⏬
رن ..رن ... رن إنه صوت منبه حسام لقد أصبحت الساعة السادسة صباحا وحان الان موعد استيقاظه كي لا يتأخر في الذهاب إلى المدرسة ، نهض حسام من فراشه نظر إلى المنبه وقال باستياء: .. رن.. رن... رن
كل صباح ... رن....رن .. توقظني مرعوبا رن ..رن ..رن ..اصمت أيها المنبه المزعج سأنهض الأن .
ثم نهض وأمسك المنبه وأسكت صوت بتوتر نظر حسام من النافذة ، الصقيع يملأ المكان والأشجارالمحيطة بمنزله تبدو كما لوأنها لوحة صامتة رمادية لا حياة فيها ، وقبل أن يبتعد بنظره ، رأى عصفورا صغيرا على حافة النافذة نظر إليه باستغراب ، فتح النافذة بهدوء كي لا يوقظه فلقد اعتقد قائلا : ترى ماذا يفعل هذا العصفور هنا ؟ ! هل هو نائم ؟! هل هو متجمد ؟! هل هو ....
ولكن العصفور لم يبدي أية حركةٍ لحظة اقترب حسام منه وأدخله إلى داخل الغرفة .
بدا كما لو ميت منظره مؤسف للغاية لذلك اغرورقت عيون حسام بالدموع من حزنه على العصفور المسكين ، قال له حسام : كم أنت مسكين أيها العصفور ؟!
بالتأكيد السبب هو الصقيع ،
كم أنا أسف لأجلك ؟! وراح حسام ينفخ عليه هواء ساخنا من صدره ، ويلفه بكلتا كفيه لعله يعطيه بعض الدفء، لكن العصفور للأسف لم يتجاوب مع حسام أبدا ، وضع حسام العصفور على المنضدة بجوار السرير بعد أن جعل شاله الصوفي غطاء وشرشفا للعصفور ،
ثم نظر إلى المنبه وقال له : إنها المرة الأولى التي أتمنى لو أن رنينك كان أبكر ليتك أيها المنبه أيقظتني في وقت أبكر، لربما كنت ساعدت ذلك العصفور المسكين قبل أن يتجمد كليا ويفارق الحياة ، ليتك فعلتها أيها المنبه وأيقظتني باكرا وباكرا جدا.
وإذا بإم حسام تناديه هيا يا حسام لقد تأخرت عن المدرسة ، أسرع حسام دخل الحمام وغسل وجهه وارتدى لباسه المدرسي وهو يخاطب العصفور قائلا: الأن سأتركك وحيدا أيها المسكين لكن هنا لن تبرد أبدا وذهب مسرعا إلى المدرسة .
كان الجو باردا جدا حتى أن أذني حسام قد أصبحتا حمراويين من شدة البرد
قالت له المعلمة: ماذا بك يا حسام ؟
لماذا أنت شارد حزين محمر الوجه هكذا؟!
هل أنت مريض ؟
أجابها حسام بصوت هادئ حزين : لا أبدا أنا لست مريضا .
قالت له : حمد لله إذا هيا ضع شالك الصوفي على رأسك وأذنيك قبل أن تمرض الجو بارد جدا.
فقال لها حسام : لم أحضر الشال معي يا معلمتي .
سالته المعلمة : لكن لماذا ؟ والجو بارد اليوم
أجابها حسام : لقد وجدت عصفورا مجمدا من الصقيع لذلك أعطيته شالي عله يحس بالدفء .
قالت المعلمة بفخر : كم أنت نبيل يا حسام ؟
كي تفضل العصفور عن نفسك وتعطيه شالك ، لكن يا حسام ، أين هو العصفورالأن ؟
أجابها حسام : إنه في البيت
قالت المعلمة : إذا البيت دافءٌ يا حسام وليس باردا كما في الجو خارجا لن يبرد العصفور داخل المنزل وأنت من سيبرد ويمرض لكنك خرجت خارج المنزل .
لذلك في المرة المقبلة احتفظ بالشال لنفسك
وإذا كنت تريد مساعدة العصفور حقا بوسعك أن تغطيه بقطعة قماش أخرى .
قال حسام : نعم معلمتي سأفعل لكني حزنت جدا على العصفور لقد مات بردا، واغرورقت عيني حسام بالدموع من جديد
اقتربت المعلمة من حسام وقالت : هيا يا صغاري يستحق حسام الطيب صقفة طليعية لأنه طيب ويحب مساعدة الأخرين الإنسان والحيوان أيضا
صفق التلاميذ لحسام بحرارة .
ابتسم حسام والمعلمة تمسح دموعه قائلة له : ليتك تعود لتجد العصفور بانتظارك،
الحنان والحب يعطي دفئا كبيرا وحياة جديدة لا تيأس أبدا يا حسام
قال حسام : نعم لن أيأس أبدا .
انتهى اليوم الدراسي وعاد حسام إلى البيت مسرعا دخل غرفته اقترب من المنضدة أزاح المنبه قائلا له : ابتعد أيها المزعج ليتك ترن بالوقت المناسب .
اقترب بهدوء من العصفور أزاح الشال عنه وهو يتذكر كلام معلمته
(الحب والحنان يعطي روحا جديدة وحياة جديدة ) وهو يقول : يا الله
وبكل لطف ورقة وهدوء مسح بإصبعه على رأس العصفورالذي حرك ساقته حركة بسيطة .
إعتقد حسام أنه واهم أو أنه يتخيل ، فأعاد الحركة مرة أخرى حقا لقد حرك العصفور جناحه بهدوء ، يا إلهي صرخ حسام إنه حي!!! لم يمت الحمد لله
وأسرع إلى المطبخ وأحضر له الماء والخبز المبلل بالماء أيضا
وأسقط بضع قطرات من الماء على منقار العصفور ، وضمه أكثر ودفئه أكثر ، حقا إن سعادة حسام كانت لاتوصف حين بدأ العصفور يتحسن ويتحرك أكثر ،
حاول حسام في المساء وضع الطعام في فم العصفورالذي بدأ يتجاوب مع حسام قليلاويفتح فمه ،
وفي صباح اليوم التالي
رن.. رن ... رن... استقيظ حسام بسرعة ونظر إلى العصفور كم أسعده بأنه كان واقفا على قدميه !! لكنه سرعان ما سقط
قال له حسام : انتظر حتى تصبح أقوى يا عصفوري ، لن أحبسك أبدا لاعليك، ولكني سوف لن أدعك تطير قبل الشفاء التام ، ولفه مجددا لكن بقطعة قماش أخرى وارتدى شاله وذهب إلى المدرسة ، وعندما دخلت المعلمة قال لها حسام : فعلا معلمتي الحب و الحنان والدف ء يخلق روحا جديدة لقد عادت الروح إلى العصفور لكنه مازال مريضا .
قالت له المعلمة : حسنا ارعاه واعتني به وسيتحسن بكل تأكيد .
قال حسام فرحا: نعم طبعا سأفعل
وعند الظهيرة بدأ العصفور يزقزق ويستطيع الوقوف فترة أطول على ساقيه ويأكل بعض مايقدمه له حسام . نظر إليه حسام وقال له : أعرف أنك اشتقت للطبيعة ، كلنا نحب الحرية عدني أنك ستتعافى غدا وأعدك أن أطلق سراحك غدا إنشالله ، زقزق العصفور بهدوءٍ فقال له حسام ضاحكا : حسنا سأعتبر أنك وعدتني أيها العصفور .
في صباح اليوم التالي استيقظ حسام على زقزقة العصفور سُرّ كثيرا إنه صوت لطيف وعذب نظرإلى المنبه وقال له : ليس مثل صوتك الخشن
.. رن ...رن ...بكل إزعاج ....
ولكن لماذا لم ترن اليوم أيها المنبه ؟! ماذا أصابك ؟
أوه لقد تعطل المنبه إن عقاربه لاتمشي ، من سيوقظني غدا ؟
قال حسام بكل أسف وهو ينظر إلى العصفور لكن لا بأس يا عصفوري ، أنا فرحت حقا لأنك تعافيت وسأفي بوعدي وأطلق سراحك أتمنى أن تعود لزيارتي قريبا ، وفتح له النافذة
وقال له : إلى اللقاء أيها العذب ...
وتابع حسام يومه بكل براءة وفرح ، وقبل أن ينام تذكر أن المنبه معطل فذهب إلى أمه وقال لها : أيقظيني صباحا لو سمحتِ يا أمي كي لا أتاخرعن المدرسة فالمنبه معطل ،
أجابته أمه حسنا يا صغيري تصبح على خير
وفي صباح اليوم التالي عندما جاءت الأم لتوقظ حسام ، تفاجأت حين وجدت حسام مستيقظا يقف أمام النافذة ينظر منها للخارج ،
قالت له : صباح الخير يا حسام
لقد استيقظت ها أنت أصبحت شابا ولست بحاجة الى أمك كي توقظك ولا إلى المنبه أيضا .
فقال لها حسام : لا يا أمي لم أستيقظ من تلقاء نفسي لقد ايقظني صديقي.
فقالت له الأم مستغربة: صديقك ؟!
من هو صديقك ؟! لم يأتي أحد لزيارتك اليوم
فقال حسام : صديقي العصفور إنظري أين هو ؟!
لقد استيقظتُ على صوت زقزقته اللطيف صباحا .
كم هو وفي؟! إنه يبادلني المعروف يا أمي . قالت الأم : نعم يا بني ، علينا أن نفعل الخير والأفياء فقط يحفظونه ولا ينسونه أبدا.
*نرجس عمران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق