⏪الشُّخُوص
الْحَجّ "مفيد" الْأَب الْمَرِيض
الِابْن الْوَحِيد " ثابت"
زَوْجَةِ الِابْنِ الْوَحِيد
يَقِف الِابْنِ عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح يَنْظُر أَبِيه
الرَّاكِد بِفِرَاش الْمَوْت ، متَفَكِّرًا حَائِرًا بمغزى
الْأُمُور
تتدفق عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ ، حَتَّى يَنْصاع بِوَهَن
التَّرْحَال يَثْقُل حَالَة ، يُتَمِّتم الْأَب البَاكِي
يسعل :
تَارَة أَكُونُ مِنْ الْأَصِحَّاءِ ، وَتَارَة أَفْقِد الصَّوَاب ،
قُلْ لِى مَا بِي ؟ ! حَتَّى أَسْتَكِين .
رَثَى " ثابت" الِابْن الْوَحِيد لِلْحَجّ " مفيد" حَالَة ، خِلَافُ ذَلِكَ يَطْمَئِنّ الْمَرِيض :
لَا عَلَيْك يَا أَبِى الْعَزِيز الْغَالِي ، حَتْمًا سَتَكُون
بِخَيْر .
يَقْبِض الْمَرِيض حافَة مَرْقَدَه بِعُنْف ، يُصِرَّ عَلَى سُوءِ حَالتة :
سَئِمْت الِانْتِظَار ، سَئِمْت الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَةَ ، أَشْعَر
بِحَالِي ، يَقْتَرِب الْمَعَاد .
ينفطر الِابْن مُحْتَرِقًا بِاعْتِرَاف الْأَب :
لَا يَا ابتى ، أَنَّهَا لَيْسَتْ النِّهَايَة .
يَنْظُر الِابْن نَحْوَ السَّمَاءِ ، حَتَّى تترصد عَيْنَاه
الْغُرُوب قَائِلًا بتوتر :
لَم تَحِنّ السَّاعَة بَعْد .
يَنْتَفِض الْأَب متلوعا متململا :
انْظُرْ يَا بَنِى , عَلِيًّا الِاعْتِرَاف .
يُشْعِر الِابْن بِهَذَا التَّأْنِيب ويمتعض مِنْ حَالِهِ ،
حَتَّى تَرْتَسِم بملامحة الدُّمُوع تَتَوَقَّف بالاحداق .
يَسْتَمِرّ الْأَب فِى حَدِيثِهِ الباكى نَادِمًا عَلَى
الْمَاضِي ، نَاظِرًا للبراح :
ادَّعَوْا لِى فليسامحنى الرَّبّ ، ادَّعَوْا لِى
فليسامحنى الرَّبّ .
ينفطر الِابْن يَجْهَر بِالْبُكَاء :
مَاذَا فَعَلْتُ يَا أَبِى ، أُرَاكَ مِنْ الأبرياء .
يَنْظُر الْأَب بملامح مبهوتة ، يُقِيم رَأْسَه بالذعر :
مَا عسايا ؟ ! وَأَرَاك مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ .
يَنْهَر الِابْن حُسْنِ ظَنِّ أَبِيه يَجْهَر :
كَذَبْتُك عَيْنَاك يَا أَبِى ، خيبت الْأُمُور ظنونك .
يَعْتَرِف الْأَب :
أَبَدًا أَبَدًا ، فَإِن أَبَاك قَاتَل .
يُصْعَق الِابْن يُشْعِر بِالْخَلَل ، يتهاوى بمركز
الْأَرْض ، يَقْطُر جَبِينِه خَيْبَة ، يَهْمِس لَمَّا كَانَتْ
تلامسة إقْدَامَه :
كُنْت احْتَسَب نَفْسِي مُغْتَنِم الفُرَص .
يُزِيح الْأَب فِرَاشِ الْمَوْتِ عَنْ جَسَدِهِ ، يُسْتَحْلَف بِالسَّمَاء :
وَاَللَّه وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدَيْه ، قَتَلَ أَبَاك وَعَذُب مِن
لُيونَةٌ الْأَظَافِر الصِّغَار .
يصدم الِابْن بِصُورَةٍ لَا تُصَدَّقُ مَعْنَى الْكَلَامِ .
يَسْتَكْمِل الْأَب مُهْتَز الرُّفَات ، يجسد الْحَقَائِق ،
فِى صُورَةِ درامية :
لَحْظَة سَوَّلَت بِنَفْسِي الْمَطَامِع حِينَ كَانَ الْإِرْثِ
مِنْ وَرَاءِ أَبِى مَطْمَع النُّفُوس ، إرْث يَمْلِكُه أَنَا
وَآخَى الرَّاحِل وَابْنِهِ الصَّغِيرِ ، قَالَت نَفْسِي
بِالسُّوء :
لِمَاذَا يَرِث فِى أَبِى الْآخَرِين ، مَنْ هُمْ الْآخَرِين ؟ ! أَخِي وَابْنُه الْوَحِيد ، إنَّمَا لَا أَنَا فَقَطْ مِنْ عَلَيْهِ
الْإِرْث ، وَهَؤُلَاء عَلَيْهِم الرَّحِيل .
يتكوم الْأَب مِثْل الطِّفْل ، ثُمّ يَقْفِز بِعِنَاد وَكَأَنَّه
عَاد طِفْلًا ، يُطَالَب أَبِيه :
طَلَبَتْ مِنْك الْكَثِير وَكُنْت تَرْفُض ، قَتَلْت الرَّغْبَة وَالْحِلْم بداخلى ، الْحَلْوَى ، اللُّعْبَة ، الضُّحَكَة ،
الطَّعَام الْجَيِّد ، لِمَاذَا تَحْرُم ابْنَك من هَذَا ؟ ! وتضفى
النَّعِيم بِابْنِك الْآخَر ، كَانَ عَلِيًّا الثَّأْر وَالِانْتِقَام .
يَكِيل الْأَب بقبضتة :
كَانَ عَلِيًّا فَرْضٌ النِّهَايَة لِهَذَا الْعَبَث .
يُشْعِر الِابْن بِحَالِهِ مِنْ الثَّوْرَة بَعْدَ أَنْ اسْتَمَع
لأعتراف أَبِيه يُرَدِّد :
الرَّحِيل الرَّحِيل ، كَلِمَة يَصْعُب عَلَيْنَا سَمَاعِهَا .
يَسْتَكْمِل الْأَب :
تَخَلَّصْت مَنْ أَبَى ، قَرَّرْت التَّخَلُّصِ مِنْ آخَى
دَبَّرْت المكائد ، اقتصنت الفُرَص ودوى
بِالْأَوْقَات الذع اللَّحَظَات ، أَتْمَمْت الْمُهِمَّة ، قَتَلْت آخَى و وخنقت ابْنِهِ الصَّغِيرِ .
يُشْعِر الِابْن بِالْخَوْف وَالرَّهْبَة ، يُحَاوِلْ أنْ يُخْمِد
أَبِيه لِيَكُفّ الْحَدِيث ، يتصداه الْأَب ليستكمل
حَدِيثِه :
لَا فَائِدَةَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَا قَاتَل قَاتَل ، قَتَلَ أَبَاك أَخِيه بِالسُّمّ الْأَبْيَض .
يَكِيل الْأَبُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، يَخْنُق الْبَرَاح قَائِلًا
بانْفِعال :
بِهَذِه الايادى قَتَلْت الطِّفْلِ الصَّغِيرِ .
يَجْهَر الِابْن بِحَرَكَة هسترية يَكْتُم أَنْفَاسَه :
ياويلتى وَكُنْت أَظُنُّ نَفْسِي الوَحِيدَة الَّتِى قَتَلْت .
يَسْتَمِع الْأَب الْكَلِمَة جَيِّدًا يُرَدِّد :
قَتَلْت ، مَنْ قَتَلْتَ ؟ !
يَبْتَعِد الِابْن بَاكِيًا يُشْعِر بِتَأْنِيبِ الضَّمِيرِ ، يَتْبَعُه
الْمَرِيض مترنحا :
يَتْبَعُه الْأَب بِحَالِهِ مِنْ الانْهِيَار :
مِنْ الضَّحِيَّةِ الْمِسْكِين هَذَا ؟ ! حَرَّر نَفْسَك مِنْ
الْإِثْمِ ، أَطْلَق الْأَحْمَالَ عَنْ عَاتِقِك ، أَفْصَح الْأَمْر لاباك الرَّاحِل ، سيرحل وَمَعَه سِرُّك .
يَكْتُم الِابْن أَنْفَاسَه بِلَا حَرَاك .
تَدْخُل زَوْجَةِ الِابْنِ فِى رِدَاء أَسْوَد ، يَتَمَلَّكَهَا
الزَّهْو وَالْكِبْرِيَاء تَتَحَدّث بِثِقَة مفعمة :
لَن يُخْبِرُك عَنْ الْمَقْتُولِ شيئ ، . لِأَنَّه مَازَال حَىّ .
يَقْتَرِب الْأَبُ مِنْ زَوْجَةٍ ابْنِهِ الْوَحِيد مُتَوَسِّلًا
إلَيْهَا :
بِاَللَّهِ عَلَيْك أَنْ تُخْبِرِي رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يُزِيح الهَمِّ
عَنْ كَأَهْل ابْنِه الْوَحِيد .
تَنْهَر الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِعُنْف :
السِّتّ أَنْت قَاتَل ؟ ! السِّتّ أَنْت ظَالِم ، الطبيعى
أَن يَلِد الظُّلْم مِيرَاث الظُّلْم .
يَتَوَجَّه الِابْن الْوَحِيد مُتَغَيِّب يَضِيقَ صَدْرُهُ ،
يُتَوَسَّل لِزَوْجَتِه :
أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالصَّمْت ، بَات قَلْبِى يَنْفَجِر .
يَسْقُط الْأَب طَرِيح بِسَاطَ الْأَرْضِ ، يَزْحَف نَحْو
ابْنِه الَّذِى تَكَوَّم بِالْأَمَة ، يَتَعَكَّز بِابْنِه يسئلة
هامسا :
مَنْ الْمَقْتُولُ يابنى ؟ ! مَنْ هُوَ ضحيتك ؟ !
تَضْحَك زَوْجَةِ الِابْنِ الْوَحِيد بِصَوْت رَنَّانٌ ، تَقُول بفرحة الثَّأْر :
لَيْسَ بَعْدَ الظُّلْمِ إلَّا الظُّلْم ، وَالْقَاتِل يُقْتَل لَوْ بَعْدَ حِينٍ ، اعْلَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ الْعَجُوز إِنَّك قَتَلْت أَبِيك
لترث وَقَتَلْت أَخِيك بِالسُّمّ الْأَبْيَض وخنقت ابْنِ أَخِيكَ مَنْ أَجْلِ الْمَال وَحْدَك ، وَابْنُك الْوَحِيد
فِلْذَة كبدك وَقُرَّة عَيْنَيْك ، قَتَلَك بِالسُّمّ الْأَبْيَضُ مِنْ أَجْلِ مِيرَاث السُّوء ، وَأَنَا قَتَلْت ابْنَك بِنَفْس
السُّمّ ، وَأَنْتُمْ الْآنَ الْقَتْلَى ستكونا مِن الراحلين ، تَضْحَك الْمَرْأَة بِجُنُون وَتَنْظُر لَهُم بتنكر .
يتوعك الْأَب وَيَتَأَلَّم الِابْن بِحَدِّه ، يحاولا أَن
يصلا لِلْمَرْأَة للانتقام ، لَكِنْ لَا مَحَالَةَ ، يَخِرّ
الرَّجُلَان ، تَنْظُر لَهُمَا الْمَرْأَة ، تَضْحَك بمحافل
النَّصْر ، تَجْهَر :
تدبرون مِن الْكَيْد غِلاظَة وَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّ التَّدَابِير دَائِمًا طَرِيق لِنِهَايَة الْكَيْد .
تَهْوَى خُطَاكُم بشناعة أَفْعَالِكُم بالمقابر الْمَلْعُونَة ، وَحَصَاد الرِّجْس مهالك الشَّيْطَان .
تَنْظُر الْمَرْأَة نَحْو الراحلين باستهانة وترحل .
الْحَجّ "مفيد" الْأَب الْمَرِيض
الِابْن الْوَحِيد " ثابت"
زَوْجَةِ الِابْنِ الْوَحِيد
يَقِف الِابْنِ عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح يَنْظُر أَبِيه
الرَّاكِد بِفِرَاش الْمَوْت ، متَفَكِّرًا حَائِرًا بمغزى
الْأُمُور
تتدفق عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ ، حَتَّى يَنْصاع بِوَهَن
التَّرْحَال يَثْقُل حَالَة ، يُتَمِّتم الْأَب البَاكِي
يسعل :
تَارَة أَكُونُ مِنْ الْأَصِحَّاءِ ، وَتَارَة أَفْقِد الصَّوَاب ،
قُلْ لِى مَا بِي ؟ ! حَتَّى أَسْتَكِين .
رَثَى " ثابت" الِابْن الْوَحِيد لِلْحَجّ " مفيد" حَالَة ، خِلَافُ ذَلِكَ يَطْمَئِنّ الْمَرِيض :
لَا عَلَيْك يَا أَبِى الْعَزِيز الْغَالِي ، حَتْمًا سَتَكُون
بِخَيْر .
يَقْبِض الْمَرِيض حافَة مَرْقَدَه بِعُنْف ، يُصِرَّ عَلَى سُوءِ حَالتة :
سَئِمْت الِانْتِظَار ، سَئِمْت الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَةَ ، أَشْعَر
بِحَالِي ، يَقْتَرِب الْمَعَاد .
ينفطر الِابْن مُحْتَرِقًا بِاعْتِرَاف الْأَب :
لَا يَا ابتى ، أَنَّهَا لَيْسَتْ النِّهَايَة .
يَنْظُر الِابْن نَحْوَ السَّمَاءِ ، حَتَّى تترصد عَيْنَاه
الْغُرُوب قَائِلًا بتوتر :
لَم تَحِنّ السَّاعَة بَعْد .
يَنْتَفِض الْأَب متلوعا متململا :
انْظُرْ يَا بَنِى , عَلِيًّا الِاعْتِرَاف .
يُشْعِر الِابْن بِهَذَا التَّأْنِيب ويمتعض مِنْ حَالِهِ ،
حَتَّى تَرْتَسِم بملامحة الدُّمُوع تَتَوَقَّف بالاحداق .
يَسْتَمِرّ الْأَب فِى حَدِيثِهِ الباكى نَادِمًا عَلَى
الْمَاضِي ، نَاظِرًا للبراح :
ادَّعَوْا لِى فليسامحنى الرَّبّ ، ادَّعَوْا لِى
فليسامحنى الرَّبّ .
ينفطر الِابْن يَجْهَر بِالْبُكَاء :
مَاذَا فَعَلْتُ يَا أَبِى ، أُرَاكَ مِنْ الأبرياء .
يَنْظُر الْأَب بملامح مبهوتة ، يُقِيم رَأْسَه بالذعر :
مَا عسايا ؟ ! وَأَرَاك مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ .
يَنْهَر الِابْن حُسْنِ ظَنِّ أَبِيه يَجْهَر :
كَذَبْتُك عَيْنَاك يَا أَبِى ، خيبت الْأُمُور ظنونك .
يَعْتَرِف الْأَب :
أَبَدًا أَبَدًا ، فَإِن أَبَاك قَاتَل .
يُصْعَق الِابْن يُشْعِر بِالْخَلَل ، يتهاوى بمركز
الْأَرْض ، يَقْطُر جَبِينِه خَيْبَة ، يَهْمِس لَمَّا كَانَتْ
تلامسة إقْدَامَه :
كُنْت احْتَسَب نَفْسِي مُغْتَنِم الفُرَص .
يُزِيح الْأَب فِرَاشِ الْمَوْتِ عَنْ جَسَدِهِ ، يُسْتَحْلَف بِالسَّمَاء :
وَاَللَّه وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدَيْه ، قَتَلَ أَبَاك وَعَذُب مِن
لُيونَةٌ الْأَظَافِر الصِّغَار .
يصدم الِابْن بِصُورَةٍ لَا تُصَدَّقُ مَعْنَى الْكَلَامِ .
يَسْتَكْمِل الْأَب مُهْتَز الرُّفَات ، يجسد الْحَقَائِق ،
فِى صُورَةِ درامية :
لَحْظَة سَوَّلَت بِنَفْسِي الْمَطَامِع حِينَ كَانَ الْإِرْثِ
مِنْ وَرَاءِ أَبِى مَطْمَع النُّفُوس ، إرْث يَمْلِكُه أَنَا
وَآخَى الرَّاحِل وَابْنِهِ الصَّغِيرِ ، قَالَت نَفْسِي
بِالسُّوء :
لِمَاذَا يَرِث فِى أَبِى الْآخَرِين ، مَنْ هُمْ الْآخَرِين ؟ ! أَخِي وَابْنُه الْوَحِيد ، إنَّمَا لَا أَنَا فَقَطْ مِنْ عَلَيْهِ
الْإِرْث ، وَهَؤُلَاء عَلَيْهِم الرَّحِيل .
يتكوم الْأَب مِثْل الطِّفْل ، ثُمّ يَقْفِز بِعِنَاد وَكَأَنَّه
عَاد طِفْلًا ، يُطَالَب أَبِيه :
طَلَبَتْ مِنْك الْكَثِير وَكُنْت تَرْفُض ، قَتَلْت الرَّغْبَة وَالْحِلْم بداخلى ، الْحَلْوَى ، اللُّعْبَة ، الضُّحَكَة ،
الطَّعَام الْجَيِّد ، لِمَاذَا تَحْرُم ابْنَك من هَذَا ؟ ! وتضفى
النَّعِيم بِابْنِك الْآخَر ، كَانَ عَلِيًّا الثَّأْر وَالِانْتِقَام .
يَكِيل الْأَب بقبضتة :
كَانَ عَلِيًّا فَرْضٌ النِّهَايَة لِهَذَا الْعَبَث .
يُشْعِر الِابْن بِحَالِهِ مِنْ الثَّوْرَة بَعْدَ أَنْ اسْتَمَع
لأعتراف أَبِيه يُرَدِّد :
الرَّحِيل الرَّحِيل ، كَلِمَة يَصْعُب عَلَيْنَا سَمَاعِهَا .
يَسْتَكْمِل الْأَب :
تَخَلَّصْت مَنْ أَبَى ، قَرَّرْت التَّخَلُّصِ مِنْ آخَى
دَبَّرْت المكائد ، اقتصنت الفُرَص ودوى
بِالْأَوْقَات الذع اللَّحَظَات ، أَتْمَمْت الْمُهِمَّة ، قَتَلْت آخَى و وخنقت ابْنِهِ الصَّغِيرِ .
يُشْعِر الِابْن بِالْخَوْف وَالرَّهْبَة ، يُحَاوِلْ أنْ يُخْمِد
أَبِيه لِيَكُفّ الْحَدِيث ، يتصداه الْأَب ليستكمل
حَدِيثِه :
لَا فَائِدَةَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَا قَاتَل قَاتَل ، قَتَلَ أَبَاك أَخِيه بِالسُّمّ الْأَبْيَض .
يَكِيل الْأَبُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، يَخْنُق الْبَرَاح قَائِلًا
بانْفِعال :
بِهَذِه الايادى قَتَلْت الطِّفْلِ الصَّغِيرِ .
يَجْهَر الِابْن بِحَرَكَة هسترية يَكْتُم أَنْفَاسَه :
ياويلتى وَكُنْت أَظُنُّ نَفْسِي الوَحِيدَة الَّتِى قَتَلْت .
يَسْتَمِع الْأَب الْكَلِمَة جَيِّدًا يُرَدِّد :
قَتَلْت ، مَنْ قَتَلْتَ ؟ !
يَبْتَعِد الِابْن بَاكِيًا يُشْعِر بِتَأْنِيبِ الضَّمِيرِ ، يَتْبَعُه
الْمَرِيض مترنحا :
يَتْبَعُه الْأَب بِحَالِهِ مِنْ الانْهِيَار :
مِنْ الضَّحِيَّةِ الْمِسْكِين هَذَا ؟ ! حَرَّر نَفْسَك مِنْ
الْإِثْمِ ، أَطْلَق الْأَحْمَالَ عَنْ عَاتِقِك ، أَفْصَح الْأَمْر لاباك الرَّاحِل ، سيرحل وَمَعَه سِرُّك .
يَكْتُم الِابْن أَنْفَاسَه بِلَا حَرَاك .
تَدْخُل زَوْجَةِ الِابْنِ فِى رِدَاء أَسْوَد ، يَتَمَلَّكَهَا
الزَّهْو وَالْكِبْرِيَاء تَتَحَدّث بِثِقَة مفعمة :
لَن يُخْبِرُك عَنْ الْمَقْتُولِ شيئ ، . لِأَنَّه مَازَال حَىّ .
يَقْتَرِب الْأَبُ مِنْ زَوْجَةٍ ابْنِهِ الْوَحِيد مُتَوَسِّلًا
إلَيْهَا :
بِاَللَّهِ عَلَيْك أَنْ تُخْبِرِي رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يُزِيح الهَمِّ
عَنْ كَأَهْل ابْنِه الْوَحِيد .
تَنْهَر الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِعُنْف :
السِّتّ أَنْت قَاتَل ؟ ! السِّتّ أَنْت ظَالِم ، الطبيعى
أَن يَلِد الظُّلْم مِيرَاث الظُّلْم .
يَتَوَجَّه الِابْن الْوَحِيد مُتَغَيِّب يَضِيقَ صَدْرُهُ ،
يُتَوَسَّل لِزَوْجَتِه :
أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالصَّمْت ، بَات قَلْبِى يَنْفَجِر .
يَسْقُط الْأَب طَرِيح بِسَاطَ الْأَرْضِ ، يَزْحَف نَحْو
ابْنِه الَّذِى تَكَوَّم بِالْأَمَة ، يَتَعَكَّز بِابْنِه يسئلة
هامسا :
مَنْ الْمَقْتُولُ يابنى ؟ ! مَنْ هُوَ ضحيتك ؟ !
تَضْحَك زَوْجَةِ الِابْنِ الْوَحِيد بِصَوْت رَنَّانٌ ، تَقُول بفرحة الثَّأْر :
لَيْسَ بَعْدَ الظُّلْمِ إلَّا الظُّلْم ، وَالْقَاتِل يُقْتَل لَوْ بَعْدَ حِينٍ ، اعْلَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ الْعَجُوز إِنَّك قَتَلْت أَبِيك
لترث وَقَتَلْت أَخِيك بِالسُّمّ الْأَبْيَض وخنقت ابْنِ أَخِيكَ مَنْ أَجْلِ الْمَال وَحْدَك ، وَابْنُك الْوَحِيد
فِلْذَة كبدك وَقُرَّة عَيْنَيْك ، قَتَلَك بِالسُّمّ الْأَبْيَضُ مِنْ أَجْلِ مِيرَاث السُّوء ، وَأَنَا قَتَلْت ابْنَك بِنَفْس
السُّمّ ، وَأَنْتُمْ الْآنَ الْقَتْلَى ستكونا مِن الراحلين ، تَضْحَك الْمَرْأَة بِجُنُون وَتَنْظُر لَهُم بتنكر .
يتوعك الْأَب وَيَتَأَلَّم الِابْن بِحَدِّه ، يحاولا أَن
يصلا لِلْمَرْأَة للانتقام ، لَكِنْ لَا مَحَالَةَ ، يَخِرّ
الرَّجُلَان ، تَنْظُر لَهُمَا الْمَرْأَة ، تَضْحَك بمحافل
النَّصْر ، تَجْهَر :
تدبرون مِن الْكَيْد غِلاظَة وَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّ التَّدَابِير دَائِمًا طَرِيق لِنِهَايَة الْكَيْد .
تَهْوَى خُطَاكُم بشناعة أَفْعَالِكُم بالمقابر الْمَلْعُونَة ، وَحَصَاد الرِّجْس مهالك الشَّيْطَان .
تَنْظُر الْمَرْأَة نَحْو الراحلين باستهانة وترحل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق