⏬⏫
- القصة___لحظة شغب
المسرح الذي يتوسط المدينة لايشبه بؤسه في الأيام الخالية
فعلى غير العادة الجمهور مكتظ في المدرجات التي كانت تشتهي هذا الأحاديث الجانبية قبيل صعود مرح على الدرجات التي كانت تقبل خطواتها لتمنحها زيادة ثقة
هاهي تقترب من لحظة مصير كان يداعب خيالها الذي حكموا عليه مبكرا بالعقم كل من حولها من العقلاء المعاقين الذين ينظرون إليها وكأنها عالة سترهق كل من شد إليها رحالا
إلا مدرسة الموسيقى حنان التي انبهرت أساريرها مذ أعادت مرح المصابة بمتلازمة داون ( منغولية) عزف نوتةصغيرة في لحظة شغب أجبرتها على التوقف لتحتضن بأجنحتها ومنذ الضمة الأولى موهبتها
فأجلستها إلى جانبها لتصنع من الشغب والعبث ابتسامات و إيقاعات لصمت الأهل والدموع تقيم أعراسا على خدودهم.
الآن وبعد سنتين من التدريب
الفرح والخوف يسبقانها إلى تلك الخشبة،
لكن مرح و بشغبها المعتاد جعلت من عفويتها وحركاتها إضاءة للمسرح الذي أطفئت أنواره
لتكتمل خلوتها بمعشوقتها ....آلة البيانو القديمة التي كانت هدية من من معلمتها حنان قبل يوم من العرض.
تلك الآلة القديمة كل ما تملك من حب....
الهدية كانت جسرا تقطع به الخوف
الكل الآن يتأملها بصمت تسكنه اللذة
و هي تعزف و طيف حنان يجلس معها يغلفها بالضحك والدندنة والتمايل يمنة و يسرة مع رقصات بنانها على المفاتيح
تلك المفاتيح لم تعتد على ارتكاب الخطأ حتى لو قطعت إحدى أوتارها الداخلية ...ترتبط مع عقدة أخرى لتجار اللحن
هاهي تضغط على مفتاح النهاية ....
يقف الجميع لتكون الغلبة للتصفيق
لكن ما بال مرح...؟
غير معقول....
هرعت إلى الميكرفون لتفاجئ حتى نفسها مغنية
حنان يااااا حنان
يا لمسة الفرح
للقمر
يا جنة تشتاقها الألحان
مع الوتر
أنا والليل إخوة
من القدر
وأنت والصبح نور
يمحي الكدر
هنا حتى حنان تجمدت و لم تصدق ما كانت تحضره مرح في السر
فهي والوقت حليفان لتصنع من الإعاقة إبداعا مجنونا
--
- القراءة ـــــــــــــ
من عنوان لفت انتباهي
فكل لحظات الصدق فينا هي لحظات شغب داخلي
وكل لحظات المحبة تنطق بشغب الروح النقية لتفيض على من حولها بكل محبة .
الفكرة
=
في سردية رائعة وعميقة بفكرة من أرض الواقع المعاش استطاع الكاتب أن يجيد الرسم فيها بكلماته بلغة بسيطة جدا وعميقة في مدلالوتها .
النص القصصي
=
قصة التحدي والصمود تجعلنا نقول ما اتعس الشعوب التي مات فيها الأمل والرغبة في التغير والقدرة على التبديل والشهية إلى الحياة حد الموت ...
إن الأمل والإيمان فيها هو الإختراع الوحيد العتيق الذي نبحث عنه لنكشف فيه عمق الإنسان بداخلنا وخارجنا.
وهو يستطيع أن يصنع من عجزه أملا جديدا ينبعث متساميا بالسماء.
شخصيات القصة
=
اختار الكاتب الشخصيات القصصية مزيج مني ومنك ومن أرض الواقع المعاش وهي بالنهاية نماذج نقلها من الحياة دون أن يحاول أن يجري تحوير عليها.
فليس المهم هنا النقل الحرفي للحياة ولكن الأهم أن أبطال القصة أحياء بالمعنى الفني وكانوا معادلا موضوعيا لأفكار الكاتب فيها.
وكان الكاتب راصدا جيدا لها وهي تنفلت من تحت زمام قلمه .
فكان راصدا جيدا لها لا سلبي ولا إيجابي
وانما كان يرصد لحظات تأزمهم بكل لحظات التوتر التي يعيشونها.
الملفت للنظر هنا هو بطلة القصة التي كانت تعاني من متلازمة داون فكانت حالة خاصة وبطريقة جميلة وذكية وظف المرض وأخرج من البطلة روح التحدي والإرادة القوية والصمود تجعلنا نكتشف أن الأطفال رغم اعاقتهم مازالوا المكتشفين الاساسين لما حولهم ..بصدق مطلق،وكل ما يحتاجونه هو تلك اللمسة من الأمان والحنان الداعم لنعزز هذه الثقة بذاتهم .
كتبها الكاتب بنبض من المحبة،فكان المشهديات لها تنبض كقلب أمام مشهد إنساني مهما بدا صغيرا.من الخارج إلا أن الأحلام التي جسدها على بقعة الضوء في مسرح الحياة والواقع تحمل حلما وكأنه يقول لنا أليست الأحلام هي ذروة اليقظة فينا؟!!
تعريف بملازمة داون
=
تعرف متلازمة داون باسم التثالث الصبغي 21، أوتناذر داون، أو التثالث الصبغي G، وعادةً ما تحدث نتيجة التغير في الكرموسومات، حيث توجد نسخة إضافية من كرموسوم 21 ، أو جزء منه في الخلايا، مما يؤدي إلى تغير في المورثات، بالإضافة إلى تغير بنية الجسم، ومن الممكن الكشف عنها عن طريق بزل السلى خلال فترة الحمل، أو من خلال فحص الكروموسومات الجنينية في دم الأم، أو عن طريق الأشعة الصوتية التفصيلية، وفي هذا المقال سوف نعرفكم على مرض متلازمة دوان. أسباب متلازمة داون يزيد خطر إصابة الجنين بمتلازمة داون كلما تقدمت الأم في السن، على الرغم من أنّ أغلب الأطفال زد ولدوا لأمهات أقل من 35 سنة. إذا كان سن الأب فوق الأربعين سنة. إذا كان هناك طفل آخر في العائلة يعاني من متلازمة داون.
العقدة في العمل الفني
=
وبما أن الأعاقة حدث أو ضرر يسبب عدم القدرة على الفعل أو الإنجاز سواء كليا أو جزئيا تمنع الشخص من ممارسة حياته والحصول على حقوقه أو أداء واجباته بصورة طبيعية وسليمة من هنا بدأت القصة القصيرة.
بالعموم أدبنا العربي اقتصر على تصوير نموذج واحد من مفهوم الإعاقة الجسدية وخصوصا الحركية .
أما الالتفات إلى الإعاقة الذهنية وخلافا لما وجد بقيت قليلة ونادرة ،ومنحصرة في رؤية الكون في صورة مغامرة رؤية الكون من منظور جسدي مصغر وهو أقرب إلى البهلونات في السيرك او اقرب إلى الشيطنة وعدم الحركة وتنتابها التشويه بالغالب.
الجميل فيما قرأت أن الشخصيات كانت كاملة في فكر الكاتب وترك القفلة تكتب نفسها وفقا لمنطق عالمها الخاص بها وحسب طبيعة الأشخاص بكل ما يحملون من تحدي كبير بالحياة .
فالشخصيات القوية التي اختارها لنا كانت تأخذهم إلى الحياة الحقيقية كلهم بلا استثناء .
فجأت القفلة تتناسب مع طبيعة العمل الفني وخدم الفكرة فيها .
قراءة بالعموم حول النص بالكامل
=
نحن نعيش في عالم يسيطر عليه البؤس البشري ...
وأغلب سكان العالم مازالوا يناضلون من أجل وجودهم البيولوجي ،حتى ينالوا أدنى وأبسط حقوقهم المعيشية
فهنا لا يستطيع الكاتب أن يقف ليرى كم البؤس المحيط بكوكبه لينصرف لصيد الاسماك والفراشات،أو ممارسة التخدير على شط النسيان ...
فكان الكاتب راصدا هذا من الناحية الواقعية والمرحلية التي يمر بها عالمنا اليوم .
أما من الناحية الميتافزيقية ..فالإنسان محكوم. بالموت فيها منذ لحظة ولادته وحتى مماته وما الحياة إلا قاعة انتظار للموت بالنهاية!
فأي تفاؤل لا مرفوض كما هو مرفوض التزييف النفسي للعالم حوله إذا التفاؤل الوحيد الممكن أن ينبع من إن الإقرار بالبؤس في قبائل الفقراء والبسطاء في هذا العالم .
والعمل من أجل التبديل والشهية إلى الحياة بالتغيير والإرادة القوية والصمود ...
فتخلق إرادة العمل وهو الوعي بالواقع لا الهرب منه
وهو مواجهة التحديات والمشكلات ..
فأنا على قناعة من خلال هذه القصة القصيرة أن القيم الإنسانية كالعدالة والحرية والتحدي والحب لا بد أن تنتصر ...
وكأني بالكاتب يقارن واقعنا المدجن المعاق في الفعل والمعاق في تأثيث حركة فاعلة ليرسمها لنا على أرض الواقع ونحن عاجزون تماما أن نكون مصدر إلهام ...عجز أثث له الكاتب بدءا من الأنا إلى واتسعت الدائرة المنتشرة لتشمل الكينونة الأكبر والمحيط الأبعد ...كان عملا قصصيا ناجحا متقن الصنع ،ليعطي مدلولا واقعيا لمفهوم العجز المستكين على كافة الأصعدة .
تحياتي للكاتب أ.احمد إسماعيل
الذي جعلني على يقين أن العبور من مرحلة البؤس إلى مرحلة السعادة لن يتم إلا على أشلاء الحقيقة من الذين يحملون بذور الثورة بداخلهم لإرادة الحياة في عالم اجمل وأنبل.
المجتمع ونظرته إلى الطفل المعاق
___
جاءت الفكرة من الكاتب وذلك لأننا في المجتمعات العربية لا تزال بعيدة عن فكرة إدماج الطفل المعاق في الحياة العربية....
الكثير من المعاقين ذهنيا يعانون نقصا في الذكاء وليس اختلالا في وظائف المخ
إلا أن العديد من الآباء والأمهات يجهلون تماما ثقافة التعامل السليم مع طفلهم المعاق، فيتعاملون معه وكأنه آفة حلت بهم، وهو ما يتسبب في صراعهم الدائم مع المجتمع الذي ما يزال يجهل ولا يقدر مأساة الطفل المعاق، فيدفعهم شعورهم بالخوف على مشاعر طفلهم والإشفاق عليه إلى إخفائه عن الجميع، الأمر الذي يؤثر بشدة على نفسيته ،أن هناك الكثير من الأطفال المعاقين الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة بسبب عدم قدرتهم على الاندماج مع الآخرين وشعورهم بالتهميش بسبب نظرة المجتمع الدونية لهم والسخرية التي طالما تلاحقهم من الجميع، وهو بالتأكيد ما يجعل حالتهم تسوء. فالطفل المعاق يحتاج إلى رعاية من نوع خاص، حيث أن إدماجه صلب أفراد المجتمع يعتبر ضرورة ملحة لعلاجه، فلا بد من زيادة توعية الوالدين وتوسيع مداركهما بخصوص الإعاقة، إذ لا يمكن أن ننكر أن تلقي الخبر بأن الطفل المعاق يمثل صدمة حقيقية لهما، لكن تبقى كيفية تجاوز هذه الأزمة والتعامل معها، الأمر الأهم.
كما أن توفير الحب والرعاية الكافية لطفلها وتشجيعه على التعامل مع المجتمع وعدم الخوف منه، وضرورة تنمية مهاراته الاجتماعية والفكرية، وقصة الشجاعة والتشجيع والأندماج في المجتمع كلها قرأنا ذلك من خلال هذه السردية الجادة والمتقنة شكلا ومضمونا (لحظة شغب).وفكرة رائعة وعميقة وقمة في الإنسانية .نشكر فيها الحس الإنساني الذي يتمتع به الكاتب
* حنان بدران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق