الصفحات

ثلاثة عيون وليل | وليد.ع.العايش

أشعل سيجارة مهترئة ، وتابع طريقه الوعرة ، كان الظلام يدك فضاءه كما مدفع لم يعرف الرحمة ، المطر يتكاثف على منكبيه الضيقين ، بينما كان الوحل يداعب قدميه العاريتين سوى من حذاء رمادي محطم ، الزقاق يكاد أن يتعثر بالظلمة ، بعض الخوف ينبلج من براثن صعقات الرعد في
سماء بعيدة المدى ( ربما لن أصل ، ربما لن أعود ... ) قالها بصوت خافت كسر شيئا من براثن الرعب الذي التف حوله ، عجلات الذاكرة تدور رحاها داخل رأسه الخالي من الشعر ، أحصى سنوات عمره ، تجهم أكثر ( هل وصلت إلى الشريان الأخير ... ) قال في نفسه متسائلا ومستغربا ، محطات كثيرة تعبر شاطئ الذاكرة ، نزهة قصيرة برفقة تلك الشقراء ، وفاة مفاجئة لشقيقه الأصغر ، مواسم الحصاد الأثيرة ، بيادر صفراء ذهبية الألوان ، ما أكثرها من محطات ، ربما بدأت تنهكه لتوها ، حاول العودة إلى شريان زقاق مازال طويلا ، حينها كان المطر يطل بوجهه بخجل من خلف غيمة سوداء ، لكنه يختفي بين أفكار متمردة ، ضرب الأرض بقدمه اليسرى ( مازلت حيا ) ابتسم ثم استمر في مسيره ، كانت السيجارة قد غادرت شفتيه منذ فترة ليست بالبعيدة ، نور خافت يلوح في صميم أفق ، الرحلة تلفظ آخر أنفاسها ، يتبخر الزقاق رويدا رويدا ، بينما المطر يهجر الليلة العطشى ، خيط دخان يباغت الفجر الذي كان يقترب من مخاض حالك ، دفع الباب لأول مرة منذ خمس سنوات ، مفاجأة كانت تتربص خلفه ، صوت المؤذن يقطع الصمت ، ابتسم الرجل للمرة الثانية قبل أن يواري جسده المتعب خلف باب خشبي ....
............
وليد.ع.العايش
18/5/2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.