⏬
هذه قصيدة "المنفرجة" لشاعر الأندلس أبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف التوزري المعروف بابن النحوي، المتوفى رحمه الله سنة 513 هـ:
اشتدّي أزمةُ تنفرجي *** قد آذَنَ لَيلُكِ بالبَلَجِو ظلام الليل له سُرُجٌ *** حتى يغشاه أبو السُّرُج
...
و سحاب الخير له مطرٌ *** فإذا جاء الإبَّانُ تَجِي
و فوائد مولانا جُمَلٌ *** لسُروج الأنفسِ و المُهَجِ
...
و لها أَرَجٌ مُحْيٍ أبدا *** فَاقْصِد مَحْيَا ذَاكَ الأرَجِ
فَلَرُبَّتَمَا فَاضَ المَحْيَا *** بِبُحورِ المَوْجِ من اللُّجَجِ
...
والخلق جميعا في يده *** فَذَوُ سَعَةٍ و ذَوُ حَرَجِ
و نُزولُهُمُ و طُلوعُهُمُ *** فإلى دَرَكٍ و على دَرَجٍ
...
و معايِشُهُم و عَواقِبُهُم *** ليست في المَشْيِ على عِوَجِ
حِكَمٌ نُسِجَتْ بِيَدٍ حَكَمَتْ *** ثم انتسجَت بالمُنْتَسِجِ
...
فإذا اقْتَصَدَت ثم انْعَرَجَت *** فبمُقْتَصِدٍ و بمُنْعَرِجِ
شَهِدَت بعجائِبها حُجَجٌ *** قامت بالأمر على الحُجَجِ
...
و رِضًا بقضاء الله حِجَا *** فعلى مَرْكوزَتِها فَعُجِ
فإذا انفتحت أبوابُ هُدَى *** فاعجل بخزائنها و لِجِ
...
وإذا حاوَلْتَ نِهايتَها *** فاحذَرْ إذْ ذَاك من العَرَجِ
لتكون من السُّبّاقِ إذا *** ما جِئْتَ إلى تلك الفُرُجِ
...
فهناك العَيْشُ و بَهجَتُهُ *** فَبِمُبتهِجٍ و بمُنْتَهِجِ
فَهِجِ الأعمال إذا رَكَدَتْ *** و إذا ما هِجْتَ إذَن تَهِجِ
...
و معاصي الله سَمَاجَتُهَا *** تَزدانُ لذي الخُلقِ السَّمِج
و لِطاعَتِه و صَبَاحَتِها *** أنوارُ صبَاحٍ مُنْبَلِجِ
...
من يخْطو بحُورَ الخُلْدِ بِها *** يَحظَى بالحُور و بالفَنَجِ
فكُنِ المَرْضِيَ لهَا بِتُقاً *** تَرْضَاهُ غَداً و تَكونَ نَجِي
...
و اتْلُ القرآن بقَلْبٍ ذِي *** حُزنٍ و بصَوتٍ فيه شَجِ
و صلاة الليل مسافَتُها *** فاذهَبْ فيها بالفَهْمِ و جِي
...
و تأمَّلَها و معانِيها *** تَأتِي الفِردوسَ و تَبْتَهجِ
و اشرب تَسْنِيمَ مُفَجِّرِها *** لا مُمْتَزِجًا و بمُمْتَزِجِ
...
مُدِحَ العَقلُ الآتِيهِ هُدًى *** و هَوَى المُتَوَلِّ عنه هُجِي
و كتاب الله رِيَاضَتُهُ *** لِعُقُولِ النَّاسِ بِمُنْدَرِجِ
...
و خِيارُ الخَلْقِ هُدَاتُهُمُ *** و سِوَاهُمْ من هَمَجِ الهَمَجِ
فإذا كنت المِقْدَامَ فَلا *** تَجْزَعْ في الحَربِ من الرَّهَجِ
...
و إذا أبْصَرْتَ مَنَارَ هُدَى *** فاظْهَر فَرْدًا فَوْقَ الثَّبَجِ
و إذا اشْتَاقَت نفسٌ وَجَدت *** ألَمًا بالشَّوقِ المُعْتَلِجِ
...
و ثَنَايَا الحَسْنا ضَاحِكةً *** و تَمَامُ الضَّحْكِ على الفَلَجِ
و غِيابُ الأسْرارِ اجْتَمَعَتْ *** بأمانتِها تحت السُّرُجِ
...
و الرِّفْقُ يدوم لصاحِبهِ *** و الخِرْقُ يَصِير إلى الهَرَجِ
صَلَواتُ اللهِ على المَهْدِي *** الهادي الناس إلى النَّهْجِ
...
و أبي بكرٍ في سيرَتِه *** و لِسانِ مقالتِه اللَّهِجِ
و أبي حَفْصٍ و كرامتِهِ *** في قِصَّةِ سَارِيَةَ الخَلَجِ
...
و أبي عَمْرٍ ذي النُّورَيْنِ *** المُسْتَهْدِ المُسْتَحْيِ البَهِجِ
و أبي حَسَنٍ في العِلْمِ إذَا *** وَافَى بسَحائِبِه الخَلَجِ
...
و على السِّبْطَيْنِ و أمِّهِما *** و جميعِ الآلِ بمُنْدَرِجِ
و صَحَابَتِهِم و قَرَابَتِهِمْ *** و قُفَاتُ الأثْرِ بلا عِوَجِ
...
و على تُبّاعِهُمُ العُلَمَا *** بعَوارِفِ دينِهِم البَهِجِ
يا رَبِّ بهِم و بآلِهِم *** عجِّل بالنَّصْرِ و بالفَرَجِ
...
و ارحَم يا أكْرَمَ مَنْ رحِمَا *** عَبْدًا عن بابِكَ لَمْ يَعُجِ
و اخْتِمْ عمَلِي بخَواتِمِها *** لِأكون غدًا في الحَشْرِ نَجِي
...
لَكِنِّي بجُودِكَ مُعْتَرِفٌ *** فاقْبَلْ بمَعَاذِرِي حِجَجِي
و إذَا بك ضَاقَ الأمْرُ فَقُلْ *** إشْتَدِّي أزْمَةُ تَنْفَرِجِي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق