اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

شمس قمر | قصة قصيرة ...*رندة عوض

⏪⏬
- الشمس تلاحقني. لا أدري لماذا، لكنّ ذلك يعجبُني.
- وأنا القمر يتبعُني، وأحبُّ ذلك. لِمَ لا تكونين شمسًا، وأكون قمرًا؟ وبذلك تُحلُّ مشكلةُ اسمك.
- لكنّ اسم "قمر" يعجبُني أكثر.
- لا يمكنني إعطاؤكِ الاسمَ من تلقاءِ نفسي. دعيني أسأل القمر إنْ كان يسمح لي بذلك.

"ما أسعدَني!" قالت، ثم أخذتْ تلفّ وتدور. حاولتْ حملي، فسقطنا معًا. ضحكنا، وكلٌّ منا تشير إلى الأخرى باسمها. أكملنا لعبةَ قفز الحبل ونحن نردّد: "شمس، قمر، نجوم، غيوم، كواكب، عسكر."

سألتني:

- لِمَ كلمة "عسكر" هنا؟ إنّها لا تنتمي إلى هذه المجموعة!

صعبتْ عليّ إجابتُها. عدتُ إلى موضوعنا السابق قائلةً:

- في القريب العاجل سيكون "قمر" اسمَكِ.

لكنّني لم أسألِ القمرَ؛ فأنا أحبّ النومَ باكرًا. أخبرتُها أنّه قرارٌ مصيريٌّ بالنسبة إلى القمر: فماذا سندعوه إنْ أخذْنا اسمَه؟

- لا يهمّ. أيَّ اسم. ليأخذ اسمي البشع: سيلفيا.

- لكنّ الموضوع ليس بهذه السهولة. علينا تقديمُ طلبٍ بتغيير اسمه. ربّما نسأل وكالة "ناسا" وننتظر الردَّ. فإنْ وافقوا، وجب عليهم إعلامُ جميع الدول، وتبديلُ اسمه في الوثائق العلميّة والمجلّات والكتب المدرسيّة. لكنّ تصرّفًا كهذا قد يزعج بقيّةَ الكواكب؛ فهي عنصرٌ في مجموعةٍ شمسيّةٍ متكاملة .

تأتي أمّي على غفلة:

- ألم تَجْهزا بعد؟ ما هذا النقاش المستمرّ منذ الصباح؟

نكمل حوارَنا على طريق المدرسة الترابيّ. سيلفيا منزعجة من تبعات الموضوع. تجرّ قدميْها كجرّافةٍ تحفر الترابَ.

- حذاؤكِ صار قذرًا. ستوبِّخُكِ المعلّمة.

لكنّها لا تهتمّ لشيء سوى تغييرِ اسمها. ولم أكن أعرف أنني عقّدتُ الأمور.

تقترح عليّ أن نحمل، نحن الاثنتيْن، اسمَ "ليلى." أخبرتُها أنّ ذلك غير ممكن؛ فأنا ليلى، ويصعب أن نكون من أمّ واحدة وأبٍ واحد ونحمل الاسمَ نفسَه . تجادلني: "ألا نشترك في الجدّ والجدّة والعمّات، ونلبس الملابسَ نفسها، ونعيش في بيتٍ واحد؟"

وصلنا بابَ المدرسة. تردّدتْ في الدخول. أمسكتُها من يدها: "عليكِ أن تكوني قويّةً. لا تُصغي إلى ما تقوله الفتيات؛ فهنّ غيرُ مهذّبات ويَغرْن منكِ."

"ما اسمُكِ؟" تسألها فتياتُ المدرسة الشرّيرات اللواتي سمعن عن غرابة اسمها. فتجيبهنّ باستحياء. تضحك الفتيات، ويدفعْنها في كلِّ الاتجاهات، كأنّها كرةٌ بين أيديهنّ، وهن يتندّرن على اسمها. تغطّي وجهَها بيديْها. تركض نحوي. أسألُها:

- أتعرفين أسماءهنّ؟

- أعرفُ واحدةً، اسمُها مِرْفت .

- إذًا قولي لها: "ما هذا الاسم مِرْفَت؟ ظننتُه مَرْفأ، تقف فيه السفن!"

تعود إليهنّ وتنسى نصفَ الحديث، فتقول:

- مِرْفت، اسمُك مضحك. أنتِ سفينة.

يضربنها ويشددن شعرَها. هكذا قضت أختي المرحلةَ الابتدائيّة، تعاني تنمُّرَ الفتيات، ولا أحدَ قادرًا على مساعدتها.

مرّةً، عادت إلى البيت واقترحتْ على والدي أن يغيِّر اسمَها. بكت: "لا أحبُّ اسمي. لو كان ليلى، لَمَا سخرتْ فتياتُ المدرسة منّي." تدخّلتُ: "اسمُكِ جميل جدًّا، ويا ليته اسمي." مسحتْ دموعها وابتسمتْ قائلة: "احلفي أنّه اسم جميل!" أقسمتُ لها بذلك. قالت:

- إذًا، ما رأيكِ أن نتبادلَ اسميْنا: أنا ليلى، وأنتِ سيلفيا؟

- لكنّ والديْنا سيغضبان. فلم يعد في البيت سوى سيرةِ تغيير اسمك. ومع ذلك...

علم الجميعُ بخطّتنا. وافق والدي كي يريح عقلَه. عمّت الفوضى في المنزل. بتنا نتبادل الملابسَ والسريرَ والخزانةَ ونتائجَ المدرسة. تأخذ دفترَ علاماتي وتريه والدي. مُحصِّلتي الدراسيّة أعلى، وابتسامةُ والدي حين يوقّعُه تبثّ الثقةَ في نفسها.

انقلبتْ حياتُها رأسًا على عقب. لم تعد تهتمّ لتنمّر الفتيات؛ فهي ليست سيلفيا، وليقلنَ ما يشأن! ردّاتُ فعلها اللامبالية دفعتهنّ إلى التراجع، ولم تعرفْ أيٌّ منهنّ سرَّ التغيّر المفاجئ.

وفي المقابل، رحتُ أحدِّث نفسي: ماذا لو كان سيلفيا اسمي الحقيقيّ؟ من المؤكّد أنّني كنتُ سأتعرّض للضرب وأكره المدرسة.

---
بعد فترة، لم يعد يروق لي سماعُ أختي وهي تتصرّف باسمي كما تشاء. وفي أحدِ الأيّام، نادت أمّي "ليلى،" فذهبنا إليها معًا. لكنّها وَجّهتْ طلبها إلى أختي، التي أنجزتْه بفرح. عندها، سحبتُها بهدوءٍ جانبًا قائلةً:

- اسمعي! لا يحقُّ لكِ كاملُ التصرّف باسمي. وإنْ لم تذهبي الآن وترتّبي غرفتي وتقومي بواجباتي، فسأسحبُ اسمي ونعودُ كما كنّا.

رجتني ألّا أنفِّذَ تهديدي. اقتربتُ من وجهها حتى تَلامَسَ أنفانا. صرختُ: "أعيديه حالًا!" انكمشتْ ملامحُها وتسارع نبضُها، وهي تدمدم: "أرجوكِ، أبقيهِ لي حتى نهاية الإجازة الصيفيّة!" قلت بعد تردّد: "اسمعي! سأذهبُ لزيارة بيتِ جدّي في المخيّم، فلم أعد أطيقُ الجلوسَ هنا. استمتعي باسمي. وحين أعود، سيرجع كلُّ شيء كما كان."

قضمتْ أظافرها وتمنّت أن أسألَ القمرَ ثانيةً.

- الشمس؟ القمر؟ هل صدّقتِ؟ أحضري أغراضي.

نفّذتِ الأمرَ بفرحٍ قائلةً:

- أحبُّكِ سيلفيا. سلّمي على الجميع .

فأجبتُها:

- إلى اللقاء، ليلى. وتذكّري، عند رجوعي، سأعود ليلى وتعودين سيلفيا.
---

كنّا في آخر شهر آب من صيف العام 2013. تركتُ اسمي في غوطةِ دمشق لتستمعَ به أختي . لم يمرّ يومان حتى سمعتُ في الأخبار أنّ بعضَ الأطفال في حارتنا قضوْا نحبَهم. صرختُ بأعلى صوتي: "أريد الذهابَ لرؤيةِ ليلى!"

ظنّ الجميعُ أنّني أُصِبتُ بصدمةٍ، وأنّني أقصد سيلفيا. عدتُ إلى الغوطة لأجدَ اسمي مخنوقًا. كان الهجومُ أعنفَ بكثيرٍ من هجوم الفتيات المتنمِّرات في المدرسة.

قيل إنّ أولئك الأطفال لم يسقطوا، بل صعدوا إلى السماء نجومًا تضيء طريقَ أهاليهم.

سبعُ سنواتٍ مرّت، وما زلتُ أبحث عن أختي بين النجوم، وأتساءل: "هل أخبرتِ القمر؟ هل أَصبحَ سيلفيا؟ هل في السماءِ أسماء؟"

لو عرفتُ أنّني سأَعْلق باسمِكِ إلى الأبد، لبادلتُكِ إيّاه بلا لفٍّ ودوران. لو علمتُ أنّ تبادلَ الأسماء أخطرُ من تبادل الأسرى، لبقيتُ حبيسةَ اسمِكِ... بوجودِكِ. ربّما تتحقّق الأماني على عتبات الموت.

وها هو اسمُكِ الآن يطفو فوق روحي، كما تطفو جثثُ مَن عَبَروا المتوسِّطَ نحو أوروبا. وكما يسبح اسمُكِ مع النجوم، تسبح أسماؤهم مع المحارِ واللؤلؤ والمرجان.
--

في ذلك اليوم، أخرج والدي بطاقةَ سيلفيا، فرجوتُه أن يبدِّلَ البطاقتيْن؛ كيف لا وقد أعرتُها اسمي واتفقنا حين نلتقي أن أعودَ ليلى؟

حتى ذلك الوقت سأفي بوعدي.
شمس قمر نجوم غيوم كواكب. شمس قمر...
ـــــــــــــــــــــــــــ
*كاتبة فلسطينيّة تعيش في السعودّية. لها العديد من القصص المنشورة في مجلّات عربيّة.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...