⏪⏬
ديوان "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" كان جواز بابلو نيرودا نحو الشهرة و الإعتراف بموهبته من طرف النقاد و الجماهير
على السواء خصوصا و أن الموضوع يلامس المشاعر التي يتفاعل معها الجميع و للذكر أنه وصل هذا المستوى الراقي و هو لم يتجاوز العشرين من عمره .
إذ أن نفتالي ريكاردو رييس باسوالتو ، الذي لقب نفسه ببابلو نيرودا منذ سنة 1921 و ذلك تيمنا بالشاعر والكاتب القصصي التشيكي "جان نيرودا" الذي عاش ﻓﻲ براغ بين عامي 1834 و 1891 و الذي كان معجبا به كثيرا ، هو من مواليد 1904 و ديوانه "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" هو من إصدارات 1924 .
يتكون ديوان "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" من 20 قصيدة حب مرقمة. واحد منها فقط تحمل عنوان "أغنية يائسة". و الديوان لا يتحدث عن امرأة بعينها ، عن علاقة غرامية محددة ، وإنما عن نموذج عالمي، عن علاقات متعددة . فقد لجأ نيرودا إلى ذكريات علاقاته الغرامية إبان شبابه لبناء هذه الصورة . إنها صورة الشخص المحبوب أمام الشخص المحب، الذي هو الكاتب.
فمواضيع الديوان بشكل عام هي موضوع الحب والتذكر والهجر. تفتح القصائد مكشوفة على الإثارة الجنسية التي تنشأ بين عاشقين شابين ، ولكن في الوقت نفسه ما تبقى وراء النسيان. وسيسوغ نيرودا نغمة للحب كتجربة حسية ، كلمس ، كحرارة.
جسد امرأة
جسد امرأة، ربىً بيض، فخذان أبيضان،
تشبهين العالَم وأنتِ مستسلِمة.
وجسدي الريفي البدائي يحرثك
كي يثبَ الابنُ من أعماق الأرض.
كنتُ وحيداً مثل نفق. تجنّبَتْني العصافير،
واخترقَني الليل باجتياحه الطاغي.
وكَيْ أنجو بنفسي صغت منك سلاحاً،
سهماً لقوسي، حجراً لمقلاعي.
لكنْ تهبط ساعة الانتقام، وأحبك.
جسدٌ من فِراء، من زَبَد، من حليبٍ شَرِهٍ ومكتَنز.
آه يا كؤوس الصدر! يا عيون الغِياب!
آه يا ورود العانة! يا صوتك المتمهّل الحزين!
جسدُ أُنثاي، أتشبّث بنُعماك.
يا عطشي، يا اشتياقاً لا ينتهي، يا طريقيَ الحائر!
دروبُ مياهٍ مظلمة، حيث العطش الأبدي يستمر،
والعناء يستمر، والألم لا نهاية له.
المرأة ، منذ البداية ، جسد ، عالم ، أرض تعبر وتزرع. إنها المصدر الدائم للعطش الذي لا ينتهي ، للرغبة الشديدة التي لا تطفئ لدى الشخص المحب.
مثل الأرض ، جسد المرأة يرقد ، يستسلم ؛ جسم الرجل يعمل في الأرض ، يقوضها ، إنها "جسد فلاح".
أجمع النقاد على أن هذا الديوان يتميز جمالياً بتأثير الحداثة ، وهي تلك الحركة الأدبية الإسبانو-أمريكية و التي ترتبط ولادتها بنشر الكتاب الأزرق ، لصاحبه روبين داريو ، عام 1888.
إن نيرودا ، الذي تأثر بهذه المبادئ ، خلق عملًا فريدًا له طابع خاص به وفي نفس الوقت عالمي جدًا لدرجة أنه حطم الأنماط وأصبح مرجعًا للشعر في جميع الأوقات. وفي نفس الوقت نجد تلك اللمسة العميقة التي تربطنا بالرومانسية و بالإيقاعات المنتظمة.
هذه الإيقاعات الرائعة حقا ، سواء منها الداخلية أم الخارجية، قد نفتقدها في نسختنا العربية و هي على كل حال ضريبة ترجمة الشعر . لكن لا يفوتني هنا أن أنوه بالعمل الجليل الذي قام به المترجم المبدع الأستاذ مروان حداد بترجمته لهذا الديوان.
حقق نيرودا بهذا الديوان نموذجًا مثاليًا للتواصل مع القارئ ، بلغة بسيطة جدا تنهل من القيم الراسخة في العمق الأدبي كما تشرئب ،في الوقت نفسه، على جوانب جديدة من الشعر المعاصر. إن نيرودا في هذا الديوان أظهر علو كعبه في كتابة القصيدة المتعارف عليها في ذلك الزمن كما أبدع في تحطيم بعض أركانها متأثرا بالتجديد الذي جاءت به الحداثة . وبذلك أصبح أحد أشهر الأعمال الأدبية في القرن العشرين باللغة الإسبانية
هذه الشعلة هي التي بقيت متقدة في أعماق بابلو نيرودا انضافت إلى قناعات فكرية طليعية و اطلاع واسع على مجتمعات مختلفة فساهمت بأن تجعل منه أحد أعظم الشعراء و أوصلته إلى جائزة نوبل سنة 1971 .
*عبدالناجي آيت الحاج
ديوان "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" كان جواز بابلو نيرودا نحو الشهرة و الإعتراف بموهبته من طرف النقاد و الجماهير
على السواء خصوصا و أن الموضوع يلامس المشاعر التي يتفاعل معها الجميع و للذكر أنه وصل هذا المستوى الراقي و هو لم يتجاوز العشرين من عمره .
إذ أن نفتالي ريكاردو رييس باسوالتو ، الذي لقب نفسه ببابلو نيرودا منذ سنة 1921 و ذلك تيمنا بالشاعر والكاتب القصصي التشيكي "جان نيرودا" الذي عاش ﻓﻲ براغ بين عامي 1834 و 1891 و الذي كان معجبا به كثيرا ، هو من مواليد 1904 و ديوانه "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" هو من إصدارات 1924 .
يتكون ديوان "عشرون قصيدة حب و أغنية يائسة" من 20 قصيدة حب مرقمة. واحد منها فقط تحمل عنوان "أغنية يائسة". و الديوان لا يتحدث عن امرأة بعينها ، عن علاقة غرامية محددة ، وإنما عن نموذج عالمي، عن علاقات متعددة . فقد لجأ نيرودا إلى ذكريات علاقاته الغرامية إبان شبابه لبناء هذه الصورة . إنها صورة الشخص المحبوب أمام الشخص المحب، الذي هو الكاتب.
فمواضيع الديوان بشكل عام هي موضوع الحب والتذكر والهجر. تفتح القصائد مكشوفة على الإثارة الجنسية التي تنشأ بين عاشقين شابين ، ولكن في الوقت نفسه ما تبقى وراء النسيان. وسيسوغ نيرودا نغمة للحب كتجربة حسية ، كلمس ، كحرارة.
جسد امرأة
جسد امرأة، ربىً بيض، فخذان أبيضان،
تشبهين العالَم وأنتِ مستسلِمة.
وجسدي الريفي البدائي يحرثك
كي يثبَ الابنُ من أعماق الأرض.
كنتُ وحيداً مثل نفق. تجنّبَتْني العصافير،
واخترقَني الليل باجتياحه الطاغي.
وكَيْ أنجو بنفسي صغت منك سلاحاً،
سهماً لقوسي، حجراً لمقلاعي.
لكنْ تهبط ساعة الانتقام، وأحبك.
جسدٌ من فِراء، من زَبَد، من حليبٍ شَرِهٍ ومكتَنز.
آه يا كؤوس الصدر! يا عيون الغِياب!
آه يا ورود العانة! يا صوتك المتمهّل الحزين!
جسدُ أُنثاي، أتشبّث بنُعماك.
يا عطشي، يا اشتياقاً لا ينتهي، يا طريقيَ الحائر!
دروبُ مياهٍ مظلمة، حيث العطش الأبدي يستمر،
والعناء يستمر، والألم لا نهاية له.
المرأة ، منذ البداية ، جسد ، عالم ، أرض تعبر وتزرع. إنها المصدر الدائم للعطش الذي لا ينتهي ، للرغبة الشديدة التي لا تطفئ لدى الشخص المحب.
مثل الأرض ، جسد المرأة يرقد ، يستسلم ؛ جسم الرجل يعمل في الأرض ، يقوضها ، إنها "جسد فلاح".
أجمع النقاد على أن هذا الديوان يتميز جمالياً بتأثير الحداثة ، وهي تلك الحركة الأدبية الإسبانو-أمريكية و التي ترتبط ولادتها بنشر الكتاب الأزرق ، لصاحبه روبين داريو ، عام 1888.
إن نيرودا ، الذي تأثر بهذه المبادئ ، خلق عملًا فريدًا له طابع خاص به وفي نفس الوقت عالمي جدًا لدرجة أنه حطم الأنماط وأصبح مرجعًا للشعر في جميع الأوقات. وفي نفس الوقت نجد تلك اللمسة العميقة التي تربطنا بالرومانسية و بالإيقاعات المنتظمة.
هذه الإيقاعات الرائعة حقا ، سواء منها الداخلية أم الخارجية، قد نفتقدها في نسختنا العربية و هي على كل حال ضريبة ترجمة الشعر . لكن لا يفوتني هنا أن أنوه بالعمل الجليل الذي قام به المترجم المبدع الأستاذ مروان حداد بترجمته لهذا الديوان.
حقق نيرودا بهذا الديوان نموذجًا مثاليًا للتواصل مع القارئ ، بلغة بسيطة جدا تنهل من القيم الراسخة في العمق الأدبي كما تشرئب ،في الوقت نفسه، على جوانب جديدة من الشعر المعاصر. إن نيرودا في هذا الديوان أظهر علو كعبه في كتابة القصيدة المتعارف عليها في ذلك الزمن كما أبدع في تحطيم بعض أركانها متأثرا بالتجديد الذي جاءت به الحداثة . وبذلك أصبح أحد أشهر الأعمال الأدبية في القرن العشرين باللغة الإسبانية
هذه الشعلة هي التي بقيت متقدة في أعماق بابلو نيرودا انضافت إلى قناعات فكرية طليعية و اطلاع واسع على مجتمعات مختلفة فساهمت بأن تجعل منه أحد أعظم الشعراء و أوصلته إلى جائزة نوبل سنة 1971 .
*عبدالناجي آيت الحاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق