دلفتُ الى داخل عربة السيدات بمترو الأنفاق, خلف ابني مصطفى, قبل أسبوعٍ مضى,
ثم وقفت مستندة إلى عامود معدني بالعربة ممسكة بطفلي الذي يقف امامي..
وبعد دقيقة تقريبا؛ ارتفع صوت امرأة تقول:
ــ انتي زقيتيني..
التفتُ ككل السيدات, لأكتشف ان عتاب المرأة موجهًا إليَّ أنا ..
في حين اني كنت و ابني في الجهة الأخرى من العربة ..
بتلقائية سألتها:

فقالت بوجه يملؤه الشر.. وملامح قاسية:
ــ أيوة انتي..
فقلت لها:
ــ والله ما حصل..
فقالت بصوت يقترب من الصراخ:
ــ وبتحلفييييييييييي ؟!
سكتُ, وقلت في نفسي:
ــ اللهم طوِّلك ياروح..
ظلتْ تلتُ وتعجن و تعيد وتزيد و انا صامتة؛ أُذكِّر نفسي بقول الله تعالى؛
" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس "..
ثم تابعتْ المرأة النظر نحوي في غلٍّ لا أعلم له سببًا..
فأنا والله لم أمسها, و لم أرها من الأصل قبل أن تعاتبني..
لقد أورثني ربي عن أبي "قراءة العيون"..
تلك اللغة التي لاينطق بها لسان أمثال هذه المرأة..
أستفزَّها صمتي.. فواصلتْ الاتهام, و الثرثرة..
لأنها ظنتْ أن صمتي خوفًا.. و هدوئي رهبةً منها..
نظرتُ إليها بثباتٍ جعلها تتلعثم, و يتوتر وجهها الكشير, وكأن نظرتي قد أصابتها برجفة داخلية سرتْ بجسدها, وسمعتْ صداها يتردد داخلها قائلًا:
ــ انتِ كاذبة !!!!
فسكتت من تلقاء نفسها, بعدما كانت تستعرض عضلات حنجرتها, وصوتها المنفر أمام الناس..
والعجيب أنها لم ترفع رأسها المطأطأ حتى خرجت من المترو..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك نوع من الناس؛ يشتشعر الضآلة في نفسه؛
لذلك يسعى بين الجموع أن يجذب الأنظار, ويلفت الانتباه, ويجد الدعم ممن حوله بالكذب والحيلة ..
وهذا النوع؛ يُظهر نفسه هنا وهناك..
فيمكنك أن تكتشفه بسهولة..
واهي الحُجة..
مريض القلب..
خائر العزيمة ..
لاطاقة له بقول الحق ولا بِــ نصرته ولو بكلمة..
لقد علمني أبي رحمة الله عليه؛ أن أثق بنفسي, ولا أضعُف أمام أي كاذب يرميني ببهتانه..
كما علَّمني أن أعتذر؛ ولكن عندما أكون مخطئة ..
هذا موقف بسيط بالمقارنة بالمواقف التي تتطلب الثبات على المبدأ, وعدم الميل او الحيد عن الحق..
رغم أني كنت قبل سنوات؛ سريعة الدمع, تتلاعب بي رياح الحياة كلما ألمَّ بي خطبٌ ما..
الآن؛ لا أهاب من ينتقصني حقًا لي..
ولا أتراجع عن موقفي مادمتُ موقنة من أني على صواب..
اثبُتْ, فأنتَ لم تُخلّقْ للهوان ..
أسماء الصياد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق