جمالية التعبير الروحي وتشكيل الصورة في قصيدة "وعليه أبصم .. إرتد عن الموت" للشاعرة نرجس عمران
*أياد النصيري
رسمت الشاعرة لوحة تسجيلية متكاملة لوقائع مادية حسية ووجدانية تشكل حالة من الترابط والتماسك بين حاضرها المؤلم والماضي الذي تغنت به بكل شوق تعتريه نشوة تلك الذكريات الجميلة فالشاعرة ترفض الواقع الحالي وتعود إلي أحلامها وعبثها أثناء تلك المرحلة في بداية حبها وعشقها وتضحيتها
لم تجد الشاعرة ((نرجس)) لتعبر عن ذاتها سوى بالشعر فهو تنفيس وهو عملية تطهير ذاتي تعيد العواطف الى نصابها وبفضله يتخلص الانسان من تابو المكان والزمان وتستسلم العقول والقلوب وتتلاقى في حب وسلام وبهذا تستعيد شاعرتنا توازنها العاطفي وتتخلص من الإحتقان الداخلي الذي ينبض في
الروح وبالشعر وحده تحاذي الإنفجار والحيلولة دون الإنهيار
لقد تميزت هذه القصيدة((وعليه أبصم / إرتد عن الموت)) بغني المضامين وحداثوية الشكل الشعري وقد استندت علي عناصر سرديّة تحمل فضاءات إيحائية فضلاً على قدرة البناء في استحضار الأحداث الماضوية وشحنها بوهج الحياة والبعث من جديد وإعادة ترتيب الماضي المؤثر في واقع الشاعرة وحاضرها - مزجت الشاعرة في هذا النص بين عالم الشعر والسرد وهذا هو سر جمال القصيدة التي انبثقت بعض عناصر السرد لدعم شعريتها
فالركيزة الأساسيّة هنا ليست في الحدث ذاته بل بطريقة عرضه إذ نلاحظ أن (نرجس عمران) عمدت إلي توظيف نسق تتابعي في بناء حدثها ذلك النسق الذي تتتابع فيه الأحداث تتابعاً منطقيّاً الواحد تلو الآخر مع وجود رابط بينها فهي ترسم الجو العام لظروف الوحدة من خلال حديثها عن ذلك القسم دون التوغّل في الحديث عن كيفيّة ذلك القسم بالوعود والحلفان ((
وصوت رنين كان يفيض من فوهة أذنيها ،تريد أن تعاوده ذاك القسم فقد ضل عنه
تريد أن تؤكد عليه الوعود والحلفان والأيمان
بعد أن حنث بتنفيذها--)) حيث نجد من خلال قراءة النص انه يتكئ على صوت الراوية الذي يحيلنا إلي الأسلوب الحكائي والراوية هنا هي الشاعرة نفسها بوصفها راوية داركة وعليمة مشاركة في الأحداث التي تعيشها بواقعية في حياتها اليومية
تسرد (نرجس عمران)من خلال هذا النص أحداث تعايشت معها فترة من الزمن باستمرار تصاعدي وفق نظام سردي متكامل محبوك وقد اعتنت بالتفصيلات المثيرة والحيّة في الأحداث معتمدة على لغة تفصيلية وصفيّة وهي تتذكر وتتأمل تلك الذكريات مع حبيبها وتناجيه وتتوسله ان لايموت لانه سلسبيلها الذي ترتوي منه ورجل البيت الذي تعيش وتأمن بوجوده وهو خيمتها التي تتفيء بظله
(نرجس) في هذه القصيدة تحاول إسترجاع الماضي وبث الحياة في تفاصيله لتشکّل وجوداً متخيلاً تتتفاعل في مجراها وعي المتلقي ويتشاكل معها فتعود للماضي وتتغنّي به مع كل آلامها ومآسيها فقد وجدت خير ملاذٍ تلوذ به من شبح الحاضر وكوارثه
هنا تاتي الصورة البسيطة إمتداداً لمحاولة إكتشاف الزمن المتحرك زمن الجدل في القصيدة فتتضح دلالة الصورة الشعرية دلالة رؤوية مباشرة وعفوية من خلال التداعيات التي تأخذ الصورة الشعرية بوصفها إمتداداً لحياتها وسنوات عمرها التي عاشتها الشاعرة ومحبوبها
ما يلفت الانتباه بتحفيز الفكر لدلالات عديدة بأن الغياب زمن حياة آخر مثل
((لاتذهب إلى الله من دوني وتسلك سبل الملائكة المنارة
الشياطين حولي بارعون في إماطة الفرح عن طريق العمر)) هنا نجدحضور مطلق التأكيد متشرب برؤى الشاعرة يعري الموت من سكونه فتبدو الصور بفاعلية تجريدية لحركية الأنسان موازية لأي حياة بحضور دليل الحركة في(زارعي مائي-عطشي ) فتشكل منحى أجرائي تجريدي الملامح عميق الدلالة مرتبط بحواس حميمية الروح كما تراه العين حاضرا وتسمعه الأذن وجودا برؤيا طاقة الحياة في حلم الغياب وهذا تضاد استعاري رهيب البلاغة
وبدلالة عميقة التبصر بفكر الشاعرة (نرجس) إتجاه الموت تنعكس بمرآة التصور بعين التوقع بفلسفة الإلهام وهي تتعايش مع التفاصيل بسيرة نفسية ذاتية مستقبلية لها وما يجول بخاطرها بمخيال فلسفي فترصد مسبقا تلميح نسيانها بعد مغادرة حلم التواجد (الحياة) الى حلم الغياب (الموت) بتحقيق شكل من أشكال الحلم والذي لا بد منه في حياة الحلم ولذا تدرك بيقين حكمتها وروحها الناصعة وها هي ترى نفسها في مرآة حلم فارسها بلا ضبابية ولا هروب -((
ارتدْ عن موتك هيا .. أريد أن أصحو رضيّة .... أريد أن يستيقظ حلمي على كابوس .... لا أن يغرفني الفقد أنا والحياة سوية)) وهكذا تترك لنا انطباعا عن بصمة حلم غيابه المستقبلية بذهنية تغاير سيكولوجية وأثر اجتماعي وتاريخي تراود الشاعرة عن حلمها الآتي وهي التي عرفت وتعايشت حياة محبوبها بتلك السنوات الجميلة لأنهم من نفس المحيط وتعاريج مناخ مرسومة على خارطة المصير بنفس المعاناة فالأصالة تجود بنعي الميت فكيف أن يكون التأبين لزوج عزيز على قلبها أحرق فراقه القلب وأفاض المآقي
((أتظن أن معطف الفرو أو الجوخ
يقاوم البرد في الوحدة ؟
أتظن أن الصورة تخرج من الصورة لتمسح الدمعة
أتظن أن الصراخ والوجع له سامع سوى الصدى
يكفيك ظنا
و يكفيني .......لطم الأمواج بات يؤذيني.))
لقد أبدعت الشاعرة كتابة هذا النص السردي بطريقة دائرية لا تترك لك المجال للتخلي عنها إلا عند نقطة النهاية عندها تبدأ حكاية القارئ مع النص من جديد و كأنه يعود أدراجه متابعا تسلسل الأحداث ليصل إلى البداية ويصنع دائرته الخاصة التي تساعده على إدراك ما وراء المشهد والحدث والمشاعر والكلمة المثخنة بالمعنى
ما معنى الكتابة بطريقة دائرية؟( إنها تعني أن نقطة البداية تكون هي المحطة التي يحط فيها الكاتب رحال النهاية بعد أن يقوم بتدوير الأحداث والمشاهد حتى ينتهي إلى النقطة الصفر) وهذا الأسلوب هو من السهل الممتنع لأنه يتطلب منهجية دقيقة التخطيط بمعنى أن يجعل الكاتب من النسيج السردي أرضية تتخللها المشاعر والأحداث والذكريات بساطا دائريا ويضفي عليه من جمال اللغة و الصورة ما يجعل له جاذبية و شاعرية تخفف على القارئ حدة المأساة التي يعيشها شخوص المشار اليهم في متن النص في هذا المجتمع المصغر الذي حمل همومه ذكرياته طموحه وأهوائه على كاهله وفي نفس الوقت تجعلنا الشاعرة نتابع الأحداث في شوق إلى النهاية و التي تجعل خيال القارئ مفتوح على كل الاحتمالات الممكنة والاحتمال الوحيد الذي لا يتصوره هو العودة إلى نقطة البداية((
ارتد عن الموت ... كل مايعنيني لترعد صباحي بالرنين
/كيفك ، اشتقتلك يا حلو /
رأس المال وأثمن الكنوز ، وهو مجددا ما أريد أن أحوز
وعليه أبصم))
كما أوحت لنا الشاعرة بدلالة أن اللقاء في منتصف الحلم هو إشارة لفلسفة تسلسل الانعتاق رويدا رويدا من حلم لآخر وهو (الموت) في قصدية مبطنة لفكرها الفلسفي ويوحي بالفراق المتوقع وهي غير مصدقة انه قد فارقها جسدا وفي روحها يعيش فلكل حلم نهاية كما أسلفنا وقطاف خاتمة النص
ولروح زوجها الشهيد الرحمة والخلود
نص الشاعرة
وعليه أبصم / إرتد عن الموت /
أقصى ما تتمناه ،أن تعود للخلف ،ألف مشقةٍ وسنة ،
وتعبر محيط المحزنة بمجذف سهوةٍ وحيد.
تشتاق لصداع كاد يكسر صدغيها
وصوت رنين كان يفيض من فوهة أذنيها ،تريد أن تعاوده ذاك القسم فقد ضل عنه .
تريد أن تؤكد عليه الوعود والحلفان والأيمان ،
بعد أن حنث بتنفيذها ، وان تقول له ثانية وثالثة وعاشرة بعد المليون ومن جديد ، لاتغرب عني لتشرق عليّ من بعيد .
لا تتركني كفي لا يصفق وحيدا .
لاتذهب إلى الله من دوني وتسلك سبل الملائكة المنارة .
الشياطين حولي بارعون في إماطة الفرح عن طريق العمر
إياك أن تفعل ظهري ليتكأ يحتاج إلى سند .
بقائي ثابتة في الوجود يحتاج إلى وتد .
قفل عائدا قبل أن أستيقظ أريده كابوسا يقض مضجع الحلم
لا أريده عمرا يقض مضج العمر .
النرجسة بجوار الماء على مشارف الشباك أنجبت الكثير من النرجس ، لكنه باهت .
والنسيم أسفر عن عطر وفير لكنه عقيم الرائحة . لا تنفك أوراقه تهمس في مسمع الريح .
أريد زارعي .. مائي الوفير لا يرويني إني من عطشي جريح
ذات الجنوب ... ذات الشمال ... ذات الشرق ... ذات الغرب .... ذات السماء وذات الارض ....طيفه ما مر قربي
ذات صبح لم يهزني ليشمني
وذات ظهر ماعادت أيديه تداعبني تدغدغني ... لتنثرني
أين زارعي؟!!أين السلسبيل ؟!
الماء الوفير لا يرويني
فبماذا أنا أجيب ؟!
كُتب على العمر أن يتابع فارغا
مزدحما مكتظا مشحونا لكن عابرا لا محطة سعد
لا وقود فرح ... لا موقد استمرار
لذلك
عد قبل أن أستيقظ
لأحكي لك عن البغل بن الأبجدية
وعن الدب بن المصلحة
وعن الخنزير بن الخيبة
وعن الشيطان بن الخذلان
وعن وعن .....
وعن إبليس ابن المطمعة هي الحياة أضحت مسخرة
أتظن أن معطف الفرو أو الجوخ
يقاوم البرد في الوحدة ؟
أتظن أن الصورة تخرج من الصورة لتمسح الدمعة
أتظن أن الصراخ والوجع له سامع سوى الصدى
يكفيك ظنا
و يكفيني .......لطم الأمواج بات يؤذيني.
ارتدْ عن موتك هيا .. أريد أن أصحو رضيّة .... أريد أن يستيقظ حلمي على كابوس .... لا أن يغرفني الفقد أنا والحياة سوية ...
ولا أعرف إن كنتَ بعدها ملاقيني في اللحد عندما ينتهي بي مشوار المهد
ولا أريد أن أعرف الان
ارتد عن الموت ... كل مايعنيني لترعد صباحي بالرنين
/كيفك ، اشتقتلك يا حلو /
رأس المال وأثمن الكنوز ، وهو مجددا ما أريد أن أحوز
وعليه أبصم
*أياد النصيري
رسمت الشاعرة لوحة تسجيلية متكاملة لوقائع مادية حسية ووجدانية تشكل حالة من الترابط والتماسك بين حاضرها المؤلم والماضي الذي تغنت به بكل شوق تعتريه نشوة تلك الذكريات الجميلة فالشاعرة ترفض الواقع الحالي وتعود إلي أحلامها وعبثها أثناء تلك المرحلة في بداية حبها وعشقها وتضحيتها
لم تجد الشاعرة ((نرجس)) لتعبر عن ذاتها سوى بالشعر فهو تنفيس وهو عملية تطهير ذاتي تعيد العواطف الى نصابها وبفضله يتخلص الانسان من تابو المكان والزمان وتستسلم العقول والقلوب وتتلاقى في حب وسلام وبهذا تستعيد شاعرتنا توازنها العاطفي وتتخلص من الإحتقان الداخلي الذي ينبض في
الروح وبالشعر وحده تحاذي الإنفجار والحيلولة دون الإنهيار
لقد تميزت هذه القصيدة((وعليه أبصم / إرتد عن الموت)) بغني المضامين وحداثوية الشكل الشعري وقد استندت علي عناصر سرديّة تحمل فضاءات إيحائية فضلاً على قدرة البناء في استحضار الأحداث الماضوية وشحنها بوهج الحياة والبعث من جديد وإعادة ترتيب الماضي المؤثر في واقع الشاعرة وحاضرها - مزجت الشاعرة في هذا النص بين عالم الشعر والسرد وهذا هو سر جمال القصيدة التي انبثقت بعض عناصر السرد لدعم شعريتها
فالركيزة الأساسيّة هنا ليست في الحدث ذاته بل بطريقة عرضه إذ نلاحظ أن (نرجس عمران) عمدت إلي توظيف نسق تتابعي في بناء حدثها ذلك النسق الذي تتتابع فيه الأحداث تتابعاً منطقيّاً الواحد تلو الآخر مع وجود رابط بينها فهي ترسم الجو العام لظروف الوحدة من خلال حديثها عن ذلك القسم دون التوغّل في الحديث عن كيفيّة ذلك القسم بالوعود والحلفان ((
وصوت رنين كان يفيض من فوهة أذنيها ،تريد أن تعاوده ذاك القسم فقد ضل عنه
تريد أن تؤكد عليه الوعود والحلفان والأيمان
بعد أن حنث بتنفيذها--)) حيث نجد من خلال قراءة النص انه يتكئ على صوت الراوية الذي يحيلنا إلي الأسلوب الحكائي والراوية هنا هي الشاعرة نفسها بوصفها راوية داركة وعليمة مشاركة في الأحداث التي تعيشها بواقعية في حياتها اليومية
تسرد (نرجس عمران)من خلال هذا النص أحداث تعايشت معها فترة من الزمن باستمرار تصاعدي وفق نظام سردي متكامل محبوك وقد اعتنت بالتفصيلات المثيرة والحيّة في الأحداث معتمدة على لغة تفصيلية وصفيّة وهي تتذكر وتتأمل تلك الذكريات مع حبيبها وتناجيه وتتوسله ان لايموت لانه سلسبيلها الذي ترتوي منه ورجل البيت الذي تعيش وتأمن بوجوده وهو خيمتها التي تتفيء بظله
(نرجس) في هذه القصيدة تحاول إسترجاع الماضي وبث الحياة في تفاصيله لتشکّل وجوداً متخيلاً تتتفاعل في مجراها وعي المتلقي ويتشاكل معها فتعود للماضي وتتغنّي به مع كل آلامها ومآسيها فقد وجدت خير ملاذٍ تلوذ به من شبح الحاضر وكوارثه
هنا تاتي الصورة البسيطة إمتداداً لمحاولة إكتشاف الزمن المتحرك زمن الجدل في القصيدة فتتضح دلالة الصورة الشعرية دلالة رؤوية مباشرة وعفوية من خلال التداعيات التي تأخذ الصورة الشعرية بوصفها إمتداداً لحياتها وسنوات عمرها التي عاشتها الشاعرة ومحبوبها
ما يلفت الانتباه بتحفيز الفكر لدلالات عديدة بأن الغياب زمن حياة آخر مثل
((لاتذهب إلى الله من دوني وتسلك سبل الملائكة المنارة
الشياطين حولي بارعون في إماطة الفرح عن طريق العمر)) هنا نجدحضور مطلق التأكيد متشرب برؤى الشاعرة يعري الموت من سكونه فتبدو الصور بفاعلية تجريدية لحركية الأنسان موازية لأي حياة بحضور دليل الحركة في(زارعي مائي-عطشي ) فتشكل منحى أجرائي تجريدي الملامح عميق الدلالة مرتبط بحواس حميمية الروح كما تراه العين حاضرا وتسمعه الأذن وجودا برؤيا طاقة الحياة في حلم الغياب وهذا تضاد استعاري رهيب البلاغة
وبدلالة عميقة التبصر بفكر الشاعرة (نرجس) إتجاه الموت تنعكس بمرآة التصور بعين التوقع بفلسفة الإلهام وهي تتعايش مع التفاصيل بسيرة نفسية ذاتية مستقبلية لها وما يجول بخاطرها بمخيال فلسفي فترصد مسبقا تلميح نسيانها بعد مغادرة حلم التواجد (الحياة) الى حلم الغياب (الموت) بتحقيق شكل من أشكال الحلم والذي لا بد منه في حياة الحلم ولذا تدرك بيقين حكمتها وروحها الناصعة وها هي ترى نفسها في مرآة حلم فارسها بلا ضبابية ولا هروب -((
ارتدْ عن موتك هيا .. أريد أن أصحو رضيّة .... أريد أن يستيقظ حلمي على كابوس .... لا أن يغرفني الفقد أنا والحياة سوية)) وهكذا تترك لنا انطباعا عن بصمة حلم غيابه المستقبلية بذهنية تغاير سيكولوجية وأثر اجتماعي وتاريخي تراود الشاعرة عن حلمها الآتي وهي التي عرفت وتعايشت حياة محبوبها بتلك السنوات الجميلة لأنهم من نفس المحيط وتعاريج مناخ مرسومة على خارطة المصير بنفس المعاناة فالأصالة تجود بنعي الميت فكيف أن يكون التأبين لزوج عزيز على قلبها أحرق فراقه القلب وأفاض المآقي
((أتظن أن معطف الفرو أو الجوخ
يقاوم البرد في الوحدة ؟
أتظن أن الصورة تخرج من الصورة لتمسح الدمعة
أتظن أن الصراخ والوجع له سامع سوى الصدى
يكفيك ظنا
و يكفيني .......لطم الأمواج بات يؤذيني.))
لقد أبدعت الشاعرة كتابة هذا النص السردي بطريقة دائرية لا تترك لك المجال للتخلي عنها إلا عند نقطة النهاية عندها تبدأ حكاية القارئ مع النص من جديد و كأنه يعود أدراجه متابعا تسلسل الأحداث ليصل إلى البداية ويصنع دائرته الخاصة التي تساعده على إدراك ما وراء المشهد والحدث والمشاعر والكلمة المثخنة بالمعنى
ما معنى الكتابة بطريقة دائرية؟( إنها تعني أن نقطة البداية تكون هي المحطة التي يحط فيها الكاتب رحال النهاية بعد أن يقوم بتدوير الأحداث والمشاهد حتى ينتهي إلى النقطة الصفر) وهذا الأسلوب هو من السهل الممتنع لأنه يتطلب منهجية دقيقة التخطيط بمعنى أن يجعل الكاتب من النسيج السردي أرضية تتخللها المشاعر والأحداث والذكريات بساطا دائريا ويضفي عليه من جمال اللغة و الصورة ما يجعل له جاذبية و شاعرية تخفف على القارئ حدة المأساة التي يعيشها شخوص المشار اليهم في متن النص في هذا المجتمع المصغر الذي حمل همومه ذكرياته طموحه وأهوائه على كاهله وفي نفس الوقت تجعلنا الشاعرة نتابع الأحداث في شوق إلى النهاية و التي تجعل خيال القارئ مفتوح على كل الاحتمالات الممكنة والاحتمال الوحيد الذي لا يتصوره هو العودة إلى نقطة البداية((
ارتد عن الموت ... كل مايعنيني لترعد صباحي بالرنين
/كيفك ، اشتقتلك يا حلو /
رأس المال وأثمن الكنوز ، وهو مجددا ما أريد أن أحوز
وعليه أبصم))
كما أوحت لنا الشاعرة بدلالة أن اللقاء في منتصف الحلم هو إشارة لفلسفة تسلسل الانعتاق رويدا رويدا من حلم لآخر وهو (الموت) في قصدية مبطنة لفكرها الفلسفي ويوحي بالفراق المتوقع وهي غير مصدقة انه قد فارقها جسدا وفي روحها يعيش فلكل حلم نهاية كما أسلفنا وقطاف خاتمة النص
ولروح زوجها الشهيد الرحمة والخلود
نص الشاعرة
وعليه أبصم / إرتد عن الموت /
أقصى ما تتمناه ،أن تعود للخلف ،ألف مشقةٍ وسنة ،
وتعبر محيط المحزنة بمجذف سهوةٍ وحيد.
تشتاق لصداع كاد يكسر صدغيها
وصوت رنين كان يفيض من فوهة أذنيها ،تريد أن تعاوده ذاك القسم فقد ضل عنه .
تريد أن تؤكد عليه الوعود والحلفان والأيمان ،
بعد أن حنث بتنفيذها ، وان تقول له ثانية وثالثة وعاشرة بعد المليون ومن جديد ، لاتغرب عني لتشرق عليّ من بعيد .
لا تتركني كفي لا يصفق وحيدا .
لاتذهب إلى الله من دوني وتسلك سبل الملائكة المنارة .
الشياطين حولي بارعون في إماطة الفرح عن طريق العمر
إياك أن تفعل ظهري ليتكأ يحتاج إلى سند .
بقائي ثابتة في الوجود يحتاج إلى وتد .
قفل عائدا قبل أن أستيقظ أريده كابوسا يقض مضجع الحلم
لا أريده عمرا يقض مضج العمر .
النرجسة بجوار الماء على مشارف الشباك أنجبت الكثير من النرجس ، لكنه باهت .
والنسيم أسفر عن عطر وفير لكنه عقيم الرائحة . لا تنفك أوراقه تهمس في مسمع الريح .
أريد زارعي .. مائي الوفير لا يرويني إني من عطشي جريح
ذات الجنوب ... ذات الشمال ... ذات الشرق ... ذات الغرب .... ذات السماء وذات الارض ....طيفه ما مر قربي
ذات صبح لم يهزني ليشمني
وذات ظهر ماعادت أيديه تداعبني تدغدغني ... لتنثرني
أين زارعي؟!!أين السلسبيل ؟!
الماء الوفير لا يرويني
فبماذا أنا أجيب ؟!
كُتب على العمر أن يتابع فارغا
مزدحما مكتظا مشحونا لكن عابرا لا محطة سعد
لا وقود فرح ... لا موقد استمرار
لذلك
عد قبل أن أستيقظ
لأحكي لك عن البغل بن الأبجدية
وعن الدب بن المصلحة
وعن الخنزير بن الخيبة
وعن الشيطان بن الخذلان
وعن وعن .....
وعن إبليس ابن المطمعة هي الحياة أضحت مسخرة
أتظن أن معطف الفرو أو الجوخ
يقاوم البرد في الوحدة ؟
أتظن أن الصورة تخرج من الصورة لتمسح الدمعة
أتظن أن الصراخ والوجع له سامع سوى الصدى
يكفيك ظنا
و يكفيني .......لطم الأمواج بات يؤذيني.
ارتدْ عن موتك هيا .. أريد أن أصحو رضيّة .... أريد أن يستيقظ حلمي على كابوس .... لا أن يغرفني الفقد أنا والحياة سوية ...
ولا أعرف إن كنتَ بعدها ملاقيني في اللحد عندما ينتهي بي مشوار المهد
ولا أريد أن أعرف الان
ارتد عن الموت ... كل مايعنيني لترعد صباحي بالرنين
/كيفك ، اشتقتلك يا حلو /
رأس المال وأثمن الكنوز ، وهو مجددا ما أريد أن أحوز
وعليه أبصم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق