مستلقية على مضجعها تتقلب تقلب الشواء على اللهب،باهتة المحيا،مسودة الجفنين،جاحضة العينين،جلست و رأرأت عينيها في أرجاء حجرتها كالتائهة في عمق البيداء،قامت و فتحت خزانتها و أخرجت علبة صغيرة،فتحتها و نشرت كل ما فيها من صور،أشخاص كثر لم تعرف منهم أحدا،صرخت ملء حنجرتها "من هؤلاء يا إلهي؟أهم أقاربي؟أكنت أعرفهم يوما و يعرفونني؟" فإذا بشخص يدلف حجرتها يحمل بين يديه
صينية عليها القهوة و علب الدواء،لم تعرفه،كأنها لم تصادفه يوما في حياتها،هو زوجها و أب ابنتها الوحيدة،ما بالك تصرخين يا عزيزتي".سكتت و لم تحرر جوابا قال:"هيا،خذي قهوتك و دواءك"،ارتمت على الأرض و أمسكت بقدميه و قالت متوسلة:"أرجوك يا دكتور،أخبرني من أكون؟و ماذا أفعل هنا في هذا المكان،دعني أغادر إلى زوجي و ابنتي،مسكها من كتفيها و أوقفها و ذماؤه قد تبعثرت:اشربي دواءك لتطيبي بسرعة و تغادري"،أعطاها دواءها حتى أتت عليه كله،ثم خرج من عندها دامع العينين،حائرا،خائر القوى،و إذا به يسمع صرخة أخرى،فرجع إليها،و قد وجدها مبرقة اللحظ،جافية اللفظ،حركها و إذا بها باردة كالشتاء،جلس على كرسي بقربها و هو يبكي بكاء الطفل اليتيم،أخذ الصور التي كانت قد نشرتها و راح يتذكر حياة زوجه القاسية.
عاشت (زينب) في رحم القسوة و تغذت من حبل سري الأحزان،والدها عربيد عبد للكؤوس المترعة،زير نساء،و أمها طيبة شديدة الغيرة،لذا لم ترهما يوما و قد جلسا جلسة صفاء،إذ كلما التقيا تعلن الحرب الضروس بينهما،و لا تنتهي إلا و أمها قد طرحت أرضا و الدماء تملؤها من وقع الضرب المبرح،كانت الأم تحافظ على تماسك عائلتها بكل ما أوتيت من لأي و جهد،و لكن رغم ذلك قطع حبل أسرتها الذي صرمته،طلقها زوجها،فصارت (زينب) تتململ بين الإثنين،ليس لها مستقر عند أحدهما و لم تذق طعم الإستقرار،إلا أن جاءها (خالدا) فتى طيب القلب،دمث الخلق،بهي الطلعة،تزوجت منه و عرفت الهدوء و الراحة،و لكنها قد ورثت من أمها غيرتها المسمومة لوثت حياتها،فقد كانت تبحث زوجها بحثا كلما قدم من العمل،تدقق النظر في ثيابه و كأنها تريد العثور على إبرة وسط القش،و تفتش هاتفه و جيوبه لتثبت عليه تهمة ما،تطورت غيرتها و شكها هذا حتى أصيبت بمرض نفسي أفقدها توازن ذاكرتها،فصارت تنسى الأشخاص و الأشياء،أخذها زوجها إلى طبيب نفسي ليعالجها،و لكن المرض كان قد استفحل بعقلها،إذ أنها خرجت ذات مرة من حجرتها فوجدت زوجها و ابنتها يشاهدان التلفاز و يضحكان،و البنت تتأبط ذراع والدها،تسللت إلى المطبخ في هدوء و أخذت سكينا و هرولت نحو ابنتها ضربتها به فجرحت خدها قائلة:"أيتها المومس العاهرة،أتريدين أن تخطفي مني زوجي؟و أنت أيها الفاجر،لم أمت بعد كي تأتي بالرذيلة إلى بيتي و تدنسه بأفعالك المشينة،حمل الوالد ابنته متجها إلى الباب في الحال و هو يصرخ:"ماذا فعلت يا امرأة،إنها ابنتك،انها ابنتنا"،أخذها إلى المستشفى مسرعا،ثم اتصل بطبيب زوجته فنصحه أن يدخلها إلى المارستان لأنها صارت مؤذية،قد تقدم على جريمة،إن هي بقيت بينهم،لما حظرت الشرطة،قيدت الإعتداء ضد مجهول،لأن البنت صرحت أنها لقيت الضربة من شخص ملثم،استغرب الأب حينها من أقوال ابنته،و لكنه بعد ذلك عرف أنها لا تريد أن تدخل أمها المصحة أو السجن،و عاد إلى البيت و ابنته مشوهة الوجه قد أفقدها الجرح جمالها.
جمع (خالد) الصور و هو يمسح ملح مآقيه المنهمر على خده كالسيل،خرج من غرفة زوجه،فوجد ابنته قد حضرت،عانقها بحنو و هو يهمس في أذنها:"قد توفيت أمك يا ابنتي"وقعت على الأرض من أثر الصدمة تبكي و تنتحب،ضمها والدها ثانية مستطردا:"إنه القدر يا ابنتي،يأخذ من يريد أنى شاء،و أن المنية أبدا لا تطيش سهامها.
بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد. تيارت/الجزائر
صينية عليها القهوة و علب الدواء،لم تعرفه،كأنها لم تصادفه يوما في حياتها،هو زوجها و أب ابنتها الوحيدة،ما بالك تصرخين يا عزيزتي".سكتت و لم تحرر جوابا قال:"هيا،خذي قهوتك و دواءك"،ارتمت على الأرض و أمسكت بقدميه و قالت متوسلة:"أرجوك يا دكتور،أخبرني من أكون؟و ماذا أفعل هنا في هذا المكان،دعني أغادر إلى زوجي و ابنتي،مسكها من كتفيها و أوقفها و ذماؤه قد تبعثرت:اشربي دواءك لتطيبي بسرعة و تغادري"،أعطاها دواءها حتى أتت عليه كله،ثم خرج من عندها دامع العينين،حائرا،خائر القوى،و إذا به يسمع صرخة أخرى،فرجع إليها،و قد وجدها مبرقة اللحظ،جافية اللفظ،حركها و إذا بها باردة كالشتاء،جلس على كرسي بقربها و هو يبكي بكاء الطفل اليتيم،أخذ الصور التي كانت قد نشرتها و راح يتذكر حياة زوجه القاسية.
عاشت (زينب) في رحم القسوة و تغذت من حبل سري الأحزان،والدها عربيد عبد للكؤوس المترعة،زير نساء،و أمها طيبة شديدة الغيرة،لذا لم ترهما يوما و قد جلسا جلسة صفاء،إذ كلما التقيا تعلن الحرب الضروس بينهما،و لا تنتهي إلا و أمها قد طرحت أرضا و الدماء تملؤها من وقع الضرب المبرح،كانت الأم تحافظ على تماسك عائلتها بكل ما أوتيت من لأي و جهد،و لكن رغم ذلك قطع حبل أسرتها الذي صرمته،طلقها زوجها،فصارت (زينب) تتململ بين الإثنين،ليس لها مستقر عند أحدهما و لم تذق طعم الإستقرار،إلا أن جاءها (خالدا) فتى طيب القلب،دمث الخلق،بهي الطلعة،تزوجت منه و عرفت الهدوء و الراحة،و لكنها قد ورثت من أمها غيرتها المسمومة لوثت حياتها،فقد كانت تبحث زوجها بحثا كلما قدم من العمل،تدقق النظر في ثيابه و كأنها تريد العثور على إبرة وسط القش،و تفتش هاتفه و جيوبه لتثبت عليه تهمة ما،تطورت غيرتها و شكها هذا حتى أصيبت بمرض نفسي أفقدها توازن ذاكرتها،فصارت تنسى الأشخاص و الأشياء،أخذها زوجها إلى طبيب نفسي ليعالجها،و لكن المرض كان قد استفحل بعقلها،إذ أنها خرجت ذات مرة من حجرتها فوجدت زوجها و ابنتها يشاهدان التلفاز و يضحكان،و البنت تتأبط ذراع والدها،تسللت إلى المطبخ في هدوء و أخذت سكينا و هرولت نحو ابنتها ضربتها به فجرحت خدها قائلة:"أيتها المومس العاهرة،أتريدين أن تخطفي مني زوجي؟و أنت أيها الفاجر،لم أمت بعد كي تأتي بالرذيلة إلى بيتي و تدنسه بأفعالك المشينة،حمل الوالد ابنته متجها إلى الباب في الحال و هو يصرخ:"ماذا فعلت يا امرأة،إنها ابنتك،انها ابنتنا"،أخذها إلى المستشفى مسرعا،ثم اتصل بطبيب زوجته فنصحه أن يدخلها إلى المارستان لأنها صارت مؤذية،قد تقدم على جريمة،إن هي بقيت بينهم،لما حظرت الشرطة،قيدت الإعتداء ضد مجهول،لأن البنت صرحت أنها لقيت الضربة من شخص ملثم،استغرب الأب حينها من أقوال ابنته،و لكنه بعد ذلك عرف أنها لا تريد أن تدخل أمها المصحة أو السجن،و عاد إلى البيت و ابنته مشوهة الوجه قد أفقدها الجرح جمالها.
جمع (خالد) الصور و هو يمسح ملح مآقيه المنهمر على خده كالسيل،خرج من غرفة زوجه،فوجد ابنته قد حضرت،عانقها بحنو و هو يهمس في أذنها:"قد توفيت أمك يا ابنتي"وقعت على الأرض من أثر الصدمة تبكي و تنتحب،ضمها والدها ثانية مستطردا:"إنه القدر يا ابنتي،يأخذ من يريد أنى شاء،و أن المنية أبدا لا تطيش سهامها.
بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد. تيارت/الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق