
سماء بعيدة المدى ( ربما لن أصل ، ربما لن أعود ... ) قالها بصوت خافت كسر شيئا من براثن الرعب الذي التف حوله ، عجلات الذاكرة تدور رحاها داخل رأسه الخالي من الشعر ، أحصى سنوات عمره ، تجهم أكثر ( هل وصلت إلى الشريان الأخير ... ) قال في نفسه متسائلا ومستغربا ، محطات كثيرة تعبر شاطئ الذاكرة ، نزهة قصيرة برفقة تلك الشقراء ، وفاة مفاجئة لشقيقه الأصغر ، مواسم الحصاد الأثيرة ، بيادر صفراء ذهبية الألوان ، ما أكثرها من محطات ، ربما بدأت تنهكه لتوها ، حاول العودة إلى شريان زقاق مازال طويلا ، حينها كان المطر يطل بوجهه بخجل من خلف غيمة سوداء ، لكنه يختفي بين أفكار متمردة ، ضرب الأرض بقدمه اليسرى ( مازلت حيا ) ابتسم ثم استمر في مسيره ، كانت السيجارة قد غادرت شفتيه منذ فترة ليست بالبعيدة ، نور خافت يلوح في صميم أفق ، الرحلة تلفظ آخر أنفاسها ، يتبخر الزقاق رويدا رويدا ، بينما المطر يهجر الليلة العطشى ، خيط دخان يباغت الفجر الذي كان يقترب من مخاض حالك ، دفع الباب لأول مرة منذ خمس سنوات ، مفاجأة كانت تتربص خلفه ، صوت المؤذن يقطع الصمت ، ابتسم الرجل للمرة الثانية قبل أن يواري جسده المتعب خلف باب خشبي ....
............
وليد.ع.العايش
18/5/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق