قصة قصيرة
سقط ظلي على قارعة الطريق، فلم أعبث لذلك، بل واصلت المشي في الطريق خفيفاً مجرداً من كل أثقالي، راح هو يشق طريقه محاولاً اللّحاق بي، أدركت ذلك، وأُدرت له ظهري، كنت أبصر لهاثه وهو يخطو خطوة خطوه باتجاهي، نادى بأعلى صوته، فلم أسمعه، التفت نحوه، كان كمعتوه ممسوس يفتح فمه ويغلقه، يرفع يداً ويخفض أخرى، كأنّه كان يستنجّد بي، و كمن نال منه تيار كهربائي راح صوته يتجه نحو أعماقه السحيقة، لكنّه تابع سيره وهو يلهث.
تابعت أنفاسه، شعرت بها تلامس ظهري كلهيب النار، دنا مني أكثّر، أسرعت في حركتي، حتى رحت أترنح تارة نحو اليمين وتارة نحو الشمال ، فصار يتمايل مثلي يمنة ويسرة كسكيرٍ أثقلت رأسه الخمرة. وفجأة قررت أن أواجهه، كدت أسقط من هول الرؤية، تشنجت قدماي، لم أكن أتوقع أن ظلي له هذا الشكل المريب، كان يدعو للشك وعدم الثقة. توقفت هلعاً، حاولت تثبيت قدمي على الأرض. لمحته يضحك، فكٌ بارزٌ، عينانِ جاحظتانِ، أنفٌ مسطحٌ، وهيكلٌ عظمي لا يكسوه لحمٌ يذكر.
أفزعتني بشاعته، ضحكته، تقدم نحوي مسرعاً، ربما اعتقد أنني أنتظره، فولّيت الأدبار، صارت قدماي تلتصقان بظهري، لا أريدك .. لا أريدك.. رحت أصرخ بأعلى صوتي ..ابتعد ..ابتعد عني.
ولما عجز عن اللحاق بي، لملم خيبة أمله وانزوى في زاوية قصية، وضع وجهه بين كفيّه، وراح يذرف أنيناً، فعدت أدراجي لمعرفه ما حل به بعد أن رق له قلبي، فما وجدت إلا نتفاً من عظامه، كانت قد تناثرت على أطراف الطريقِ، كأن هرةً بعثرتها وهي تنبش بينها، لكنني حين حاولت جمعها راحت تتفتت وتنساب من بين أناملي كحبات التراب التي فتك
العطش بها، فبكيت وبكيت حتى صار جسدي نحيلاً، وعندما أيقنت بأنني لم أعد قادراً على متابعة حياتي، شعرت بشيءٍ ثقيلٍ يقفز نحوي ويتسلّق ظهري، فرحت أنتفض كطائر أصابته طلقة طائشة،
وهمست مذعورة :
ـ هل سأتلاشى كما تلاشى ظلي !؟
سقط ظلي على قارعة الطريق، فلم أعبث لذلك، بل واصلت المشي في الطريق خفيفاً مجرداً من كل أثقالي، راح هو يشق طريقه محاولاً اللّحاق بي، أدركت ذلك، وأُدرت له ظهري، كنت أبصر لهاثه وهو يخطو خطوة خطوه باتجاهي، نادى بأعلى صوته، فلم أسمعه، التفت نحوه، كان كمعتوه ممسوس يفتح فمه ويغلقه، يرفع يداً ويخفض أخرى، كأنّه كان يستنجّد بي، و كمن نال منه تيار كهربائي راح صوته يتجه نحو أعماقه السحيقة، لكنّه تابع سيره وهو يلهث.
تابعت أنفاسه، شعرت بها تلامس ظهري كلهيب النار، دنا مني أكثّر، أسرعت في حركتي، حتى رحت أترنح تارة نحو اليمين وتارة نحو الشمال ، فصار يتمايل مثلي يمنة ويسرة كسكيرٍ أثقلت رأسه الخمرة. وفجأة قررت أن أواجهه، كدت أسقط من هول الرؤية، تشنجت قدماي، لم أكن أتوقع أن ظلي له هذا الشكل المريب، كان يدعو للشك وعدم الثقة. توقفت هلعاً، حاولت تثبيت قدمي على الأرض. لمحته يضحك، فكٌ بارزٌ، عينانِ جاحظتانِ، أنفٌ مسطحٌ، وهيكلٌ عظمي لا يكسوه لحمٌ يذكر.
أفزعتني بشاعته، ضحكته، تقدم نحوي مسرعاً، ربما اعتقد أنني أنتظره، فولّيت الأدبار، صارت قدماي تلتصقان بظهري، لا أريدك .. لا أريدك.. رحت أصرخ بأعلى صوتي ..ابتعد ..ابتعد عني.
ولما عجز عن اللحاق بي، لملم خيبة أمله وانزوى في زاوية قصية، وضع وجهه بين كفيّه، وراح يذرف أنيناً، فعدت أدراجي لمعرفه ما حل به بعد أن رق له قلبي، فما وجدت إلا نتفاً من عظامه، كانت قد تناثرت على أطراف الطريقِ، كأن هرةً بعثرتها وهي تنبش بينها، لكنني حين حاولت جمعها راحت تتفتت وتنساب من بين أناملي كحبات التراب التي فتك
العطش بها، فبكيت وبكيت حتى صار جسدي نحيلاً، وعندما أيقنت بأنني لم أعد قادراً على متابعة حياتي، شعرت بشيءٍ ثقيلٍ يقفز نحوي ويتسلّق ظهري، فرحت أنتفض كطائر أصابته طلقة طائشة،
وهمست مذعورة :
ـ هل سأتلاشى كما تلاشى ظلي !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق