الغزل
إنَّ الغزل عمومًا هو التغنّي بوصف الجمال، وإبداء الشوق له، والشكوى من فراقه، وهو فن شعري يهدف إلى التغني بالحبيبة وإبراز محاسنها ومفاتنها، وقد قسم الغزل إلى قسمين رئيسَيْن هما الغزل العذري أو كما قيل عنه أيضًا الغزل البدوي الذي يصف المشاعر
الجيّاشة اتجاه الحبيب بعيدًا عن وصف محاسن جسدها، والقسم الثاني هو الغزل الصريح أو كما سُمي أيضًا الغزل الحضري الذي يصف فيه الشاعر الصفات الجسدية لمحبوبته، وسيتحدث هذا المقال عن أجمل ما قيل في الغزل.
أجمل ما قيل في الغزل
الغزل هو التعبير عن الحب وعن مشاعر المحبين وانفعالاتهم بطريقة أدبيّة، فهو فن أدبي من فنون القصيدة العربية، يستمد الشاعر معاني الغزل من أحاسيسه الصادقة، و من علاقته بتلك المحبوبة التي يتغزل فيها، ومن مدى منزلتها في قلبه وحياته، فكلما كان يحبُّها أكثر كان للشعر قوته وجزالته، وذلك كلُّه يتأثر أيضًا بعصر الشاعر وبيئته ومزاجه الشعري، وسيذكر في هذا المقال أجما ما قيل في الغزل في أبرز العصور التي مرت على العرب:
أجمل ما قيل في الغزل في العصر الجاهلي أبيات عنترة بن شداد يقول فيها:
أشاقك من عبل الخيال المبهج فقلبُك منه لاعجٌ يتوهجُ
فقدتُ التي بانتْ فبتَ معذبا وتلكَ احتواها عنَك للبينِ هودجُ
كأنَّ فؤادي يوم قمت مودعًا عبيلةُ مني هاربٌ يتمعجُ
خليلي ما أنساكما بلْ فداكما أبي وأبوها أين أين المعرجُ
الماء بماءِ الدحرضين فكلما ديارُ التي في حبِّها بتُ ألهجُ
أجمل ما قيل في الغزل في عصر الإسلام أبيات مقدمة قصيدة كعب بن زهير التي مدح بها الرسول إذ يقول:
بانتْ سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ متيمٌ إثرها لم يفدَ مكبولُ
وما سعادُ غداةَ البين ِإذ رحلوا إلا أغنَّ غضيضَ الطرفِ مكحولُ
هيفاءُ مقبلةٌ عجزاءٌ مدبرةٌ لا يشتكي قصرٌ منها ولا طولُ
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمتْ كأنَّه منهلٌ بالراحِ معلولُ
أجمل ما قيل في الغزل في العصر الأموي أبيات لجرير يقول فيها:
لقد كتمت الهوى حتّى تهيّمني لا أستطيعُ لهذا الحُبِّ كتمانا
لا بارك الله بالدّنيـا اذا انقطعـت أسباب دنياك من أسباب دنيانا
أبدّل اللّيل لا ترى كواكبهُ أم طال حتّى حسبت النّجم حيرانا
إنّ العيون التي في طرفها حَـوَرٌ قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّب حتّى لا حراك به وهُنَّ أضعف خلق الله أركانا
من أجمل ما قيل في الغزل في العصر العباسي أبيات لأبي فراس الحمداني يقول فيها:
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ!
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا وأحسنَ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ العذر
ومن أجمل ما قيل في الغزل في العصر الأندلسي أبيات لابن زيدون يقول فيها:
أضحى التنائي بديلًا عن تدانينا ونابَ عن طيبِ لقيانا تجافينا
ألا وقدْ حان صبحَ البينُ، صبحنا حينَ فقام بنا للحين ناعينا
من مبلغِ الملبسينا، بانتزاحهم حزنًا، مع الدهرِ لا يبلى ويُبلينا
أنَّ الزمانَ الذي ما زالَ يضحكنا أنسا بقربهم قدْ عادَ يبكينا
أجمل ما قيل في الغزل نثرًا
وقد قال الأدباء الكثير من الأقوال الغزلية كما قالوا شعرًا فيه، فجاءت كلماتهم رنّانةً، تلمس قلوب كلِّ العاشقين، فصارت كلماتهم مثالًا يحتذى لكلِّ عاشق، وكانت كلماتهم تعبيرًا صادقًا عن تجاربهم في الحبّ وعن علاقتهم بالمرأة المحبوبة، فوصفوا مشاعر الحبِّ بأعذب الكلمات وأصدق العبارات، ومن أجمل ما قيل في الغزل من كلمات:
“أروع ما في حبنا أنه ليس له عقل ولا منطق اجمل ما في حبنا أنه يمشي على الماء ولا يغرق”.
“هي صعبةٌ تلك الّليالي الّتي أحاول أن أصل فيها إليك، أصل إلى شرايينك، إلى قلبك، كم هي شاقّة تلك الليالي، كم هي صعبة تلك اللحظات الّتي أبحث فيها عن صدرك ليضم رأسي”.
“صورتك محفورة بين جفوني، وهي نور عيوني، عيناك تنادي لعيناي، يداك تحتضن يداي، همساتك تطرب أُذناي”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق