نعم دونكيشــوت بيننـــا . دونكيشـــــوت بشحمـــه و لحمــــه بيننــا ...
لمـــا نظـــرة الإستغــــراب هـــذه ، لمـــا التّهكــم ، لمــــا الضحــك . أعيـــدها بملـئ فمــي ، دونكيشــــوت الــذي قصـــدت بيننـــا .إبــــن جلدتنـــا ، منّـــا و فيـــنا ..
أبــــدا لـــم أقصــــد ذاك الـــــذي .....وإن تشــــــابهة الأسمـــــاء . أبــدا لــم أقصـــد ذاك النبيــل الإسبـــــاني الــــواهــــم ... ذاك المــــؤمــن بــأوهــــامه ، ذاك الطّـــويل
النّحيـــف ، الـــذي فقـــد عقلــــه ، مــــن قلّــــة النّـــوم و الطّعـــام . ذاك المــــولع بقــــراءة الكــــتب ، المصــــدق لمــــا بين طيّــــاتهـــا من خزعبـــلات . أبـــــدا لــم أقصــــد ذاك الحـــالم بـــأنـــه فــــارســــا جـــــوالا .ذاك الشّهـــــم الــذي بـــاع أمــــلاكه و أطيــــانه ، ليستعـــــين بمــا كسبـــه في رحلتـــه المجهــــولة النهـــاية .
أبــــدا لــــم أقصــــد ذاك الـــذي وضع على رأســـه خــوذة مضحكــــة ، و حمـــل بيده رمحـــا ، و على خــــاصرته سيفـــا و امتـــطى فــــرســا هـــزيـــلا ، و أنطــلق متجـــولا في البلـــدان ، لينتقـــــم من مظــــالم الظّـــالمين على رأيـه ، و يصـــلح من أخطــــاء الفــــاسديــــن ، و يقضـــي عـــلى الشّـــــر ... ذاك المحـــب للخيـــر ، العـــازم على حمــــاية الأيـــامى ، و مســــاعدة اليتـــامى و المســـاكين ، و إغــاثة المحتـــاجين و الملهــــوفيـــن .
يـــا له من مسكيــــن دونكيشــــوت إسبــــانيــا ، يا له من واهـــم معتــــــوه . بــــدد كل مــا يملــك من اجـــل أوهـــام و أفكــــار بـــالية آمـــن بهـــا . المسكيـــــن وقــف في وجـــه الطّـــواحيـــن ، طـــواحيـــن الهــــواء ، قـــارعهـــا ظنّــا منه أنها شيـــاطين ، تــــــريد بالعـــالم شـــرا . حمّـــل نفســـه ما لا تطيــق ، عرّضهـــا للمهـــالك .
دونكيشــــوت بطلنـــا ، لا عــلاقة لــه بــلامنشـــا . إنه بيننــا ، و إن تشـــابهة الأسماء.
لا هو بالفــاقد عقلــه ، و لا هو بالواهــم ، و لا هــــو بالحـــالم .
دونكيشــــوت حـــارتنا ينــــام ملء جفــــونه ، ســـاعة القيلـــولة و قهوة المســاء ، أمرا مفروغــا منه .يحب الطّعـــام ، يعشـــــق الــدّســــم منه . صيــاد ولائــم بـإمتيــاز .
لا عــــلاقة له بالكتــب و لا بالقــراءة .لم يكن مهتمــا ليعرف عن أمثــالـــه .
أبــدا لم يكــن نحيـــفا ، و لا طويلا ... قصيــر القــامة ، منتفــخ البــطن ، كبير المؤخرة .بطلنـــا - أقربكــم الى الأرض أشــدكم بــلاء - يضحــك ، تعجبه هذه المقـولة كثيــرا .تشعـــره بالفخـــر . لــم يركب فرســا في حيــاته ، لم يحمــل رمحــا ، لم يتــابط سيــفا ، لـــم يعتمـــر خوذة ، و أن كــانت مضحكة . أشـــد أسلحتــه فتكــا ، و أكثرهــا فاعلية ، وقــاحته ، وقاحة فـــريدة . يعــرف من أين تـــؤكل الكتـــف .و غيرها عــلى رأيــــه .
- على الأنســان أن يعرف من أين تـــؤكل الكتف ، و غير الكتف . فهنـــاك ما هو ألــذ منها ، و أطيب و أنفع . عليك ان لا تكتفــي بالكتف ..
نظريته التي يتشــدق بها ، بمنــاسبة و بغير مناسبة . يبتسم بخبث ، إن ســالته عن الالذ من الكتف و الأطيب .و الذي علــيّ أن أعرف من أين يــــؤكل .
لـــم يكن دونكيشــــوت حـــارتنا مضطــرا ليركب فرســا ، و يجوب الأمصار و الوهاد و الوديــان .ماثــلة أمامــه بــكل تفـــاصيلهــا ، بــات الليالي الطوال متوســدا حجرا هنــا ، و قــاسم رفــاق الجهــاد كهفــا هنــاك . منهمكا ينصب الكمائن لجنود المحتل الغاصب . يكلمك عنها حجرا حجرا ، و منحدرا منحدرا ، سفحا و قمة ... دونما حاجة للسفــر اليها .فــارسا قل مثيــله ، أسطـــورة قــل مثيلهــا .
دونكيشــوت حـــارتنا ، تشهـــد على بطــولاته ، المعــارك التي خــاضها في سبيل الوطن . الأهــوال التي واجههــا .و هو في مكــانه حيث هــــو .
عجــز عن عــد الكمــائن التي نصبهــا للأعــداء و أتت أكلهــا ، أشـــلاءا و جثثــا .
المعــارك التي شــارك فيــها . عدد اصابع يدك الطــائرات التي أسقطهــا للأعــداء .
دمعــــة حــارة غلبتـــه ، تــذكره الــرفــاق الذين رحلوا لدار الخلــد .
دونكيشــوت ديلامنشا ، كسرت كتفــه مرة . ســال دمه الغــزير مــرة .
بطلنــا كســرت كتفه مـــرات و مـــرات . إختـــرق الــرصاص جســـده مــرات و مـــرات .ســال دمه غــزيرا مـــرات و مـــرات .مـــات مـــرات و مـــرات .
نعم مـــات بطلنــا مــرات و مـــرات .لما التعجب ، لما علامات التعجب هذه .
لما الاستغــراب . حـــاشــاه معتـــوها ، حــاشاه كاذبا ، حــاشاه واهمــا .
بلســـم فيـــــرايرس ، و الذي يدعي دونكيشوت اسبانيا أنه الوحيـــد العــارف بســره .ســـر الخلطـــة العجيبـــة . ســر البلســـم الذي تكفي منه قطـــرة واحدة ، لينجـــو المصاب من أي إصـــابة ، مهما كانت بليغـــة .و إن شــق المــرء الى نصفيــن حتى .فقطــرة واحدة من البلسم العجيب ، تجعل المصاب يقف على قدميـــه ، كــأن شيئا لم يكــن .
ابدا لســـت وحدك من عرف ســر البلســم العجيب السيد ديلامانشــا . فدونكيشوت حارتنا عرفه و استعمله ، مرات عده .و ان اختلفت المسميات ، فبلسم سوداويس العجيب على رأي فــارسنا ، أعـــاد له الحياة أكثر من مرة ، كيف لا و هو الذي استشهد أكثر من مرة . و لولا بلسم - ىســـــوداويــس - العجيب ، لما رايته بيننــا .ســالما معــافى ، يقص علينا الذي عاشه و عــاناه ، و الذي توهمه و تمناه . و لولا بلسم ســوداويس العجيب ، لطوى الزمن تــاريخه النــاصع .و هو المغوار الذي هــزم الأطلســـي .و تــلاعب بالمعمرين الســذج ، و سلبهـــــم مــا سلبهــــم من خيــرات مـــزارعهم ، و بيــض دجــاجهم ، و زيت زيتــونهم . و سرق النوم من عيون الخــونة و أعـــوانهم .فمن أكبر أعماله البطولية ، و الماثلة في الأذهان الى يومنا هذا تسللــه الى مكتب الضــابط الفرنسي ، المكتب الثــاني بالتحــديد ، وتركه على مكتب المعني رســـالة وعيد و تهديد بالتّصفية ، جراء ظلمه ، وتماديه في أفعاله الشنيعة. وقد شهـــد له بهذا العمــل البطولي الخـــرافي ، شيخا من شيـــوخ قريتنا ، و الذي لا يرقى الى شهــادته الشـــك ، أنـــه و في هجيــر يوم صيــف قــائظ ، رأى بأم عينـــه دونكيشـــوت حــارتنا الهمام ، متسللا من الباب الخلفي لثكنة الأعداء ، قــاصدا البســـاتين التي بالجـــوار ، بعد أن أنهى مهمتــه البطولية الخــرافية على أكمل وجه .
نعــم لست وحدك دونكيشوت اسبــانيا من هرعت لإنقـــاذ الأميـــرات العفيفات ، ممن اراد سبيهـــن ، و الإعتــــداء على شـــرفهن . فدونكيشــوت حــارتنــا له في إنقـــاذ الأميرات العفيفــات الطـّـاهرات ، صولات و جــولات .
فـــارسا مغوارا في محاربة عـــدوهم اللدود ، - الــــــوحــــــدة - فلا عدو للاميرة العفيفة الا هذا الشيطان ،هذا المارد الذي اسمه الــوحده .لم يكن فارسنــا الهمــام ليترك أميــرة جميلة وحيدة تصارع هذا المــارد ، فرسه الابيض مستعدا . دائما في الوقت المناسب ، و رمحه أيضــا . معركته الأولى مع المارد -الوحـــدة -، يوم أنقـــذ الاميــرة العفيفـــة - زينـــــــب .من وحدتها و هي إبنه التسعة عشـــر ربيعــا .
- أنـــا هنـــا لــك بالمــرصاد أيتهـــا الوحـــدة القـــاتلة .، و بعد أن هزم وحدتها ، و أطمـــئن عليها و ارتاحــت نفسه المحبة للخيــر . وصلـــته أخبــارا أن الأميــرة أرمـــلة رفيق الســـلاح ، و الذي سقـــط شهيــدا في ميدان الشـــرف ، تصتصـــرخه ، بعد أن تمكن اليـــاس منها ... حــز في نفســه و هو الفــارس الشهــم ، المستعـــد للتضحية دائمــا من أجل فعل الخيـــر و نشـــره .إنطلق كعــادته لا يشق له غبــار .
- أيـــن أنـــت .أيهــا اليـــأس الجبــــان ، أين أنت ، أرني وجهـــك القبيـــح إن استطعــت ، ارني قــوتك التي تدعي ... لا عليـــك يــا أميـــرتي ، يــا أرملتي الغــالية .لقـــد فـــر هــاربا الى غير رجعة . ضم فــارسنا الشهم الأرملة الغالية الى صدره ، وابتســـم .
الصـــدفة سيـــدة الموقــف هذه المــرة ، لم يخطط دونكيشوت حارتنا لهذه الجولة .صدقا لم تــكن في الحسبـــان ، و التي ظلت تلوكهــا الألسن الحاقدة الى وقت قريب
خديجة العفيفة ، المثقفة ، و التي سقطت هي ايضا بين مخالب المارد القاتل -اليــأس.
و ما أن سمعت بدونكيشوت حارتنا في جولة بالجوار ، حتى صرخت وادونكيشوتاه وا فارســـاه .قفــــز الفـــارس المغـــوار من على صهوة فرســه ، نط من على ســور البيت السجـــن ، و في لمح البصر ، سدد ضربته القاضية ، فسقط المارد -اليــأس- بلا حـــراك . يــا لــه من فـــارس ، و يــاله من شهـــم و يا له من بطل قلّ مثيله .
أيــن أنت منه يــا معتــــوه ديلامنشــا ، أين أنت من همــامنا يا مجنون إسبــانيا .
أين أنت من سميــــننــا ، أيها النحيــف من قلة النّــوم والطّــعام .أين أنت من المنتفخ البطــن، محب الطّــعام ، عــاشق الدســم ، مكرم الإناء.أين أنت ممن يعرف من أين تــؤكـل الكتف و غيرهـــا ، هذا القريب من الأرض ، المحــب للخيـــــر .
حــزّ في نفسي أن تــرحــل دونكيشوت قريتنا في صمـــت .
لمـــا نظـــرة الإستغــــراب هـــذه ، لمـــا التّهكــم ، لمــــا الضحــك . أعيـــدها بملـئ فمــي ، دونكيشــــوت الــذي قصـــدت بيننـــا .إبــــن جلدتنـــا ، منّـــا و فيـــنا ..
أبــــدا لـــم أقصــــد ذاك الـــــذي .....وإن تشــــــابهة الأسمـــــاء . أبــدا لــم أقصـــد ذاك النبيــل الإسبـــــاني الــــواهــــم ... ذاك المــــؤمــن بــأوهــــامه ، ذاك الطّـــويل
النّحيـــف ، الـــذي فقـــد عقلــــه ، مــــن قلّــــة النّـــوم و الطّعـــام . ذاك المــــولع بقــــراءة الكــــتب ، المصــــدق لمــــا بين طيّــــاتهـــا من خزعبـــلات . أبـــــدا لــم أقصــــد ذاك الحـــالم بـــأنـــه فــــارســــا جـــــوالا .ذاك الشّهـــــم الــذي بـــاع أمــــلاكه و أطيــــانه ، ليستعـــــين بمــا كسبـــه في رحلتـــه المجهــــولة النهـــاية .
أبــــدا لــــم أقصــــد ذاك الـــذي وضع على رأســـه خــوذة مضحكــــة ، و حمـــل بيده رمحـــا ، و على خــــاصرته سيفـــا و امتـــطى فــــرســا هـــزيـــلا ، و أنطــلق متجـــولا في البلـــدان ، لينتقـــــم من مظــــالم الظّـــالمين على رأيـه ، و يصـــلح من أخطــــاء الفــــاسديــــن ، و يقضـــي عـــلى الشّـــــر ... ذاك المحـــب للخيـــر ، العـــازم على حمــــاية الأيـــامى ، و مســــاعدة اليتـــامى و المســـاكين ، و إغــاثة المحتـــاجين و الملهــــوفيـــن .
يـــا له من مسكيــــن دونكيشــــوت إسبــــانيــا ، يا له من واهـــم معتــــــوه . بــــدد كل مــا يملــك من اجـــل أوهـــام و أفكــــار بـــالية آمـــن بهـــا . المسكيـــــن وقــف في وجـــه الطّـــواحيـــن ، طـــواحيـــن الهــــواء ، قـــارعهـــا ظنّــا منه أنها شيـــاطين ، تــــــريد بالعـــالم شـــرا . حمّـــل نفســـه ما لا تطيــق ، عرّضهـــا للمهـــالك .
دونكيشــــوت بطلنـــا ، لا عــلاقة لــه بــلامنشـــا . إنه بيننــا ، و إن تشـــابهة الأسماء.
لا هو بالفــاقد عقلــه ، و لا هو بالواهــم ، و لا هــــو بالحـــالم .
دونكيشــــوت حـــارتنا ينــــام ملء جفــــونه ، ســـاعة القيلـــولة و قهوة المســاء ، أمرا مفروغــا منه .يحب الطّعـــام ، يعشـــــق الــدّســــم منه . صيــاد ولائــم بـإمتيــاز .
لا عــــلاقة له بالكتــب و لا بالقــراءة .لم يكن مهتمــا ليعرف عن أمثــالـــه .
أبــدا لم يكــن نحيـــفا ، و لا طويلا ... قصيــر القــامة ، منتفــخ البــطن ، كبير المؤخرة .بطلنـــا - أقربكــم الى الأرض أشــدكم بــلاء - يضحــك ، تعجبه هذه المقـولة كثيــرا .تشعـــره بالفخـــر . لــم يركب فرســا في حيــاته ، لم يحمــل رمحــا ، لم يتــابط سيــفا ، لـــم يعتمـــر خوذة ، و أن كــانت مضحكة . أشـــد أسلحتــه فتكــا ، و أكثرهــا فاعلية ، وقــاحته ، وقاحة فـــريدة . يعــرف من أين تـــؤكل الكتـــف .و غيرها عــلى رأيــــه .
