اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

سيد الجحيم | قصة قصيرة ...*إيناس ثابت

⏪⏬
يا صاحب الشأن العظيم..
يامن له السبق في هذا الطريق..

أكتب إليك راجيا العفو والسماح..طالبا رفقتك من جديد
فلم أعرف إنسانا في هذا العالم أصدق منك، أنت تشبهني وأنا أشبهك..
فمن أين جاء الإنفصام بيننا؟ وبم ظننت أني تميزت عنك؟
تعال يا عزيزي..تعال يا إبليس العظيم.. نطلب الرحمة معا أو نلعن الحياة، فلست الأسوأ من جنس البشر."

لم تكن في نيتي الكتابة إليه أو التأثير عليه لولا هذا الجيشان بداخلي، فأنا على يقين أنه يسمع صدى الحروف المختنقة في جوفي دون حديث، ويرى كيف أفضى بي الحال..؟ وحيدا في غرفة تطل شرفتها على شجرة مريرة كالزقوم، جافة الأوراق يابسة الأغصان، ألفتها وألفتني وحفرتها وشما على ذراعي ولو عرفت سابقا مقام العزيز إبليس لحفرت شوكته أيضا على صدري.
لا أتذكر ملامح طفولتي لأقصها عليه، أو مراهقتي التي راكمتها مذ زمن بعيد في خزانة النسيان، واليوم بتُ أعاشر الوحدة، أسكنها وتسكنني حتى نسيت معنى التعبير وصياغة الجمل والكلمات. لا يتحدث إليّ أحد ولا يطرق بابي أي إنسان ولو عن طريق الخطأ، حتى بواب البناية لا يعيرني أي اهتمام أو يتكلف قليلا بإلقاء تحية الصباح، وجارتي التي تلوي لسانها كل صباح : "جود مورنينج ماي ليتيل كات" تلاطف قطتها السمينة التي ترقد أمام بابها لا تتنازل وتلقي عليّ بنظرة ، كأني أحقر وأضعف من خُلق. تحول عني جميع الناس وتخلى عني الأصحاب وباعوا الود والوفاق، خانتني كل الكائنات حتى الهواء..هذا الكائن الشفاف قذف بي بعيدا كطائر مسكين أثقلته الغيوم وتلاعبت به العواصف والرياح، لم يحترم أحد عذابي، وهكذا..؟ سلمني الرب للوحدة وهجرني كما هجرني الناس والملائكة والشياطين. فكيف لا أدعوك وأكتب إليك ؟ وكيف لا أفضل مرافقتك في النار على رفقتهم في النعيم؟
تعال يا عزيزي إبليس.. آنس وحدتي ولا تهجرني..
تعال نعد معا من جديد.. بعد عشرين عاما عشتها حبيس الهم والأحزان، في غرفة ضيقة مظلمة وخانقة بالكاد تسع جسدي الهزيل كشعرة دقيقة، تنفست فيها وحدتي وكآبتي، في عالم مختلف له قوانينه الخاصة وأسلوب حياة يتفرد به. خلف قضبان مظلمة يتساوى فيها الليل والنهار على حد سواء، قضيت سنواتي الطويلة حتى فقدت القدرة على الصياح والنواح، ووجدت نفسي عالقا بين أضواء باهتة وتحت أعمال جبرية قاسية في بقعة منسية من العالم أو جزيرة معزولة عن الدنيا تسبح في محيط الكون الشاسع ، ظهري تقلب على لوح خشن، وسترت جسدي أسمال بالية في عالم اجتمع فيه الأخيار والأشرار، كل فرد فيه له قصته الكئيبة. وكل ماكنت أخشاه أن ألفظ أنفاسي الأخيرة في هذا المكان، فانتظرت الحرية بشغف مستبد.
ضاعت سنوات عمري هباء ياصديقي، تناثرت أمامي كما يتناثر الرماد في العيون المهلكة وأوراق الخريف الميتة على أرض جرداء، وأنا..؟ أقف ساكنا مجمدا، تكبل الأغلال أجنحتي، تمنعني عن الطيران.
وإذ مرت السنون و جاء موعد إطلاق سراحي، وخرجت إلى الدنيا والنور، إلى أرض الله الواسعة والسماء الرحبة، وكانت تلك أقصى أحلامي وغاية أمنياتي. وكنت أظن الدنيا فضاء مفتوحا تستقبل أجنحتي بين ذراعيها الحنونين، لكني وجدت نفسي عالقا من جديد، تحاشى الناس النظر والحديث إلي، ألقوا الحجرعلى بيتي الزجاجي، غرسوا أنيابهم في ظهري وأنا أحاول التجديف بذراعين عاريتين ..أنا الغريق يا إبليس، وكلما حاولت حفر اسمي في الصخر من جديد كنت أتقازم حتى ابتعلني الوجود والوجوه تتعملق من حولي وتصرخ: "أيها السجين..أيها السجين" ثم تجلدني بلا رحمة أو شفقة.
انتقلت من جحيم السجن إلى جحيم أشد لهيبا، ياصديقي.. فهناك في زنزانتي وخلف القضبان..؟ كنا جميعا سواء، لا وجوه تأكلني ولا ذئاب تنهش اسمي أو تنكر استقامتي، ولا قلوب تترصد الخطأ مني وتعايرني بالماضي.
فقد كل شيء معناه يا إبليس، جف ماء قلبي، ضاعت حياتي هباء لأجل لحظة واحدة، وسواي ضميره نائم و يعيش حرا تضمه الدنيا بدفء تحت جناحيها وتمنحه كل التبجيل والاحترام وتغرقه بالمال والجاه والسعادة، أستميحك عذرا واسأل..أتظل النقمة تلحق بي وباسمي رغم حسن طويتي ونقاء سريرتي وأظل ملعونا مثلك إلى آخر الزمان؟ أينكر الناس و الإله كل سنوات عمري أمام لحظة واحدة من الزمن لا تساوي شيئا أمام دهره الذي خلقه..؟ أيطردني من بابه يا سيد الجحيم؟ هل العيب أني ولجت وغصت إلى جوانب الستر والخفاء في نفسي كما ولجت جوانب النور منها؟ لكني أشهد بالحق..كل الحق لأنت أطهر مني وأفضل بتحملك لعنة الإله والناس أجمعين مذ خلقت إلى يوم الدين، ورضاك بقدرك التعس وتضحيتك بشرف اسمك ومقامك ليتعرف الناس إلى نورهم من خلال ظلمتك.
"يا صاحب الجبروت...
يا إبليس..
لك العمر المديد..
أما أنا..؟ فلا أريد سوى حياة نهار واحد..انهض راضيا مستقبلا الحب، وأصعد بروحي بهدوء وأمان للسماء إذ غابت الشمس خلف البحار. فهل تعرف بلادا أزحف اليها..؟ بلادا بعيدة يركب أهلها الأيائل والأفيال، تصادق العفاريت وتؤمن بالأساطير وقصص ملوك الجان والغيلان، لا تعرف للماضي معنى وتغرق في النسيان، أحلم..والحلم فيها مباح بمن يغمس كسرة خبزه في قهوة وحدتي.
-
*إيناس ثابت
اليمن

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...