اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

مخــــــاض ــ قصة | صفيّة قم بن عبد الجليل

... لم تنم ليلتها وباتت تتقلّب على جمر اللّظى... لم تكن تشكو من علّة بارزة بيد أنّ الأرق أنهك قواها وبعثر حلمها الذي باتت تغزله باليمنى فتنكثه اليسرى.
عبثا حاولت أن تغفو ولو سويعة، فما ازدادت غير صحو... ظلّت تقاوم أرقها بما تيسّر من الذكر الحكيم وما رسخ في الذّاكرة من أشعار العرب والعجم وبعض مقولات الفلاسفة و... كانت الأفكار والذكريات تتداعى وتتجاذب متآلفة حينا ومتنافرة آخر .
وكانت في مدّها وجزرها تبحث عن علّة هذا الفيض من الصور الرّاقصة في انسجام تارة وفي نشاز تارة أخرى وما كانت لتهتدي إلى سواء السّبيل لو لا أعراض مخاض لاحت في أفق انتظار كان قد طال حتّى ملّته وملّها ...
منذ أسبوعين ونيّف وأوجاع المخاض تنتابها ثمّ سرعان ما تختفي، فتنصرف إلى شؤونها اليوميّة قلقة ضجرة ورهبة المخاض لا تفارقها، بل هي تسعى في كلّ آن وحين إلى لمّ شتات شمل تبعثرها حتّى تضع حملها في أناة ويسر... هذا الحمل صار يرهق كاهلها، فقد حملته وهنا على وهن وسهرت من أجله الليالي وخمّنت وقدّرت وقدّمت وأخّرت وحذفت وأضافت وأوجزت وأطنبت... وما أن تهمّ بوضعه حتّى يتشتّت منها الفكر وتغيم الرؤية وتتشظّى الملامح شذر مذر... صاغته مرارا وتكرارا وتخيّرت له من الأسماء أجملها وأنفذها إلى الوجدان وأرادته أن يكون حمّال ألوية، نزّال أودية... لكنّها ما أن تنتهي من نحته على الصورة التي ترضيها وتجد في نفسها هوى، حتّى تنفلت حبّات العقد المنضود وتتشتّت... فتعيد النظم والرتق على غير منوال سابق، لتعمّ الفوضى من جديد !!!
سئمت هذا العبث وزهدت في هذا الحمل الذي يبدو كانّه كاذب، مخاتل، مستفزّ وآلت على نفسها أن تتجاهله وألّا تشغل نفسها بميعاد وضعه، عساها تظفر بسِنة من النوم تريحها...
عبثا كانت تستجدي النوم حتّى مطلع الصبح! نهضت متثاقلة وهي تفرك عينيها وتحاول تفتيحهما على مضض... وهي في طريقها إلى بيت الاستحمام استوقفتها " العلجيّة " التي تتوسّط ركن البهو، مسائلة كما الشرطيّ الذي راعه ترنّح أحد المارة فارتاب في أمره!
توقّفت عندها وتسمّرت في مكانها وقد راعها ذبول محيّاها وانتفاخ جفنيها وتلك الهالات الزرقاء المائلة إلى السّواد وتبعثر شعرها... كادت تصيح فزعا ممّا آل إليه أمرها لو لم تمتدّ إليها يد كسلى تسوّي بعض خصلات شعرها وتفرك بعض الغضون وتتلمّس جفنيها وخدّيها المورّسين... حدّقت في المرآة طويلا كمن تنكر أن تكون هي هذه التي أمامها! ثمّ مرّرت كفّها على صفحتها تتلمّس مدى صفائها ونعومة ملمسها... تأوّهت المرآة وتعالى أنينها تحت وطأة أصابع يدها الغليظة المتخشّبة ورجتها أن تخفّف عنها الوطء، فأديمها لا يحتمل الخدش، لا ولا اللّمس! تراجعت قليلا إلى الوراء وكفّها لا تزال ملتصقة بالمرآة تطلب نارا ودثارا... يا لتلك الليالي العصيبة، ليالي الصّقيع والسّهاد وترقّب ما لا يُدرَك يقينا! مريضة هي دون علّة جليّة لها وللعيان، وحتّى الطبيب المعالج يؤكّد لها مقسما أنّها في أتمّ عنفوان الشباب ! تفرّست في وجه تلك التي تنظر إليها بعينين ثاقبتين مستجدية أن ارحميني من جنونك، فما عدت بقادرة على مسايرتك وقد غزا الثلج مفرقي!
تأمّلت خصلات شعرها وقد خاطها بياض، كم كانت ترهبه! ابتسمت لها مستاءة وقالت كمن تحدّث نفسها: وإذن؟! يا شيب زر أو لا تزر...لا بدّ لي أن أهزمك! لمَ جُعلت الأصباغ وانتشرت الحلّاقات وقاعات التجميل؟! غدا أتجمّل فأبدو شابة في الثلاثين، وغدا أتسوّق واقتني لي ملابس جاهزة تستر ترهّل بعض هذه التضاريس و...
قهقهت تلك التي كانت تنصت إليها في استغراب شديد حتّى بحّ صوتها وأسرّت إليها في دهشة: ترى ما الذي غيّر حالك وقلب مآلك؟! ألست أنت التي زهدت في الشكل وأوليت كلّ اهتمامك للجوهر، فشذّبت وصقلت وسبكت...؟! ألست أنت المنشدة دوما:
ليس الجمال بأثواب تزيّننا **** إنّ الجمال جمال العلم والأدب
أو: أنا لا تغرّني الطيـالس والحلــــى **** كم في الطيالس من سقيم أجرب!
عـــينــاك مــن أثــوابــه فـــي جـنّــة **** ويداك من أخلاقــــه في سبســـب
ردّت بكلّ تصميم وثبات: بلى! وإنّي لا أزال على إيماني بأنّ جوهر الإنسان هو الأهمّ والأبقى والأروع! لكن أيّ ضير في أن أرمّم ما هدّته سنون العمر أو أن أجمّل ما شوّهته؟!
ــ لا ضير، بَيْدَ أنّ عنايتك بصحّتك النفسيّة والجسديّة أولى وأجدى !
ــ ... وهل تراني مختلّة المدارك أم مصابة ب...؟
أشارت إليها بسبّابتها يمينا وشمالا أن ليس هذا ما أريد قوله، بل أردت أن أنبّهك إلى ضرورة تنظيم حياتك وضبط مواعيد أكلك ونومك وصحوك... حتّى لا تصابي بمثل هذا الأرق والقلق المضجرين، فينالك من الإرهاق والانقباض ما أنت عليه الآن!
كشّرت وزمّت شفتيها مرتابة، ثمّ قالت: أتشفقين عليّ ممّا أنا فيه أم تغبطينني عليه؟!
ــ لا هو شفقة ولا غبطة! ارحمي نفسك فحسب.
ــ كيف أرحمها؟
ــ تصالحي معها! اُرسمي لك مسارا واضح المعالم، لا تبعثري جهدك...
ــ كيف السّبيل إلى ذلك والدّروب جميعها تدعوني إليها، وأنا التي لا جريرة لي غير حبّ الإبحار في ملكوت الحضور والغياب؟ !
ــ كوني حضورا تاما أوغيابا مطلقا! لا تقطعي نصف الدّغل ثمّ تولّين الأدبار! لا تكوني جبانة حتّى لا تظلّي معلّقة بين الأرض والسّماء!
ــ ألا تروقك منزلة ما بين منزلتين؟!
ــ قد تروقني ، ولكنّها مرهقة وبلا جدوى!!!
ــ وأيّ جدوى في اليقين والقرار المبين؟! أليست الحياة حركة لا تلين وسعي دؤوب إلى التغيير؟!
بلى! ولكن إلى حين... فإلى متى تظلّين تصّاعدين وتنحدرين وتشرّقين وتغرّبين وتُصْحِرين وتبحرين؟!
ــ أليس التغيير سمة الحياة الدنيا، فما الذي أراك عليّ تنكرين؟!
ــ لا شيء، عزيزتي... تعالي نلعب الغمّيضة أو القفز بالحبل أو...!
ابتسمت ابتسامة عريضة، فلكم يشتاقها الحنين إلى أيّام الصّبا وممارسة مختلف الألعاب المتاحة مع لداتها وهمّت بمصافحتها وقبول دعوتها لو لم تتبخّر تلك التي كانت أمامها في لمح البصر، كما لو أنّ الأرض ابتلعتها!!
صاحت فزعة وهرولت هاربة كمن يستجير بظلّه من شبح مخاتل، لكنّ نورا ساطعا انبجس فجأة من صلب المرآة حتّى كاد يعشي بصرها وحملها على الرجوع إلى حيث كانت!
سارت بخطى وئيدة مرتابة تستجلي الخبر: رأت خيال رجل! تساءلت: أهذا هو الطيف الزّائر؟!
اقتربت منه بحذر. بدأ ذاك النور الساطع يخبو رويدا رويدا حتّى لكأنّهما في السّحر الأعلى ولا أحد سواهما غير بعض نجمات تصارع العتمة... على وجل تأمّلته. هذا الرّجل ـ الخيال الماثل أمامها كأنّها تعرفه ولا تذكر أين رأته! دنت من المرآة أكثر وظلّت تتأمّله على حيائها! ابتسم ولم ينبس بحرف! تساءلت: من يكون، هل هو إنس أم جان أم تراها دخلت مرحلة الهذيان؟!!
أومأ إليها أن اقتربي فشعّ من عينيه بريق خطف منها ما بقي من لبّ صاح ووجدت نفسها بلا إرادة تسير إليه... فتح ذراعيه وهمّ بعناقها فأغمضت عينيها وأطلقت رجليها للريح ولسانها يولول وقد فُكّت عقده: " لا أحد يلمس هذا الجسد الطّاعن في خدر الطّهارة! لا أحد! لا أحد! "
لاحقتها قرقعات تشظّي المرآة هنا وهناك وهسيس انعتاق الرّجل ـ المارد من قمقمه وهو يطمئنها: " لا أريد بك شرّا ! أقسم أنّي..."
أفاقت على صوت زوجها يدعوها لمشاركته قهوة الصّباح وقد تضوّع أريجها. فتّحت عينيها بجهد جهيد وقد أثقل الأرق جسدها وبدّدت الأضغاث حلمها ولم يكن معها بالفراش غير أوراق مبعثرة وقلم يتيم ... ضمّتها إليها بحنوّ دافق وهي تهمس إليها متسائلة: أما آن لي أن أضع حملي اليوم بأيسر السُّبل وقد لاحت لي بعض منعرجات الطريق؟!!

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...