي نزلت به إلى الشارع، جذبته رياح تشرينيّة باردة في الخارج وأرجحته، ارتجف قلبه بين ضلوعه يئن ،ويتلوّى، ويشكو، ويعاتب.
ولفَّته أوراق الخريف تتسرّب بين أقدامه وعلى أكتافه، ، أضواء السيارات التي كانت تعلو وتخبو، كشفتْ دموعه، عرَّته وهو يقطع الشارع وحيداً في هذا المساء الحزين.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...