عندما أتمالك نفسي في ضجيج الحياة المفعمة بكآبة وفرح..هل كان ذلك اليوم ماطرا أم يطالع ميعاد الشتاء لاستقباله..هل كان حارا في صيف حزيران..لا أدري..ولكن كل ما أعلمه أن شهر نوفمبر هو شهر في مطلع الشتاء..هكذا أخمن..تجيء لي الأسئلة المملة.. هل كانت الطيور تغرد أم أنني ولدت في وقت صحوها أم في وقت هجرتها أو استعدادها لتهاجر..هل كان هناك ورود تنبت في ذلك الشهر أم بالأحرى سنة ١٩٩٦..أو تستعد للنبات.. لا أدري أيضا..
€ كفاك يا عقلي عن طرح أسئلتك السخيفة.. فأنا أرى أن يوم ولادتي لم يكن فيه إلا عصفور واحد حزين ينتظر يوم الوداع..ولا هناك إلا زهرة ذابلة لم تلق عناية أحد..وكانت الأشجار ذابلة تحرك أغصانها المبتلة بقطرات مطلع الشتاء..كان كل شيء ضائعا..باردا..تائها..منكسرا..ظامئا..وجائعا..هل كان جبران خليل جبران على قيد الحياة وقت ولادتي..أم ميخائيل نعيمة أم غادة السمان..لا أدري..ولكنني أعتقد أنه لو كان يعيش أحدهم لما كانت الحياة كئيبة هكذا..
ربما.. في ميعاد ولادتي كنت أشتم عبير الفرح وضجيج الغربة..وبكاى انسانة موجوعة.. ورماح تستعد للانطلاق والانغماس في جسد تلك الانسانة..كنت أسمع صوت صياحها وعويلها الصامت..كنت أرى عينيها اللامعتين الباكيتين..وهي تصرخ على قمة جبل [كفى!!!!!!!]...
عندما رأيتها تبكي وتعول وتجهش هكذا...أدركت أنني ولدت في هذه الحياة لأعاقب مثلها..نظرت في وجه أمي وهي نفساء..فكانت تبتسم تلك الابتسامة الرقيقة التي جعلتني أنسى صوت تلك الانسانة..ولكنني في هذه الأيام تذكرته... يؤلمني صوتها حد السماء..واحسرتاه!!! عليها!!!