- على الأنســان أن يعرف من أين تـــؤكل الكتف ، و غير الكتف . فهنـــاك ما هو ألــذ منها ، و أطيب و أنفع . عليك ان لا تكتفــي بالكتف ..
نظريته التي يتشــدق بها ، بمنــاسبة و بغير مناسبة . يبتسم بخبث ، إن ســالته عن الالذ من الكتف و الأطيب .و الذي علــيّ أن أعرف من أين يــــؤكل .
لـــم يكن دونكيشــــوت حـــارتنا مضطــرا ليركب فرســا ، و يجوب الأمصار و الوهاد و الوديــان .ماثــلة أمامــه بــكل تفـــاصيلهــا ، بــات الليالي الطوال متوســدا حجرا هنــا ، و قــاسم رفــاق الجهــاد كهفــا هنــاك . منهمكا ينصب الكمائن لجنود المحتل الغاصب . يكلمك عنها حجرا حجرا ، و منحدرا منحدرا ، سفحا و قمة ... دونما حاجة للسفــر اليها .فــارسا قل مثيــله ، أسطـــورة قــل مثيلهــا .
دونكيشــوت حـــارتنا ، تشهـــد على بطــولاته ، المعــارك التي خــاضها في سبيل الوطن . الأهــوال التي واجههــا .و هو في مكــانه حيث هــــو .
عجــز عن عــد الكمــائن التي نصبهــا للأعــداء و أتت أكلهــا ، أشـــلاءا و جثثــا .
المعــارك التي شــارك فيــها . عدد اصابع يدك الطــائرات التي أسقطهــا للأعــداء .
دمعــــة حــارة غلبتـــه ، تــذكره الــرفــاق الذين رحلوا لدار الخلــد .
دونكيشــوت ديلامنشا ، كسرت كتفــه مرة . ســال دمه الغــزير مــرة .
بطلنــا كســرت كتفه مـــرات و مـــرات . إختـــرق الــرصاص جســـده مــرات و مـــرات .ســال دمه غــزيرا مـــرات و مـــرات .مـــات مـــرات و مـــرات .
نعم مـــات بطلنــا مــرات و مـــرات .لما التعجب ، لما علامات التعجب هذه .
لما الاستغــراب . حـــاشــاه معتـــوها ، حــاشاه كاذبا ، حــاشاه واهمــا .
بلســـم فيـــــرايرس ، و الذي يدعي دونكيشوت اسبانيا أنه الوحيـــد العــارف بســره .ســـر الخلطـــة العجيبـــة . ســر البلســـم الذي تكفي منه قطـــرة واحدة ، لينجـــو المصاب من أي إصـــابة ، مهما كانت بليغـــة .و إن شــق المــرء الى نصفيــن حتى .فقطــرة واحدة من البلسم العجيب ، تجعل المصاب يقف على قدميـــه ، كــأن شيئا لم يكــن .
ابدا لســـت وحدك من عرف ســر البلســم العجيب السيد ديلامانشــا . فدونكيشوت حارتنا عرفه و استعمله ، مرات عده .و ان اختلفت المسميات ، فبلسم سوداويس العجيب على رأي فــارسنا ، أعـــاد له الحياة أكثر من مرة ، كيف لا و هو الذي استشهد أكثر من مرة . و لولا بلسم - ىســـــوداويــس - العجيب ، لما رايته بيننــا .ســالما معــافى ، يقص علينا الذي عاشه و عــاناه ، و الذي توهمه و تمناه . و لولا بلسم ســوداويس العجيب ، لطوى الزمن تــاريخه النــاصع .و هو المغوار الذي هــزم الأطلســـي .و تــلاعب بالمعمرين الســذج ، و سلبهـــــم مــا سلبهــــم من خيــرات مـــزارعهم ، و بيــض دجــاجهم ، و زيت زيتــونهم . و سرق النوم من عيون الخــونة و أعـــوانهم .فمن أكبر أعماله البطولية ، و الماثلة في الأذهان الى يومنا هذا تسللــه الى مكتب الضــابط الفرنسي ، المكتب الثــاني بالتحــديد ، وتركه على مكتب المعني رســـالة وعيد و تهديد بالتّصفية ، جراء ظلمه ، وتماديه في أفعاله الشنيعة. وقد شهـــد له بهذا العمــل البطولي الخـــرافي ، شيخا من شيـــوخ قريتنا ، و الذي لا يرقى الى شهــادته الشـــك ، أنـــه و في هجيــر يوم صيــف قــائظ ، رأى بأم عينـــه دونكيشـــوت حــارتنا الهمام ، متسللا من الباب الخلفي لثكنة الأعداء ، قــاصدا البســـاتين التي بالجـــوار ، بعد أن أنهى مهمتــه البطولية الخــرافية على أكمل وجه .
نعــم لست وحدك دونكيشوت اسبــانيا من هرعت لإنقـــاذ الأميـــرات العفيفات ، ممن اراد سبيهـــن ، و الإعتــــداء على شـــرفهن . فدونكيشــوت حــارتنــا له في إنقـــاذ الأميرات العفيفــات الطـّـاهرات ، صولات و جــولات .
فـــارسا مغوارا في محاربة عـــدوهم اللدود ، - الــــــوحــــــدة - فلا عدو للاميرة العفيفة الا هذا الشيطان ،هذا المارد الذي اسمه الــوحده .لم يكن فارسنــا الهمــام ليترك أميــرة جميلة وحيدة تصارع هذا المــارد ، فرسه الابيض مستعدا . دائما في الوقت المناسب ، و رمحه أيضــا . معركته الأولى مع المارد -الوحـــدة -، يوم أنقـــذ الاميــرة العفيفـــة - زينـــــــب .من وحدتها و هي إبنه التسعة عشـــر ربيعــا .
- أنـــا هنـــا لــك بالمــرصاد أيتهـــا الوحـــدة القـــاتلة .، و بعد أن هزم وحدتها ، و أطمـــئن عليها و ارتاحــت نفسه المحبة للخيــر . وصلـــته أخبــارا أن الأميــرة أرمـــلة رفيق الســـلاح ، و الذي سقـــط شهيــدا في ميدان الشـــرف ، تصتصـــرخه ، بعد أن تمكن اليـــاس منها ... حــز في نفســه و هو الفــارس الشهــم ، المستعـــد للتضحية دائمــا من أجل فعل الخيـــر و نشـــره .إنطلق كعــادته لا يشق له غبــار .
- أيـــن أنـــت .أيهــا اليـــأس الجبــــان ، أين أنت ، أرني وجهـــك القبيـــح إن استطعــت ، ارني قــوتك التي تدعي ... لا عليـــك يــا أميـــرتي ، يــا أرملتي الغــالية .لقـــد فـــر هــاربا الى غير رجعة . ضم فــارسنا الشهم الأرملة الغالية الى صدره ، وابتســـم .
الصـــدفة سيـــدة الموقــف هذه المــرة ، لم يخطط دونكيشوت حارتنا لهذه الجولة .صدقا لم تــكن في الحسبـــان ، و التي ظلت تلوكهــا الألسن الحاقدة الى وقت قريب
خديجة العفيفة ، المثقفة ، و التي سقطت هي ايضا بين مخالب المارد القاتل -اليــأس.
و ما أن سمعت بدونكيشوت حارتنا في جولة بالجوار ، حتى صرخت وادونكيشوتاه وا فارســـاه .قفــــز الفـــارس المغـــوار من على صهوة فرســه ، نط من على ســور البيت السجـــن ، و في لمح البصر ، سدد ضربته القاضية ، فسقط المارد -اليــأس- بلا حـــراك . يــا لــه من فـــارس ، و يــاله من شهـــم و يا له من بطل قلّ مثيله .
أيــن أنت منه يــا معتــــوه ديلامنشــا ، أين أنت من همــامنا يا مجنون إسبــانيا .
أين أنت من سميــــننــا ، أيها النحيــف من قلة النّــوم والطّــعام .أين أنت من المنتفخ البطــن، محب الطّــعام ، عــاشق الدســم ، مكرم الإناء.أين أنت ممن يعرف من أين تــؤكـل الكتف و غيرهـــا ، هذا القريب من الأرض ، المحــب للخيـــــر .
حــزّ في نفسي أن تــرحــل دونكيشوت قريتنا في صمـــت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق