اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

غاب القمر يا بن عمّي ــ ق. ق || بقلم: إيمان الدرع

وسط الرجال رأيتك ، بقامتك الفارعة ، لم يتغيّر فيك شيءٌ ، الشّفق الأحمر على خدّيك يتضاحك ، وعيناك السوداوان ، هما ذاتهما ، أعرف بريقهما ، رغم احتجابهما خلف نظّارةٍ سميكةٍ ، وصوتك يا إلهي..؟؟!! هو ذاته ، مازالت رائحة الطفولة تسكنه ، رغم بحّة الرجولة التي تعطّره.
كنت مرتبكةً ، عكسك تماماً ، رحتَ تحدجني بعينيك بثباتٍ.
تعمّدتَ أن تطيل النظر إليّ ، لم تعبأ بنظرات من حولك ، وتأويلاتها ..

كاشفتْنا موكب الأضواء يا بن عمّي ، تلاصقتْ خطواتك قربي ، عقدتْ الدهشة ألسنتنا ، لففت عباءتي أتوارى بها ، ورحت أشدّ طرحتي ، أخبئ بها شعري المصبوغ بلون خيوط الشمس ،المسافر مع الفرح الغامر .
حمدتُ الله أنّ إتقان الألوان على وجهي ، قد خبّأ وجعي خلفها.
الموكب يستعدّ للانطلاق ، وقلبي توقّف عند محطّتي الأولى معك .
تهاطلتْ أمطار عمري ، وأثلجتْ ، ولم أنسَ قطرات المطر التي اختبأت منها خلفك ، تدثّرني بسترتك الدافئة التي حملتْ رائحة يفاعتك ، تطعمني ما حشرته على عجلٍ، من قطع حلوى في أجيابها .
والقمر يرمقنا ضاحكاً ، ويختبئ خلف الغيوم ، ليُغفِل عينه الأخرى عنّا .
أتذكر ذلك اليوم يا بن عمّي ؟؟!!عندما وصلنا الدار ، فرأينا ستائر الفرح قد تمزّقتْ ، فنشجتْ ألوانها؟؟!!
وعلى الأعتاب كانتْ جدّتنا تذرف الدمع ، لألمٍ يصدّع ثدييها اللذين أرضعتْ بهما أولادها المتفرّقين، المتنازعين على تركة أبيهم.
لم نفهم حينها ما الذي يجري ؟ لم نفقه سبباً لطلقات رصاص الحدود ، بين الأرض الواحدة للأشقّاء، كنّا خارج صحراء الداحس والغبراء.
وقتلونا يا بن عمّي، ونثروا على شواهدنا عتمات قلوبهم ، وزرعوا الأسلاك الشّائكة في الشريان الواحد فنزف الموت من جدرانه، وتقطّع الجذر ، وتهتّكتْ الأغصان ، وفروعها.
قلوبنا البكر ...كم حاولتْ أن تتشبّث بلون العشب السندسيّ، وقاومت احتراق أزهارها ؟؟!!
لم تستطع رياحيننا الغضّة، أن تقف في وجه رماحهم المصوّبة نحو نحورهم ، تناوشها ، وكنا بعضهم.
لم أعرف ما فعلت بنا الأيام ، إلا عندما استفقتُ على يد أمّي ، تجرّني من شعري ، تسحبني عن النافذة التي وقف تحتها حصانك الأبيض ، وأنت تُزفّ إلى غيري .
طوفان من الدمع بيني وبينك ، لم أزلْ أحسّ بملوحته، حتى هذه اللحظة.
كأنّك تقول لي : لا تكترثي لما ترينه من صخبٍ ، سأعانقها برائحتك أنت .
ومن يومها ....غاب القمر عن حياتي ، يا بن عمّي ، لم يزرني ،وأنا أقطع المراحل التعليميّة ، الواحدة تلو الأخرى ، بنجاحٍ أبلهَ.
حتى وأنا أغيّر فساتين عرسي المبهرة ،الباذخة، وسط ذهول وثرثرة النساء ، كان صليل الأساور المحتشدة في زنديّ ، هو ظاهر لوحتي ، وأنت في عاشر أبعادها .
لم يزرني ، وأنا أنسج الدهشة الكاذبة في عمري ، كما أتقن نسج الصوف الذي أحيك معه ،نبضي الخامد ، وحكايا قلبي.
أتمدّد كبياض الثلج ، وصقيعه ، أمام مخلوقٍ غريبٍ ، غمس أصابعه في جسدي الرابض باستكانةٍ ، يواري نزفه.
أنثر فرحي المفقود مروجاً من الأزهار، على وريقاتي التي نبتت في رحم خلاياي ، مخالطةً دمي.
وأعلّم عصافير الرياض ، كيف يبسم النشيد ، ويحوّل الدمعة إلى إدمان حلمٍ لا يموت !!!
أعلّمهم كيف نحبّ أوطاننا ، ونمسح عنها نزفاً صنعناه بأيدينا.
فهكذا العشق في مشرقنا ، إنه الندم الخانق على عشقٍ بعناه ،اغتلناه ، ثم بكيناه على حائطٍ ، نبحث عنه فلا نجده.
وعلى جدران داري ، أعلّق كلّ يومٍ مرثاة أنثرها بين الزوايا ، حتى صارتْ غابات أحزانٍ، أنبتت فوقها طيور البكاء ، وأعشاشها.
سافرتَ بعيداً يا بن عمّي ..أبعد ممّا تصوّرت يوماً ، ولكنك غرست عطر دمك في قلبي ، زرعت السواقي ، والمطر ، ورائحة سترتك مازالتْ تسكن أنفي ، وطعم حلواك ، هو الأشهى في فمي.
وأقمتُ أنا على الضفّة الأخرى من النهر الذي كان يسقينا معاً .
وماتت الجدّة، وهي تحتبس في قبرها عبرات أقوى من البوح، وتساقطتْ أوراق الشجرة الكبيرة تباعاً ، وتناثرتْ أرزاق الإرث ، تبعثرتْ : مشاريعَ بناء ، وحدائق ماسٍ، وقصوراً ، وأرصدة ،
وسجوناً حبستْ فيها طفولتنا في أقفاصها ...
وبقيتُ ...أنا ...وأنت ..لحناً اكتمل وضاع صداه، عشقاً..لا يباعُ ، ولايُشرى ، وغير قابلٍ للمساومة، أو المقايضة ، وبقيتُ من بعدك أنثى بربريّة العشق ، مبتورة العمر .
أعرف أنك لم تنسني ، أقرأ هذه العبارة الآن في عينيك ، سمعتُ همسك :
ــــ لقد خبّأتكِ في طيّات الرّوح ، كأميرة الحكايا ، أحوم حول قصرك ، أحرسك بقلقي عليك ،أعاقر حبي الطاهر لك ، أشرب نخب الفراق بكأسٍ تزدحم فيه أطيافك ، أعطافك ، جدائلك، ألامس فيه مرمريّة أصابعك ، التي تهرب مني دائماً في وجلٍ.
طال الكلام بيننا ، وراشقتنا الذكريات برذاذ نجواها ، وهاجتْ قلوبنا ، وتمرّدتْ على أقفاصها ، وكادتْ تفضحنا حكايانا النائمة بهجوعها القسريّ.
تعطّل الموكب، الأبواق تعلو.
أردتُ أن تودّعني ، دون أن ترى ذبولي ، أن تستبقيني طفلةً في صدرك، لامستُ غرّة شعري بأطراف أصابعي ، أمسّدها ، كما كنتُ أفعل أمامك في صغري ،عندما يربكني وداعك خلف الباب،
احتبستُ عضلات جسمي المكتنز عند البطن، ومشيتُ بخفّةٍ كغزالةٍ رشيقةٍ ، أخبّئ وهني ، وأبسم في وجهك بخفرٍ ، أخبّئ شفتيّ الذابلتين ، الباهتتين ، خلف الطلاء.
الأبواق تعلو ، والطبول تواصل قرعها ، مختلطة مع الأهازيج ، والدبكات ، ولعلعة الرصاص..
الموكب يحمحم ...
أحد الشّبّان يناديني : العريس يا خالة يبحث عن أمه ، يستعجلك ،يسأل عنك .
وأخذت موقعي قربه ، أشبكتُ أصابعي بأصابعه، ألتمس قمراً جديداً في عمري ، أحاول بوجع مزمنٍ ، مستفيضٍ ،يشوبه الفرح المنشود ، أن أستعيض به، عن قمري الذي غاب معك............. يا بن عمّي ...

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...