اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

ضمير المتكلم في مجموعة «قلق أنا» للشاعر عبدالرحيم جداية

⏪د. محمد عبدالله القواسمة
الشعر هو الفن الوحيد الذي يمكن أن يطغى فيه ضمير المتكلم، دون غيره من الضمائر؛ فيتحدث بوساطته الشاعر عن نفسه،ويكشف عن تجاربه، ويعلي من شأنه، ويبث أشواقه وأحزانه. ويحتمل المتلقي هذه الأنا، ويرحب بها إذا ما اجتمعت معها في النص قوة
الخيال، وحسن الصياغة، وسلاسة الألفاظ، وعمق المعنى.
من اللافت حضور ضمير المتكلم في مجموعة الشاعر عبد الرحيم جداية»قلق أنا» (إربد: مكتبة الطلبة الجامعية،2020م) كما يبدو في عنوان المجموعة الذي جاء عنوان قصيدة أيضًا، وفي عناوين قصائد كثيرة، مثل:» يكاد يشبهني الغياب» و»يأمرني الحزن فأمضي» و» كي أبقى في عينيك وحيدًا»، و» لي لهفة الصوان»، و»أسرفت في العمر اعتكافًا» وغيرها.
أما في متون القصائد فنلاحظ أن عوالمها تقوم على هذا الضمير، فهو الذي يقدم الذات الشاعرة، ويساهم في بناء معالم الزمان والمكان والناس والطبيعة والحبيبة. ففي أبيات تتصدر المجموعة يبرز ضمير المتكلم ليظهر الإحساس بالفراغ والحزن، وتوجه الذات إلى من ينقذها مما تحس به في تلك الليلة شديدة القسوة:
املئيني
لست أهواه الفراغ
وعطّري حزني
بليل
ساذج القسمات
أعمى (ص3)
وفي قصيدة «قلق أنا» التي حملت المجموعة عنوانها تكشف الأنا عن قلقها وشكها حتى في حقائق الأشياء، ويغدو الإيقاع خافتًا من خلال التكرار، وتتابع ضمير المتكلم، والتضاد(أسود، أبيض)، والتوازن بين السطرين الثاني والثالث.
قلق يساورني
وأشك أن الثلج أبيض
وأشك أن الليل أسود
وأشك في قلقي إذا ناجيتني( ص6)
وتؤكد الذات حزنها في قصيدة «أحزان معتقة»، ويبدو الحزن عميقًا وشاملًا ومؤلمًا، بدلالات المفردتين الزمنيتين: «اليوم» و»الأمس»، وتكرار كلمة» حزين»، واستخدام كلمة «جدًا».
لكني اليوم حزين جدًا
والناي حزين
والأمس الآخر يا سيدتي
في الصدر دفين (ص70)
في قصيدة «تكوين» تبدو الذات الشاعرة متشظية، متوزعة على الزمان والمكان، ومبثوثة في ثنايا الريح والموسيقى. إنها تحتاج إلى من يعيد تكوينها، ومن هنا تصرخ الأنا:
أنا وطن
أنا زمن
أنا ماء
أنا ريح وموسيقى أرددها
إلى نجم بلا مأوى
فكيف أعيد تكويني (ص145)
وفي قصيدة «تقاسيم الرحيل» تبلغ الذات ذروة اضطرابها، وجهلها بمعرفة ماهيتها، وإدراك كنهها.لكنها في النهاية، وكماتراها العيون، وتتحدث عنها الألسن، ما هي إلا ذات متشظية:
أنا لست أعرف من أنا
أنا لست أدري من أكون
أنا لست إلا
من تخاطبه الحكاية والعيون(ص219)
وتتوارد في قصيدة «عيناك» صور المكان، الوطن، مما يذكرنا بقصيدة بدر شاكر السياب «أنشودة المطر» حين يقول: «عيناك غابتا نخيل ساعة السحر»، ويقول جداية:
عيناك قبرتان
حين تحلقان
عيناك
زقزقة الطيور
إذا تمادى الفجر
في لحن الضياء على الوجود (ص194)
وتتجه الذات إلى المكان إلى بلدة أيدون في قصيدة «سفح شرقي»؛فتبدي حسها الإنساني ومحبتها لكل مكان على الأرض. لكن لأيدونمكانة خاصة في القلب؛ بوصفها البلدة الغالية، التي لا يطيق الشاعر البعد عنها؛ والرجوع عن حبها، فذلك يعني الموت والنهاية. إن الشاعر يؤنسن المكان؛فأيدونتضحك وتفرح،وهو طفلها المشتاق الذي يشاركها الفرح،ويقبل يديها:
أيدون على السفح الشرقي تنادي
والطفل ينادي وأناي
وأقبل كفيها
تشعل في فوضاي العطر
إذا ما الغيم يشاغل ضحكتها
فيشف القلب لضحكتها
العذراء (ص19)
كما يبدو المكان في قصيدة «عابر إلى فلسطين»، طافحًا بالحركة، حركة الناس والحافلات، والانفعالات التي تظهر على وجوه الأفراد القادمين إلى وطنهم. وتنفتح القصيدة بلقطة لحافلة ومسافر ينتظر حقيبته. إنه موقف درامي يبدأ بتصوير الحافلة وهي محاطة بالجنود، وفتى قلق في المشهد ينتظر على الجسر. ثم ينتقل الشاعر لتصوير مشاهد من المدن الفلسطينية، ومخاطبة القدس، وهي غارقة في الحزن والدموع، ومحادثة يافا عروس البحر، ومأوى الغريب:
يافا تحدثني وينسجني المقال
أم الغريب عرفتني
وعرفت فيك البحر يندبك السؤال (ص31)
وتتوقف الذات الشاعرة عند مدينة حلب،في قصيدة تحمل اسمها، لتستحضر تاريخ المدينة وشخصياتها الأدبية والتاريخية، وبخاصة سيف الدولة، والشاعرأبو فراس الحمداني، وتبدو صورة المدينة، وهي تستغيث لتنجو من القتال والخراب، مثل حمامة بيضاء تتعرض للذبح. وتبدو الحرب في عيني الشاعر ملهاة دموية.
حلب تنادي
يا مغيث الأرض
يا رب السماء
حلب
حمام أبيض
في ريشها
تلهو القنابل
والدماء (ص53)
وفي قصيدة «مناسك الأشياء» تتجه الذات الشاعرة إلى الماضي؛لتستحضر الأمسيات الجميلة، والصباحات المشرقة التي تمتلئ بالفرح والغناء والشعر. إنها أزمنة لا تنسى مع تلك المرأة.
هل أنسى أمسية عبرت
من غير وداع
هل أنسى الناي أيا امرأة
يعزف قافية الشعر
ويغري بي
يتمثل صبحًا شبقيًا
للصبح مناسكه العذراء (ص15-16)
وفي قصيدة «طفل على حافة الحنين» تتحسر الذات على زمن الطفولة الطافح بالذكريات الشقية. وكالعادة تبرز الأنثى في مواجهة الشاعر:
ذهبت طفولتنا الشقية
يا أخية
مع سنين القحط حاصرنا الجفاف (ص76-77)
في قصيدة انسيابية غنائية ذات إيقاع مؤثر، وهي قصيدة «أسرفت في العمر اعتكافا» يبرز الحب الشفيف بألفاظ رقيقة، تتناغم وياء المتكلم في كلمات: «روحي»، «حبيبي»، «عيني»، «قلبي»، «مني»:
هاك روحي
يا حبيبي وانتظر
عينيّ في نهر الهوى
تبني ضفافا
إن قلبي
ماطر القسمات ما عصف الهوى
رمحًا وطافا (ص87)
وتفصح قصيدة «قمران يرتعدان في كفي» عن صفات جسدية لتلك الأنثى التي أغرمت بها الذات الشاعرة، وهي صفات متمردة على الصفات البشرية في جمالها وسحرها، بل إنها تقترب من صفات الأسطورة، من خلال قسمات الأعضاء وارتجافها:
لا تخبري الخصر النحيل عن العيون
وسرك المكنون في شفتي
ذئبية تلك الشفاه
ذئبية تلك العيون
قمران يرتعدان في كفي
والخد أرهقه القبل (ص121-122)
هكذا كان ضمير المتكلم في مجموعة «قلق أنا» للشاعر عبد الرحيم جداية حاضرًا في كل قصيدة من قصائدها حتى تلك القصائد التي تتناول المكان، مثل قصيدة «حلب»، وقصيدة «مسلات الفتى النبطي» ،وقد حمل عبء تعرف الذات الشعرية إلى ذاتها،وتقديمالفضاء النصي، وعناصر المكان والزمان والأحداث، والاقتراب من المرأة التي توفر للشاعر الأمن والطمأنينة، وتعيد له الإحساس بوجوده وكينونته. لقد حمل ضمير المتكلم قلق الذات إزاء الوجود، ذلك القلق الذي بعث الحياة في الشاعر ونصه؛ فجاءت القصائد طويلة متنوعة الموسيقى، لها إيقاع سلس يلامس الأذن بهدوء. وهي لا تغرق في استخدام الأساطير والتراث الشعبي، ولا تتكئ على الوزن التقليدي فحسب بل أيضًا على العلاقات الداخلية في النص، وتراكم الصور التي لا تعتم المعنى.

*الدستور
عمان

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...