⏪⏬
الشاطئُ قريبٌ..ما الجدوى من تنشُّقِ رطوبةِ الهواء..
إن لم نكن معاً..
في هذه اللحظات..الموج يرتدي أثوابَ الدانتيل..
ويطرّزُها بعيون الحيارى
يمشّطُ الرملَ الحزين
ويجعله بذاكرةٍ ملساء..
لا تحفظُ أحاديثَ أقدامنا الحافية..
ولا تفرّقُ بين جسدٍ غريقٍ
وجسدٍ مرتعش..
هناك سنبني قصرَ الغواية
برملِ الكلام..
نغمرُ الماءَ بحنطةِ أجسادنا
فتلقي الشمسُ على وجوهنا
تلاوةَ السَّمار..
في لغةِ البحر كثيرةٌ هي الكلماتُ..
وأنا وأنت أحاديثُ لم تُروى بعد
يحزننا إيابُ المراكبِ..
ونهيمُ مع النوارسِ بعيداً..بعيداً
على شواطئِ الرملِ القريبة..
امتلأ الليلُ بكأسِ الثَّمِليْن..
بحثتُ عنه..بحثتُ طويلاً
شربوه مع الملحِ وغابوا..
أسرجوا الفجرَ وغابوا..
كنّا هناك أنا وأنت ننتظرُ فرصتَنا
أُقسِمُ أننا كنّا ..
نملأ الأقداحَ بالصَّدَفِ والمَحار
ننتظرُ فرصتنا..لنَعبُرَ نحو العمق
في اللامحدودِ من العمق..
في العمقِ يستكينُ الماء
وتكثرُ الأحداثُ حول شِباكِ الصيادين..
في العمق لا سرٌ ولا أسئلة
تستفزُّ الجوابات..
في العمقِ سننسى..
لن أخافَ من الموتِ وأنا معك..
إنه انتهائي من حالةِ التأرجح..
لماذا ترَكَنا اللهُ على هذا النحو
بلا غلاصمَ..بلا زعانفَ
عراةً من وسائلِ النجاة
والبحرُ يشدُّنا للعمْقِ..
أيقتلك البردُ مثلي؟
أنا لا أحبُّ الموتَ لأنه باردٌ ، وأحبه لأنه مليءٌ بالأسرار....
لا أحبه لأنه حياةٌ أخرى
قد تغيرُ ملامحَنا وتطفئُ وهجَ هذه النارِ..
أريدُكَ معي..
يؤلمني النصفُ من الأشياء..
نصفُ حضورك..
نصفُ غيابك..
نصفُ الكأس..
نصفُ الحب..
نصفُ الدفء..
نصفُ الاقتراب..
أريدكَ الآن معي..
حتى التأبينِ الأخير..
كَفَناً أو آساً أو حتى نقالةً خشبية..
أريدكَ كلَّكَ معي..متورطاً بالموت...
متورطاً بالغرق... بقهر البحر
متورطاً بسفر النوارس..
متورطاً بارتفاعِ الموج..
بحلولِ العاصفة...
متورطاً بجريمةِ التايتنك
بغرقِ إتلنتس..
تشبهني كثيراً يا رجلاً من ماء..
وأنا المسكونةُ باللعناتِ واللغات
اللا أفهمها..
ربما القادمُ سيكون أخطرَ بدونك..
الشاطئُ قريبٌ....قريب
وأحداثُنا متشابهةٌ جداً..
تحبُّ الخمرَ واللغة
وأحبُّ جمعَ الأقداحِ الكرستالية
واللغة اللا أجيدها..
كلانا نحب الخمرَ ، كلٌ على طريقته..
ضعْ رأسكَ على صدري..
دعه يهذي بحرارةِ الرمل وهَوَسِ الصيادين..
أسمعُ الآن كركرةَ الأحاديث...
أسمعُ أعماقَكَ وهي تصرخُ بي تعالَيْ ..
أسمعُ دورانك..
حربَكَ المفتعلة ..جنودَكَ القتلى..
نشوانَ بأحاديث الموت
والشاطئُ قريبٌ..قريب
لا تدعه ينتظر..
الملحُ سيهتم بأمركَ وأمري..
حَضِّرْ لي النبيذَ والبرَدَ ..وسآتيك
وأقول : نخبُكَ حين ينتصفُ القمر..
نخبك وسيقاننا تشق دربَ الرمل..جثاة
نخبك والماء قليلٌ..فزدني!
نخبك...يا لرعشةِ الماء
يا لشَعرِنا المبلول..
الساعةُ الآنَ نصفها..
وأنت نصفيَ العصيُّ على الاكتمال..
الشاطئُ يبتعد...
الشاطئُ يلفُّ حكايتَنا بنعاسه
الشاطئ يعلو..ينخفض..
يتثائبُ..ينام!
الشاطئُ يمشطُ أحلامَ الرمال..
يمسحُ ذاكرتَها..يجعلُها ملساء..
وأنا وأنت..حكايةٌ يعيشُها الغرق
لماذا تركونا وحدَنا..؟!
لم يتدخلْ بيننا البحرُ ولا الغمام..
لم تتدخّلْ بيننا المراكبُ ولا ألوانُ الغسق..
أنظرْ..القمرُ البعيدُ اكتمل..
وميضُهُ الفضيُّ يرانا
ألقى فتنتَهُ فوقَ احتضارِنا
وتراءى فوقَ تشظّينا الفارق في تواريخِ الغرق.
*ميرفت أبوحمزة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق