اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

النبض الدرامي في رواية " خاتون بغداد " ...* صفاء الصالحي

 ⏪⏬
مع الموجة التجريبية التي اجتاحت أكثر الروايات العربية الحديثة على مستوى الموضوع والحبكة والشكل الفني والبناء اللغوي، استوطن أغلب الروائيين هاجس التجديد والبحث عن أشكال وأساليب فنية جديدة، وخلق قوالب روائية حداثوية تستوعب أفكارهم
وتجاربهم، ولم يكن الدكتور شاكر نوري بمنأى عن هذا الهاجس، وقد تجلى ذلك بانفتاح معظم نصوصه الروائية على عوالم التجريب من خلال توظيفها لآليات متعددة، كالانكسارات الزمنية وتشظيها، والاشتغال التناصي، بالإضافة إلى تلون اللغة السردية، وغيرها...، كما يندرج اشتغاله في رواية "خاتون بغداد" على استدعاء التاريخ، وإعادة سرده بتوظيف العناصر الفنية المعاصرة للرواية ضمن مشروعه التجريبي، وبالإضافة إلى التخيّل التاريخي، تنفتح التقنيات السردية في رواية "خاتون بغداد" بشكل فني على الفنون السمعية والبصرية وتستمد منها البعض من العناصر الدرامية كاشتغال تجريبي أيضاً.
الرواية صادرة عن دار سطور للتوزيع والنشر, وحائزة على جائزة كتارا للرواية العربية المنشورة 2017, وهي الرواية التاسعة في قائمة الأعمال الروائية للكاتب، وتقع الرواية في عشرة فصول منثورة على (363) صفحة، وتنتقي الرواية في العتبة البصرية الأولى (الغلاف الخارجي الأمامي ) لوحة تشكيلية للرسام العراقي "رائد مهدي" فيها الكثير من الدلالات السيمايئية المهمة، التي تصب في صلب الرواية، وتبرز اللوحة ملامح الشخصية المحورية في الرواية "مس غيرترود بيل" وتظهر خلفها مراكب نهرية صغيرة وبواخر بحرية حربية بريطانية تبحر في نهر دجلة، بالإضافة إلى طائرة حربية، ومجموعة من الناس قرب جسر خشبي (الشهداء حالياً)، والرواية ذات طعم خاص اعتمدت على الوثائق ولكنها ليست وثائقية, ولا تؤرخ بقدر ما ترصد الصراع المليء بالعواطف والأحاسيس للأسطورة حية وامرأة إشكالية هي " مس غيرترود بيل " التي أصبحت جزءاً من تاريخ العراق المعاصر بحسب ما جاء على غلافها الخارجي الخلفي.
وظف فيها الكاتب التاريخ في الأدب، وسردن تاريخ الشخصية المثيرة للجدل في تاريخ العراق الحديث "مس غيرترود بيل " مستشارة المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس في العراق, الشخصية التي رسمت مستقبل العراق السياسي لسنوات عديدة بعد الاحتلال البريطاني, كما أسهمت بتنصيب الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على عرش العراق, وتأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921, ورسم حدودها, بالإضافة إلى أدوارها المختلفة في ترتيب الحياة السياسية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .
استطاع الكاتب بثقافته العالمية والموسوعية متعكزاً أصالة موهبته وسعة عوالم خياله, استدعاء السيرة الشخصية ل " مس بيل " وجملة الوثائق الحقيقية التي كتبتها, أو من عاصرها في تلك الفترة, مستنطقاً تاريخها ثم تطويعه ومزاوجته بالأدب , وكان الكاتب موفقاً في تحويل الوقائع التاريخية التي جرت في العراق منذ الحرب العالمية الأولى عام 1914 حتى الاحتلال الأمريكي لبغداد في التاسع من نيسان 2003, إلى نص سردي متجانس ما بين السرد الروائي والسرد الوثائقي المتنوع الأساليب والتقنيات, والمتشرب برحيق التاريخ والمفعم بعبقه والمثقل بروحه.
تستهل الرواية في بداية فصلها الأول الموسوم " السيدة الإنجليزية ذات الكعب العالي "بفعل درامي يحدد فيه الفضاء الزماني والمكاني للأحداث، بأسلوب السرد المشهـدي الممزوج بالوصف يبدو وكأنه نصاً درامياً تمثل أمام المتلقي(مرت مئة عام على هذه الدورة الكونية المخفية من الزمن على دخول الآنسة الإنجليزية بحذائها ذي الكعب العالي وقبعتها العريضة, وأزيائها الباريسية, ومشيتها المتبخترة, ولاتزال تثير ظمأ فضولهم ...ص10)، بهذا الاستهلال الإبداعي يوقظ الكاتب فضول المتلقي ليصاحبه في رحلته واكتناه أفكاره, وسبر أغوار الشخصية المحورية التي قدمها بالعنوان المثير, ومع انفتاح النص بإسهاب على الحياة الدرامية لمس بيل، وعلاقاتها العاطفية والاجتماعية، بالإضافة إلى بعض الإشارات السياسية، يسير التطور الدرامي وتتناوب الأحداث ما بين توتر درامي شديد وآخر خفيف على امتداد صفحات الرواية. وتشتبك أحداث الرواية ما بين المراسلات الخاصة لمس بيل, وخيباتها العاطفية, والوثائق التاريخية والتقارير الصحفية التي كتبت عنها, ومن ست شخصيات مهووسة بها, ومن فضاء هذه التداخلات التي استعارها الكاتب وأعاد تأويلها وفق وجهة نظره في بناء حكائي واحد ومتكامل, يعيد الكاتب " مس غيرترود بيل " إلى الأذهان، بأسلوب يسلب أعجاب المتلقي من خلال إظهار الوجه الإنساني والثقافي لها ودون إبراز وجهها الاستعماري, لقد استجلى الكاتب التاريخ الأخر المسكوت عنه أو التاريخ الذي أغفله المؤرخون أو تفادوه عمداً, تاريخ مبرأ من الأيدولوجيات السياسية وأهواءها التي دوما ما تركز إشاراتها إلى الوضع النفسي والثقافي والاقتصادي المأزم الذي يخلفه الاستعمار بشكل عام, فنجح في إعادة شخصية " مس غيرترود بيل " إلى واجهة القراءة , وإعادة الاعتبار لهذه الشخصية العبقرية والفريدة المدفونة في المقبرة البريطانية في الباب الشرقي ببغداد.
وعلى الرغم من الانتقالات التاريخية في الرواية كان الخيال المبدع، والأسلوب الممتع للكاتب موفقاً جداً في جذب القارئ إلى داخل الرواية وتتبع صفحاتها وأسره على مدار صفحات الكتاب حتى النهاية , ومن فيض الأحداث والانتقالات التاريخية ذات الطابع الوثائقي يسلط الكاتب الضوء على الجانب العاطفي للشخصية المحورية في الرواية بعد استسلامها لنصيحة خالتها بأن تتبع خطى قلبها وتترك عقلها قليلاً( سأُصغي إلى نصيحة خالتي، وأستمع إلى قلبي ...ص83), وتعيش قصة حب أولى مع الدبلوماسي بالمفوضية بطهران " هنري " الذي هدم القلاع التي تفصل بين قلبها وعقلها, وبعث سحر الكلمات في أعماقها , لكنها عاشت قصة الحب هذه بصراع ملتهب ما بين ضغط الوالدين الرافضين لهنري وبين آيات الغرام والكلام المعسول والنظرات الشبقية, قبل أن تنتهي العلاقة بنهاية تراجيدية ويحسم القدر هذا الصراع ويخطف حبيبها (أن هنري قد فارق الحياة, يا إلهي ! قد فارق الحياة وفي بحيرة لارا.. لقد تجمد القلب الذي كان يفيض حباً لي..ص119), ثم تعيش قصة الحب الثانية تحت وطأة صراع آخر يتوهج فيه نار الغيرة مع زوجة عشيقها من جهة ومن صخب عواطفها مع الجندي القادم من القسطنطينية الميجور " ريتشارد داوتي وايلي " قبل أن تنتهي هي الأخرى نهاة تراجيدية بحسم القدر مصيرها برصاصة بلهاء وضعت نقطة النهاية لحياته (أصابته رصاصة في رأسه أثناء لحظة الانتصار.. في عصر ذلك سقط جسده على الشاطئ..ص134), في كلتا القصتين التراجيديتين الصادمتين ذات الأبعاد الرومانسية يشرح الراوي شرح دقيق لأحاسيس مس بيل بلغة رومانسية رشيقة يوقظ بها حواس القارئ من الكسل والخمول والاسترخاء، وتنهض الدرامية في حواراتها المنولوجية، ويتحرك الفعل الدرامي بحركة أفعالها وتواشج رغباتها وصراعاتها التي فشلت في تحقق هاجس الزواج الذي كان يراودها كما يراود أي فتاة أخرى في هذا العالم.
في الفصول ( 2،6،9) مصنع خيال الكاتب في بناء الرواية، وإطالة أمدها إلى ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، يقدم الكاتب في هذه الفصول الشخصيات الست المهووسة بالخاتون: (يونس كاتب سيناريو, ونعمان مخرج سينمائي, وهاشم مشغل آلة عرض في سينما غرناطة ببغداد, ومنصور حارس المقبرة البريطانية, وأبو سقراط فيلسوف بغداد, وفيرناندو المحقق الأممي في احتراق مكتبة بغداد, وشخصيات ثانوية أخرى، لقد لعبت هذه الشخصيات دور مهم في هندسة البناء الروائي، وإبراز صورة الشخصية المحورية وتعزيز موقعها في الرواية، كما كانت نافذة الكاتب في تسليط الضوء فيها على ما حدث في العراق من تطرف وعنف طائفي وإرهاب وحشي بعد سقوطُها بيد الغزو الأمريكي عام 200. وكتبت الفصول بلغة الشخصيات ولم يقيدها السارد بلغته وتركها تمارس حريتها في هذياناها في الحوارات كما تشتهي, وحتى تركها بدون أي علامات ترقيم، وجاءت تعبر عن مستوى واقعي وفلسفي انتخبت فيه الألفاظ والمفردات والتراكيب الممتزجة بالتصوير الحي للشخصيات والمكان (حانة الرافدين ص44, دوي الانفجارات في الكؤوس ص55, المكتبة الوطنية ص63, ست شخصيات تبحث عن امرأة ص201 ).
ولعل أبرز ما ميز هذه الفصول تراجع مساحة السرد، والوصف على حساب مساحة الحوار، وهذا ما رجح مقاربتنا للرواية من منظور درامي، فالحوارات كانت قائمة على مبدأ تعدد الأصوات وهي خصيصة درامية، وكانت الحوارات مكثفة مشحونة بالمواقف والأفكار والآراء والشذرات الفلسفية التي تخلق التوتر داخل المشهد، وبالإضافة إلى الحوارات الدرامية التي غزُرت بها الرواية، وظف الكاتب التقنيات السينمائية بشكل واسع في الرواية وتجلى ذلك بوضوح في الفصل التاسع ( سيناريو..ص333).
لاشك أن قراءة عالماً خيالياً مكافئ للواقع التاريخي فيه من المتعة القدر الكبير, لطالما كانت النصوص السردية عبارة عن صراعات مليئة بالعواطف والأحاسيس, وغزيرة بالوقائع والأحداث, والحوارات, والمعلومات التاريخية والوثائقية, عن حياة مس بيل فضلاً عن رؤية إزاء الأوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة عبر زمنين الأول بطبعته الإنجليزية والثاني بطبعته الأمريكية .
رواية " خاتون بغداد " لا تخلو من حبكات متقنة، ومثيرة، وشيقة، ومشاهد حركية حاضرة بالنفس بجمالها وتشويقها، مبنية على الصراعات الدراماتيكية ل "مس غيرترود بيل" مع ذاتها ومع الأخرين، وصيغت على شكل مشاهد بانوراميه واسعة تعكس النبض الدرامي للرواية ,وتشد القارئ وتزرع في نفسه التشويق لمتابعة الأحداث، فهل تشد أنظار صناع الدراما, وتنال فرصتها وتتحول إلى عمل درامي مميز.








ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...