سليمان جبران |
اتّصل بي الأستاذ م. س. غاضبا، وأردّ عليه علنا، على الملأ، ليكون القارئ حَكما بيننا. أنا يا أستاذ، كما تعرف طبعا، بعثتُ المقالة المذكورة لوالدك. وهو من جيلي، وأظنّه يوافقني في معظم ِمواقفي السياسيّة، والفنّية أيضا !
في مقالتي "الفنّية" التي أغاظتك كتبتُ ما أشعر به، ويشعر به، في ظنّي، كلّ أو معظم أبناء جيلي. أنا لا أنكر، ولا يمكن أن أنكر على
زياد موهبته وعبقريّته، وحقّه في شقّ طريق واقعيّ لفنّه. أعرفه خير معرفة، بل لعلّني أعرفه أكثر من شباب كثيرين! كتبتُ هناك في مقالتي التي أثارت حفيظتك:"أنا آخر من ينكر[..] دور العبقري ابن عاصي، زياد الرحباني". وختمتُ مقالتي تلك بقولي، كما قرأتَ هناك: " كلّ من يرغب في التجديد والإضافة فالساحة واسعة تتّسع للجميع. فقط أبقوا لنا العبقريّة الرحبانيّة دونما "تجديد" أو تحريف!!" أعرف عبقريّة زياد، كما ذكرتُ هناك، حقّ المعرفة، وأتابع نتاجه، بل شاهدتُ غير مرّة استقباله في برنامج منى الشاذلي في القاهرة مؤخّرا !!"
خلال عشرات السنين، وعبر مئات الأغاني والبرامج الغنائيّة، صنع الرحابنة من فيروز أيقونة، صورة رومانسيّة متخيّلة، لا يمكن محوها، ولا يجوز تحريفها! أعرف عبقريّة زياد، بل أُعجب بها أيضا، لكن يصعب عليّ وعلى كثيرين مثلي، في ظنّي، أن يتّخذ من صوت فيروز، وشخصيّة فيروز القارّة بالذات، جسرا يوصله إلى الجيل الجديد!
باختصار: لفيروز في مخيّلتنا، نحن مجايلي فيروز ومدمني فنّها، صورة رومانسيّة متخيّلة لا نرضى لأحد فجمها أو تحويرها. فنّ زياد فنّ "واقعي" جديد، فليتّخذ له مغنّية جديدة، والأصوات الجديدة كثيرة ومتميّزة، لتكون جسره إلى الجيل الجديد. ليصنع فيروزا أخرى واقعيّة، وليترك لنا فيروزنا، دونما "تجديد" أوتحوير!
هل اتّضح لك، أيّها الصديق أبن الصديق، موقفي الآن؟ هل فيه ما يغيظك فعلا؟ نحن لا ننكر عليكم حقّكم في فنّ جديد "معاصر" يوافق مزاجكم. فقط لا تصادروا علينا حقّنا نحن أيضا!!
اتركوا لنا فيروزنا، كما عرفناها وعشناها سنوات طويلة، واصنعوا لكم فيروزكم مع زياد!
*نبيـل عــودة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق