اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الطيبون يرحلون وكذلك الأشرار | الطيبون يرحلون وكذلك الأشرار ...*على حزين

⏪⏬
ما هو الموت ..؟!.. وما حقيقته ..؟! .. هل الموت نهاية الأشياء..؟!.. أم بداية حَيَوات أخرى جديدة ..؟.. حياة أبدية نجهلها , قد تكون سعيدة , أو قد تكون شقاء , من يدري ..؟.. أنا أعلم ذلك , بل وأؤمن به أيضاً ....

الموت .. هذا الكائن العجيب الذي يقف حارساً علي بوابة الغيب البعيد , ذاك القطار الذي يركبه الجميع , ويحملنا قصراً , ودون رغبة منا إلي هناك , حيث ينبغي أن نكون في مكان آخر , وفي زمنٍ آخر, هناك بالتأكيد عالمٌ آخر يختلف تماماً وبكل المقاييس عن عالمنا هذا .. ,.....
الموت .. هو الحقيقة الكبرى التي لا يستطيع إنسان كائن من كان أن ينكرها ...
هذا الكائن العجيب الذي حيّر الباحثين والعلماء على مر العصور , وعبر التاريخ ,
الموت .. كل ما يمكن أن نعرف عنه , أنه مخلوق غير مرغوب فيه لدى كثير منا , وله صولات وجولات , وله رُسل وأعوان ..
الموت .. هادم اللذات , ومفرق الجماعات .. هل تستطيع أن تنكر الموت ..؟!..
(( كُلَّ باكٍ سيُبكى ، وكُلَّ ناعٍ سيُنعى، وكُلَّ مَدْخورٍ سيفنى , وكُلَّ مذكورٍ سيُنسى , ليس غير الله يبقى , )) .......
ما أبشع تلك اللحظات التي تمر علينا حين نفارق فيها من نحب, صعب جداً أن ترى من تحب , وهو يتعذب أمام عينيك , وهو يغادر الحياة , ولا تستطيع أن تفعل له أي شيء , إلا الدعاء , والبكاء حد النحيب ,
أحاول أن أنسى ما قاله أبي لي عند الموت , وما قاله لي أخي عبر الهاتف ..
ــ أبي يحتاج إلي عملية جراحية دقيقة, ولكنه لم يقوى عليها لحكم السن ,
هكذا قال لي أخي , وأنا هناك في الجيش , فوق الجبهة , ......
أما الطبيب كان له رأي آخر , عندما قدمت له الإشاعات والتحاليل الخاصة بأبي ,
ــ من قال هذا ,؟! ــ وتعجب ــ ثم واصل ــ بل يمكنه أن يجري العملية , ولكنها مكلفة بعض الشيء .. ,؟!!
" آآآه .. يا أيها الموت البغيض , لو كان لك قلب .؟.. لو كنت تعرف ما الحب ..؟! .. لو كان للموت قلب..؟!.. أو يملك مشاعر , وأحاسيس مثلنا .. لنفترض ذلك , دعونا لنفترض, ترى أكان سيفعل بنا ما يفعل ,؟,. ترى هل سيرحمنا..؟!.. وهل سيتركنا, وشأننا ,؟.. أنا أفترض , مجرد افتراض , هل تراه يستطيع أن يفعل بنا ما يفعل,؟!
كم أنت قاسٍ أيها الموت البغيض إلي النفس , إني أكرهك من كل قلبي , نعم إني أكرهك , ولا أريدك .. "
" مشيناها خطاً كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطاً مشاها "
" ومن حانت منيته بأرضٍ ... لم يمت في أرضٍ سواها "
مازلت أذكر ذلك اليوم البعيد , حين مات أبي ــ رحمه الله ــ ولا أنسى ذلك اليوم .. أستطيع أن أتذكر كل شيءٍ الآن , حينها كنتُ غير مصدقً , بأن أبي مات , ولم يخطر ببالي انه سيموت هكذا ويتركنا , ..
كل شيء يمر الآن أمام عيني, كما لو كان شريطاً سينمائياً , كم كانت تلك اللحظات قاسية, وصعبة , وعصيبة علي النفس , ..
بكيت , نعم بكيت عليه, وعلي كل من رحلوا , بكيت حتى انتحبت , ودعوت لهم الله بأن يرحمهم جميعاً ....
أذكر يومها , كنت علي الجبهة , أؤدي الخدمة العسكرية , وقد فرغنا من طابور الهتاف , وكانت الشمس تجنح للغروب , وكنت أشعر بقدميَّ لا تستطيع أن تحملني ولا أقوى علي حمل جسدي المتهالك , الذي أنهكته الشمس , والتدريبات الشاقة , حينها شعرت بقبضة في قلبي , وكأن أحداً يريد أن ينزعه من صدري , قُبيِل الخبر الذي جاءني , عبر صوت أخي في الهاتف , ليخبرني بما حدث , .....
ــ أبوك راقد علي فراش الموت , ويريد أن يراك قبل أن يموت ",
لم أذكر ماذا قلت له وقتها .. لكني أذكر جيداً أني غبت عن الوعي , ووقعت من طولي, وحملوني رفاقي إلي داخل العنبر , في محاولة لإنقاذي ... وإفاقتي .....
ــ آآه أيها الشراب اللعين ..
أبي مات بعد ما ودعني , وأوصاني بأمي خيراً, أبي كان يعاني من ارتفاع في ضغط الدم , في أخر مرة تركته فيها , كان علي ما يرام , وكاد أن يشفى منه نهائياً ,
في ذلك اليوم الشؤم , فقط , خرج ليقضي بعض حاجاته , وفي طريقه للعودة , وتحديداً أمام شارعنا الضيق , وقع في حفرةٍ كبيرة للصرف الصحي الذي لم يزل بعد في طور الإنشاء , فكسر حق فخذه , وأصيب بإصابات بالغة في ظهره , آآآه ..
" ملعونة هي كل الحفر التي تملأ شوارعنا , وملعون من يتركها هكذا لكي نقع فيها , ما أكثر الفساد في بلادنا , وما أكثر الذين يموتون بسببه .... حنانيك يا الله .. ؟!" .....
ــ كأن واحداً ضربني بين كتفي , وهو يقول لي كفاك , فلم ادري بعدها بشيء ..
ــ ستشفي بإذن لله يا أبتي, وتقوم لنا بالسلامة , قل يا رب , ...
إني أكرهك أيها الموت البغيض , المقيت , لأنك أخذت أبي , وأخذت كل الذين نحبهم .. إني أكرهك , ولا أخافك , ولم أعد أهابك , ولا أخاف الآن منك , ليتك تأتي الآن , فلتأتي إليَّ الآن , إني منتظرك , فأنا بعد ما رحل عني أبي , أعز وأغلى الناس عندي , ما عدت أخشاك , ولا أهابك , ولا أرغب في البقاء بعده , في هذه الحياة البائسة ,.....
ـ تباً لهذا الشراب اللعين , لقد أسرفت الليلة علي نفسي في الشراب ..؟!!.
صديقي الطيب بالأمس مات هو أيضاً , صديقي كان لا يؤذي أحداً , كان رجلاً صالحاً , أشهد علي ذلك , كان لا يعاني من أي شيء , فقط , مات في هدوء , ورحل عن هذه الحياة, وترك كل ما فيها , مات كما مات أبي , من قبل ,...
أبي عاش فقيراً, ومات فقيراً, وأمي أيضاً رحلت بعد أبي ببضع سنين , ماتت هي الأخرى بالإهمال الطبي في إحدى المستشفيات , حيث لا عناية , ولا رعاية , ولا اهتمام , أمي كانت تعاني من أمراض مزمنة , فشل كلويي , وارتفاع في ضغط الدم , ونزيف في المخ , كل تلك الأمراض أصابتها في الكبر , وابني الصغير مات هو أيضاً بمرضٍ غامضٍ, وإخوتي , وكل أصدقائي الطيبين الذين أحبهم رحلوا عن هذه الحياة , كلهم ركبوا قطار الفراق , وسافروا, لا بل أخذهم الموت جميعاً , إلي حيث هناك العالم الأخر, وأنا أيضاً أنتظر دوري , سأموت يوماً ما حتماً , ولا شك , ولا محالة سأموت , وسألحق بهم في يومٍ من الأيام , كما أنتم ستموتون أيضاً ــ ههههههه ــ ما أقصرها من حياة .. ,؟! .. وما أبشعها تلك اللحظات التي تكون عند الفراق , ماذا أقول لك يا أيها الموت القاسي , البغيض إلي كل نفس, ليسامحك الله,
ـــ إني أريد أن أنسى كل شيء الليلة .. ولكن لا أستطيع ... اللعنة ...؟!..
كم من مرة جاءني الموت , ورأيته وجهاً لوجه , ولم أمت , كم من مرة لم يستطع الموت أن يهزمني .. الموت جبان , يأتي متخفياً , حتى لا يراه أحد , ...
" أذكر أول مره رأيتُ الموت .. كان في الترعة الصغيرة المجاورة للجسر .. حين كنت صغيراً ألهو والعب مع أصدقائي , تحديته أكثر من مرةٍ , ولم أمت , دخلتُ معه في صراع مريرٍ , وغلبته , وحين كبرتُ , وركبت موج البحر الهادر , لم أغرق , وعندما التهمتني النيران في صبيحة أحد أيام الشتاء القارص, وأنا أتلمس الدفء أمام موقد النار حُرقت , لكني لم أمتْ , وفزت عليه , لكن حين مات أبي , هزمني , بل قضى عليَّ , نعم أعترف بفشلي , وهزيمتي أمامه حين أخذ مني من أحب , ولم أستطع أن أنقذه من براثنه , لأنه كان هو الأقوى , وهو الأقوى دائماً , وفي النهاية سيغلبني , أعرف ذلك جيداً , وأعترف أمامك أيها الموت انك أنت الأقوى , ولا أحد يقدر عليك , " .....
ــ تباً لهذا الشراب اللعين , إنه لا يفعل شيء , وأنا أريد أن أنسى كل شيء ,
أريد أن أستريح , أريد أن أنام , فإني الليلة متعب جداً, وأحتاج إلي قسط من الراحة , آآآه ... لو تأتي إليَّ ألان أيها الموت البغيض , لأستريح , ....
أحقاً ما قرأت عنك , لقد قرأت عنك الكثير , والكثير , وأنا لا أدري إن كان ما قرأت حقيقة , أم مجرد أخبار , وحكايات , أو ربما تكون قصة من نسيج خيال , ....
لكم نُسجت حولك الأساطير , والخرافات , هل حقاً انك كل يوم تتفرس في الوجوه , مرتين في الصباح , وفي المساء , وتنادي علي الناس : " يا أبناء الأربعين , استعدوا فقد اقترب الأجل , ويا أبناء الخمسين أوشكتم علي الرحيل , ويا أبناء الستين قد أعزر الله لكم , ويا أبناء السبعين تهيئوا للقاء ..".. تري أقصَّاب أنت أيها الموت , ؟!.. أم بستاني تقطف الزهور الجميلة من حياتنا ..؟.. أم وحش كأثر لا ترحم أحداً ,؟!!.. أجبني بربك من أنت ..؟!.....
ما زلت أذكر أبي , في اللحظات الأخيرة , وهو علي فراش الموت , وما قاله لي قُببِل أن يموت , وهو يتوجع من شدة الألم , والدموع تملأ عينيه , آآآه ....
ــ راعي أمك , وحافظ على صلاتك , وأمن بالله , وبقدره ,
ــ .............
ــ أعطني الكأس واسقني , فالشراب قد ينسي الوجعَ , وأنا أريد أن أنسى كل شيء , ولو لبعض الوقت , ناولني كأساً آخر , ولا تشفق عليّ , .......
ما منا من أحد يستطيع أن يفلت من براثن الموت , وقبضته القوية , الكل سيبتلعهم الموت في جوفه .. كل الطيبون يرحلون , وكذلك الأشرار , حتماً يوماً ما سيرحل الجميع , فكل شيءٍ له نهاية , كما له بداية , حتى الموت له نهاية , وله بداية , يقيناً , أيها الموت القاسي لك نهاية , أنا أعرفها جيداً , قرأتُ عنها في الكتب , ستتجرع من نفس الكأس الذي سقيت به الخلق , ولكن تلك النهاية ليست في هذه الحياة , ستكون هناك على رؤوس الأشهاد , لأن هذا العالم فاني , وإلى زوال , نعم إلى زوال , الكل سيفنى , وليس غير الله يبقى , ومن على فالله أعلى , ..
-
*على السيد محمد حزين
 طهطا ــ سوهاج ــ مصر

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...