اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

اِجْتِيَــاحٌ | قصة قصيرة ...*د. وفاء الحكيم

⏪⏬
رغم تيقُنِي من إغلاقِ المنافذ كلِّها ، إلا أنَّها نَجَحَتْ في الدخول والبقاء. انتابتني الحيرةُ متسائلةً مِنْ أينَ أَتَتْ ..؟؟؟ وكيف بقِيَتْ؟؟
كان اجتياحُها مقلقاً ، مريباً ومثيراً لدهشتي . بَنَتْ لها- - على غفلةٍ مني - بيوتاً كثيرةً في أمكنة متفرقةٍ داخل بيتي ، رغم إحكام غلقي
الأبواب والنوافذ . رحت أهمهم بداخلي : ربما أتت من كوَّةٍ صغيرةٍ أو انبثقت من ركنٍ مظلمٍ لم أحفلْ به . هكذا أضحت عاملاً مشتركاً بيني وبين الموجودات المبعثرة من حولي : أركان الغرف ، خلف قطع الأثاث ، بين أرفف المكتبة ،خلف الفراغ المعتم للثلاجة ،أسقف الردهات وأيضا حول حافظة القمامة. لكنِّي تجاهلتها تماما . رحت أمارس حياتي آكلُ ، أشربُ، اقرأُ ، أهاتفُ ،أتناسى ،أغضبُ وربما أُشْعِلُ غليونَ ذاكرتي وأَنفثُ الوجودَ كلَّه غير مكترثةٍ لوجودها. ورغم إصراري على التخلص منها إلا أنني لم أجد بداخلي رغبةً ملحِّةً لاستخدام العنفَ معها..!!
ربما لأنها بَدَتْ أمامي هادئةً ومسالمةً وليس لوجودها ضررٌ يُذْكَرُ إلا إحساساً داخليا ينتابني بالنفور كلما رأيتها . .. وبعد إمعان التفكير اخترت لها موتاً هادئاً وبارداً برشَّاتٍ متتاليةٍ من زجاجةِ المبيد التي اشتريتها خصِّيصَاً لإزالتها. اختفتْ لأيامٍ ثم ظهرتْ مرةً ثانيةً في بعض الأركان الأخرى . سمعتها مرة تهمس في أذني معاتبةً وأنا بين اليقظة والنوم : مالكِ بي..؟ ، أنا أقبع في إحدى الزوايا لا تسمعين لي همسا فلماذا تستعرضين فرط قوتكِ عَلَىَّ ..؟؟ اتركيني وانتبهي لمَن يساومونكِ عن بيتِكِ وجسدِكِ ،كتبِكِ وصخبِكِ، أحلامِكِ وصمتِكِ.. ؟؟؟
ورغم حجتها القوية لم تفلحْ في أن تضعني في زاوية الطمأنينة إليها وأصبحتْ رغبتي في التخلُّصِ منها أكثر إلحاحاً.
ذات ليلة تذكرتها ورحت أتفحص أمكنتَها الجديدةَ مثلما تذكرتُ "يونسَ" الذي هجر الشِّعرَ لأنه برأيهِ عالمٌ محدودٌ من الرُّؤى، وهجرني لأنني حياةٌ مكبَّلةٌ بالأسئلةِ، ودخل عالَمَهَا طوعاً وحبَّاً حتى أصبح شغوفا بحياتها كلِّها : عالَمِها ،أنواعِها ،هندسةِ بيوتِها ،أنواعِ شِبَاكِها ،حياتِها، مماتِها وعنادِها، فهاتفتُه مرتبكةً وسألتُه النَّصيحةَ فقد فشلتُ تماما في التخلُّص منها رغم ما رَشَشْتُهُ عليها من المبيد الحشري لكني لم أسمع منه سوى ضحكاتِهِ الفَجَّةِ التي جعلتني أندم كثيرا على مهاتفته !و يوما صحوتُ على صوت جرس الباب وعندما فتحتُ وجدتُ أمامي كما هائلاً من الكتب ،باقةَ وردٍ بيضاءَ، ومجسما مطاطيا ضخما لعنكبوت أسود ضخم وبرفقته كارتٌ صغيرٌ بخط يونسَ الرَّدِيء مدسوسٌ بدقةٍ ومكتوبٌ فيه : إنها فلسفة وحياة !! وضعتُ الورودَ في إناء الماء ،رميتُ الكارت جانباً ،فتحتُ أولَ صفحةٍ من أول كتابٍ وقد بَيَّتُ النية أنْ أُعيدَ إلى يونسَ كلَّ هداياهُ مُرْفَقَاً بها بعضاً من كلماتي الجارحة . بدأتُ أقرأُ صفحةً تلوَ صفحةٍ وكتاباً بعد كتابٍ قرأتُ عن الأنواع وتعرفتُ على أَشْكَالٍ..
بدأتُ أقرأُ صفحةً تلو صفحةٍ وكتاباً بعد كتابٍ قرأتُ عن الأنواع وتعرفتُ على أشكال الشِّباكِ ، عرفت الخصال العامة والخاصة وفهمت كيف تكون التفرقة بين الحيوات والألوان والأحجام . حين أوغلت في المعرفة اكتشفت عالَمَاً غيرَ العالَمِ وتدريجياً تحررتُ من وِحدتي و أنانيَّتي ثم نفضْتُ عن كاهلي نزقاً عقيماً أصررتُ عليه يوما . رحت أدخلُ في نوع وأخرجُ بصفاتٍ وأدخلُ في صفاتٍ فأتيقنُ تماماً من النوع ثم بدأت امتحن نفسي فأضع لها الأسئلةَ و أقيِّمُ الإجاباتِ وأحزنُ حالَ الرسوبِ، و أضحكُ وأتراقص بَهِجَةً للنجاح. . .دخل هذا العالمُ أعماقي فكنتُ أُحادث يونسَ بالساعاتِ أسألُهُ عن أحد الأنواعِ أو واحدةٍ من الصفاتِ. كنتُ أبحثُ عنها بجديَّةٍ وأنظرُ إليها مغتبطةً حين أكتشف موضعا جديدا قد اختبأت فيه وتأكدتُ أن عوالمَهَا قد دخلتني ،سكنتني ومن ثَمَّ استوطنتْ أعماقي. وفهمتُ لِمَ عاش يونسُ سنواتِهِ الطويلةِ معهم دون كَلَلٍ أو فتورٍ..؟
وأدركتُ بصدق معنى أَنْ تتوحدَ في الموجوداتِ التي لم تُعِرْهَا أبداً أدنى التفاتةٍ . و"تغيَّرتُ كثيراً "هكذا همسَ يونسُ في أذني يوما على ضوء شموعِ المنضدةِ التي جمعتنا فرحَيْنِ ومع مرورِ الوقتِ ،امتزاجُ الصفاتِ ،تلاقُحُ الأفكارِ.. ذاب الحدُّ الفاصل بيني وبين كل ما حولي . تغيَّرَتْ ملامحي الحادةُ وكلماتي الموجِعَةُ فأصبحتُ كائنا خُرافيا أكثر هدوءً ورويَةً ونظرتُ في المرآة فوجدتُني وقد نبتَتْ لي ثمانيةُ أزواجٍ من الأرجلِ وغَمَقَ لونُ بشرتي بعضَ الشيءِ وأحسستُ أنَّ عيوناً كثيرةً ملأتْ رأسي !!! وعُمِّقَتْ تجربتي فتعلَّمْتُ كيف أنسجُ الشِّبَاكَ ،وكيف أصنع خيوطَها المطرزةَ الواهيةَ الممتدةَ برفقٍ واختلفَ كثيراً معنى الَّلمْسِ والبصرِ عندي وفهمتُ كيف تكونُ الرُّؤْيةُ بعدَّةِ عيونٍ وكيف يكونُ الإبصارُ في أحيانٍ كثيرةٍ بلا عيونٍ ... ؟؟ و تيقَّنْتُ من جَدوى التفرقةِ، وكيف أكونُ الفريسةَ والصيادَ في آنٍ واحدٍ وكيف أنسجُ الشِّباكَ الممتدةَ من ذاتي بِتُؤَدَةٍ وكيف أُوْقِعُ الفريسةَ في الشَّرَكِ وكيف أرشُّ السُّمَّ بهدوءٍ وثباتٍ وكيف ومتى يكون قرارُ القتل حاسماً لا رجعة فيه ..؟؟ وتوطَّدَتْ كثيراً علاقتي بيونسَ حَدَّ الإدمانِ ولم أعدْ أستطيع الاستغناءَ عنه ولا عن عالمه ووصلت إلى درجةٍ ليس منها رجوع فلبستُ ثوبَ الفريسةِ لشِبَاكِهِ وجعلتُه صيداً لشَرَكِي الممتدِّ على مَهَلٍ . وتزوجنا ... سافرنا لعدة أيام ثم رجعنا عندها قمت بتنظيف البيت جيداً ووضعتُ ستائرَ جديدةٍ وأصررتُ على قتلِها دَهْسَاً دون هوادةٍ أو ترددٍ وأعلنتُ عدم رغبتي في رؤية واحدة منها ماكثةً في بيتي . راح يونس يمسك"الزعَّافة" ذاتَ اليَدِ الخشبيةِ المتصلبَةِ يضرب بها الأركان و الزوايا الجافةَ والرَّطِبَةَ وكنتُ أقرأ له بصوتٍ عالٍ عن فكرة– قتل الذَّكَرِ لأنه عنصرٌ غيرُ فعَّالٍ لبناء البيوت ورعاية الصغار فيضحك يونس مرتعدا ويكمل نشيطا ما كان قد بدأه . واستعملتُ كلَّ طاقتي للإبقاء على فريستي داخلَ شِباكي أتأمَّلُهَا في كلِّ أحوالها وهى تئنُّ ،تصرخُ، تضحكُ ،تبكي وتدقُّ على الشَّبابيكِ تحلمُ بالهَرَبِ دونما جدوى بينما كنتُ أنا مكتظةً برغبة البقاء الغير قابلةٍ للدَّهْسِ أو تقويض الشِّبَاكِ وكنتُ دائماً مشغولةً في صُنعِ الشَّبَكِ بتمهُّلٍ ورويَّةٍ واحتلال الزوايا المختبئة والمعلنة وكنتُ كثيراً ما أُطيلُ التَّحديقَ في عَيْنَيْ يونسَ بينما ، أُخَطِّطُ في القريبِ العاجلِ لإنجابِ طفلٍ وأَهْمِسُ بدلالٍ في أذنه ضاحكةً : إنها فلسفةٌ وحياةٌ..!
-
*د. وفاء الحكيم

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...