اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

كتاب "مرآة الشرق " الشخصية المسلمة في أدب الحدود تحولت بمرور الوقت إلى شخصية كاريكاتورية

كتاب "مرآة الشرق "
محمد الحمامصي
تنبع أهمية هذا الكتاب "مرآة الشرق.. عرب وعثمانيون في الأدب الأوروبي خلال القرون الوسطى" والذي يضم مجموعة من الأبحاث، من عدة اعتبارات أهمها أن الحقبة التاريخية التي يتناولها غير موثقة في المكتبات العربية، ولأن العلاقات الأوروبية العربية قديمة قدم الأزل، ولأن البحر الأبيض المتوسط هو همزة الوصل بين الجانبين؛ فإن تاريخ سياسة الدول الأوروبية في المنطقة يعد أحد أهم مصادر سياستها المعاصرة. والكتاب يفرز في النهاية "حكايات الشرق" المذكورة "في الأدب الأوروبي"، وهي خلاصة جهد أبحاث نخبة من أساتذة الأدب والتاريخ في عدد من الجامعات الأوروبية والشمال إفريقية، تحت إشراف "آن دوبرا" ـ أستاذة الأدب بجامعة السوربون، و"إيميلي بيشرو" ـ الأستاذه الزائرة في أكثر من جامعة غربية والمتخصصة في الدراسات التاريخية الإسبانو ـ فرنسية.

الكتاب الذي ترجمه محمد عبدالفتاح السباعي لفت إلى أن الأدب "الإسبانو ـ موريسكي" المخصص للاحتفاء بخروج المسلمين من الأندلس، نجد له أصداء واسعة في أدب عصر التنوير في القرن الثامن عشر، لا سيما سقوط مملكة غرناطة (2 يناير/كانون الثاني 1492)، ثم ذكريات "تمرد الموريسكيين في المملكة إبان عهد "فيليب الثاني" في الفترة من 1568 ـ 1571 المعروف تاريخيا بـ "تمرد ألبوجارا" وذكريات طرد الموريسكيين من إسبانيا، وكان كل ذلك كفيلا بخلق حالة من "النوستالجيا" المتناقضة عند الأوروبيين. غير أن حكايات أخرى من "حكايات الشرق" تستمد قوتها من الخصم العثماني المتربع على عرش القسطنطينية وفارضا وصايته على بلدان المغرب العربي، ولا تتوقف أساطيله الحربية عن تحدي القوى العسكرية الغربية وخطف رعاياها، انطلاق من سواحل شمال إفريقيا.
 محمد الحمامصي
ورأى أن الكتاب - الصادر عن دار صفصافة للنشر - لا يقدم موضوعات أدبية متعددة فقط؛ بل يقترح أكثر من نموذج على مخيلة الأدب الأوروبي. نماذج ترتكز وحدتها على الانصهار بالخيال الغربي في الدوافع الثقافية الأصلية المختلفة تمام الاختلاف عن مثيلتها في القارة العجوز. أشعار وروايات ومسرحيات تم كتابتها من وحي تلك المواجهات بين قراصنة ضفتي المتوسط، في أوج ازدهار دولة كل منهما، العثمانية في تركيا والمسيحية في جنوب أوروبا، وفرضت نفسها كأدب العصر في القارة العجوز مع بدء انطلاقتها نحو عصر الحداثة، بما يضعنا في النهاية أمام مشهد أخلاقي ـ ثقافي، أفرزته قرون من المعارك في الجانب الغربي من المتوسط وقبالة سواحل الشمال الإفريقي والجنوب الأوروبي، ويؤكد حقيقة أن الصراع بين بني البشر ليس له سوى وجه اقتصادي حتى لو ارتدى ألف قناع أيديولوجي. "أتراك" و"عرب" و"مورو" و"فرس"؛ كان حضورهم في مسرحيات وروايات لخدمة قضايا خاصة في أدب البلدان التي أعادت صياغتهم من جديد، لكنهم لم يكونوا أبدا بالأداة الطيعة في الكتابة عنهم وتقديمهم للجمهور الأوروبي؛ إذ لم يكن سهلا تقديم شخصيات وسيناريوهات وحبكة درامية، من دون أن يكون لهم التأثير الأكبر في شكل وتركيبة العمل الأدبي، فالإمبراطورية العثمانية كانت خصما شرسا وعدوا بالمرصاد لأوروبا المسيحية وتهديدا مستمرا لسفنها المارة بالبحر الأبيض.

وأكد السباعي أن ذكريات التواجد الإسلامي في الأندلس كانت حاضرة في جميع المشاهد تقريبا وبما أن التاريخ يكتبه المنتصر، فنشعر من خلال قراءة الكتاب أن هناك من كان يريد فرض مسيرة الأحداث وخلق بطولات وأساطير، فما بين 1492 ـ 1700 تمكن الغرب من الانقضاض على الشرق، وانتزع منه الأندلس، وأجبره على التراجع إلى الجانب الآخر من المتوسط تاركا له فيضا من الذكريات والحنين كتب عنه وله الكثير والكثير، وهو ما منح الغرب مصادر متعددة لأساطير بديلة، فبعد استلهام الكتابة من أساطير "روما" و"أتينا" وأبطال العصور القديمة بآلهتهم؛ ظهرت الكتابة استنادا لحكايات عن سلاطين الدولة العثمانية وأساطيلها البحرية وقراصنتها، وعن "المورو" وفرسانهم و"البربر" وثقافتهم، وكانت ظاهرة القرصنة ـ التي ولدت في القرن السادس العشر، ولم تتوقف سوى في القرن الثامن عشر مع بدء تقدم أوروبا وتركيز جهودها على استعمار الشرق، والتسابق على خطف السفن والرعايا بين الشرق المسلم، والغرب المسيحي ـ من أهم مصادر الكتابة والعامل الرئيس في تطوير الشكل الروائي الأوروبي بحسب مؤرخي القارة العجوز.

وكانت المادة التاريخية عن "غرناطة" هي ما سمحت أكثر من أي شيء آخر بإدخال التاريخ داخل الرويات، لا سيما روايات الأسر، التي كانت تستقي معلوماتها دوما من أفراد مروا بالتجربة، وإما من رجال دين يعملون في جمعيات وهيئات مهمتها تحرير المسيحيين المختطفين في الشرق، وإما من دبلوماسيين تفاوضوا على تحرير رهينة في الجزائر وأخرى في القسطنطينية.

ولفت إلى أن واقع البعد الجغرافي والرمزي والجمالي لروايات كتبها أدباء عرب بعد طردهم وموت حضارتهم في بلاد عاشوا فيها مئات السنين، وكان ملهما للأدباء الأوروبيين في إعادة إنتاج تلك الأعمال مع الدمج بين الثقافتين في حبكات تتضمنها قصص وروايات ومسرحيات، وتشتمل على أنسجة متشابكة أدبيا وتاريخيا بشكل يجعلها عصية على الفهم لذوي الخلفيات الثقافية المحدودة، فالتاريخ الموريسكي في الأندلس فرض على الأدبين الفرنسي والإسباني تحديدا ما بين القرنين السادس عشر والثامن عشر ـ شخصيات عربية أدت أدوار البطولة المطلقة في أحيان كثيرة، من دون أن يكون المؤلف مجبرا على أن يعرف بها القارئ للرواية أو المتابع للمسرح.

وأضاف السباعي أن غموضا من نوع آخر يفرض نفسه أيضا، في الحديث عن سراية السلطان العثماني، ذلك المكان الغامض المحاط بالأساطير، الذي كان يتحدد فيه مصير حياة آلاف من البشر، والدور المهم والخفي للنساء في الحكايات والمؤامرات داخل أسوار القصر، وفيما كان يصدر من قرارات يسجلها التاريخ، وكان الأدب الفرنسي ـ على سبيل المثال ـ يقدم خليطا ما بين السراية الفارسية والتركية والبربرية بشكل يخلق نموذجا شرقيا أصيلا يبني بربرية نمطية على نطاق واسع، تخسر على مستوى الخصوصية، لكنها تربح على النطاق الأسطوري، بالسير في ظلال الدين والجنس والسياسة، فعندما يتقاطع الجنس مع السياسة يظهر الدين ـ على حد قول أحد الرحالة الفرنسيين. لقد استفاد الأوروبيون إذا من وثائق عربية تسرد وقائع تاريخية تم اكتشافها بمعجزة، فضلا عن شهادات سفراء عملوا في أفريقيا وأسرى عائدين من القسطنطينية، قدموا ما يستحق أن يقرأ بل ويخلد في كتب التاريخ.

في قراءة "سيمونا موناري" أستاذة الأدب المقارن بجامعة تورينو الإيطالية والمعنونة بـ "غرناطة في الأدب الأوروبي أساسات وتحولات أسطورة أدبية" رأت إن غرناطة هي شعار البحر الأبيض المتوسط، وعلى الرغم من كونها مكانا لتبادل إنساني، ثقافي، وفني؛ فإن تلك المدينة الرومانية لم تتطور إلا في القرن الحادي عشر، حينما أصبحت عاصمة لإحدى الممالك المسيحية الإسبانية عقب سقوط الخلافة الإسلامية في قرطبة، وحينما انطلق الغزو المسيحي لتحرير إسبانيا من أيدي المسلمين؛ كانت غرناطة عاصمة لآخر مملكة إسلامية وكانت تحت حكم بنو نصر، (أو النصريون أو بنو الأحمر، وهم آخر السلالات الإسلامية في الأندلس الذين حكموا في الفترة من 1232 إلى 1492 وعقب ذلك التاريخ لم تعد غرناطة جزءا من الخريطة الجيوسياسية للعالم الإسلامي، ولكنها حفرت لنفسها مكانا مميزا في الذاكرة التاريخية والأدبية، فبعدما كانت مدينة إسلامية، أندلسية ومورية (نسبة إلى مورو)، أصبحت رمزا لانتصار مسيحي وإطار لخيالات روائية فرانكو ـ عربية.

وقالت موناري إن الموضوع الأدبي الخاص بالاستيلاء على غرناطة عرف نجاحا كبيرا في فرنسا لاسيما، في القرن السابع عشر، فخلال هذا القرن الإسباني ـ كما يطلق عليه الفرنسيون؛ نجد أنفسنا أمام انتشار معرفي مميز بتاريخ إسبانيا وأدبها في الوقت ذاته؛ إذ كانت حروب غرناطة هي الهدف من الاتصال والمواءمات، سواء على صعيد كتابة التاريخ أو في مجال كتابة الرواية، إذ فرضت معرفة ذلك الحدث والأعمال الإسبانية التي تناولته؛ على الحضارة الأدبية الفرنسية نهجا موضوعيا "عربيا ـ إسلاميا ـ غرناطيا" يمتلئ بأحداث متنوعة متقلبة.

وأكدت أن الملامح المميزة لهذا الموضوع الأدبي وصلت فرنسا من خلال إيطاليا؛ حيث تم فرض البعد البطولي على حرب غرناطة من منظور وطني إسباني ومسيحي على وجه العموم، وذلك بحسب تحليل "دانيلا دالا فال"، وكان تمجيد كفاح مملكة إسبانيا ضد آخر خصومها في شبه جزيرة إيبريا مرتبطا بالاحتفال الهزيمة من عرفوا بـ "الخونة"، ذلك الحدث التاريخي تحول إذن إلى موضوع بطولي ومسيحي منبثق من واقع حقيقي، ولكنه في الوقت نفسه قابل للتصحيح والتعديل بإدخال عناصر خيالية عليه.

إنها إذن أسطورة غرناطة، المحرك الرئيس لكل شيء: موضوع أدبي ملحمي ملائم لأسلوب الملحمة، يستمد نجاحه من نجاح «أورشليم حرة» لمؤلفها Tasse ويتحول الموضوع لأسطورة أخرى ترتكز إلى وجود سيناريو مكثف وإلى تنظيمات رمزية، بحسب تعريف "فيليب سيليه".

وأوضحت موناري الصنف الأدبي الخاص، الذي يتناول أسطورة، كان موضع الكثير من الدراسات التي يعد الحديث عنها ـ الآن ـ نوعا من حشو لا طائل منه، ويبقى سؤال مفتوح يطرح نقاشا عن البعد الخاص بالنموذج الأصلي للأسطورة: هل الرجل هو الذي يكنى بالأسطورة، أم أن تلك الأخيرة هي التي تصنع من خلال رجل عاشها وأعاد إليها الحياة بالحديث عنها ـ لاشعوريا ـ لأن الأسطورة تحتل محيطه العاطفي، المرتبط باحتياجاته الروحية والدينية وربما الخيالية؟

ورأت إيميلي بيشرو في قراءتها "حسرة العرب المورو .. تذكر "وداع الأطلال"، إن الشخصية المسلمة في أدب الحدود تحولت بمرور الوقت إلى شخصية كاريكاتورية، يضاف إلى ذلك أن عملية الطرد الكبير للموريسك من إسبانيا عام 1609، دمرت جسرا مهما في العلاقة التي كانت تربط الطرفين "المسلمين والمسيحيين"، علما بأن تلك العلاقة كانت من القوة والصلابة في القرن الخامس عشر بشكل يدعو إلى التفكير في أن ذلك التشابه في السلوكيات الأدبية مرده إلى الترجمة، وربما يكون التوازي بين المرور على الأطلال وفقدان غرناطة ناجما عن قراءة قديمة وعميقه للنصوص العربية من قبل مسلمي الأندلس وعربها، وهو ما ورثته إسبانيا كلها، فيما بعد، كنمط أدبي جديد نقلته لعموم أوروبا، ومن ذلك النمط الجديد ومن رحم علاقات وثيقة بين مسلمي إسبانيا ومسيحييها ولدت القصائد الغنائية الحدودية، التي انتقلت في البداية، بموضوعاتها ودوافعها الأدبية؛ إلى شمال القارة العجوز التي فتنت بتلك الفانتازيا الأدبية المستندة في الأساس على استعارة نصوص أصلية".

وحول "مركزية الفداء في تاريخ الأسر خبرة وسرد" كانت قراءة كل من ولف جانج كايزر وبرنار فانسون من كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، واللذين أشارا إلى أن أهمية الأسر في العصر الحديث؛ لم تعد في إظهاره كتجربة معاشة وتهديد، ليس فقط في البحر الأبيض ولكن في شمال أوروبا أيضا، فوفقا لتقديرات حديثة لـ "روبرت سي دافيس" مؤرخ وأستاذ أنثروبولوجيا معاصر، فإنه من المرجح أن ما بين مليون ومليون و250 ألف أوروبي وقعوا في الأسر في الفترة من 1530 إلى 1730 فيما تقديرات أخرى تتحدث عن مليون عبد أسود ومورو في الأندلس وجنوب إيطاليا كما يجب أن يضاف أيضا إليهم عشرات الآلاف من العبيد الجزائريين على الأساطيل الحربية بالبحر المتوسط في العصر الحديث. كثرة تجارب الأسر ـ بالنسبة للأوروبيين ـ تعود إلى الأوضاع الضعيفة للدول الأوروبية خلال المرحلة الأولى من بنائهم إمبراطورياتهم الاستعمارية، والشكل الرمزي لـ "الإمبراطورية البريطانية" هو رواية "روبينسون كروزو". ضعف الأوروبيين مترجم في بعثات دبلوماسية ذهبت من أجل فداء مدفوع الثمن بـ "فدية خفية"، يتم إدراجها عمدا في سطور لا تكاد ترى في اتفاقيات سرية تعقد مع ولاة المغرب العربي كما يظهر هذا الضعف أيضا في مجهود كبير يتم بذله في اختيار ألفاظ ذات دلالات بلاغية بغية الإقناع بأن ما تم دفعه من أموال كان على سبيل هبة عن طيب خاطر".

وقالا "في تجربة الأسر؛ فإن الخلاص، وليس الهرب، هو أفق الأمل الواقعي. وفي إطار التبادل التجاري في البحر الأبيض فإن فداء الأسرى يشكل قطاعا غاية في الأهمية، به الكثير من المخاطر ولكنه مربح للغاية بالحركة السريعة لرأس المال الذي يتطور في إطار متنوع الثقافات، قائم على مصداقية من دون ثقة".

وأوضحا أن البعثات الدبلوماسية بل وحتى الدينية؛ لم يكن جميعها سوى شكل من أشكال متعددة لبعثات للمتاجرة بالرجال والنساء، وتلك الأشكال مرئية ولها طابعها المؤسسي والأيديولوجي الذي يجب أن يبرر الطرق والوسائل المتعددة المستخدمة في تخليص الأسرى، التي ذكرت في كتابات متعددة النمط، وتحتوي على عناصر روائية وخيالية تنهل من مخزون قواعد الأدب والبلاغة. ولا تبدو تلك العناصر الخيالية أغلبية من دون أن نستطيع إعطاء تقدير كمي لإجمالي المساحة التي تحتلها في النصوص. في الغالب؛ فإن عمليات الفداء تشكل جزءا من العمليات التجارية العادية. وتلك الممارسات التجارية كان يتم التشجيع عليها من قبل المملكة الإسبانية على سبيل المثال؛ إذ كانت تبيح ـ بتراخيص رسمية ـ المتاجرة مع المسلمين (الكفار)، بشرط إحضار أسرى من المغرب، (والذهاب منها برا للجزائر لتخليص رعايا أوروبيين من أغلال العبودية) لكي يتم مبادلتهم مع أسرى مسيحيين، وكانت تلك التجارة قائمة بمبدأ الاستثناء شبه المستمر، فالرخصة الملكية الإسبانية كانت بمثابة زيت تشحيم لتلك العمليات التجارية بين فالنسيا والجزائر، وكان على من يشتغل في هذه التجارة حق دفع الأموال للملكة من أجل الحصول على الرخصة.

وفي القرن السابع عشر ومع ظهور أنشطة تجارية أخرى؛ أصبحت مسألة الرخصة الملكية شيئا غير ذي قيمة، إذ أن جزءا كبيرا من عمليات فداء الأسرى كان يمر عبر تجارة اليهود في مدينة ليفورنو الإيطالية، وكان بعضهم مقيما في المغرب أيضا، فكانوا يعرضون خدماتهم المالية الأساسية في تحويل النقود من زاوية أخرى؛ فإن هذا الذي يبدو من منظور تاريخي تبادلا تجاريا في قطاع اقتصادي مربح، يبدو أيضا كحقل خصب ينتج من خلاله قصصا بعناصر روائية لها مكان مهم في إجراءات التحرير من خلال الفداء، وهو ما ينطبق على سبيل المثال، على مستشارية القنصلية الفرنسية في تونس التي كانت تعج بملفات تبادل وفداء أسرى شكلت مصدرا مهما لكتابة الكثير من الروايات. وذلك؛ لأن الأشكال المختلفة لعمليات تبادل وفداء الأسرى لا تشكل وحدها إطارا لنصوص "قصص الأسر"، ولكن تلك الأخيرة (قصص الأسر) كانت تنهل من إنتاج غزير من المراسلات المكتوبة (خطابات، عرائض، مذكرات، اتفاقيات هدنة)، هذا فضلا عن مراسلات خاصة بين الكنيسة وممثليها الذين كان حضورهم شيئا جوهريا في جميع عمليات الفداء.

محمد الحمامصي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...